تقارير

عدوان إسرائيلي جديد على غزَّة ينذر بإطلاق “سيف القُدس 2”

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي في الخامس من أغسطس 2022م عمليَّة عسكريَّة جديدة باسم “الفجر الصَّادق” على قطاع غزَّة المحاصَر، تستهدف حركة الجهاد الإسلامي المسلَّحة المقاوِمة للاحتلال، بدأت باغتيال أحد كبار قياديي جناحها المسلَّح، في خطوة تصعيديَّة تنذر بإطلاق المقاومة الإسلاميَّة في القطاع عمليَّة موسَّعة للرَّدِّ على العدوان وردْع مستوطني القُدس المحتلَّة عن تدنيس المسجد الأقصى المبارك، في تكرار لسيناريو انطلاق عمليَّة “سيف القدس” في بدايات صيف العام الماضي. بادَر الوسطاء بدعوة جيش الاحتلال إلى إيقاف التَّصعيد، ولكن من الواضح أنَّ العدوان لن يتوقَّف قبل تنفيذ كافَّة أهدافه، ممَّا يعني استفزاز المقاومة في غزَّة للرَّدِّ على العدوان الإسرائيلي، الَّذي خلَّف خلال ساعات قليلة عشرات القتلى وأدَّى إلى تشريد الكثير من العائلات. ويبدو أنَّ حركة الجهاد الإسلامي ستكون خصم جيش الاحتلال الإسرائيلي في معركة “سيف القُدس 2” المرتقبة، بدلًا من حركة حماس الَّتي تبنَّت في الجولة السَّابقة الرَّدَّ على تهجير أهالي حي الشَّيخ جرَّاز في القُدس المحتلَّة واقتحامات الشُّرطة الإسرائيليَّة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك لعام 1442م، في مواجهة يرى مراقبون أنَّها قد تمتدُّ لتتجاوز حدود فلسطين وتجرُّ المنطقة العربيَّة بأسرها إلى معركة وجود في مواجهة دولة الاحتلال.

اغتيال أحد قياديي الجهاد الإسلامي يشعل المواجهة

أقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي على اغتيال تيسير الجعبري، وهو أحد كبار قياديي سرايا القُدس، الجناح المسلَّح لحركة الجهاد الإسلامي، من خلال استهداف شقَّة كان متواجدًا بها في غزَّة، في عمليَّة مشتركة لجيش الاحتلال وجهاز الشَّاباك، أدَّت إلى مقتل عدد من المدنيين، من بينهم طفلة. وكان الجعبري عضوًا بالمجلس العسكري لحركة الجهاد، وقائدًا للمنطقة الشَّماليَّة بقطاع غزة في سرايا القدس، خلفًا للقائد بهاء أبو العطا، الَّذي فقد حياته في غارة شنَّتها قوَّات الاحتلال على القطاع في 12 نوفمبر من العام الماضي. وتعليقًا على اغتيال القيادي البارز في الجهاد الإسلامي، أعلنت الحركة استعدادها للرَّدِّ الفوري على العدوان الإسرائيلي، ودون هوادة، حيث جاء في بيان الغرفة العسكريَّة للحركة “هذا العدوان لن يمرَّ مرور الكرام، وردُّ المقاومة قادم وبالطَّريقة الَّتي تحددها قيادة المقاومة”. من جانبه، علَّق يائير لابيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة، على اغتيال الجعبري في سلسلة تغريدات عبر شبكة تويتر قال فيها ” هاجم الجيش الإسرائيلي مؤخَّرًا أهدافًا لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزَّة. تهدف هذه العمليَّة إلى إزالة تهديد ملموس لمواطني دولة إسرائيل ومحاصرة غزَّة وإلحاق الأذى بالإرهابيين وعامليه… لن تسمح الحكومة الإسرائيليَّة للمنظَّمات الإرهابيَّة بتهديد مواطني دولة إسرائيل. ليعلم كل من يريد إيذاء إسرائيل أننا سنصل إليه”، مضيفًا “بعد عمليَّة الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، سأجري تقييمًا للوضع الأمني ​​مع وزير الدِّفاع بيني غانتس…”.

رد مباشر من الجهاد الإسلامي على العدوان الإسرائيلي

نفَّذت حركة الجهاد الإسلامي تهديدًا بالرَّد على اغتيال القيادي البارز، تيسير الجعبري، وشنَّ عمليَّة إسرائيليَّة جديدة على قطاع غزَّة بإطلاق عشرات الصَّواريخ الَّتي استهدف العمق الإسرائيلي. فقد أعلنت وسائل إعلام دولة الاحتلال انطلاق ما يزيد على 80 صاروخًا من القطاع المحاصَر، وصل 46 منها إلى داخل كيان الاحتلال، بينما نجحت القبَّة الحديديَّة في اعتراض الباقي، وهو أقلُّ من نصف الصَّواريخ. من جانبها، أعلنت الجهاد الإسلامي إطلاق أكثر من 100 صاروخ باتجاه تل أبيب ومدن وسط إسرائيل، مستهدفةً أسدود وسديروت وعسقلان برشقات صاروخيَّة كثيفة، في ردٍّ أوَّلي على العدوان الإسرائيلي الأخير، نقلًا عن شبكة الجزيرة الإخباريَّة. في حين أعلنت وكالة “شهاب” الفلسطينيَّة أن “شللًا تامَّا أصاب القبَّة الحديدة بفعل الرَّشقات الصَّاروخيَّة الكثيفة والمتتالية من قطاع غزة”. في محاولة لتفادي اتِّساع نطاق المعركة الدَّائرة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الإسلاميَّة المسلَّحة في غزَّة، دعا وسطاء إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزَّة بكافَّة مدنه، حيث أكَّد مصدر مسؤول أنَّ مصر تسعى لاحتواء الموقف والحيلولة دون اتِّساع رقعة القصف الإسرائيلي على القطاع، بينما حذَّر السَّفير هيثم أبو الفول، النَّاطق الرَّسمي باسم الخارجيَّة الأردنيَّة، من مغبَّة إفراط جيش الاحتلال في الاعتداء على المدنيين وفي القطاع.

استفزاز إسرائيلي متعمَّد بالسَّماح للمستوطنين باقتحام الأقصى

في تكرار للأفعال الاستفزازيَّة الَّتي أشعلت معركة “سيف القُدس” في جولتها الأولى قبل أكثر من عام، سمحت الشُّرطة الإسرائيليَّة للمستوطنين اليهود باقتحام المسجد الأقصى المبارك يومي السَّادس والسَّابع من شهر أغسطس الجاري، تزامنًا مع الاحتفال بذكرى خراب هيكل أورشليم المزعوم، والمفترَض تأسيسه قبل أكثر من 3 ألاف عام محل مُصلَّى قبَّة الصَّخرة بالمسجد المبارك. فقد أعلنت وسائل إعلام الاحتلال استجابة الشُّرطة لدعوات الجماعات اليهوديَّة المتطرِّفة، بزعامة جماعات الهيكل، للاحتفال بذكرى خراب الهيكلين الأول والثَّاني، من خلال الاقتحام الجماعي بالآلاف وأداء طقوس دينيَّة تلموديَّة في ساحات المسجد. من جانبه، حذَّر محمود الهبَّاش، قاضي قضاة فلسطين ومستشار الرَّئيس الفلسطيني للشُّؤون الدِّينيَّة والعلاقات الإسلاميَّة، من تلك الخطوة التَّصعيديَّة من جانب الاحتلال، داعيًا المجتمع الدُّولي إلى إيقافها، تجنُّبًا لتفجُّر المقاومة الإسلاميَّة في مواجهة تدنيس المستوطنين المتعمَّد للمقدَّسات الإسلاميَّة. وردًّا على تلك الخطوة، أدَّى عشرات الآلاف من المقدسيين صلاة الجمعة الأولى في العام الهجري 1444 في ساحات المسجد الأقصى المبارك، تأكيدًا على ثبات المقاومة الرَّافضة لمساعي تهويد القُدس وتحويل المسجد إلى كنيس يهودي. وكان الشَّيخ عكرمة صبري، مفتي القُدس الأسبق وإمام وخطيب المسجد الأقصى، الأسبوع الماضي للاحتشاد داخل المسجد المبارك والاعتكاف بداخله يومي السَّادس والسَّابع من أغسطس، احتفالًا بذكرى عاشوراء، للتَّصدي للاقتحامات الجائرة.

ونتساءل: هل تتحوَّل مواجهات جيش الاحتلال والمقاومة الإسلاميَّة في غزَّة إلى حرب إقليميَّة تعيد تشكيل حدود دولة الاحتلال؟ ومن جديد، ما مدلول تقديم دولة ملالي الرَّافضة، إيران، الدَّعم للمقاومة السُّنِّيَّة في غزَّة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى