مقالات

مفهوم البيعة في الإسلام


أبو سعد الشامي
من الواضح أن هناك مجموعة من المأثورات النبوية المتعلقة بموضوع البيعة التي يرددها الكثيرون لاستجلاب السمع والطاعة وتأطيرها بإطار عقدي لضمان عدم المعارضة من الموالين والتي قد تحكم هذه النصوص النبوية أحيانا بالجاهلية على من فارق الجماعة أو مات وليس في عنقه بيعة للإمام أو الخليفة، وأحيانًا يتم استخدام هذه الأحاديث لتأصيل طاعة أمراء الجماعات الإسلامية الضالة أو الفاسدة وتحريم المعارضة لهم وقد يجعلها بعضهم إثماً أو خطيئة، علمًا بأنّ الصحابي الجليل سعد بن عبادة، مثلاً، ومعه رهط من بني زهرة، رفض البيعة للخليفة الراشدي الأول أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) طوال خلافته، ولم يحدث أن أكرهه أحد على البيعة أو عاقبه على خلافه للأمة في هذا الشأن.
كما أن بعض الروايات التاريخية تأكد رفض علي بن أبي طالب للبيعة حتى توفيت زوجته فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لفترة وصلت إلى ستة أشهر.
وقد ورد في صحيح مسلم قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ (من خلع يدًا من طاعة لقي الله لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية)، وقد استخدم هذا الحديث استخدامًا سياسيًا في جميع الحركات والجماعات الإسلامية، علماً أن من درس الحديث من كبار المفكرين يقولون بأن البيعة التي يتحدث عنها النبي (صلى الله عليه وسلم) بيعة الذين آمنوا للرسول عليه السلام. الذي دعاهم حينها للإيمان.
فهي بيعة له بالنبوة وهي البيعة التي انتقلوا فيها من الكفر إلى الإيمان.
فهي لم تكن بيعة سياسية بل بيعة دينية متعلقة بالرسول الكريم وهي تختلف عن بيعة رئاسة الدولة وما شابهها.
وهذا بالمناسبة ينطبق على كافة النصوص التي جاءت في موضوع البيعة الدينية.
فنحن أمام بيعة دينية وليس بيعة سياسية. وهي ليست البيعة لأمراء السياسة والولاة والرؤساء في الدولة. أو التنظيمات أو الجماعات التي يحلو للبعض غالبًا أن يأتي بالنصوص التي تتحدث عن البيعة السياسية ليعطيها بعدًا دينيًا عقديًا. ومن غير المقبول حقيقة هذا التسخير للمأثورات الدينية والأحاديث النبوية الشريفة لكي تصب في صالح جماعة هنا أو هناك.
مفهوم البيعة في الإسلام تم استغلاله أبشع استغلال سواء من قادة الجماعات الإسلامية أو يعض القادة السياسيين لتطويع الناس والمجتمعات لضمان عدم معارضته واعتبار أي معارضة حينها هي عصيان لله والرسول.
كما أن المفهوم السياسي للدولة قد تطور واختلف ولا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيق ذلك المفهوم على واقعنا السياسي اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى