منوعات

بعد ظهور “الموت الأسود”…استنفار عالمي لمواجهة موجة متزامنة من الأوبئة

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب


يبدو أنَّ العالم في هذه الآونة على موعد مع أزمة كبيرة من تفشِّي مختلف أنواع الأوبئة القاتلة، بعد الهدوء النِّسبي الَّذي نعُم سكَّانه بعد انحسار موجات فيروس كوفيد-19 وعودة الحياة إلى سابق عهدها، ولو قليلًا، قبل ظهوره أواخر عام 2019م. فبعد أيَّام قليلة من إعلان منظَّمة الصِّحَّة العالميَّة عن تفشِّي وباء حمى ماربورغ، أو فيروس ماربورغ (MDV)، القاتل غربي قارَّة إفريقيا الَّذي لا علاج له، وبعد دعوة المنظَّمة إلى تجديد تطبيق الإجراءات الاحترازيَّة للتَّصدِّي لموجة جديدة أشدُّ شراسةً من فيروس كوفيد-19، أعلنت الصِّين، منشأ كوفيد-19، ظهور حالة إصابة بمرض الطَّاعون الدُّبلي، المعروف باسم “الموت الأسود”، وهو من أشدِّ الأوبئة خطورة على الإطلاق. ويثير ظهور الطَّاعون من جديد في الصِّين، الَّتي انطلق منها كوفيد-19 قبل قرابة 3 أعوام ليصيب مئات الملايين من البشر ويتسبَّب في موت حوالي 6 ملايين ونصف، المخاوف من تحوُّل الصِّين إلى بؤرة جديدة لوباء أشدُّ فتكًا من كوفيد-19 وأعلى بأضعاف من حيث نسب الوفيَّات.
ظهور “الموت الأسود” في الصِّين يربك العالم
أعلنت وكالة الأنباء الصِّينية “شينخوا” عن ظهور حالة إصابة بوباء الطَّاعون الدُّبلي في منطقة نينغشيا، ذات الحكم الذَّاتي لقوميَّة هوي بشمال غربي البلاد، وتحديدًا في مدينة ينتشوان. ما يثير مزيدًا من القلق أنَّ المصاب بالوباء القاتل تبيَّن أنَّ اكتشاف إصابته جاء بعد قدومه من منطقة منغوليا شمالي الصِّين؛ ما يعني إمكانيَّة وجود حالات إصابة أخرى بالوباء لم يتم التَّعرُّف عليها، ومن ثمَّ الحيلولة دون انتشاره في مناطق أخرى. بالطَّبع، سارعت السُّلطات المعنيَّة باتِّخاذ التَّدابير الوقائيَّة اللازمة لحماية سكَّان مدينة ينتشوان من الإصابة المحتملة. والطَّاعون الدُّبلي وباء ينشأ في أجسام القوارض الصَّغيرة وتنقله الحشرات، منها البراغيث، وتكمن خطورته في عدم وجود علاج فعَّال له، وتصل نسبة الوفيَّات بين المصابين به إلى ما يقرب من 65 بالمائة. وقد أودى الطَّاعون بحياة حوالي 50 مليون إنسان من سكَّان أوروبَّا في القرن الرَّابع عشر، ليفضي ظهوره إلى كارثة إنسانيَّة محقَّقة، في ظلِّ غيات الآليَّات اللازمة للتَّصدِّي له. أمَّا عن أبرز أعراضه، فهي القشعريرة، والتَّشنُّجات العصبيَّة، وارتفاع درجة الحرارة، وإصابة الأطراف بالغرغرينا، وجميعها أعراض تشترك فيها العديد من الأمراض الأخرى؛ ما يعني صعوبة التَّحقُّق من الإصابة بالطَّاعون قبل انتشاره!
عودة قاسية لكوفيد-19 تنذر بسيناريو أسوأ
شهد النِّصف الأوَّل من عام 2022م تراجعًا نسبيًّا في عدد الإصابات بفيروس كوفيد-19؛ ما شجَّع الحكومات على التَّراخي في تطبيق الإجراءات الاحترازيَّة، والتَّخلِّي عن غالبيَّة القيود المفروضة في السَّابق على التَّعاملات اليوميَّة. ونتيجة لذلك، وكما يُشاع، عاود الفيروس الظهور بقوَّة أشدِّ من السَّابق، دون التَّحقُّق إلى الآن من ظهور متحوِّر جديد أشدِّ فتكًا من السَّابق. وقد أعلن المدير الإقليمي لمنظَّمة الصِّحَّة العالميَّة في أوروبَّا، هانز كلوغ، قبل أيَّام أنَّ حالات الإصابة بالفيروس تضاعف 3 مرَّات خلال الأسابيع القليلة الماضية، لتشكِّل أوروبَّا بذلك نصف إصابات العالم. في حين صرَّح مدير المنظَّمة لإقليم شرق المتوسط، أحمد المنظري، بقوله “يشير هذا الاتِّجاه الحالي إلى أن جائحة كوفيد-19 لم تنتهِ بعد. نحن نحاول نسيان كوفيد-19، ولكن الفيروس لم يَنْسَنا. بل هو في واقع الأمر يستغل تراخينا في الانتشار والتَّحوُّر. ولذا، فإني أدعو جميع البلدان إلى الحفاظ على الامتثال لتدابير فعالة في مجال الصِّحَّة العامَّة والتَّدابير الاجتماعية، وأيضًا زيادة التَّغطية بالتَّطعيم”. دعا المنظري إلى تكثيف حملات التَّطعيم من الفيروس، وتقديم جرعات معزَّزة من اللقاح للحاصلين عليه من قبل، سعيًا إلى التَّصدي لزيادة الحالات وتقليل نسبة الوفيَّات. من ناحيته، أكَّد تادروس ادهانوم، المدير العام لمنظَّمة الصِّحَّة العالميَّة، في مؤتمر صحافي عُقد في مدينة جنيف السِّويسريَّة أنَّ الارتفاع المطَّرد في عدد إصابات كوفيد-19 ينذر بسيناريو كارثي، بارتفاع عدد الوفيَّات، مع ظهور سلالات جديدة للفيروس تستعصي على العلاجات المتاحة، مناشدًا الجميع بالإسراع في إجراء الاختبارات والحصول على اللقاح.
ونتساءل: هل تصبح الصِّين بؤرة انتشار الطَّاعون الدُّبلي بعد كوفيد-19؟ وهل كثافة الإصابة بكوفيد-19 من جديد حقًّا نتيجة التَّراخي في تطبيق التَّدابير الوقائيَّة؟ وبتطبيق نظريَّة المؤامرة، هل يُفسَّر انتشار سلالات الجديدة من الفيروس، إلى جانب ظهور أوبئة الطَّاعون وماربورغ وجدري القرود، بفشل السُّلالات الأولى في قتل غالبيَّة سكَّان الأرض ليبقى المليار الذَّهبي الَّذي تريده حكومة العالم الخفيَّة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى