مقالات

“أغسطس” شهر الدم والمجازر المنسية في مصر

د. عز الدين الكومي

كاتب مصري
عرض مقالات الكاتب

كلما جاء شهر أغسطس من كل عام أتى بذكريات أليمة تُذكِّرنا بشلالات الدماء التي سالت عقب الانقلاب العسكري الدموي الغاشم 2013 . ولا زال النظام الانقلابي يسعى لطمس الحقائق لينسى الناس هذه المذابح ، وذلك من خلال افتعال وقائع تافهة للتغطية على هذه الذكريات الأليمة .وإليكم تذكير بما حدث من مجازر في هذا الشهر : _* 14/8/2013 : مجزرة رابعة :وأشنع هذه المذابح هو ما حدث في مجزرة فض الاعتصام السلمي بميدان رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013 . هذه المجزرة التي راح ضحيتها ستمائة من أنصار الشرعية وفقاً لأرقام الانقلاب ، وألف شخص وفقاً لمنظمات حقوقية ، وعدة آلاف وفقاً لشهود عيان .وقد تعامل كل من الجيش والشرطة أثناء فض هذا الاعتصام كما لو كانوا في معركة ضد عدو خارجي ، فقتلوا المعتصمين السلميين من خلال القصف بطائرات الهليكوبتر والقناصة ، وأصابوا الآلاف الذين تم استهدافهم بالرصاص الحي المتفجر في رؤوسهم وصدورهم العارية . ووصلت بهم الخسة والندالة والوحشية إلى حد إحراق خيام المعتصمين التي احتمى الأطفال والنساء بداخلها من قنابل الغاز ، فضلاً عن استهداف الصحفيين والمصورين والمراسلين من قِبَلِ هؤلاء القناصة لإخفاء الحقيقة وحجبها عن أنظار العالم ، كما منعوا سيارات الإسعاف من نقل المصابين والجرحى منعاً لإنقاذ حياتهم في مستشفيات الميدان ، بل تم الإجهاز على الجرحى الذين يتلقون العلاج ، وتم قنص من يتطوعون لحمل المصابين والجرحى ، كما تبين فيما بعد من بعض الشهادات الحية لأطباء المستشفى الميداني .* 14 أغسطس 2013 : مجزرة فض اعتصام ميدان النهضة ففي نفس الوقت الذي تم فيه فض اعتصام رابعة يوم 14 أغسطس 2013 قامت قوات الجيش والشرطة بفض اعتصام ميدان النهضة ، وقد قدرت منظمة هيومن رايتس ووتش عدد القتلى في تلك العملية بـ87 شخصاً ، منهم 40 جثة محترقة.والفارق بين مذبحة رابعة ومذبحة النهضة .. أن مذبحة النهضة لم توثق بشكل كبير من ناحية الصور أو مقاطع الفيديو . فقد تم حصار الميدان من جميع المداخل ، وبدأ إطلاق قنابل الغاز من الطائرات والرصاص الحي والمطاطي ، كما تم سحل واعتقال كل من حاول الخروج من الممر الآمن . * 14 أغسطس 2013 : مجزرة ميدان مصطفى محمود وقعت أحداث هذه المذبحة في نفس يوم فض اعتصامي رابعة والنهضة ، أمام مسجد مصطفى محمود بمنطقة المهندسين بوسط الجيزة ، وقتل فيها العشرات من الأبرياء ، الذين وصل عددهم في بعض التقديرات إلى 66 شخصًا ، بعد أن حاولوا الاعتصام بالميدان بعد فض اعتصام ميدان النهضة .* 16 أغسطس 2013 : مجزرة رمسيس بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة احتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين من كافة المناطق باتجاه وسط القاهرة تنديدًا بالمذبحتين ، لكن قوات الجيش والشرطة اعترضت طريقهم وأطلقت عليهم الرصاص الحي بكثافة ، وعندما حاول المتظاهرون السلميون الاحتماء بمسجد الفتح بميدان رمسيس .. قامت قوات الأمن بمحاصرتهم واقتحمت المسجد وألقت القبض على كل من فيه ، حيث تم إلقاء القبض على أكثر من 500 متظاهر ، أحيلوا للمحاكمة ، وقد بلغ عدد القتلى في ذلك اليوم 210 شخصاً و296 مصابًا .* 16 أغسطس 2013 : مذبحة مسجد القائد إبراهيم بالأسكندريةفي ذلك اليوم خرج الآلاف من رافضي الانقلاب لتشييع جثماني اثنين من شهداء مجزرة فض رابعة يوم 14 أغسطس 2013 ، حيث قامت قوات الأمن والبلطجية بإطلاق الرصاص الحي والخرطوش على المشيعين للجنازة ، مما أدى إلى سقوط عدد كبير من المشاركين ما بين شهيد ومصاب ، وقد أعلنت مديرية أمن الإسكندرية ساعتها عن وفاة 24 شخصاً وإصابة 95 آخرين .* 18 أغسطس 2013 : مذبحة سيارة ترحيلات “أبو زعبل” حيث لقي 37 معتقلاً مصرعهم اختناقاً وحرقاً داخل سيارة الترحيلات التي كانوا بها أثناء نقلهم من قسم شرطة مدينة نصر بالقاهرة إلى سجن “أبو زعبل” بعدما قام ضابط شرطة بإلقاء قنبلة غاز داخل السيارة ومنعهم من الخروج .ورغم ذلك فإنَّ النيابة قامت بتوصيف الجريمة على أنها “جنحة” وليست “جناية” ، وأصدر القضاء المصري حكماً ضد مرتكب المجزرة المقدم عمرو فاروق نائب مأمور قسم شرطة مصر الجديدة بالحبس مع الشغل لمدة 5 سنوات فقط ، ومعاقبه 3 ضباط شرطة آخرين بالحبس لمدة سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ !! .وقد تم فضح النظام الانقلابي خلال تسريبات صوتية أذاعتها قناة مكملين ، بأن عباس كامل مدير مكتب قائد الانقلاب آنذاك ، ومدير المخابرات العامة الحالي ، تدخل شخصياً لإقناع ممدوح شاهين المستشار القانوني لوزارة الدفاع بالحديث مع قاضي المحكمة لتخفيف الحكم .إن مذابح شهر أغسطس في رابعة وأخواتها ليست مجرد ذكرى مؤلمة تمر علينا في كل عام ، بل تاريخ أسود في حق عسكر الانقلاب ، سطره المعتصمون بدمائهم الزكية ، ولن يسقط بالتقادم ، لأن الأرض لاتشرب الدم .وعلى الشهود الأحياء أن يوثقوا ما لديهم من شهادات ، وهذا حق الشهداء الذين أزهقت أرواحهم ظلماً وعدواناً .ومهما حاول القتلة تبرير سفك الدماء المعصومة بمزاعم واهية من خلال “الإعلام العكاشي” والأذرع الإعلامية الأخرى ، وشائعات الشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد لتحميل المعتصمين السلميين مسؤولية الدماء التي سالت في الميادين برصاص الجيش والشرطة بزعم أن المعتصمين رفضوا مغادرة الاعتصام وإخلاء الميدان رغم علمهم بذلك ، ومهما حاول القتلة تبرير ما قاموا به من إزهاق للأرواح دون وجه حق .. فلن ينسى التاريخ و الأجيال فعلتهم الشنعاء تلك ، وقد فاضت الأرواح إلى خالقها تشكو ظلم هؤلاء الظالمين .وإذا كان هؤلاء القتلة أفلتوا اليوم بفعلتهم في الدنيا ، فحتما لن يفلتوا من عقاب الله يوم القيامة ، في يوم لا مكان فيه للرتب والشارات . ونذكر هؤلاء بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لكل غادر لواء يوم القيامة يُرفع له بقدر غدره)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى