ثقافة وأدب

قل: مِنطَقة، لا: مَنطِقة!

أحمد سالم المقام_ باحث لغوي|
قرأتُ مقالًا لبعض اللغويين يذهب فيه إلى ضبط لفظ (مِنطَقة) المستعمل اليوم في معنى الناحية من الأرض، بفتح الميم وكسر الطاء هكذا (مَنطِقة)، بل يصححه دون سواه، على أنه اسم مكان، كُسرت عينُه شذوذًا كما كُسِرت في نحو: المطلِع والمنبِت والمسقِط.
وقد وهِم صاحبُ هذا التوجيه بحمله اللفظ على لغات شاذة تحفظ ولا يقاس عليها، مع أنه ليس بينه وبين تلك الأمثلة شبه ولا تنظير، لا سيما في الاشتقاق؛ إذ لم يَرِدْ لهذا اللفظ أصل ثلاثي في معناه، ويشاركه في الأصل والمعنى لفظان آخران هما النِّطاق والمِنطَق، والثلاثة هي لنوع من اللباس كالحِزام، وقد اشتُق منها فعلان هما: انتطق وتمَنطق.
وللمادة أصلٌ آخر يدل على معنى الكلام ونحوه، وقد استُعمل منه الثلاثي وغيرُه، وربما وَهِم بعضُ المجيزين فظنوا اشتقاقَ اللفظ من هذا الأصل؛ لكون فعلِه المجرَّدِ مكسورَ العين في المضارع (نطَق ينطِق)، فخرَّجوا عليه (المَنطِقة) قصدًا لاسم المكان منه، ولا صلةَ لفعل النطق بهذا اللفظ!
زدْ على ذلك أنه لم يرد في اللغة العربية لفظ (مَنطِقة) بهذا الضبط في أي معنى مهما كان، بخلاف لفظ (مِنطَقة)؛ فهو لفظ عربي فصيح يُستعمل قديمًا -وما زال- لما يُنتطَقُ به من لباسٍ ونحوه، ثم نُقل معناه حديثًا إلى الناحيةِ أو الإقليمِ من الأرض، ولهذا المعنى وجهٌ سائغٌ من المجاز؛ إذ الناحية من الأرض كالمِنطقة أو الحزام لما تُحيط به.
لذلك قل: مِنطَقة (بكسر الميم وفتح الطاء)، والله أعلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى