مختارات

صمتٌ أقرب ما يكون إلى الغباء!

هند عودة_ كاتبة سعودية|

لقد حافظنا على صمتٍ أقرب ما يكون إلى الغباء!
كان هذا إعلان العصيان الذي أصدرته مجموعة الدفاع عن مدينة لاباث عام١٨٠٩م!

هو خيطٌ رفيع ونقطةٌ فاصلة. شعرٌة وضع بها معاوية حجر أساس الدبلوماسية، فيما صاغ ابن المقفع من خلالها حكمته: إنك إن خلطت بالجد هزلاً هجنته، وإن خلطت بالهزل جداً كدرته!
هي شعرة التردد التي راودت ابن رواحة عن نفسه، فقطعها بسيفه ومقاله: أقسمت يانفس لتنزلنه… مالي أراك تكرهين الجنة!
منطقة الفراغ بين اللاء والنعم. التعثر بين الإقدام والإحجام. البقعة الحائرة بين الضباب والصحو؛ المثقلة بألف ظنٍ وخيال، تتنازعها أكف الخوف والرجاء!
وأنت الواقف مابين البين، تنظر للمصائد ولاتجزم بوجودها، تموت في حنجرتك كل يومٍ ألوف الكلمات. تزدرد الغصص وترسل تحت لحاف الليل الصرخات.

أنت القابع في مدينة الثلج، تتأمل الشوارع واللافتات؛ كل عنوان شتيمةٌ واتهام، وفي كل زقاق عينٌ تغمزك، ولسانٌ ممدودٌ يسخر منك. تتابع أخبار الذين غادروا مناطق الصمت ثم تقضم مؤخرة الوقت، يحاصرك استنزال ابن رواحة: أقسمت لتنزلنه… لتنزلنه… لتنزلنه…، يزلزلك صهيل الخيول، وقرع الطبول، ونشنشة الدروع. تمزقك الأوصال المقطعة، وتخنق صوتك رائحة الدماء، فينعقد اللسان على آآهٍ حائرة!
أنت الهارب إلى أطراف المنافي، لن تذكرك إلا شمس القطب. تلعنك الحدود والمواقف الفصل، يمقتك البياض والسواد.

لايؤنس ضياعك إلا دفء الرماد ويقين الأشباح!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى