متابعات

بأمر من طهران “حماس” تتصالح مع الأسد بعد قطيعة 10 سنوات

رسالة بوست – لارا أحمد
استقبل الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله يوم الخميس الماضي، رئيس ‏المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية والوفد المرافق له. وقال بيان صادر عن الحزب إن الجانبين بحثا التهديدات في المنطقة.

كما قام هنية بزيارة الرؤساء الثلاثة للبنان (رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، ورئيس البرلمان)، وقيادة حزب الله، وبعض الأحزاب اللبنانية، كما سيلتقي قيادات الفصائل وقيادات الفصائل الفلسطينية الموالية لحماس في لبنان.
لكن المغزى الحقيقي من الزيارة هي تحركات قادها إسماعيل هنية منذ فترة طويلة لتقريب وجهات النظر بين حماس والنظام السوري برعاية ومباركة إيرانية. كشف هذه التحركات تصريحات من قادة داخل الحركة حيث نقلت وكالة رويترز عن مسؤليين داخل حماس أن الحركة قررت استئناف علاقاتها مع النظام السوري بعد عشر سنوات من مقاطعة قيادتها دمشق بسبب معارضتها لحملة الرئيس السوري بشار الأسد ضد انتفاضة 2011.

وقال مسؤول بالحركة طلب عدم الكشف عن هويته لرويترز إن “الطرفين عقدا لقاءات على مستويات قيادية عليا لتحقيق ذلك”. وقال مسؤولان بالحركة إن حماس “اتخذت قراراً بالإجماع لإعادة العلاقة مع سوريا”.
وقد أيد قادة حماس علناً الانتفاضة التي استهدفت الإطاحة بحكم أسرة الأسد في 2011 وغادروا مقارهم في دمشق. وأثار ذلك غضب إيران حليفهما المشترك. لكن بعد أن استؤنفت العلاقات بين حماس وإيران وأشاد مسؤولون من حماس بالجمهورية الإسلامية لمساعدتها بالسلاح والمال تهريباً والتي يستخدمونها ضد إسرائيل. وعلى مدار سنوات طويلة، أقامت حماس علاقات قوية مع النظام في سوريا، لكن اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، ورفض حماس تأييد الأسد، وتّر العلاقات بين الحركة ودمشق، قبل أن تقرر قيادة حماس مغادرة دمشق عام 2012.
واتهم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، حماس وبعض أعضائها في عدة مناسبات بدعم جماعات المعارضة السورية والقتال إلى جانبها، واعتقل النظام بعض عناصر الحركة الذين بقوا في الأراضي السورية، وصادر ممتلكاتهم وأصول الحركة الأوسع.
إيران تضغط على حماس لإعادة العلاقات مع نظام الأسد
أبدت حماس مرونة ظاهرة بعد الضغوط الإيرانية عليها لكي تتصالح مع النظام السوري، بعد ما أضحت تعتمد حماس بشكل كبير على الدعم المقدم لها من إيران، أظهرت تصريحات مسؤوليها أنها ترغب في إعادة العلاقات مع النظام. وتتلقى “حركة حماس” دعماً مادياً وسياسياً وعسكرياً من النظام الإيراني الذي يدعم بدوره النظام السوري في حربه الأهلية منذ سنوات.
أوضحت ذلك جلياً زيارة (مشعل) في الآونة الأخيرة إلى لبنان حيث كشفت عن تباينات ومواقف كثيرة؛ خصوصاً ما يتعلق منها بـحزب الله، ورفض الأمين العام لـحزب الله حسن نصر الله، مقابلة خالد مشعل، على الرغم من أن هناك قيادات لـحماس في لبنان كان يمكن أن ترتب الزيارة.
بدأت المصادر تتحدث منذ فترة عن إحراز تقدم ملحوظ في المحادثات التي تقودها إيران وحزب الله لإعادة العلاقات مع النظام السوري. خاصة وبعد صعود هنية لقيادة المكتب السياسي في حماس، بدأت الاجتماعات مع نصر الله أكثر من مرة في بيروت خلال الأشهر القليلة الماضية، لبحث القضايا التي تمس العلاقات بين حماس والتحالف الإقليمي بقيادة إيران، الذي يضم سوريا و حزب الله، وكذلك إعادة العلاقات مع النظام السوري.
صراع الأجنحة داخل حماس
كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن صراع المحاور داخل حركة حماس؛ وهذا ما تسعى الحركة لنفيه، مؤكدةً عدم وجود صراع أجنحة داخلها؛ لكن الواقع الداخلي للحركة يكشف عن حقيقة مفادها أن هناك تنافساً كبيراً غير ظاهر للعلن بين محورَين أساسيَّين؛ محور يدور في الفلك التركي- القطري وآخر في الفلك الإيراني، وهذا ما تبلور بشكل واضح بعد الأزمة السورية، وأحدث خلافات وتباينات في المواقف؛ خصوصاً في العلاقات مع إيران وحزب الله اللبناني.
وهذا ما أكده رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، الذي أعلن أنه غير نادم على القرار الذي اتخذته الحركة بالخروج من دمشق انطلاقاً من رفض الانحياز إلى جانب النظام ضد الشعب السوري.

لكن تتبدل الخريطة الدولية مما دفع حماس لإعادة حساباتها فيما يخص العلاقة مع إيران، خصوصاً أنها خاضت حربين مع إسرائيل على غزة، الأولى عام 2012، والثانية عام 2014.

وفي عام 2017 صعد الجناح العسكري على حساب المكتب السياسي، مع عدم ترشح خالد مشعل لمنصب المكتب السياسي، إذ انتخب إسماعيل هنية رئيساً للمكتب، ويحيى السنوار قائداً للحركة في غزة. وعلى صعيد علاقة حماس مع إيران، دافع هنية عن هذه العلاقة، منوهاً بأن الدعم الذي تتلقاه الحركة من طهران أو من غيرها هو دعم غير مشروط، مؤكداً انفتاح الحركة على إقامة علاقات مع جميع الدول العربية والإسلامية .
وبدأت الحركة خلال ذلك بترميم العلاقة تدريجياً مع إيران عبر سلسلة من اللقاءات والزيارات والتصريحات التي تحاول إرضاءها. واعتباراً من عام 2019 خرجت الكثير من الإشاعات والتسريبات عن اقتراب عودة علاقات حماس مع نظام الأسد بوساطة إيرانية، لكن النظام نفى ذلك.
وفي الانتخابات الأخيرة التي حصلت للحركة، تم التجديد للمكتب السياسي الذي يقوده إسماعيل هنية ويحيى السنوار، الأمر الذي أعاد موضوع إعادة العلاقات مع نظام الأسد إلى الواجهة.
العلاقات بين حركة حماس وسوريا مركّبة بسبب نشاط حماس في سوريا
وخلال الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاق حماس في 8 من كانون الأول 2012، وقف رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس، خالد مشعل، ورئيس المكتب الحالي، إسماعيل هنية، أمام حشد من المئات ورفعا علم الثورة السورية، ليكون إعلاناً واضحاً بقطع العلاقات مع النظام السوري والوقوف إلى جانب المتظاهرين السلميين.
مع تطور الأحداث على الساحة السورية واستمرار النزاع، بدأت تقلبات الحركة حيال الملف السوري بالظهور إلى العلن أكثر، وبدا ذلك واضحاُ من خلال التصريحات التي صدرت من مسؤولي الحركة، إذ اعتبر رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، في تشرين الأول 2013، أن من حق الشعب الانتفاض من أجل حقوقه لكن يجب أن يتم ذلك بوسائل سلمية. وصولاً إلى وصف الثورة السورية بـ “الفتنة”، على لسان رئيس المكتب السياسي الحالي، إسماعيل هنية، الأمر الذي اعتُبر تقرباً من النظام في محاولة لعودة العلاقات.
وفي المقابل استغلّ مسؤولو النظام السوري ورئيسه الأحاديث الإعلامية لتخوين حركة حماس واتهامها بمساندة جبهة النصرة في سوريا والإخوان المسلمون، إذ قال الأسد، إن الأحداث أثبتت أن جزءاً من حماس، التي كانت بدورها جزءاً من الإخوان المسلمين، يدعم جبهة النصرة داخل مخيم اليرموك.
لكن بعد انتخاب الهيئة السياسية في “حماس” عام 2017 وصعود الجناح العسكري فيها، تبنّت الحركة موقفاً قائماً على إعادة ترتيب العلاقات بما ينسجم مع مصالحها، فبدأت الحركة عودة متدرجة للعلاقة مع إيران، ومن ثم ترميم العلاقة مع النظام السوري مرة أخرى، ولكن يحتاج الأمر الكثير من الوقت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى