بحوث ودراسات

رغم جهود التطبيع؛ وطأة العقوبات تشتد على دمشق

التقرير الإستراتيجي السوري (98)
الإثنين: 27 يونيو 2022

المرصد الاستراتيجي



أشار تقرير أمني غربي (7 يونيو 2022) إلى أن خسارة رجل الأعمال، عامر فوز، طعنه القانوني بعقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة عليه منذ عام 2020، قد حول أنشطته التجارية في دمشق، من تصنيف “واعدة للغاية” إلى “محفوفة بالمخاطر”، بسبب تدهور الوضع الاقتصادي ووطأة العقوبات الدولية المفروضة على النظام.
وكانت محكمة العدل الأوروبية قد أصدرت حكماً (27 مايو) برفض الطعن الذي قدمه عامر، والذي يخضع، مثل شقيقه سامر، لعقوبات الاتحاد الأوروبي، وذلك نتيجة فشله في إقناع المحكمة بعدم وجود علاقة مالية بينه وبين نظام بشار الأسد.
فعلى الرغم من إقامته في دبي، ونفيه التعامل مع النظام؛ إلا أن المحكمة ارتأت أن استمرار مساهمته في شركة “أمان” القابضة، المنتفعة من الفرص التي يوفرها النظام، ومشاركته في إحدى أهم المشاريع التي يرعاها الأسد (مشروع إعمار مدينة “ماروتا”)، دفع محكمة العدل الأوروبية لإصدار قرار بتثبيت العقوبات المفروضة عليه، خاصة وأنه قد تورط في إبرام صفقات توريد قمح ونفط من تنظيم “داعش” لصالح النظام.
وأشار التقرير إلى أن استخدام قانون قيصر ضد كل فرد وكيان شارك في “ماروتا سيتي” أدى إلى إيقاف المشروع وتعليق سائر الاستثمارات الجديدة، ولا تزال رؤيته الطموحة لإنشاء “دمشق الجديدة” في مرحلة المخططات منذ إعلانها عام 2020.
في هذه الأثناء؛ تعاني المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من ارتفاع في أسعار المواد الغذائية جراء تعطل منشآت إنتاجها بسبب انقطاع التيار الكهربائي خلال النصف الثاني من شهر يونيو، حيث كشف عضو مجلس إدارة الجمعية الحرفية في دمشق، أحمد السواس، عن تعرّض المنشآت المنتجة للحليب ومشتقاته لخسائر كبيرة، بسبب انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ضمن “التعتيم العام”، إلى جانب عوامل أخرى أبرزها صعوبة تأمين المحروقات اللازمة للإنتاج، ما أدى إلى تسجيل ارتفاع جديد للأسعار بنسبة 5 بالمئة.
وكشف مدير الصيانة والاستثمار في المؤسسة العامة لمياه دمشق وريفها، جمال حموده، عن تأثير الانقطاع العام للكهرباء على مخزون المياه ووصولها إلى المنازل في العاصمة وريفها، حيث يشهد التيار الكهربائي انقطاعاً شاملاً، في حين تبرر وزارة الكهرباء سبب الانقطاع بأن “محطة تحويل الزارة تعرضت لعطل على محولة الشدة ما أدى إلى خروج محطة توليد الزارة بالكامل عن الخدمة”.
وعلى إثر إعلان محافظة دمشق توقفها عن تزويد “الميكروباصات” و”السرافيس” بمادة المازوت أيام الجمعة والسبت؛ شهدت العاصمة أزمة مواصلات خانقة، ما دفع بالمدير العام للشركة العامة للنقل الداخلي التابع للنظام، موريس حداد، للإعلان (15 يونيو) عن طرح دراسة لاستخدام باصات المبيت التي تنقل العاملين والعاملات في وزارات الدولة، بعد الدوام، للنقل الداخلي، بهدف المساهمة في حل أزمة المواصلات.
وتزامنت تلك الخطوة مع تخفيض مخصصات المحافظات من المازوت بنسبة تتراوح بين 30 و35%، مع استثناء عدد من القطاعات ذات الأولوية الكبيرة، كالمستشفيات والأفران، ما أدى إلى وقوع أزمة مواصلات خانقة جراء انخفاض أعداد “السرافيس” والباصات العاملة على الخطوط.
ونتيجة لزيادة أسعار المازوت والفيول المشغل لأبراجها وانقطاع التيار الكهربائي؛ طلبت شركات الاتصالات من وزارة الاتصالات السماح لها بزيادة أسعارها عموماً بنسبة 200 بالمئة، بحجة زيادة تكاليف التشغيل لديها، وذلك في أعقاب رفع الشركة السورية للاتصالات أجور الدقائق الدولية في الخطوط الأرضية لتصل إلى ضعف السعر السابق، فيما كشف تصنيف صادر عن موقع “سيد تيست غلوبال” أن سوريا تحتل المركز 103 عالمياً من حيث سرعة الإنترنت على الهاتف المحمول، والمركز 137 عالمياً في سرعة الإنترنت الثابت.
في هذه الأثناء؛ تتفاقم معاناة الفلاحين بمحافظتي حماة وحمص جراء احتراق مئات الدونمات من القمح، نتيجة خلاف بين عصابات “الشبيحة”، وقيام بعضهم بحرق حقول خصومهم، وامتداد الحرائق إلى أراضٍ شاسعة في قرى: “تيزين”، و”الربيعة”، و”الحصوية”، و”الحردانة”، و”الجلمة”، فيما أكد وزير الزراعة، محمد حسان قطنا، خسارة نحو 3 مليون طن من القمح في العام الماضي، وذلك بالتزامن مع تأكيد الأمم المتحدة تقلص إنتاج سوريا من القمح إلى 1,2 مليون طن، بتراجع أكثر من 70% من حجم إنتاجها السابق، وهو الأدنى منذ 29 عاماً.
وكان مدير “التخطيط والتعاون الدولي” في “وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل” بحكومة النظام، محمود الكوا، قد كشف عن ازدياد أعداد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر في ظل ارتفاع الأسعار، فيما كشف مدير “مكتب الإحصاء المركزي” السابق، شفيق عربش أن معدل الفقر في سوريا بلغ 90 بالمئة بين عامي 2020 و2021 وفقاً لإحصائيات رسمية تم إجراؤها بالتعاون مع “برنامج الغذاء العالمي”، وأكدت معاناة نحو 8,3 بالمئة من الأسر من انعدام شديد بالأمن الغذائي، و47,2 بالمئة من انعدام متوسط.
وتؤكد مصادر الأمم المتحدة أن عدد المحتاجين إلى المساعدة في سوريا بلغ 14,6 مليوناً عام 2021، وقدرت عدد السوريين الذين يعانون من الفقر المدقع بنحو الثلثين من بين 18 مليون شخص يعيشون في مناطق سيطرة النظام.
تنامي الخلاف بين تركيا وإيران حول سوريا
رأى تقرير أمني غربي (6 يونيو 2022) أن “الوضع يوشك أن ينفلت في سوريا” نتيجة التطورات الأخيرة، حيث كانت موسكو تأمل في تنفيذ عملية انسحاب هادئة لمعظم قواتها في سوريا، لكن تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (1 يونيو) عزمه إطلاق عملية عسكرية رابعة شمال شرقي البلاد قد أجج الأوضاع.
ووفقاً للتقرير؛ فإن “قوات سوريا الديمقراطية” وراعيتها، قيادة العمليات الخاصة الأمريكية؛ وضعتا قواتهما في حالة تأهب قصوى، عقب حشد تركيا القوات الموالية لها في “الجيش الوطني السوري”، فيما انتشرت قوات النظام في مواقعها، وتحركت إيران لتعزيز قواتها في المنطقة.
ودفعت تلك التطورات موسكو للقيام بدوريات ومهام استطلاعية على طول الحدود التركية السورية، ودفعت بالمزيد من قواتها، وأرسلت ست مروحيات إلى مطار القامشلي الخاضع لسيطرة النظام، الأمر الذي أثار قلق إيران، ودفعها لإرسال أعداد كبيرة من عناصر الميلشيات الموالية لها.
وتخشى إيران من إمكانية تأثير الحملة التركية المزمعة على نفوذها شمال شرقي سوريا، لا سيما في الحسكة، خاصة وأنها تقدم السلاح والدعم المالي لميلشيات محلية تم تشكيلها في المنطقة، مثل قوات “الدفاع الوطني” و”أنصار أمن الدولة” و”أنصار الأمن العسكري”، وترى أن التدخل التركي سيشجع روسيا على اجتياح مواقع كانت شاغرة حتى مجيء القوات الإيرانية، كالمنطقة المحيطة ببلدة “عين العرب”.
وقد يعرقل ذلك عمليات إحلال القوات الروسية بأخرى إيرانية، وذلك وفق توافقات تم إبرامها بين علي مملوك والسلطات الإيرانية في شهر مارس الماضي، وكذلك بين بشار الأسد وعلي خامنئي في شهر مايو، والتي دفعت بالقوات الروسية لتسليم قواعد ومناطق إستراتيجية لإيران في تدمر ومهين شرقي حمص وفي مواقع أخرى جنوب البلاد.
وخرجت إيران عن صمتها إزاء التحركات التركية في 20 يونيو، عندما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أن الملف السوري “موضع خلاف” بين إيران وتركيا، مضيفاً أن إيران “بذلت جهودًا كبيرة لإدارة الخلافات في الملف السوري”، وخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على “سيادة سوريا”، وخاصة أثناء حضورها اجتماع “أستانة” الأخير (16 يونيو).
وأكد خطيب زاده رفض إيران للعملية العسكرية التركية المحتملة في شمالي سوريا، مؤكداً أن: “إيران تعارض أي عمل عسكري واستخدام القوة على أراضي كل الدول بهدف تسوية الخلافات، وتعتبره انتهاكاً لوحدة أراضي هذه الدول وسيادتها الوطنية”، واعتبر أن العملية العسكرية المحتملة من قبل تركيا ستؤدي إلى “مزيد من التعقيد والتصعيد” في سوريا.
كما وصف مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، تهديدات تركيا بشن عملية عسكرية بأنها “خطوة غير عقلانية”، ودعا أنقرة إلى حل القضية سلمياً عن طريق الحوار، وذلك في أعقاب تسيير القوات الروسية (27 مايو) دورية مشتركة مع قوات النظام و”قسد” على طول الشريط الحدودي بين مدينتي “عامودا” و”الدرباسية” شمال الحسكة، فيما يُصرّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على استكمال قواته إنشاء المناطق الآمنة بمحاذاة حدودها الجنوبية، بمجرد: “انتهاء تحضيرات الجيش والاستخبارات والأمن”.
تل أبيب: عقبات أمنية تحول دون إتمام التطبيع مع أنقرة
وضعت الحكومة الإسرائيلية وحدات دفاعها الجوي في حالة تأهب، تحسباً من انتقام إيراني، بعد أن حمّلت طهران تل أبيب مسؤولية اغتيال الضابط البارز في “فيلق القدس”، حسن صياد خدائي (22 مايو).
ووفقاً لتقرير أمني غربي (8 يونيو) فقد حذر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، برئاسة ضابط الموساد السابق إيال هولتا، الإسرائيليين من زيارة تركيا في الوقت الحالي، مؤكداً أن أجهزة المخابرات الإيرانية قد كثّفت من نشاطاتها الخارجية في الفترة الماضية.
ومثّل ذلك التصريح ضربة لمحاولات “بث الدفء” في العلاقات التركية-الإسرائيلية التي يتم العمل على ترميمها منذ بداية العام، حيث عملت أجهزة الأمن الإسرائيلية على إحباط محاولة إيرانية لاغتيال رجل الأعمال الإسرائيلي-التركي، يائير جيلر، فيما أرسل جهاز المخابرات الداخلية “شاباك” تحذيراً لنحو 100 إسرائيلي في تركيا من إمكانية استهدافهم من قبل عملاء في تركيا، كما أصدر مجلس الأمن القومي سلسلة توصيات تطالب المسافرين الإسرائيليين بعدم التحدث عن خدمتهم العسكرية في جيش الدفاع وتجنب إبراز هويتهم الإسرائيلية.
وأكدت وكالات سفر إسرائيلية انخفاض الحجوزات إلى تركيا بنسبة 50 بالمئة، وتأثر التجارة الثنائية، التي روج لها الجانبان، بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إسرائيل (25 مايو) وإعلانه، مع وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، إعادة اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين.
وكان سلاح الجو الإسرائيلي قد وضع منظومات دفاع جوية على أهبة الاستعداد القصوى، وذلك في أعقاب تسريب صحيفة “نيويورك تايمز” أنباء عن إبلاغ تل أبيب الإدارة الأمريكية بمسؤوليتها عن عملية اغتيال خدايي، الذي اتُهم بمحاولة اغتيال دبلوماسي إسرائيلي في إسطنبول، فيما أكد قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي أن: “خدايي اغتيل على يد الصهاينة، وإن بلاده ستجعلهم يدفعون الثمن”.
وفي محاولة لرأب الصدع الأمني بين أنقرة وتل أبيب؛ أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ونظيره الإسرائيلي يائير لبيد (24 يونيو) أن وحدات الأمن الخاصة بهما حالت دون تنفيذ هجمات على إسرائيليين في إسطنبول، وذلك تزامناً مع إعلان الاستخبارات التركية توقيف خلية اغتيالات من 7 أشخاص بينهم 5 إيرانيين في إسطنبول.
وقال جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع لبيد: “كنا على تواصل بخصوص تهديدات إرهابية ضد مواطني إسرائيل في بلادنا. مؤسساتنا واصلت تبادل المعلومات الاستخبارية فيما بينها، كما تباحث الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن هذه القضية”، مشدداً على أن حكومته “لن تسمح لأحد بممارسة الإرهاب” في الأراضي التركية.
وفي خطوة مفاجئة، أعلن “الحرس الثوري الإيراني” إقالة رئيس جهاز استخباراته، حسين طائب، وكلف محمد كاظمي الذي كان يرأس وحدة “حماية الاستخبارات” المعنية بمكافحة التجسس، لتولي مهامه. وكات تل أبيب قد اتهمت طائب بأنه كان وراء مؤامرة قتل وخطف سياح إسرائيليين في تركيا.
أثرياء روس يحاولون تعزيز نفوذهم في سوريا من خلال شركات بريطانية
أكد تقرير أمني غربي (1 يونيو 2022) أن شركة “جلفساندز بيتروليوم” قد نجحت في تسوية نزاعاتها القانونية، وتنوي العودة للعمل في “بلوك 36″، شمال شرق سوريا، والذي أُجبرت على مغادرته عام 2012.
وأشار التقرير أن الشركة باتت تمتلك “منصة نظيفة” يمكن من خلالها تأمين العودة إلى سوريا، والتي أصبحت أولوية إستراتيجية رئيسة لها، وذلك في أعقاب قيام وزارة الخزانة الأمريكية بتحديث نظام الإعفاء من العقوبات على مناطق شمال شرق سوريا (12 مايو) والسماح لنحو 12 قطاعاً جديداً بالعمل هناك لتعزيز النشاط الاقتصادي في المناطق المحررة من تنظيم “داعش”.
وتعززت أطماع الشركة البريطانية عقب تأكيد وزارة الخزانة الأمريكية على منع عدد من الشركات الأمريكية بالعودة للعمل في سوريا، وعلى رأسها شركة “ديلتا كريسنت إنرجي”، التي لم يشملها قرار الإعفاء من العقوبات، نظراً لعلاقتها مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وللانتقادات التي وجهت لها بشأن عمليها خلال السنوات الماضية، ما دفع إدارة بايدن بعدم إدراجها في قائمة الشركات المعفاة في شمال شرق سوريا، الأمر الذي لم يرق للإدارة الذاتية الكردية.
وكانت شركة “جلف ساندز بيتروليوم” البريطانية قد أبرمت عقدا للعمل في “بلوك 36” قبل اندلاع الصراع في سوريا، ولا تزال تعتقد أنها صاحبة الحق بتشغيله، ويسود الاعتقاد أن شركة “الجزيرة لخدمات النفط والغاز” المقربة من الإدارة الذاتية هي التي تقوم بتشغيله في الوقت الحالي، علماً بأن الإدارة الذاتية الكردية لا تريد أن تتعامل مع شركات مرتبطة بتعاقدات سابقة مع النظام.
جدير بالذكر أن شركة “جلفساندز” قد تم شراؤها بالكامل من قبل صندوق “وترفورد للتمويل والاستثمار”، المسجلة في لندن، ويملكها رجل الأعمال الروسي البريطاني ميخائيل كروبييف المقرب من الكرملين.
احتدام صراع أجهزة الاستخبارات الدولية على خلفية الحرب الأوكرانية
أشار تقرير أمني غربي (3 يونيو 2022) إلى تنامي اهتمام جهاز المخابرات الخارجية الروماني (SIA) بالشؤون الإقليمية، حيث يعمل مديرها، غابرييل فلاسي (52 عاماً) على توسيع نطاق عمله الخارجي على خلفية الحرب الأوكرانية.
وكانت بوخارست قد التزمت لسنوات عديدة بدعم الولايات المتحدة في “حربها على الإرهاب”، لكنها عادت للتركيز تدريجياً على القضايا الإقليمية بعد بدء الصراع في منطقة “دونباس” بأوكرانيا، وجعلت روسيا على رأس أولوياتها في جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية، واعتبارها المهدد الرئيس لأمنها ومصالحها.
ونظراً لعمل “فلاسي” ضمن المؤسسات الأمنية لحلف الناتو، وتمثيل بلاده في الجمعية البرلمانية للتحالف بين عامي 2012 و2017، فإنه يرغب في تعزيز مكانة رومانيا بالحلف الأطلسي، ويرغب في إحياء آفاق العقود العسكرية، وهو قطاع يعمل فيه مسؤولو المخابرات الرومانية السابقون الآن كوكلاء لهذه العقود.
كما أشرف “فلاسي”، خلال السنوات الأربع الماضية، على عمليات تبادل المعلومات الاستخباراتية حول أوكرانيا مع واشنطن ومع الناتو، وذلك عقب موافقة الرئيس الروماني السابق ترايان باسيسكو على جمع معلومات استخبارية عن أنشطة روسيا في أوكرانيا لصالح الولايات المتحدة والناتو.
ويشكل اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية باستقطاب النخب العسكرية والأمنية الرومانية مخاوف لدى أجهزة الاستخبارات الرومانية التي تعرضت لهجمات إلكترونية من قبل مجموعة “كيلنت” الروسية، وذلك بالتزامن مع انخراط روسيا ورومانيا في عمليات اعتقال وطرد متبادلة لعملاء دبلوماسيين تورطوا في أنشطة استخباراتية.
وتتمثل المشكلة الرئيسة لدى رومانيا في الدعم الروسي لجمهورية “ترانسنيستريا” الانفصالية بمولدوفا المجاورة، وخشية بوخارست من تفاقم الأزمة وإمكانية تأثير الأحداث في ذلك الإقليم الانفصالي على أمنها الوطني.
ومنذ انضمام رومانيا للاتحاد الأوروبي (2001)، وحلف شمال الأطلسي (2004)، يبذل جهاز المخابرات الخارجية الرومانية ووكالات الاستخبارات الرومانية الأخرى جهوداً كبيرة لتعميق التعاون الأمني مع واشنطن وبروكسل، حيث ساهمت في عمليات مكافحة “الإرهاب”، وشاركت بوخارست في العمليات العسكرية بالعراق وأفغانستان، واستضافت سجوناً سرية لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) على أراضيها، ولا تزال تحتفظ بشبكة علاقات (منذ حقبة الديكتاتور تشاوشسكو) مع دول شمال إفريقيا، والشرق الأوسط، ولا تزال تعمل في سوريا رغم الحرب التي مضى عليها عقد من الزمن .
في هذه الأثناء تعمل روسيا على تعزيز قوتها الناعمة من خلال “الوكالة الفيدرالية لشئون كومنولث الدول المستقلة”، والتي يديرها يفغيني بريماكوف الصغير، حفيد أول رئيس لجهاز المخابرات الخارجية السوفياتية، حيث تمت زيادة مخصصاتها السنوية بمقدار ثلاثة أضعاف نظراً لتنامي أهميتها خلال الحرب الروسية في أوكرانيا.
ووفقاً لتقرير أمني غربي (2 يونيو 2022)؛ فإن الوكالة المقربة من أجهزة الاستخبارات الروسية، والتي تشرف عليها وزارة الخارجية، تمتلك 92 فرعاً في مختلف أرجاء العالم، ويعمل فيها طاقم مكون من 548 شخصاً، يخضعون للمكتب الرئيس بموسكو، والذي يتولى مهمة تنسيق المساعدات الإنسانية المرسلة إلى المناطق التي يسيطر عليها الجيش الروسي جنوب شرق أوكرانيا، ويسهم في تعزيز سردية الكرملين فيما يتعلق بأوكرانيا، وخاصة في “دونباس” حيث نشرت الوكالة معلومات حول “التأييد الشعبي” للعملية الروسية في أوروبا، وأصدرت كتيباً بعنوان: “الحرب الأهلية في أوكرانيا 2014-2022″، مترجمًا إلى 14 لغة، يعرض وجهة نظر الكرملين، كما تدير موقعاً على شبكة الإنترنت يُدعى: “جرائم الحرب في كييف” ، والذي يسعى إلى مواجهة المواقع المؤيدة لكييف.
وتعمل الوكالة بالتعاون مع “مؤسسة دراسة الديمقراطية” التي يرأسها المواطن الروسي مكسيم غريغورييف والتي تتخذ نفس خط الكرملين وتجري دراسات حول أوكرانيا وسوريا بشكل أساسي.
ووفقاً للتقرير نفسه؛ فإن الوكالة قد قررت تركيز أعمالها عام 2022 على آسيا الوسطى، نظراً للشكوك التي أبدتها بعض شرائح السكان، والانتشار الهادئ للنفوذ الصيني والتركي.
علماً بأن الوكالة قد حاولت إخفاء أنشطتها عن الغرب، حيث انسحبت من الشبكات الاجتماعية غير الروسية، وأغلقت عدداً من مقارها لتعزيز سرية عملها في الآونة الأخيرة، وتُعدّ الوكالة جزءاً من جهاز العلاقات العامة الكثيف الذي شيدته روسيا خلال السنوات الماضية، وتعمل من خلاله على تعريف الشعوب بالثقافة الأدبية والتاريخية لروسيا، وتحولت في الآونة الأخيرة إلى أداة لنشر رسائل الكرملين والترويج لها ورعاية المواطنين الروس في الخارج.
الاستخبارات الأردنية تنخرط في “معركة المخدرات”
أكد تقرير أمني غربي (23 مايو) أن “دائرة المخابرات العامة” الأردنية وضعت مكافحة تهريب المخدرات على رأس أولوياتها في ظل تصاعد عمليات تهريب الكبتاغون من سوريا، والتي دفعت بالملك عبد الله الثاني لتكليف مدير دائرة المخابرات العامة، أحمد حسني، بتجنيد عملاء ينشطون في صفوف المرتبطين بتجارة المخدرات داخل الأراضي السورية، حيث يتمتع الكثير من ضباط المخابرات الأردنية بدراية واسعة بالمواقع والتضاريس جنوب سوريا، ويمتلكون قابلية عالية للتغلغل في قبائل المنطقة، وأثبتوا قدرتهم على التسلل إلى شبكات المعارضة ونظام دمشق على حد سواء.
وتدير الفرقة الرابعة، بقيادة ماهر الأسد، الجزء الأكبر من عمليات تهريب المخدرات، والتي يخرج معظمها من سوريا عن طريق البحر عبر ميناء اللاذقية، فيما يتم تهريب الجزء الباقي منه براً عن طريق نقله من المعامل الإنتاجية الواقعة جنوبي دمشق إلى المملكة الأردنية، التي تكافح لوقف تدفق المخدرات إليها.
وتعمل دائرة المخابرات العامة على إعادة تقييم وضعها في سوريا مع التركيز على زيادة اتصالاتها، وتنويع مصادر استخباراتها البشرية، والتغلغل داخل دوائر تهريب المخدرات، والتي تسببت في الآونة الأخيرة بانتهاكات أمنية خطيرة، بما في ذلك الاشتباك مع المهربين، والذي أودى بحياة 27 منهم في شهر يناير الماضي.
وتتعاون دائرة المخابرات العامة بصورة وثيقة مع مديرية الأمن العام بوزارة الداخلية، والتي كان لوحدة “مكافحة تهريب المخدرات” فيها، برئاسة حسن القضاة، دور استباقي بارز في مصادرة الشحنات والقبض على المهربين، وجمع المعلومات الاستخباراتية عبر شبكة واسعة من المصادر الأردنية والسورية.
ودفعت تلك التطورات بالملك عبد الله الثاني للتأكيد (24 يونيو) على أن: الميليشيات الشيعية في سوريا زادت عمليات تهريب السلاح والمخدرات بالتزامن مع تراجع الدور الروسي، وعودة تنظيم “داعش” إلى الظهور.
وتزامنت تلك التصريحات مع إعلان السلطات الكويتية (24 يونيو) ضبط كمية كبيرة من المخدرات، كانت بحوزة أحد السوريين المقيمين فيها، حيث اعتقل جهاز “البحث والتحري” في الإدارة العامة للجمارك، وافداً سوري الجنسية، بعد أن تقدم إلى الشحن الجوي في مطار الكويت، لاستلام بضاعته، والتي عُثر بها على أكثر من 4 ملايين حبة كبتاغون، بقيمة 10 ملايين دينار كويتي (32 مليون دولار أمريكي).
وكانت الكويت قد أحبطت (5 يونيو) محاولة سابقة لتهريب 7 ملايين حبة مخدرة، أخفيت بين أكياس بهارات وصلت من باكستان، بعدما انطلقت من سوريا، وتقدر قيمتها بنحو 11 مليون دينار، حيث وزعت الكمية الكبيرة على بعض دول الخليج، وكان نصيب الكويت منها نحو 7 ملايين حبة، وصلت ضمن 3 حاويات تحتوي على مواد غذائية إلى ميناء “الشويخ”.
ودفعت زيادة عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود مع سوريا بالسلطات الأردنية إلى توجيه “رسالة تحذيرية” للنظام بشأن التهديدات التي تتعرض لها حدودها الشمالية، والمتعلقة بعمليات تهريب المخدرات من داخل الأراضي السورية.
وأكد مدير الإعلام العسكري، العقيد ركن مصطفى الحياري، أن بلاده تواجه “تهديدات أمنية وطنية” من “الميلشيات الإيرانية” المتورطة في تهريب المخدرات، مضيفاً: “نواجه حرباً على الحدود، حرب مخدرات تقودها منظمات مدعومة من جهات أجنبية. وهذه الميليشيات الإيرانية هي الأخطر، لأنها تستهدف الأمن القومي الأردني”.
وجاءت تلك التصريحات بالتزامن مع وصول مجموعات تابعة لميلشيا “حزب الله” والفرقة الرابعة ولواء “فاطميون” إلى المنطقة الحدودية مع الأردن، مطلع شهر يونيو الجاري، وانتشارها على طول الحدود السورية-الأردنية، وتعزيز مواقعها بآليات ثقيلة من بينها دبابات ورشاشات ثقيلة.
وأكدت مصادر إعلامية أن التهديدات الأمنية التي يقف وراءها النظام الإيراني انطلاقاً من سوريا كانت على رأس الملفات التي بحثها العاهل الأردني في الولايات المتحدة (13 مايو)، مشيرة إلى أن عمّان باتت مقتنعة أن نظام ميليشيا أسد لا يمكن إصلاحه، وأنه بات رهينة بشكل كامل بيد طهران.
وأعرب العاهل الأردني عن خشيته من الفراغ الأمني الذي يمكن أن يخلّفه انسحاب القوات الروسية من سوريا، وتحديداً من الجنوب السوري، محذّراً من أن هذا الفراغ ستملؤه الميلشيات المرتبطة بإيران والتي تهدّد أمن الأردن، حيث يتبنى الملك عبد الله تصورات جديدة تُمثّل انقلاباً كاملاً على أجندته السابقة في “اللاورقة” التي كان يسوِّق لها بخصوص التطبيع مع النظام بشار الأسد خلال الأشهر الماضية، إذ إنه بات مقتنعاً أن النظام السوري: “لا يمكن التعويل على إصلاحه أو تغيير سلوكه من خلال الإغراءات أو الانفتاح التدريجي عليه كما كان يأمل قبل عام على الأقل، وخاصة فيما يتعلق بإبعاده عن إيران”.
في هذه الأثناء؛ يستعد الجيش الفرنسي لنشر طائرات مسيرة في الأردن ستكون مهمتها مراقبة شمال شرق سوريا والعراق، في خطوة تهدف من خلالها باريس التأكيد على حضورها الإقليمي والمساهمة في إنعاش آفاق الأعمال التجارية في المنطقة.
وأشار تقرير أمني غربي (9 يونيو) إلى أن الجناح (33) للمراقبة والاستطلاع والهجوم التابع للقوات المسلحة الفرنسية سيقوم بنشر طائراته المسيَّرة من طراز “ريبر” في القاعدة الجوية الفرنسية في الأردن لمراقبة شمال شرق سوريا والعراق، والمساهمة في تعقب خلايا تنظيم “داعش”، فيما تأمل شركات الدفاع الفرنسية بالحصول على عقود كبيرة في المنطقة.
وتبدو القاعدة الأردنية بشكل متزايد وكأنها صالة عرض لإقناع المسؤولين العسكريين العراقيين بالتعامل معها، فقد نُشِرَت طائرتان مروحيتان من طراز (H255M) “كاراكال”، وأربع مقاتلات من طراز “داسو-رافال” في الأردن، فيما تدرس الحكومة العراقية تقديم طلبية لشراء 12 طائرة من طائرات “إيرباص”.
“الحرس الثوري” يقود عملية التغيير المرتقبة في إيران
تحدثت مصادر أمنية غربية (27 مايو) عن توجه الحرس الثوري الإيراني للعب دور رئيسي في تعيين خليفة للمرشد علي خامنئي (83 عاماً) والذي تزداد مشاكله الصحية، مؤكدة أن قائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، ورئيس جهاز استخبارات سلاح النخبة، حسين تاب، قد أعدا قائمة بخمسة مرشحين، على رأسهم الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي.
وتشير المصادر إلى أن القائمة وضعت بالتشاور مع “مجلس الخبراء”، المكون من 88 عضواً، تقع ضمن مسؤولياتهم مهمة تعيين خليفة للمرشد، وصدق على القائمة الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي، علي شمخاني.
ويعتبر رئيسي المرشح الوحيد الذي حصل على موافقة كل من الحرس الثوري وخامنئي، إلا أن الحديث يدور عن رغبة “المرشد الأعلى” في تقديم نجله الأصغر مجتبى خامنئي (53 عاماً)، الذي يرأس قوة “الباسدجي” شبه العسكرية، ويمارس نفوذاً على وزارة المخابرات، ويشرف على الشؤون المالية الخاصة بالعائلة.
كما تتضمن القائمة، الرئيس السابق حسن روحاني، إلا أن جهاز “باسدران” لا يحبذه، ويدفع باتجاه منافسه، صادق أمولي لاريجاني، المحافظ المتشدد الذي تولى سابقاً وزارة العدل، يضاف إليهما؛ محمود هاشمي شهرودي، وهو رجل دين “معتدل” من مدينة النجف لكن سمعته تضررت بسبب صلاته بعالم الأعمال.
وربط المصدر عملية تعيين خليفة خامنئي بإمكانية تحقيق تقدم إيجابي في محادثات فيينا بشأن الاتفاق النووي، والذي قد يدفع بجهاز “باسدران” لاختيار مرشح أكثر اعتدالاً.
طهران تعزز نفوذها شرقي الفرات
يقوم “الحرس الثوري” الإيراني بتعزيز قواته في محافظة الحسكة، مستعيناً بعناصر “حزب الله” اللبناني، ويدير عملية توازن دقيقة لرسم دائرة نفوذ خاصة به إلى جانب القوات الأمريكية التي تنتشر بالمنطقة، في إطار التحالف الدولي لمحاربة “داعش”، والقوات الروسية المتمركزة في مطار القامشلي، والجيش التركي الذي يبسط سيطرته على مدينة “راس العين” وتخوم “تل تمر”.
ويتولى القيادي في “حزب الله”، الحاج “مهدي اللبناني”، مهمة تأمين التمدد الإيراني في الحسكة من خلال الإشراف على إعادة هيكلة ميلشيات “الدفاع الوطني” و”كتائب البعث”، ودمجهما ضمن “قوات المهام” التي شاركت في عمليات قتالية ضد قوات الأمن الداخلي الكردية “أسايش” وقوة مكافحة الإرهاب التابعة لوحدات “حماية الشعب” الكردية.
ووفقاً لمصادر محلية، فإن القوات الإيرانية قدمت الدعم لميلشيا “الدفاع الوطني” عبر الحاج مهدي الذي يتخذ من “مكتب النقل” مقراً لفرقته الجديدة “قوات المهام”، والتي تسيطر على مواقع مهمة على طريق (M4) بين بلدتي “طرطب” و”دوار الزوري”.
كما يقدم الحرس الثوري لعناصر “المهام” دورات تدريبية عالية المستوى في أحد معسكراته بمنطقة “الديماس” غربي دمشق، ويدفع لهم رواتب تتراوح بين 100 و200 ألف ليرة سورية.
وافتتح “حزب الله” مكتباً للتطوع تحت مسمى “مكتب الاستقطاب” بالمربع الأمني في مدينة الحسكة بالقرب من فرع حزب البعث والأمن العسكري، يديره قائد كتائب البعث “الحاج رائد خلف”، ويتولى مهمة تجنيد الشباب من أبناء العشائر العربية، بعد حل مشاكلهم مع النظام، وإجراء دورات تدريبية لهم في “فوج طرطب” و”الديماس”، كما يدعم كتائب محلية ذات طابع عشائري، منها كتيبة تعرف باسم زعيمها “فائز النامس” الذي أعلن تشيعه، وتتخذ من أحد المنازل القريبة من “مكتب الاستقطاب” مقراً لها، ويتولى عناصرها مهمة اعتراض الدوريات الأمريكية المشتركة مع “قسد” خلال سيرها على الطرقات في المناطق العشائرية، كمدنيين، ويشاركون مع نسائهم وأطفالهم في الاحتجاجات وإغلاق الطرق بالإطارات المشتعلة أمام الدوريات ورميها بالحجارة.
وبالتزامن مع عمليات الانسحاب الروسي من المنطقة، تقوم القيادة الإيرانية بالتغلغل في ميلشيات كانت محسوبة على روسيا، أبرزها: “انصار الأمن العسكري”، التابعة لفرع الأمن المذكور، كما تقيم علاقات وطيدة مع فرعي “المخابرات الجوية” و”أمن الدولة” بالحسكة، وتعمل على كسب ود عشائر المنطقة التي تشعر بالامتعاض من الدعم الأمريكي لقوات “قسد”، وعلى رأسهم قبيلة “طي” التي قامت الوحدات الكردية بملاحقة بعض أبنائها بتهمة “دعم الإرهاب”.
وفي تطور لافت؛ استولت “كتيبة الإمام الرضى” التابعة للحرس الثوري الإيراني (22 يونيو) على منازل في بلدة “مهين” بريف حمص الشرقي، بعد طرد أصحابها منها، وتحويلها إلى مقرات عسكرية وأماكن لمبيت العناصر، وعززتها بمعدات عسكرية وأسلحة وصناديق ذخيرة، بالتزامن مع نشر حاجزين مؤقتين في بداية الطريق الواصل للمنزلين ونهايته، دون أي تدخل عسكري لقوات النظام في الحادثة.
تنامي الأدوار الخارجية لرئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية
لدى تعيينه مديرا لوكالة (CIA) العام الماضي، كان وليام بيرنز يتوقع أن يواصل توجه عمل وكالة المخابرات المركزية تجاه الصين إذ لم يكن الانخراط في أوكرانيا جزءاً من خطة عمله كدبلوماسي سابق.
إلا أن تطورات الوضع الأوكراني فرضت عليه أدوراً جديدة، حيث تبنت الوكالة سياسة مشاركة المعلومات السرية علناً، ونشر ما حصلت عليه عبر منظومة “سيجنا-إنتلجنس” حول العمليات العسكرية الروسية، وهو أمر لم تقم به الوكالة من قبل.
وعمل بيرنز في هذه الأثناء على تعزيز دور وكالة المخابرات المركزية كراع رئيسي لمجتمع الاستخبارات الأوكراني في الحرب، وتعزيز عمليات تبادل المعلومات الاستخبارية مع جهاز المخابرات الداخلية الأوكراني (SBU)، وجهاز الاستخبارات العسكرية، وتأمين وصول العتاد العسكري لكييف.
كما أشرف بيرنز في الأشهر الماضية على مهام المواجهة الأمنية مع روسيا، بعد أن كان مسؤولاً عن إقامة علاقات ودية مع موسكو كسفير لبلاده فيها خلال الفترة 2005 و2008، ما دفع بالسلطات الروسية لاعتباره “الشخصية الأمريكية الأقل إضراراً بمصالحها”، وفقاً لصحيفة “كوميرسانت” الروسية التي نقلت عن مسؤولين روس قولهم إن بيرنز كان يصنف على أنه شخصية يمكن التفاهم معها بفضل اتصالاته السابقة بالمؤسسات الروسية.
وعلى الرغم من اهتمامه بتطورات الوضع الأوكراني؛ إلا أن بيرنز يراقب الشرق الأوسط عن كثب، حيث يرسله الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بانتظام للقيام بمهام حساسة، خاصة وأنه يتكلم العربية ويتمتع بعلاقات وطيدة مع العديد من الزعماء العرب، وعلى رأسهم الملك الأردني عبدالله الثاني، حيث خدم سفيراً لبلاده في عمان خلال الفترة 1998-2001، وشغل بعد ذلك منصبي مساعد وزير الخارجية للشرق الأدنى، والمساعد الخاص للرئيس ومدير شؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي.
وبموجب تعليمات وجهت له لتحسين العلاقات مع السعودية، زار بيرنز الرياض في 3 مايو، والتقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، للتمهيد لزيارة بايدن التصالحية المرتقبة، كما كان الشخصية الأبرز في الوفد المرافق لنائبة الرئيس كامالا هاريس، والتي زارت أبو ظبي في 16 مايو.
ويتمتع بيرنز بعلاقات وثيقة مع شخصيات شرق أوسطية تنشط في واشنطن، منها لاعب كرة السلة التركي “المعارض”، إينيس كانتر، وعدد من أنصار غولن في الولايات المتحدة، كما استقبل رئيس جهاز الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، تقديراً لدوره في إطلاق سراح رهائن أمريكان بالشرق الأوسط.
ووفقاً لتقرير أمني غربي؛ فإن بيرنز يتمتع بحضور في “مجلس الأمن القومي”، ويقدم المشورة للرئيس الأمريكي متفوقاً على سائر منافسيه في الأجهزة الأمنية الأخرى كمكتب التحقيقات الفيدرالي، ووكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية، ووكالة استخبارات الدفاع.
جدير بالذكر أن بيرنز قد خدم في سلك الدبلوماسية الأمريكية لثلاثة عقود، حيث عمل في إدارات خمسة رؤساء أميركيين، وخدم عشرة وزراء خارجية.
الفساد والتدهور الأمني يعصفان بمناطق سيطرة النظام
اعتبر تقرير نشرته مجلة “إيكونومست” البريطانية أن الابتزاز وتجارة المخدرات هما مصدر الدخل الأهم في سوريا اليوم، في ظل نهب رئيس النظام بشار الأسد بلده بشكل لم يقم بمثله أحد في المنطقة، مؤكدة أن الأسد، مقارنة بالحكام الفاسدين في المنطقة “لم ينهب أحد منهم بلده بشكل كامل كما فعل”.
وأردف التقرير أنه كان من المفترض أن تتحسن حياة أبناء بلده بعد هزيمة تنظيم الدولة في 2019، وكذا استعادة نظامه مساحات واسعة من المناطق التي سيطرت عليها المعارضة، إلا أنها أصبحت أسوأ، فالكهرباء منقطعة أكثر من كونها متوفرة ومعيشة غالبية السكان التابعة للنظام تراجعت بصورة كبيرة، بحيث أصبح نحو 90 بالمئة منهم دون خط الفقر، فيما خسرت العملة المحلية 90 بالمئة من قيمتها، معتبراً أن السبب الرئيس لتلك المعاناة ليست: العقوبات، أو فيروس كورونا، أو انهيار النظام المصرفي في لبنان، أو الحرب في أوكرانيا، بل السبب الحقيقي لكل هذه المشاكل هو: “أكل النظام السوري لحوم أبنائه ونهب البلد”.
فقد قام الأسد خلال الأشهر الماضية بإحداث هزة في المؤسسة الاقتصادية، حيث استدعى رجال الأعمال لفندق شيراتون بدمشق، ومن رفض منهم التخلي عن أرصدته احتُجز في “الفرع 251″، كما وضع ابن خاله، رامي مخلوف، تحت الإقامة الجبرية، ونتج عن ذلك هروب عدد كبير من المصرفيين والتجار الذين صودرت مصالحهم التجارية.
ولفت التقرير إلى أن الابتزاز أصبح مستشرياً في البلاد، حيث يستمر الأسد في بناء ثروته الخاصة من الغاز والبترول والكهرباء، ويوفر الطاقة لوسطاء السلطة في لبنان والذين يدفعون بالدولار، كما يحصل “حزب الله” على الوقود كمكافأة للدعم الذي يقدمه للنظام.
أما المصدر الأساسي لتمويل الأسد فهو تجارة المخدرات، حيث يوجد تحت حماية النظام 15 مصنعاً رئيساً، ونحو 20 مصنع صغير، لإنتاج حبوب “الكبتاغون” وغيرها من المواد المخدرة التي يتم نقلها بعربات مصفحة ومحمية بطائرات بدون طيار وأسلحة ثقيلة، ويتم شحنها عبر موانئ البحر المتوسط تحت حماية الأجهزة الأمنية، الأمر الذي يتيح لبشار الأسد توفير المال اللازم لشراء ولاء طائفته، ومنح أراضي وممتلكات السنة الذين أجبروا على تركها إلى حلفائه العلويين الذين شاركوا في عمليات القمع الوحشي.
وكانت العديد من أحياء العاصمة دمشق قد عانت من توقف خدمة الاتصالات بسبب “سرقة الكابلات” من قبل “الفرقة الرابعة” التي قامت بتعفيش الكابلات النحاسية بهدف بيعها.
وفي تطور لافت؛ اشتكى قائد ميلشيا “أسود الجبل” باللاذقية، بسام عيسى حسام الدين، من تعرضه للابتزاز والإهانة على يد رئيس النيابة العسكرية باللاذقية، العقيد نزار محفوض، ورئيس فرع الأمن الجنائي، العميد عدنان اليوسف، مؤكداً أن الكثيرين يعانون من عمليات الإهانة والابتزاز، وأن أحد عناصره قُتل “دون أي وجه حق أو ذنب ارتكبه” في فرع الأمن الجنائي باللاذقية.
وجاءت تلك التصريحات عقب حديث القاضية، فتون خير بيك، عن تعرضها للتهديد من قبل اللواء، غسان بلال، مدير مكتب ماهر الأسد، ووزيري الداخلية، أحمد رحمون، والعدل، أحمد السيد، وذلك بسبب خلافاتها مع شقيقتها، خلود خير بيك، المستشارة في القصر الجمهوري.
وشهدت مدينة القرداحة اشتباكات عنيفة، أسفرت عن فرار مؤسس ميلشيا “الدفاع الوطني”، سليمان بن هلال الأسد إلى لبنان، وذلك في أعقاب مواجهات مع قوى “الأمن الجنائي” بالمدينة، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى وأضرار مادية.
وعُرف عن سليمان نفوذه الواسع في اللاذقية، وتحكّمه بميلشيا مسلحة تنفذ عمليات سطو واختطاف وترهيب، فيما تشهد سائر المحافظات التابعة لسيطرة النظام حالة غير مسبوقة من الفلتان الأمني، وخاصة في درعا التي انفجرت فيها عبوة ناسفة بسيارة مساعد في المخابرات الجوية، وأسفرت عن إصابة أربع عناصر بجروح (22 يونيو).
وشهدت بلدة “صيدا” شرقي درعا، اشتباكات بين مجموعة تتبع للواء الثامن التابع للفيلق الخامس، وبين مجموعة تعمل لصالح “المخابرات الجوية”، فيما تستمر حوادث الاغتيال التي طالت الموجه التربوي، وعضو قيادة شعبة حزب البعث، رئبال المقداد، والمساعد أحمد مخلوف مسؤول قسم الدراسات الأمنية في مفرزة الشجرة، وعنصر يتبع للفرقة السابعة تم العثور على جثته مفصولة الرأس، والقيادي بالأمن العسكري أيمن الزعبي، الذي قتل على أيدي مجهولين في بلدة الجيزة بريف درعا الشرقي. كما قُتل ضابطان تابعان للنظام في عمليتين منفصلتين بريف درعا الشمالي، هما الملازم أول مقداد محمد علي، والملازم أول محمد فايز منصور الشريف.
وفي محافظة السويداء؛ أكدت مصادر محلية تعرض 33 شخصاً للخطف والاحتجاز القسري، خلال شهر مايو الماضي، حيث قام عناصر فرق محسوبة على النظام باختطاف 21 مدنياً، وردت جماعات محلية بخطف 8 مدنيين، في ردود فعل عشوائية، وقامت “جهات مجهولة”، باختطاف 3 مدنيين، لا يزال مصيرهم غامضاً.
وقامت مجموعة محلية تتبع لفرع المخابرات العسكرية، باختطاف عدد من ضباط وعناصر الشرطة والأمن في مدينة السويداء (4 يونيو)، من بينهم قائد الشرطة ورئيس فرع الأمن الجنائي، للضغط على فرع أمن الدولة في العاصمة دمشق من أجل إطلاق سراح أحد المعتقلين لديه من أبناء المدينة.٠

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى