مقالات

رؤية في تصنيف النصوص

لخطورة ما يكتب وينشر أمامنا في عموم وسائط الإعلام والتواصل، ولأهمية التمييز بين الفائدة والضرر للمتلقي، بل ولأهمية النشر بالنسبة للملقي أو من ينتج هذا النشر لا سيما في وسائط التواصل الاجتماعي ذات الخلط العجيب الغريب والتأثير الرهيب في جيل ابتعد كثيرا عن معايير القراءة التقليدية في الكتب؛ رأيت أن أصنف النصوص في أنواع لعلي أصبت في اجتهادي راجيا ً التصويب والمساهمة ممن يرى في ذلك رأياً …
مع التنويه على اجتهادي في اصطلاح التسميات (وهو ليس قطعياً إنما يؤدي فهم ما نقصد منه).
ويمكن أن نضع التصنيف الآتي:
1- النص القانوني: وهو الذي تكون ألفاظه وعباراته واضحة ثابتة معنى ودلالة في العرف البشري للغة، فضلا ً عن أهل الاختصاص، بمعنى أن ألفاظه لبست معانيه بلا مط أو شط.
2- النص العلمي: وهو كالقانوني إلا أن ميدانه مختلف فألفاظه وعباراته لا تحتمل التأويل.
كالنصوص الرياضية والفيزيائية والطبية والنحوية والمنطق والتاريخ (كعلم وليس كسرد).. وإنما الذي يتغير جذر ومضمون ما يستجد وليس للغة فيه تبديل إلا إذا اتفق أهل الاختصاص على هذا التبديل اصطلاحاً ودلالةً، إذ إن العلم تراكمي يتطور (لاسيما التجريبي منه).
3- النص الفكري: وهو ما تكون ألفاظه وعباراته عرضة لمستويات فهم الملقي والمتلقي ومخزوناتهما من الفكر والثقافة وفهم العبارات والمصطلحات فهذا فيه اختلافات أفقية وعمودية قد تغنيه أو تلغيه.. ففيه من جهالات مثلما فيه من اجتهادات فليس الجميع فيه سواء وقد نرى فيه قمماً رائعة وقد نرى فيه ودياناً مريعة.
4- النص الفني (والأدبي والإبداعي… ): وجودته في خصوبة المعاني المأخوذة من ألفاظه والدلالات المأخوذة من عباراته، فألفاظه وعباراته لا قانونية ولا علمية. الدقة فيه دقة الصياغة التي تعطي أطيافا ً وظلالا ً ورموزاً، وهذه لعبة الإبداع فيه وقد يتماهى النص الفني بالفكري كما هو حال بعض النصوص الصوفية فلابد من حذق القارئ أو الناقد.. وقد يكون النص الفني موضوعي الشكل (وفق قواعد أصول كل فن) ذاتي المضمون يحمل بصمة صاحبه وتعبيره الخاص.
5- النص الأم: أحصره في القرآن الكريم.
وأراه – وهذا رأيي الخاص وتصنيفي – بالإضافة إلى كونه معجزا ً وفذا ً وبكرا ً أراه مشتملا ً على ما سبق من الأنواع مع تنزيهه عن الجهالات والفساد والنقص، ففيه قانون (تشريع) وفيه علم وفيه فكر وفن فهو (محكم ومتشابه)، والتدبر والرسوخ في العلم (علم اللغة وأصول المنطق) من شروط تمييز وفصل هذه الأنواع فيه والنهل منه.
6- النص الشخصي: وهو بيت القصيد.
وهو نص لا نستطيع أن نحكم بثبوته أو وضوحه، فهو مكتوب بحرية مطلقة من شخص ما لآخر فيه خصوصية وقد تكون عمومية بل هو يعم بالاستنساخات والقص واللصق. يتوقف على لغة وأسلوب ودلالات ورموز ووعي وثقافة المتخاطبين، فهو عرضة للتغيير وسوء الفهم والجهل والغموض،
نرى ذلك واضحا ً في مخاطبات الفيسبوك وغيره من الرقميات (كالواتساب مثلاً )، فأغلب النصوص هنا خليط متعدد بين أنواع النصوص وحتى وسائطها بين كتابة ورسم وتشويه في الحروف والتشكيل العبثي وصور وفيديو وملصقات و خلط بين العام والخاص وبين العامي والفصيح لابل بين لغة وأخرى، رموز شخصية، تعابير ركيكة، أخطاء إملائية نحوية، استنساخات مع علتها وسوئها، وقد يؤدي هذا إلى فشل التواصل (برغم ادعاء أن هذا الخلط من أجل التواصل وتسويق فكرة أن المهم التواصل بأي وسيلة ).
لذا علينا أن نميز هنا بين نوع من النصوص وآخر
والأخطر هو خلط النص الشخصي بأنواع النصوص الأخرى عمداً أو خطأ فيتشوه النص الهادف.. كأن يستشهد بآية أو حديث وفق المزاج، أو يستعار اسم أحد الأعلام المشاهير في صفحة أو موقع رقمي وينسب له مالم يقل.
هذا الخلط في النصوص مع استنساخاته قد تكون عن جهالة أو عن خبث فتحدث لوثة فكرية في عالم ناءٍ عن التدقيق والتحقيق.
نتمنى السلامة الفكرية. وآمل أننا حين نتواصل في وسائطنا أن نراعي قليلاً هذا التصنيف أو ما يشبهه حيث لا رقابة رسمية.
أرجو أن أكون وفقت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى