مقالات

تصيين الإيغور زيارة تتويج نجاح خطة الرئيس

بقلم: أنور قدير توراني|
الرئيس الصيني في زيارة سرية وإلى مقاطعة تركستان الشرقية (شينغجيانغ)
تم فجأة إعلان قيام الرئيس الصيني لزيارة إلى مقاطعة تركستان الشرقية أو شينغجيانغ حسب تسمية الحكومة الصينية منذ سيطرة الحزب الشيوعي على مقاليد الحكم. يقوم الرئيس كما العادة بتفقد المواقع الحكومية مخاطباً المواطنون بتوجيه أصابع الاتهام على المتمردين والإرهابيين من أبناء الأقلية الإيغورية وأقليات تركية أخرى.
هي الزيارة الأولى له منذ 8 سنوات والتي وصفت بـ “الرهيبة” والمثيرة للريبة وتلك كانت تفاصيلها وأهدافها.
الزيارة:
تمت زيارة الرئيس بين 12-15 تموز/ يوليو 2022 خفيةً وتم الإعلان عنها بعد مغادرته المنطقة، وكم هي شبيهة بزيارات زعماء أمريكا السرية لأفغانستان وقبلها العراق. يصف أحد المتابعين لشئون مسلمي الصين السيد/ أدريان زنيز أن زيارة الرئيس هي تتويج للاحتفال بنجاح سياسته “التطهيرية” بعد ثماني سنوات من القمع، والاعتقال والاضطهادات تحت عنوان ملف “مكافحة الإرهاب”. كذلك يذكر الناشط الإيغوري عبد الوالي أيوب أن الرئيس الصيني يعين ممثلين دينيين موثوق بهم سياساً في مقاطعة تركستان الشرقية كما يدون ملاحظاته خلال الزيارة السرية.


خلال أعوام تولي الرئيس الصيني (جين بينغ شي) اعتقل فيها أكثر من مليون مسلم، دمر آلاف المساجد القديمة منها والتاريخية معظمها، خضع تعليم الدين الإسلامي للمراقبة والمنع وعقاب من يخالف، فُرضت اللغة الصينية على مواطني الإيغور، فتح سجون ومعامل لهم سميت (مخيمات إعادة التأهيل) والتي ما هي إلا مراكز تتسع لآلاف من الإيغور نساء ورجال وحتى أطفال يخضعون فيها للعمل القسري مقابل مردود يسد فواتير الطعام والمعيشة داخل السجن.
قال الرئيس جينغ بينغ أن مجموعة من رجال الدين الذي “يثق بهم سياسياً” سوف يلعبون الدور خلال فترات حرجة، ولكن علينا رسم تخيلات ما هي الفترات الحرجة.
سلط الضوء على الحاجة لتوحيد الديانات حول الحزب الشيوعي والحكومة، أي الولاء للحزب الشيوعي ثم الحكومة، مع عدم ذكر اسم الإله من بعد اليوم.
حث الرئيس على الممارسات الإسلامية وأنه ينبغي أن تتوافق مع “الحساسيات الصينية”
أنهى جينغ بينغ زيارته إلى حقول انتاج القطن وذلك لدعم قطاع القطن الذي قاطعته الشركات الأمريكية عقاباً لاستخدام الصين عمال الإيغور والعمل في انتاج القطن.


قراءة في الدلالات السياسية للزيارة:
انتهت الزيارة، ونشرت مقتطفات أفلام وصور الزيارة، والجميع فرح ويبكي فرحاً بزيارة رئيس الصين إليهم. لكن لدى عبد الوالي أيوب، وكونه من أصول تلك المقاطعة ملاحظات منها، أن الرئيس جينغ بينغ شي ومن حوله لا يرتدون كمامات الوقاية من الوباء، وخاصة أن نفس ذلك الرئيس قام بزيارة لمنطقة هونغ كونغ الشهر الماضي وفرض رقابة قاسية على من معه من الحاشية ومن سوف يتواجد باجتماعاته أن يرتدوا من تلك الأقنعة. فهل تغير مفهوم الوقاية من الوباء بعدم ارتداء الأقنعة الواقية؟
ثم ذكر الناشط عبد الوالي، أنه وفي هذا العام يبتهج الجميع عادةً عند وجود حدث فريد من نوعه يحمل كل فرد هاتفه الذكي ويصور به، إلا أنه لم يتواجد أي شخص ولا حتى طفل حامل لأي هاتف تصوير! على العلم من تواجد المئات من المواطنين المصطفين خلف خطوط بيضاء رسمت بالطباشير على الأرض لعدم تجاوزها.

إنه لأمر مستحيل أن نراه.إذ تنشر مقاطع فيديوهات الزيارة خليط للمرحبين بالرئيس من عرقية التركستان الإيغور وعرقية الهان (الصينيين الذين استوطنوا تركستان الشرقية) لكن بين ذلك الخليط العرقي يستطيع أي مشاهد أن يلاحظ العيون تزف بكاءً من عرقية التركستان حصرياً بينما وجوه المرحبين من الهان مليئة بالفرحة والابتسامات العريضة والتصفيق الحار، من المعروف أن السلطات تُرغم بعض المواطنين على البكاء كتعبير على الفرحة ولكن التعليمات فرضت للأسف على قوم الإيغور.


خلال زيارته، حرص جين بينغ شي على الاجتماع مع جيش منتشر في مزارع القطن، وهؤلاء جنود نظاميون لا يحملون السلاح وملابسهم مدنية ظاهرياً، إلا أنهم في حال وجودت اضطرابات، يظهرون أسلحتهم ويقتلون أي مواطن معارض.
إن كل ما تم تنظيمه في زيارة تركستان الشرقية كان لأغراض دعائية، ولم يكن هناك أي إعلام محلي أو أجنبي خلال الزيارة، كما لم يسمح لأي وكالة إعلام بالتحدث عن أي معلومة عن الزيارة قبل وطوال إقامة الرئيس.


زيارة الرئيس للمنطقة هي تأكيد على هيمنة الحكومة بعد 8 سنوات من محو الثقافة الإيغورية ومجتمعهم كونهم يرونها عائق في تقدم النمو الإقتصادي، كما أن زيارة جينغ بينغ شخصياً لمزارع القطن لها دلالة هامة جداً، كون شعور بكين بالأمان حيال حكمها وسيطرتها على المنطقة، وبأنها كسرت روح المقاومة، ويدل على نجاح مشروع “إعادة التأهيل”، ونجاح سياسة الصين في تهدئة الإيغور عبر غرس أفكار الحزب فيهم.

هنالك رسالة محلية مهمة للدوائر المحلية لقومية الهان في المنطقة، هي، أن سياسة الصين ناجحة حتى في “شينغيانغ”، وذلك مهم جداً لمشروع الحزام والطريق وعلاقات الصين الاقتصادية مع مختلف دول آسيا الوسطى والشرق الأدنى، والرسالة هنا أن الصين تمسك بزمام الأمور ولن تهزم بسهولة او يسيطر عليها، كما أنها رسالة بأن الصين يمكنها تطبيق سياستها بنجاح في مناطق سيطرة المسلمين رغم معارضة الغرب لهم.
هي رسالة واضحة من جين بينغ إذن للمجتمع الدولي، يقول أنه لا يمكن لأحد التدخل بسياسة بكين العرقية في إقليم الإيغور المسلم، وان الخطوط الحمر المرسومة، يتم الإمساك بها بشدة. هيمنة في إثبات القوة وتحذير من عدم الاقتراب من الخطوط المرسومة.

أخيراً أنصح بقراءة كتاب “الصينيون المعاصرون” تأليف الكاتب وون من الرابط.
https://www.kutubpdfbook.com))

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى