مقالات

آفة “النسويّة” وخطرها على المجتمع

الأغيد السيد علي

كاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

ما هي الحركة النسويّة؟.. وما هي أهدافها؟
كيف تطوّرت النسويّة في الغرب وتسلّلت إلى المجتمعات العربيّة ؟ هل تعدّ الحركات النسويّة خطرًا على المجتمعات العربيّة ؟
هذا ما سنتناوله معكم في هذا المقال، حيث نقدّم سردًا وتوصيفًا شاملًا للحركة النسويّة، ونبيّن خطرها على المجتمعات العربيّة.

نشأت الحركة النسويّة (بالإنكليزيّة Feminism) في الغرب منذ أكثر من قرن، وكانت عبارة عن مجموعات وحركات سياسيّة واجتماعيّة تهدف إلى منح المرأة الحقوق الأساسيّة كالتعليم وحقّ التصويت -التي حُرمت منهم- قبل الثورة الصناعيّة في الغرب، كما هدفت إلى إنشاء فرص تعليميّة وشخصيّة مساوية للرجل في جميع الحقوق الفكريّة، السياسيّة، الاقتصاديّة، الاجتماعيّة، القضائيّة والجنسيّة، حتى وصلت لمماثلة الرجل في كلِّ شيء.
يرى الكثيرون من الباحثين أنَّ “ماري وولستونكرافت” هي مؤسسة النسويّة، بسبب كتابها الذي صدر عام 1792م بعنوان [دفاعًا عن حقوق المرأة] والذي نادت به بتعليم المرأة، كما يُنْسب لِ “شارل فورييه” وهو إشتراكي خيالي وفيلسوف فرنسي، كأول شخص قام بصياغة كلمة (féminisme) في عام 1837م، حيث ظهرت كلمتا (féminisme) و (féministe) لأوّل مرّة في فرنسا وهولندا في عام 1872م، وفي المملكة المتحدة في عقد 1890م، والولايات المتحدة في عام 1910م.
ينقسم تاريخ النسويّة الغربيّة إلى عدّة موجات أو مراحل تطور، فعندما بدأت في مراحلها الأولى؛ اقتصرت على المطالبة بحق التصويت، لتتطوّر شيئًا فشيء حتى وصلت للمساواة الاجتماعيّة والجنسيّة، والتفرّد والتنوّع، أمّا المراحل الأخيرة يذهب البعض بالقول بأنّها بدأت منذ حوالي عام 2012م، فهي مرتبطة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وبحسب الباحثة النسويّة “برودنس تشامبرلين” ترتكز المرحلة الأخيرة على مكافحة العنف ضدّ المرأة وثقافة الاغتصاب، وتحقيق العدالة للنساء، وبحسب “كيرا كوكرين”؛ عُرفت المرحلة الأخيرة بِ (التكنولوجيا) وتتميّز بشكل خاص باستخدام فيسبوك وتويتر وإنستغرام ويوتيوب، وبعض المدوّنات مثل مدوّنة (فيمنسينغ) لتحدّي كره النساء وتعزيز المساواة بين الجنسين.

الحركة النسويّة العربيّة:
تسلّلت الحركة النسويّة إلى المجتمعات العربيّة السليمة ما بين الحربين العالميّتين الأولى والثانية، -رغم قِدم وجود جوهر المصطلح عند بعض الكُتّاب والشعراء والسياسيّين العرب- حيث كتب “قاسم أمين” والذي يُعتبر -أب النسويّة العربيّة- كتابًا يحمل اسم (تحرير المرأة) في عام 1899م، ومع ظهور كتابه الأول يُمكن أن يُقال وُلدت أولى مظاهر الحركة النسويّة الداعية إلى تحرير المرأة، ودعا من خلاله إلى إصلاحات اجتماعيّة للمرأة وتحريرها من الإسلام، كما شبّت بذور النسويّة على يديه أيضًا حينما دعا إلى التسوية في الحقوق بين الجنسين، كما يرى أمين أنَّ تعدّد الزوجات؛ احتقارًا شديدًا للمرأة.
لقد جاءت أوّل دعوة للسفور في عام 1900م، عندما أصدرت “هدى شعرواي” مجلّة (السفور) ونشر فيها الكُتّاب مقالاتهم التي تدعو إلى السفور، ونقد المرأة التي تغطّي وجهها، وتجرّأت المجلّة على نشر صور النساء، بحجّة أنَّ المرأة شريكة الرجل.
استلمت “هدى شعرواي” الحِراك النسوي الذي بدأ به “قاسم أمين” وأسّست (الاتحاد النسائي المصري) في عام 1923م، وبدأت بعدها تستشري الجمعيّات والمنظّمات النسائيّة -المدعومة من الغرب- لدعم ومناصرة الفكر النسوي في كلّ مجتمع وقُطر عربي، وبدأ إنتشار المؤسّسات النسويّة على نطاق واسع في البدان العربيّة، ففي الأردن عام 1945م تأسّس (اتحاد المرأة الأردنيّة)، وفي عام 1953م تأسّس (نادي البحرين للسيّدات) برئاسة زوجة المستشار البريطاني “تشارلز بلغريف”، وفي عام 1965م تأسّس (الاتحاد العام للمرأة الفلسطينيّة)، وهو تنظيم شعبي يعمل على تمثيل المرأة الفلسطينيّة في جميع أماكن وجودها، وقاعدة من قواعد منظّمة التحرير الفلسطينيّة (فتح)، هدفَ الاتحاد إلى تعبئة وتنظيم طاقات المرأة الفلسطينيّة، والنضال من أجل تحقيق مساواة المرأة بالرجل في الحقوق السياسيّة والاجتماعيّة، ونتج عنه الآن العديد من الحركات التي تبنّت الأفكار الشّاذّة مثل (سيداو، مؤسّسة قوس) التي تدعم القضايا التعدّديّة الجنسيّة والجندريّة.
نضجت الحركات النسويّة العربيّة في ستينات القرن الماضي، وخاصّة النسويّات العلمانية، كما ساهم كُتّاب وشعراء العرب في العصر الحديث بذلك، وفي مقدّمتهم الشاعر نزار قبّاني، والأديّبة غادة السمّان، والراحلة “نوال السعداوي” والتي عُرفت بأيقونة حركة التحرّر النسوي العربي، ويُمكن القول بأنَّ أواخر القرن العشرين؛ هو المؤشر الزمني الواضح لقيام حركة نسويّة عربيّة مؤطّرة ومنظِّرة لقضايا المرأة في المجتمع العربي.

آثار الحركات النسويّة:
حقّقت الحركة النسويّة مكاسب خطيرة في المجتمعات العربيّة من نشر للثقافة الغربيّة والرذيلة والتشكيك في الثوابت والمعتقدات الدينيّة، وذلك تحت شعار العمل الحقوقي والنشاط الاجتماعي، متّخذين من رسائل الفن الهابط وإنشاء الجمعيات النسويّة؛ مطيّةً لنشر فكرهم بين عامّة الناس، فشاع في الفترة الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أفكار لم نسمع بها من قبل مثل: (التحرّر الجنسي، عقوق الآباء، حريّة الإلحاد، التمرّد على عادات المجتمع -التي تحتمل الصواب والخطأ- ونبذ الدين)، والنتيجة كانت واضحة، تفكّك أُسري، ذهاب الحاضنة الاجتماعية وفساد المجتمع وإنتشار الرذيلة بشكل واسع، ومَن تأمّل في سلوك النسويّات والأفكار التي يحملّنها بين أضلعِهنّ؛ لعلِمَ أنَّ هناك أجندةً خفيّةً تعمل على دعم وتشجيع هذا التيّار من قِوى غربيّة وأبواق مأجورة، هدفهم إسقاط الدين والقضاء على لحمة المجتمعات السليمة وإشاعة الفوضى.
ومن الآثار السلبيّة للحركات النسويّة في المجتمعات العربيّة؛ الانتقاص من الرجل والتشنيع على الزواج وتفسيره بالعبوديّة، بل ورفضه بالكليّة، فيساهمون بإقناع الفتيات بأنَّ مشروع الزواج قائم على العنصريّة الذكوريّة، وأنّه عبارة عن سجن يقيّد الحريّات ويكبت المشاعر ويكرّس الظلم الذكوري، كما يسخّر المرأة كخادمة وآلة للولادة فقط، هذا الفكر السوداوي؛ هيّأ بيئةً خصبة للانحلال الجنسي والعلاقات الغير مشروعة، فكما يعلم الجميع بأنَّ حاجة الأنثى للجنس والإشباع العاطفي والمودّة؛ أمرٌ فِطريّ إن لم يتحقّق عن طريق الزواج والعلاقة الصحيحة؛ بحثت عنه في العلاقات الغير مشروعة، لأنّها ترى ذلك من أساس الحريّة، وعليه شرعن النسويّات بإقامة علاقات شاذّة بدلًا عن الزواج.

وأخيرًا؛ إنَّ سلوك المرأة التي انتهجته في حرّيتها الجنسيّة والحقوقيّة والمساواة بينها وبين الرجل في جميع الأمور؛ لهو المفهوم الشامل والتفسير الجليّ الواضح للحركات النسويّة، تقول لنا الناشطة النسويّة الأمريكيّة “تي جريس أتكينسون”: 《لو كانت النسويّة نظريّة؛ فالسُّحاق هو التطبيق》.
وتقول الأمريكيّة “كاثرين هيبورن”: 《لم أعش كامرأة؛ بل عشت كرجل أقدمتُ على فعل ما أُريد، وجنيتُ ما يكفي من المال لأدعم نفسي ولا أخاف من أن أكون وحيدة》.
أمّا عن النسويّات العربيّات، فنجد أنّهنَّ سَرن على منهج الغرب، فإنَّ العاقل المتأمّل في طرح وثقافة الفكر النسوي؛ يرى الطعن الصريح في أحكام الشرع، مِنْ عِصمة الطلاق، وإنكار التعدّد وإرث المرأة وديّتها، وإسقاط الولاية العامّة والخاصّة للرجل والدعوة إلى التبرّج والسُّفور والإلحاد، ومن أشهر النسويّات العربيّات الراحلة “نوال السعداوي”، والتي عُرفت في دفاعها عن الشواذ قائلةً: 《نحن لم نتربى على حريّة الجنس، والعلاقات الجنسيّة شخصيّة》.
أمّا ما أفّصحت به عن التعدّد: 《إنَّ تعدّد الزوجات ليس حلًا إنسانيًا، وأنَّ الأديان التي تُبيح تعدّد الزوجات؛ هي أديانٌ نشأت في مجتمع طبقي أبوي عبودي، لتتساءل لماذا نفرّق بين الرجل والمرأة》.
وتقول النسويّة “فاطمة المرنيسي”: 《إنَّ الحجاب أداةٌ لاستعباد المرأة وتقزيمٌ لدورها الاجتماعي والسياسي، وهو أكبر عائقٌ أمام مشاركة النساء في الحياة الفاعلة》.
وتقول أيضًا: 《وحيث يرى الله أنَّ المرأة عنصر هدّام؛ فيقتضي الأمر عزلها وإبعادها عن كلّ الأمور باستثناء تلك الخاصّة بالأسرة》.

من الفضل أن نذكر ما شهِد به الأعداء، حيث يقول الفيلسوف الفرنسي “ميشال أونفراي” مخاطبًا أحد المرشّحين الفرنسيّين السابقين “إريك زمور”:
《إنَّ المسلمين يقدّمون لنا درسًا هم مُحقّون فيه، يتمثّل في الترفّع عن المادة الإستهلاكيّة، ومهما كان رأينا عنهم؛ فإنّهم يبقون أُناسًا أصحاب مُثُل وقيم، إنّهم لا يرون الأمر بأُفق محدود، كالحِرص على امتلاك هاتف ذكي أو امتلاك سيارة رباعيّة الدفع، إنّهم -المسلمين- أصحاب اتصال بالخالق، وهم كذلك أصحاب أخلاق، ويرون من العار أن يُرسل المرء والديه إلى دور رعاية المسنّين، ويرون أنَّ العلاقات الجنسيّة -الغير منضبطة-؛ تحطّ من كرامة المرأة وتُهينها، وفي الحقيقة أنَّ المسلمين شرفاء، أمّا نحن -الغرب- فقد فقدنا معنى الشرف》.

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. بارك الله فيك يا أخي الأغيد على وصفك للنسوية بأنها آفة . كما كان وباء كورونا مصدره الصين فإن آفة الحركة النسوية مصدرها أمريكا ثم أوروبا السائرة في فلكها و هي حركة ضد التشريعات وضد كل شيء في تقاليد و أعراف و قوانين الشعوب الغير غربية لكي تكون تلك الشعوب أغناماً أو نعاجاً في حظائر الغرب .
    بطبيعة الحال ، لا يخفى على كل ذي بصر و بصيرة أن الشعوب الإسلامية هي المستهدفة بالأساس ، و هذه الشعوب تعرضت منذ ما يزيد عن قرنين من الزمان إلى غزو ثقافي ” الأدق القول همجي لأن الغزاة لا يمتلكون ثقافة بمعنى الكلمة ” و كان القصد من الغزو ما أوضحته الآية الكريمة (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) أي أن يخرج المسلمون من دينهم ، و بما أن الغزو لم يعطي النتيجة المطلوبة لذلك لجئوا إلى الاحتلال العسكري المباشر المسمى استعمار ثم باعوا لأمتنا خدعة “الاستقلال الوهمي” قام الاستعمار من خلالها بتنصيب طراطير نواطير يزعمون أنهم من أبناء جلدتنا . خلال عصر الدويلات هذه ، جرى إبراز أشخاص في كافة الأوساط و من الذكور و الإناث لم يكونوا سوى أدوات لأدوات تابعة للغرب . و لقد عاصرت شخصياً تهافت و فشل تلك الأوساط.
    في سبعينات القرن الماضي ، ابتدأت حملة شرسة جديدة على أمتنا و رصد لها الاستعمار الفرعوني الغربي أموالاً طائلة مصداقاً لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) و كان أحد محاورها الناحية الاجتماعية أي لتدمير كيان الأسرة و بما يحقق هدم المجتمع نتيجة جعل الأسر مفككة .
    كانت الأسر في بلادنا متآلفة مترابطة تتمتع بعلاقات دافئة فيما بينها و مع جيرانها ، و لم تكن هنالك قضية نساء مظلومات في ستينات القرن الماضي و ما قبلها فالأنثى لها الدلال و هي طفلة و لها المحبة و هي أخت أو أم و لها الاحترام و التبجيل و هي عجوز كجدَة أو خالة أو عمَة .
    استعملت الأدوات التابعة للغرب التلفزيون و الإذاعة لتحريض البنات على التمرد ، و هذا كان له أثر محدود جداً . لذلك جرت فيما بعد مؤتمرات تتمحور حول تحديد النسل و المرأة و “النسوية” بشكل عام و صار لازماً إنشاء مؤسسات و جمعيات و هيئات تحمل أسماءً خداعة مثل “حماية الأسرة ، حقوق المرأة ، وقف العنف الأسري …” و يجري تمويل هذه التجمعات بسخاء كبير من الغرب ، أي أنها تجمعات عملاء و جواسيس سواء يعرف أصحابها ذلك أو لا يعرفون .
    انظروا أيَها الكرام إلى ماذا يسعى “النسويون و هو تعبير أدق من النسويات” : يقولون لا قوامة للرجل على المرأة والله عز وجل يقول (الرجال قوامون على النساء)، يقولون أن على المرأة أن ترفض أن يكون ( للذكر مثل حظ الأنثيين) و أن يكون نصيبها في الميراث مساوياً للذكر ، يرفضون تعدد الزوجات للرجل والله يقول (فانكحوا ما طالب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة( ، يعتبرون أن عدم الزواج حرية و كذلك المثلية والشذوذ الجنسي، يرفضون أن يكون الطلاق بيد الرجل والله يقول (يأيها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة…)، يقولون بحق الفتاة في تزويج نفسها من دون إذن ولي أمر أو أهل و الله يقول (فانكحوهن بإذن أهلهن) و يقول الرسول صلى الله عليه و سلَم (أيما امرأةٍ نُكحتْ بغيرِ إذنِ وليِّها ؛ فنكاحُها باطلٌ, فنكاحُها باطلٌ, فنكاحُها باطلٌ ) ، يقولون بغباء شديد أن الذكر كالأنثى و الله يقول (وليس الذكر كالأنثى) و كذلك تقول العلوم.
    اللهم إني أبرأ إليك من باطلهم الفظيع هذا و أشكو إليك من قيل عنهم مشايخ و هم مرتزقة جبناء يعينون على الإثم و العدوان على أمة الإسلام . القضية خطيرة يريدون منها صناعة دين جديد مزيف ، فأرجو المعذرة على الإطالة.

    1. التعليق مكرر . أرجو التكرم بإلغاء هذا التعليق الأقدم زمناً حيث فيه خطأ في كلمة واحدة من آية كريمة في كتاب الله و إبقاء التعليق الأحدث مع جزيل الشكر .

      1. ليست مشكلة أخي، لأني لا أستطيع حذف التعليقات من هنا، جزاكم الله خيرًا وبارك بكم 🌸

  2. بارك الله فيك يا أخي الأغيد على وصفك للنسوية بأنها آفة . كما كان وباء كور ونا مصدره الصين فإن آفة الحركة النسوية مصدرها أمريكا ثم أوروبا السائرة في فلكها و هي حركة ضد التشريعات وضد كل شيء في تقاليد و أعراف و قوانين الشعوب الغير غربية لكي تكون تلك الشعوب أغناماً أو نعاجاً في حظائر الغرب .
    بطبيعة الحال ، لا يخفى على كل ذي بصر و بصيرة أن الشعوب الإسلامية هي المستهدفة بالأساس ، و هذه الشعوب تعرضت منذ ما يزيد عن قرنين من الزمان إلى غزو ثقافي ” الأدق القول همجي لأن الغزاة لا يمتلكون ثقافة بمعنى الكلمة ” و كان القصد من الغزو ما أوضحته الآية الكريمة (وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) أي أن يخرج المسلمون من دينهم ، و بما أن الغزو لم يعطي النتيجة المطلوبة لذلك لجئوا إلى الاحتلال العسكري المباشر المسمى استعمار ثم باعوا لأمتنا خدعة “الاستقلال الوهمي” قام الاستعمار من خلالها بتنصيب طراطير نواطير يزعمون أنهم من أبناء جلدتنا . خلال عصر الدويلات هذه ، جرى إبراز أشخاص في كافة الأوساط و من الذكور و الإناث لم يكونوا سوى أدوات لأدوات تابعة للغرب . و لقد عاصرت شخصياً تهافت و فشل تلك الأوساط.
    في سبعينات القرن الماضي ، ابتدأت حملة شرسة جديدة على أمتنا و رصد لها الاستعمار الفرعوني الغربي أموالاً طائلة مصداقاً لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ) و كان أحد محاورها الناحية الاجتماعية أي لتدمير كيان الأسرة و بما يحقق هدم المجتمع نتيجة جعل الأسر مفككة .
    كانت الأسر في بلادنا متآلفة مترابطة تتمتع بعلاقات دافئة فيما بينها و مع جيرانها ، و لم تكن هنالك قضية نساء مظلومات في ستينات القرن الماضي و ما قبلها فالأنثى لها الدلال و هي طفلة و لها المحبة و هي أخت أو أم و لها الاحترام و التبجيل و هي عجوز كجدَة أو خالة أو عمَة .
    استعملت الأدوات التابعة للغرب التلفزيون و الإذاعة لتحريض البنات على التمرد ، و هذا كان له أثر محدود جداً . لذلك جرت فيما بعد مؤتمرات تتمحور حول تحديد النسل و المرأة و “النسوية” بشكل عام و صار لازماً إنشاء مؤسسات و جمعيات و هيئات تحمل أسماءً خداعة مثل “حماية الأسرة ، حقوق المرأة ، وقف العنف الأسري …” و يجري تمويل هذه التجمعات بسخاء كبير من الغرب ، أي أنها تجمعات عملاء و جواسيس سواء يعرف أصحابها ذلك أو لا يعرفون .
    انظروا أيَها الكرام إلى ماذا يسعى “النسويون و هو تعبير أدق من النسويات” : يقولون لا قوامة للرجل على المرأة والله عز وجل يقول (الرجال قوامون على النساء)، يقولون أن على المرأة أن ترفض أن يكون ( للذكر مثل حظ الأنثيين) و أن يكون نصيبها في الميراث مساوياً للذكر ، يرفضون تعدد الزوجات للرجل والله يقول (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة( ، يعتبرون أن عدم الزواج حرية و كذلك المثلية والشذوذ الجنسي، يرفضون أن يكون الطلاق بيد الرجل والله يقول (يأيها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة…)، يقولون بحق الفتاة في تزويج نفسها من دون إذن ولي أمر أو أهل و الله يقول (فانكحوهن بإذن أهلهن) و يقول الرسول صلى الله عليه و سلَم (أيما امرأةٍ نُكحتْ بغيرِ إذنِ وليِّها ؛ فنكاحُها باطلٌ, فنكاحُها باطلٌ, فنكاحُها باطلٌ ) ، يقولون بغباء شديد أن الذكر كالأنثى و الله يقول (وليس الذكر كالأنثى) و كذلك تقول العلوم.
    اللهم إني أبرأ إليك من باطلهم الفظيع هذا و أشكو إليك من قيل عنهم مشايخ و هم مرتزقة جبناء يعينون على الإثم و العدوان على أمة الإسلام . القضية خطيرة يريدون منها صناعة دين جديد مزيف ، فأرجو المعذرة على الإطالة.

  3. بارك الله بكم أخي الطيّب الحبيب وجزاكم عنّا وعن المسلمين خير الجزاء.
    لا يوجد أيّ داعٍ للاعتذار غفر الله لنا ولكم.
    كما تفضّلتم أخي؛ القضية خطيرةٌ جدًا والأمر بات مكشوفًا للجميع، فالله الله بمن يتّعظ ويعلم الصواب من الخطأ والحقّ من الباطل، ما زلت أُنوّه دائمًا في مدوّناتي ومقالاتي بأنَّ الغزو الفكري؛ أصعب وأخطر من الغزو العسكري أو الاقتصادي، والمقصود بالغزو الفكري هو ثقافة التغريب التي يعمل الغرب على بثّها ونشرها في مجتمعاتنا المحافظة السليمة، من إلحاد وشذوذ وحركات نسوية وإره١ب وإسلامفوبيا والكثير من المصطلحات كالديمقراطية والعلمانية والدين الإبراهيمي الجديد الذي خرجوا به ونجح -نوعًا ما- في دول الخليج والآثار واضحة نعيشها يوميًا من تطبيع دول، واستئناف علاقات ومصالحات دولية واقليمية، وفتح معابد وإلخ ..
    الحِملُ علينا ثقيلٌ جدًا، ويجب التصدي لهؤلاء المجرمين (منتكسي الفطرة) ومن والاهم من من الأعراب والمستعربين، ومشايخ السلطان والضلال، والحكّام الوظيفيين كلاب وأذناب الغرب.
    العالم برمَّته ذاهبٌ إلى الهاوية .. نسأل الله تعالى اللطف والسلامة والثبات على الحق ودين الله حتى نلقاه وهو راضٍ عنّا.

    بارك الله بكم وأشكركم من أعماق قلبي على تعليقكم الذي ينم عن محبّة واهتمام بواقع المسلمين المرير، أسأل الله لكم دوام الصحّة والعافية 🌸🌸

اترك رداً على أبو العبد الحلبي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى