بحوث ودراسات

مهارات التواصل الاجتماعي مع الأنماط الشخصية الصعبة (رؤية سوسيو – سيكولوجية)

د. حسام الدين فياض

الأستاذ المساعد في النظرية الاجتماعية المعاصرة قسم علم الاجتماع- جامعة ماردين ارتوقلو – حلب سابقاً
عرض مقالات الكاتب

لم يعد فن التواصل والحوار رفاهية، بل أصبح اكتساب هذا الفن ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية. وإذا تأملنا الحياة من حولنا فسنكتشف أن نسبة  كبيرة من فرص النجاح متوقفة على إمكانية الإنسان في إنجاز عملية التواصل بمن حوله، كما أن الحوار هو قلب عملية الاتصال وأساسها المتين. 

ويرى البعض أن عملية التواصل في بعض الأحيان تشبه المعركة، ولكنها معركة فريدة من نوعها، فإذا انتصر الطرفان فإنهما ينتصران معاً، وإذا انهزما ينهزمان معاً هذا في الحالة التوافقية([1])، لكن إذا فرض علينا التعامل مع بعض الشخصيات ذات الطباع الصعبة والمعقدة كيف يجب علينا التعامل والتواصل معها؟   

 بدايةً وقبل الخوض في تفاصيل موضوعنا يجب علينا التعرف على مفهوم التواصل الاجتماعي، وما هي أهم عناصر ومقومات ومعوقات العملية التواصلية؟ حتى نستطيع تحديد ما الذي ينقصنا في عملية التواصل مع الأنماط الشخصية الصعبة.

في حقيقة الأمر بات علم الاتصال من العلوم المتطورة التي تواكب التكنولوجيا الحديثة بجميع مجالاتها([2]). والاتصال كما هو معروف لنا بالفطرة هو العملية التي يتم من خلالها نقل رسائل معينة من المرسل إلى المستقبل، وهذا يعني أن الاتصال والتواصل يقومان على تبادل المعاني الموجودة في مضمون الرسالة من خلال تفاعل أفراد الثقافات المختلفة، وذلك لتوصيل المعنى وفهم محتوى الرسالة.

ويمكن وصف الاتصال بأنه سر استمرار الحياة على الأرض وتطورها، بل إن بعض الباحثين يرون أن الاتصال هو الحياة نفسها على الرغم من أن الجنس البشري لا ينفرد وحده بهذه الظاهرة، حيث توجد أنواع عديدة من الاتصال بين الكائنات الحية، بيد أن الاتصال بين البشر بوصفه ظاهرة اجتماعية شهد تنوعاً في أساليبه وأشكاله ومستوياته، حيث تطور تطوراً مذهلاً في المراحل التاريخية المتأخرة.

وتؤكد الدراسات الاجتماعية أن نجاح الفرد في حياته الشخصية والعملية واستمرار وجوده بالمعنى الاجتماعي إنما يتوقف على مدى استخدامه لمهارات التواصل الاجتماعي الأساسية. كما تؤكد الدراسات أيضاً بأن بقاء العلاقات الاجتماعية وتعميقها وتمتينها وترابطها مرهوناً باستمرار التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع. فهو بمثابة المادة اللاصقة التي تعمل على تماسك أجزاء المجتمع وتكاملها واندماجها وتلاحمها دونه يتحول المجتمع إلى مجرد أفراد متناثرين هنا وهناك([3]).

وعلى العموم تتكون العملية الاتصالية من عدة عناصر هي المرسل أي من يقول الرسالة؟، المستقبل لمن يقول؟، الرسالة ماذا يقول؟، القناة أو الوسيط بأية وسيلة يقول؟، الغاية من عملية التواصل أي من أجل ماذا يقول؟ بمعنى أن العملية لا تتجسد على أرض الواقع الاجتماعي إلا من خلال عدة مقومات.

– ما هي مقومات العملية الاتصالية ؟

يشكل المرسل ( المتحدث ) كما ذكرنا أحد أهم مقومات تلك العملية فهو الشخص الذي يبدأ عملية التواصل إذ يقوم بوضع أفكاره التي يريد توصيلها إلى الآخرين في رموز وإشارات لفظية وغير لفظية بهدف إحداث تأثير فيهم سواءً على المستوى المعرفي أو العاطفي أو السلوكي.

أما المقوّم الثاني فهو المستقبل الذي يوجه إليه الرسالة فهو الجهة المقصودة بالاتصال ويجب عليه أن يفهم معاني رسائل المرسل وما تحمله من مضامين ودلالات. وتشكل الرسالة المقوّم الثالث باعتبارها تشكل لب العملية الاتصالية لأنها تحتوي على معاني أو الأفكار أو المشاعر أو الاتجاهات أو المعارف، التي يريد المرسل نقلها إلى  مستقبل الرسالة.

 وينحصر المقوّم الرابع في القناة الاتصالية السمعية والبصرية والالكترونية التي نوظفها في اتصالنا مع الآخرين من أجل نقل وتوصيل أفكارنا ومشاعرنا إليهم. وفي حقيقة الأمر تختلف القناة الاتصالية في خصائصها وإمكاناتها باختلاف الموقف الاتصالي وحجم المتلقين. كما يشكل الهدف أو الغاية المقوّم الخامس من أجل انجاز العملية الاتصالية([4]). وفي النهاية تعتبر التغذية الراجعة المقوّم السادس والأخير، وهي المعلومات الراجعة من المتلقي والتي تبين مدى فعَّاليته من الاتصال وتأثره بالرسالة الأمر الذي يمكن من خلاله تقييم الرسالة ثم تقويمها وتوجيهها وتعديلها نحو المسار الصحيح([5]).      

في هذا السياق، سنحاول التعرض إلى أهم المعوقات التي تواجه الأفراد خلال عملية تواصلهم مع الآخرين. ونقصد بكلمة معوق أي الخلل المتواجد في عناصر عملية التواصل بحد ذاتها، كما أن محسنات الرسالة إذا زادت عن الحد المطلوب تحولت إلى مصدر تشويش. من أهم تلك  المعوقات المعتقدات ( الثقافة )، حيث يتباين الأشخاص في الاستجابة لنفس الرسالة لأسباب ودوافع شخصية مختلفة ناتجة بشكل أساسي بسبب اختلاف طريقة التنشئة الاجتماعية والأطر والمعتقدات الثقافية، بالإضافة تباين مضامين القيم الأخلاقية، كما يعتبر الإدراك الانتقائي من أهم معوقات العملية الاتصالية حيث يتجه فيه الأفراد إلى سماع جزء من الرسالة وإهمال المعلومات الأخرى لعدة أسباب منها تجنب حدة التناقض المعرفي لذلك يتجه الأفراد إلى غض النظر عن المعلومات التي تتعارض مع المعتقدات التي رسخت فيهم من قبل، ويحدث الإدراك الانتقائي عندما يركز المتلقي ( المستقبل ) على أجزاء معينة من الرسالة ويعطيها تفسيراً يتعارض مع تفسيرها الحقيقي بمعنى آخر حينما يقوم المتلقي بتقويم طريقة الاتصال بناءً على دور، وشخصية، وقيم، ومزاج، ودوافع المرسل ([6]). كما يؤثر التنميط الاجتماعي على عملية التواصل حيث تقوم الصور النمطية التي نحملها في أذهاننا عن الآخرين بإعاقة الاتصال بيننا وبينهم وتشكل حاجزاً وسداً يحول دون فهمنا لهم على حقيقتهم([7])، بالإضافة إلى المشكلات اللغوية التي تنحصر في استخدام مفردات التي تحمل معانٍ مختلفة غير مألوفة ( العبارات التخصصية) حيث يصعب على المستقبل فهمها بسهولة بسبب التفاوت الثقافي بين المرسل والمستقبل. كما تعتبر المشكلات السلوكية التي تتعلق بالجوانب النفسية للفرد من أهم معوقات العملية التواصلية منها الحالة المزاجية، قدرة الفرد على التركيز ( الشرود الذهني وعدم الانتباه )، درجة الذكاء، التحيز والأحكام المسبقة، الإدراك، التدخل الشخصي لتحريف الرسالة، درجة نضوج الفرد، الغضب، مقاطعة الآخرين، الاستئثار بالحديث، أسلوب أسئلة الاستدراج، التهكم والسخرية، المجادلة، التركيز على الأخطاء… إلخ. وفي النهاية يعتبر التشويش ( الضجيج ) من أهم العوامل المؤثرة في مدى وضوح الرسالة المنقولة من المصدر، ومدى استيعابها من قبل المستقبل، حيث يشتمل التشويش الخارجي على جميع العوامل الخارجية التي تقلق الشخص المتلقي للرسالة مثل: الأصوات المزعجة، ودرجة الحرارة، والرطوبة، وضعف الإضاءة، أو شدتها، والبعد أو القرب من مصدر الرسالة، والوقت الذي ترسل فيه الرسالة، كل هذه العوامل تقلل من مدى تفهم الشخص لغرض الرسالة وهدفها المعني بالرسالة([8]).

– فن التواصل مع الأنماط الشخصية الصعبة: الشخصية الإنسانية منفردة في نوعها وتختلف من شخص لآخر ابتداءً من بصمات الأصابع التي جعلها الله تعالى مختلفة في كل البشر، وتتباين طبائع البشر لأسباب بيولوجية وتكوينات داخلية أو بسبب  تأثيرات البيئة واختلافها وبناءً على هذا الاختلاف تتعدد شخصية الفرد.

تُعرف الشخصية بأنها: مفهوم شامل للذات الإنسانية ظاهراً وباطناً بكافة ميوله وتصوراته وأفكاره، واعتقاداته وقناعته وصفاته الحركية والذوقية والنفسية. بمعنى هي جملة من الصفات الجسدية والنفسية     ( موروثة أو مكتسبة ) والعادات والتقاليد والقيم والعواطف، متفاعلة كما يراها الآخرون من خلال التعامل في الحياة الاجتماعية([9]).

والشخصية السوية ليست كاملة الأوصاف وسوية تماماً ولكنها الأقل تأثراً بالأمراض النفسية والتي تميل إلى السوية في الحياة العامة ومنصاعة على نحو شبه كلي للقيم العامة للمجتمع، وهي غير محصنة ضد الأمراض النفسية كامل محطاتها العمرية. لأن منظومة الإنسان ذو حساسية عالية للمؤثرات الخارجية المحرضة للرواسب الكامنة في الذات الإنسانية، وما يؤثر سلباً أو إيجاباً في التحول من نمط معين إلى نمط آخر يطبع الشخصية ويغير سلوكها العامة وهذه حقيقة نفسية علمية ثابتة([10]).

  إن التواصل يعني التعامل المبني على تبادل المعاني، أخذ وعطاء بين شخصين. وفي هذا السياق سوف نحاول أن نوضح لكم بعض الأنماط الشخصية الصعبة حتى لا يصيبكم الجنون عندما تصادفون أياً منهم وتحاولوا قدر الإمكان تجنبهم، لذا سوف نتعلم مع بعضنا البعض الأساليب التي تمكننا من التعرف على هذه الأنماط بصورة فورية ومختصرة والتعامل معها بدقة لنحصل على النتائج التي نرغب بها.

1- الثوري: هو إنسان بذيء يجيد فن المناورة والتلاعب كثيراً ما يرفع صوته، يصرخ ويكثر من التهديد والوعيد، ويثير الضجيج بأن يضرب بعنف على الموائد والأشياء حوله، وعندما تختلف معه تجده نافذ الصبر وهو سرعان ما يستشيط غضباً وقد يتطور الأمر إلى الاعتداء الجسدي بالضرب أو ما شابه([11]).

كما يحاول هذا النمط من الشخصيات المتسلطة الترويج للعنف الرمزي في علاقاتهم الاجتماعية، والعنف الرمزي هومفهـوم سوسـيولوجي معاصـر يعني أنه ” وسيلة لممارسة السلطة على فاعل اجتماعي بهدف إكراهه([12]) عن طريق فرض المسيطِرون في المجتمع طريقتهم في التفكير والتعبير والتصور، الذي يكون أكثر ملائمة لمصالحهم، ويتجلى في ممارسات قيمية، ووجدانية، وأخلاقية، وثقافية تعتمد على الرموز كأدوات في السيطرة والهيمنة مثل اللغة، والصورة، والإشارات، والدلالات، والمعاني وكثيراً ما يتجلى هذا العنف في ظل ممارسة رمزية أخلاقية، والسلطة الرمزية هي سلطة لا مرئية، لا يمكن أن تتجسد على أرض الواقع الاجتماعي إلا إذا اعترف بها أفراد المجتمع وخضعوا إليها ومارسوها، فهي سلطة بناء الواقع تسعى إلى إقامة نظام معرفي وإعادة إنتاج النظام الاجتماعي([13]). بذلك يعتبر (العنف الرمزي) عنف نائم خفي هادئ، غير مرئي وغير محسوس حتى بالنسبة لضحاياه. وهو من أهم المفاهيم التي تصدرت طروحات بيير بورديو المبكرة عام 1972([14]).

2- المفجر: كثير الشكوك والتهديد، وهو لا يمكن السيطرة عليه، ومع أنه رقيق المشاعر فهو كثير الصراخ، حساس جداً، إذا ما تعرض عمله وأداؤه للنقد يأخذ هذا النقد على محمل شخصي.

 – كيف تتعامل مع الشخصية الثورية والمفجر ؟

امنحه الوقت الكافي لأن يهدأ، قاطع اتجاهاته السلبية بطريقة طبيعية ليس فيها تحدي، فمثلاً ناديهم بالاسم وشتت أفكارهم بأن تسقط قلماً على الأرض احتفظ بعينيك في عينيه وكن واثقاً من نفسك وألا تظهر لهم أنك خائف، اطلب منهم الجلوس وإذا رفضوا استمر في الوقوف۳۰ ثانية ثم كرر طلبك للجلوس، عبّر عن رأيك بصراحة ولكن لا تجادل، بين لهم اهتمامك وأنك تشاركهم الرأي، ادعهم لحل المشكلة بشكل ودي([15]).

3- الملقي باللوم: دائماً يتخذ موقفاً دفاعياً، يعتقد أن الجميع مخطئون، ويلقي باللوم على الجميع في حالة حدوث أي خطأ وهو يغضب بسرعة ويسعى للانتقام ويحاول أن يأخذ حقه.

4- كثير الشكوى: ينجح في إيجاد أخطاء في كل شيء ( الأشخاص، الإدارة ، الحكومة، غير ذلك …) وهو لا يهتم بإيجاد حلول، وهو دائماً ما يستخدم الكلمات التالية مثل: دائماً، أبداً، كل، هم… .

5- السلبي: يتميز بالسلبية وكثير التهكم ولا يتفاعل بإيجابية مع أي تغيير أو فكرة جديدة، ودائماً يجد الأخطاء في كل شيء، ويقول إن ذلك الأمر لن يصلح فقد جربناه قبل ذلك أو دعك من هذا الأمر إنساه، وهم يشيعون هذه السلبية بين الآخرين مما ينتج عنه آثار سلبية وضارة.

– كيف تتعامل مع هؤلاء ؟ استمع إليهم باهتمام شديد، تقبل وجهة نظرهم، لكن لا توافق عليها لأنك إذا فعلت ذلك سوف تعطيه الدليل على أنه كان محقاً وهذا سوف يزيد من سلبيته. لا تجادله ولا تعتذر له، قاطع سلوكه السلبي بأن تجعله يركز على الأشياء التي ممكن تنفيذها بدلاً من تلك الأشياء المستحيلة أو المشاكل التي قد تصادف العمل، فمثلاً ماذا ينبغي عليك فعله ؟ كيف ستحل هذه المشكلة ؟ لا تقدم له الحل جاهزاً ، بل تأكد من أن يعي الأمر جيداً أو يستوعب الموقف كاملاً عندما تتأكد من ذلك ومن استعداده لأن يستمر في العمل دعه يبدأ في تنفيذ الحل([16]).

* والآن سنحاول توضيح مجموعة الكبت ( القمع ).

6- الظريف جداً: هو إنسان لطيف ويتمتع بظرف وروح مرحة يريد أن يكسب حبه وقبول كل من حوله، يتفق معك في كل ما تقوله لأنه يخشى أن يفقد صداقتك أو يتسبب في غضبك منه، وهو يخفي مشاعره وهو دائم الاعتذار حتى ولو لم يكن هناك ما يدعو لذلك. فإذا قلت مثلاً , أن الجو لطيف بالخارج سوف يقول: أقدم لك اعتذاري.

– كيف تتعامل مع الإنسان اللطيف جداً ؟

حاول أن تشعره بأنك تحبه بغض النظر عن أي شيء ومهما حدث، كن صدوقاً مخلصاً في إطرائك له شجعه على إبداء رأيه الحقيقي وهنئه مشجعاً عما يفعل ذلك، وجه إليه أسئلة محددة وبين له أهمية إسهاماته بوصفه عضواً في الجماعة الأولية([17]).

7- القاتل الصامت: قد لا يشعر بقيمة نفسه ولا يكن أي تقدير لرأيه الخاص أو أفكاره وهو يخشى أن يتورط في مشاكل أو متاعب ويقول : ” إنك على صواب، وأنا المخطئ ” ولن يتحدث عن رأيه أبداً عندما تطلب أنت منه ذلك.

– كيف تتعامل مع القاتل الصامت ؟ اجعله يشعر أنك لن تتصرف معه بسلبية مهما حدث، شجعه على الحديث، وجه إليه أسئلة حرة وذات نهاية مفتوحة وعندما يبدأ في التجاوب معك استمع إليه باهتمام ولا تقاطعه وإذا حدث ولم يعطك إجابة كرر السؤال عليه ثم الزم الصمت لتمنحه الفرصة والوقت لأن يتجاوب معك ثم امتدح رأيه بعد ذلك.

 8- المتعالم: مثقف وقوي ونشيط وفعال، يعتقد أنه يعرف كل شيء وأن رأيه هو الأفضل وأن مقترحات الآخرين ليست سوى هراء، لذلك فهو لا يتقبل آراء الآخرين وإذا حدث وواجهت أفكاره وخططه الفشل، فهو يلقي اللوم على غيره.

– كيف تتعامل مع المتعالم ؟ لا تحاول أن تصطدم به وأنت غير مستعد استعداداً تاماً، استمع إليه باهتمام، أشرح له وجهة النظر الأخرى، كن مستعداً لقبول حل وسط، ولكن لا تتفق معه فهدفك أن تكسبه لصالحك([18]).

9- البالون: يتصرف كما لو كان خبيراً وعارفاً بالأمور، في حين أنه ليس كذلك ويريد أن يعجب به الآخرون لإنجازات ليس له فيها يد، وهو يسعى لذلك بالكذب والتصرف كما لو كان خبيراً.

– كيف تتعامل مع البالون؟ دعه يتفهم أنه ينبغي عليه ألا يأخذ كلامك على محمل شخصي وضح له الحقيقة وبرهن عليها بالوقائع، امنحه الوقت الكافي والفرصة لأن يتغلب على عقدته وكن بجانبه لتمد له يد المساعدة إذا ما احتاج لذلك([19]).

بناءً على ما سبق ندرج لكم بعض الصفات التي يجب أن نتحلى بها عند التواصل مع الآخرين، وهي كالآتي([20]):

  • الموضوعية: ويقصد بها أن تنتقد نفسك قبل نقدك للآخرين، بالإضافة إلى تقبل نقد الآخرين لك، ويقصد هنا  النقد الإيجابي ليس القائم على المصالح الشخصية.
  • –        المرونة: المرونة والحياد والابتعاد عن عدم الانحياز التي تظهر في تعاملاتنا وعلاقاتنا في محيط الأسرة والعمل، وقد يكون الانحياز مطلوباً وحاجة ملحقة في المطالبة بالحق وانجاز الأعمال وأدائها.
  • التواضع: اعرف حدود قدراتك وإمكانياتك، لا تتعامل وتتهجم على من هم حولك، واجعل الكلمة الطيبة دائماً ضمن قاموسك اللغوي الذي تستخدم مصطلحاته في حوارك مع الآخرين.
  • الصبر والمثابرة: إذا كان هناك أشخاص يحاصرونك بالمضايقات عليك بالتحلي بالصبر والمثابرة والمحاولة في كل مرة تفشل فيها عند التعامل معهم حتى يتغيروا وتكفيهم حسبما تريد لكي نصل إلى نتيجة ترضيك.
  • –        سعة الأفق: لا تتشبث برأيك أثناء الحوار وتقبل الجدل والنقاش دون تعصب بل كن على استعداد لتغيير رأيك أو التخلي عنه إذا اقتنعت بذلك.
  • –        العقلانية: عدم الخضوع للمشاعر الذاتية، فلا بد أن تكون هناك تفسيرات وأعذار مقبولة لكل فعل يقوم به الإنسان تجاه غيره.
  • –       ” تحسين استعمال اللغة (عدم إضافة الوقفات والتخلص من الأصوات التي لا معنى لها): تتكون اللغة من الكلمات المفهومة والأصوات غير المفهومة. ويتواصل الناس بشكل أفضل عند قدرتهم على اختيار الكلمات الصحيحة، ويتطلب ذلك استخدام مفردات غنية ملائمة للسياق. ولا ينبغي أن يتحدث أحدنا إلى الطفل على سبيل المثال بالطريقة نفسها التي يتحدث بها إلى مجموعة من علماء الفيزياء. كما تعتبر الكلمات غير المفهومة والوقفات الكلامية حواجز تقف في وجه الاتصال الفعال الواضح مما يؤدي إلى تشتيت الانتباه “([21]). لذا يجدر بالمرسل تحسين استخدامه لغته.

وفي النهاية، يجب أن يمتلك الإنسان مجموعة من القواعد والمهارات التي تساعده على التعامل مع الآخرين بحيث يكون مطلعاً عليها مؤمناً بها إذا أراد أن يحقق ما يرجوه من فوائد. تنحصر تلك القواعد في احترام وتقبل الآخرين كما هم أي احترام رؤية الشخص الآخر للعالم ما لم تصطدم بالشرع. فإذا أردت التأثير في أحد فلا تبدأ بالاصطدام معه بل تجاهل ما بينكما من خلاف في البداية لأنك إذا وصلت إلى قلبه سهل عليك الوصول إلى عقله بعد ذلك. كما يجب على الإنسان السيطرة على غضبه والتحكم به،    وأن يعلم أن حكمته تتجلى في تعامله مع الأمور التي تغضبه، كما أن قوة الشخصية تتوقف على طريقة تعاملك مع السفهاء والحمقى([22]). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ ) رواه البخاري ومسلم([23]).


([1]) سناء محمد سليمان: سيكولوجية الاتصال الإنساني ومهاراته، عالم الكتب، القاهرة، ط1، 2014، ص(19).

([2]) خضرة عمر المفلح: الاتصال ( المهارات والنظريات وأسس عامة )، دار الحامد، عمان، ط1، 2015، ص(11).

([3]) حلمي خضر ساري: التواصل الاجتماعي ( الأبعاد والمبادئ والمهارات )، كنوز المعرفة، عمان، ط1، 2014، ص(20).

([4]) المرجع السابق نفسه، بتصرف، ص(37).

([5]) سناء محمد سليمان: سيكولوجية الاتصال الإنساني ومهاراته، مرجع سبق ذكره، ص(49).

([6]) المرجع السابق نفسه، ص(161).

([7]) حلمي خضر ساري: التواصل الاجتماعي ( الأبعاد والمبادئ والمهارات )، مرجع سبق ذكره، بتصرف، ص(37).

([8]) خضرة عمر المفلح: الاتصال ( المهارات والنظريات وأسس عامة )، مرجه سبق ذكره، ص(41-42).

([9]) كارت ألبرت: أنماط الشخصية- أسرار وخفايا، ترجمة: حسين حمزة، كنوز المعرفة، عمان، ط1، 2014، ص(5-11).

([10]) المرجع السابق نفسه، ص(7).

([11]) وليد الشعيبي: فن ومهارات الاتصال الفعال، كتاب الكتروني، بدون تاريخ، ص(34).

 ([12])  عبد الفتاح ديبون: دليل تحضير مباراة الملحقين الاجتماعيين أطر الأكاديميات، دار القلم العربي للنشر والتوزيع، الرباط، ط1، ب. ت، ص (17).

 ([13]) سامح محمد إسماعيل: المكون التاريخي لإشكالية الولاية في ضوء العنف الرمزي ودلالاته، مؤسسة مؤمنون بلا حدود دراسات وأبحاث، الرباط، 25 ديسمبر 2014، ص (3).

 ([14]) حسام الدين فياض: مقالات نقدية في علم الاجتماع المعاصر ( النقد أعلى درجات المعرفة)، دار الأكاديمية الحديثة، أنقرة، ط1، 2022، ص(47-48).    

([15]) وليد الشعيبي: فن ومهارات الاتصال الفعال، مرجع سبق ذكره، ص(35-36).

([16]) المرجع السابق نفسه، ص(37-38).

([17]) المرجع السابق نفسه، ص(39).

([18]) المرجع السابق نفسه، ص(41).

([19]) المرجع السابق نفسه، ص(42).

([20]) سناء محمد سليمان: سيكولوجية الاتصال الإنساني ومهاراته، مرجع سبق ذكره، ص(264).

([21]) برت دكر: فن الاتصال، ترجمة: عبد الرحمن الشمراني، دار المعرفة للتنمية البشرية ومؤسسة الريان، الرياض وبيروت، 2000، ص(137).

([22]) فهد خليل زايد: المهارات الشخصية في حل النزاعات والخلافات بين الأفراد والجماعات، دار النفائس، الأردن، ط1، 2009،           ص(71- 167).

([23]) الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 6114 |  خلاصة حكم المحدث: (صحيح). التخريج:  أخرجه البخاري (6114)، ومسلم (2609).  https://dorar.net/hadith/sharh/10212

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى