بحوث ودراسات

التحالف الإيراني الهندي (تواطؤ يهدد باكستان والخليج العربي)

عبد الله خلوف

كاتب صحفي متخصص بشؤون منطقة جنوب آسيا
عرض مقالات الكاتب


تلعب إيران في المنطقة دوراً شديد التعقيد والخطورة، ففي الوقت الذي تحاربها فيه الدول العربية وبخاصة الخليجية منها، تقدم إيران نفسها على أنها الأقرب لباكستان ذات الكتلة الشيعية الثانية بعد إيران من حيث العدد والحليف التقليدي لدول الخليج. وفي المقابل، تقوم بين معظم دول الخليج والهند علاقات طيبة، فيما تعتبر باكستان الهند عدوتها اللدود، لكن إيران ترتبط بالهند في علاقة متمددة وهادئة، تتطور يوماً بعد يوم، لا تقوم فقط على تبادل المصالح، بل تشترك في الرؤى والتوجهات السياسية؛ فالهند لا تتفق فقط مع سياسة طهران في الحفاظ على نظام بشار الأسد، بل تتفق كذلك على إبقاء السلطة بيد الحوثيين في اليمن، والأغلبية الشيعية في الهند تدعم بالفعل المعارضة المدعومة من إيران في البحرين.
وإذا كانت إيران قد أبدت طموحاتها في التمدد في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، فللهند طموحات أيضاً في الوصول إلى مياه الخليج، هذا فضلاً عن طموحها في التمدد نحو دول آسيا الوسطى التي حجبها عنها خلق دولة باكستان بعد انفصالها عنها عام 1947، وعلى رأس تلك الدول تتربع أفغانستان. وإذ يبدو التحالف الهندي الإيراني لبعض المراقبين قائماً على الحاجة الهندية والتعطش للنفط والغاز الإيراني، إلا أن التقارب الهندي الأمريكي الكبير الحاصل مؤخراً، مع استمرار الهند في تنمية وتطوير علاقاتها العضوية مع إيران، وبالاستناد إلى العديد من التقارير التي تكشف رغبة الهند بيع أسلحة وتكنولوجيا متطورة لإيران، يجعل المحصلة أن إيران ستستفيد من التكنولوجيا العسكرية الأمريكية التي تعتمد عليها دول الخليج أساساً، وتتعاظم قوة الدولتين معاً، إضافة إلى وجود روسيا بجانبهما، مما يجعل الخناق يضيق بشكل أولي؛ على باكستان، التي تسعى كل من تلك الدول إلى محاصرتها، وليس بإعلان إيران تسليم مينائها تشابهار إلى الهند لتطويره واستثماره، إلا دليل على ما تحيكه الدولتان، اللتان ستلتفان على باكستان وتعزلانها، هذا فضلاً عن أن الميناء بدأ بالتحول إلى قاعدة تنطلق منها الهند إلى الخليج العربي والمياه الدافئة.
في هذا التقرير، سنستطلع آفاق التحالف الهندي الإيراني، أبعاده، وآثاره، وأهدافه المستقبلية على الصعيدين الخليجي والباكستاني، وعلامات تقدمه نحو الأمام، وسبل صده أو على الأقل عرقلة تطوره.
تاريخ متقلب من العلاقات
1- إضاءة تاريخية
يجمع إيران والهند تاريخ من العلاقات الضاربة في القدم، تمتد منذ بدء الشعوب الآرية في آسيا الوسطى الهجرة جنوباً باتجاه الهند، إلى أن أرست الثقافة الفارسية قواعدها إلى جانب الهندية في الشمال الهندي، حيث تركزت العديد من الإمبراطوريات التي حكمت الهند. ويشكل كلا البلدين اثنتين من أشهر الأديان في المنطقة، الديانة الزرادشتية في إيران والهندوسية في الهند. ثم لتتحول الهند إلى الإسلام بصبغة فارسية تركزت في شمال الهند، حيث أصبحت لغة الفرس هي اللغة الأساسية للدولة الهندية، واستخدمت في الأدب والشعر والثقافة من قبل مسلمي شبه القارة الهندية، إلى أن جاءت اللغة الأردية، وهيمنت بعدها اللغة الإنكليزية . ومع سيطرة بريطانيا على الهند بعد أن أنهت الحكم المغولي عليها، تراجع التراث الفارسي الإيراني فيها على المستويين الاجتماعي والثقافي، بعد أن حلت اللغة الإنجليزية محل اللغة الفارسية، وأصبحت لغة رسمية للهند . ورغم انتهاء الحكم البريطاني في الهند عام 1947، إلا أنها وإيران، لم تقيما علاقات دبلوماسية حتى عام 1950، لكن الدولتين كانتا تصطفان على نقيض إحداهما الأخرى، فإيران الشاه في تلك الفترة كانت شرطي الولايات المتحدة في المنطقة، بينما كانت الهند تميل نحو المعسكر الشرقي الروسي الشيوعي، مما أخذ إيران إلى الصف الباكستاني آنذاك، حيث انخرطت مع باكستان في حلف بغداد، الذي أسس على أساس الوقوف في وجه التمدد الشيوعي في المنطقة، ووقفت معها في حربها ضد الهند في 1965 و 1971 ليزيد بُعد الهند عن إيران، وتختار الأولى حركة عدم الانحياز، لرفضها سياسة التحالفات في تلك الفترة .
2- ثورة الخميني
مع مجيء الخميني بثورة عام 1979، وإطاحتها بالشاه الذي كان الحليف رقم واحد في المنطقة للأمريكان، باركت الهند الثورة، واعتبرتها تأكيداً على الهوية القومية لإيران، لتصبح بعدها الفرصة سانحة لتشكل كل من الدولتين جبهة في وجه الولايات المتحدة الأمريكية .
وإذ تزامنت ثورة الخميني مع الاجتياح السوفييتي لأفغانستان، الذي لم يكن مصدر قلق للهند القريبة من السوفييت، ولا حتى إيران التي رفع قادة ثورتها شعار “لسنا مع الشرق ولا مع الغرب” ، إلا أن القرب الطبيعي الجغرافي والاجتماعي القبلي الذي جمع باكستان بأفغانستان، ورغبة باكستان في تولي حكم أفغانستان حكومة قريبة منها ومتحالفة معها، دفعها إلى دعم الفرق الأفغانية المقاومة للسوفييت، مما عنى بالضرورة الحد من النفوذ الهندي في أفغانستان، إذ إن الهند كانت قريبة من حكومة كابل المدعومة من السوفييت، وتمارس نفوذها عليها .
3- انسحاب السوفييت (نقطة فارقة)
شكل انسحاب السوفييت من أفغانستان عام 1990، وصعود حركة طالبان المدعومة سنياً من قبل العرب وباكستان، نقطة تحول مفصلية في التوجه الإيراني الهندي حول أفغانستان، حيث اعتبرتا ما حدث تحولاً سلبياً على حساب مصالحهما؛ فالهند كانت قلقة من تزايد نفوذ باكستان على الأراضي الأفغانية، بينما كان قلق إيران من تزايد نفوذ المملكة العربية السعودية فيها والدعم العربي “السني” للمقاتلين الأفغان، مما قارب بين الهند وإيران، فتمتعت كل منهما بعلاقات مميزة مع “تحالف الشمال” والشيعة الأفغان، وفي ظل العزلة المؤقتة التي رزحت تحتها الهند في الإقليم ، وجدت الهند في إيران بوابة لها لتحسين صورتها في العالم الإسلامي، كما وجدت إيران في الهند مفترجاً للتخفيف من الضغوط التي بدأت الولايات المتحدة وضعها تحتها. ورغم التباين الظاهري الذي نبت بين الدولتين، على خلفية تقارب الهند مع إسرائيل، التي لطالما نادت إيران بإبادتها، إلا أن دعم تحالف الشمال في أفغانستان جمع بين الدولتين، لتأتي بعدها مجموعة من العوامل دفعت كلا البلدين للتقارب اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً واستراتيجياً..

اتفاقية 2001 (إعلان طهران)
ظهر التعاون بين إيران والهند جلياً عام 2001 حين زار وزير الدفاع الهندي العاصمة الإيرانية “طهران” وعقد فيها حواراً أمنياً حول القضايا الرئيسية بين البلدين، وفي أبريل من نفس العام جاء رئيس الوزراء الهندي آنذاك، إيتار بيهاري فاجبايي، لطهران ووقع إعلاناً يحفظ المصالح الهندية الإيرانية المشتركة عرف باسم “إعلان طهران”، الذي نص على “أن جمهوريتي الهند وإيران الإسلامية تتفقان على استغلال جميع إمكانات العلاقة المشتركة في سبيل شعبي البلدين والسلام والاستقرار الإقليميين، وبرؤية تنم عن علاقة استراتيجية، من أجل منطقة أكثر استقراراً، وأكثر أمنا، وأكثر رفاهاً، ومن أجل تشجيع تعاون إقليمي ودولي، واستغلال الفرص من أجل تعاون في مجال الدفاع في المجالات المتفق عليها، بما في ذلك تدريبات، وزيارات تبادل.” ظل بعدها نص الاتفاق سرياً، إلى أن تسربت وبعد 14 عاماً بعض تفاصيله، حيث يرى كثير من الخبراء والمراقبين أن الاتفاق هو محاولة لتطويق باكستان التي تصطف في الصف العربي، ويتعداه إلى ما هو أكثر من ذلك، إذ إنه ولولا العقوبات على إيران، لكانت الهند تستعد لمد إيران بالأسلحة والعتاد الحربي وحتى التدريب، وستكون على استعداد لتوفير قواعد عسكرية لإيران في حالة الحرب.
إعلان نيودلهي 2003
في العام 2003 تم توقيع اتفاق بين الهند وإيران عندما زار الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي الهند في الخامس والعشرين من يناير، وسمي بـ “إعلان نيودلهي”، تضمن اتفاق البلدين على التعاون في مجال الطاقة والصناعة والعلوم والتقنية الزراعية والمواصلات، والأهم من هذا كله؛ استكشاف فرص التعاون العسكري، وتبادل الخبرات والزيارات على مستوى العسكريين والفنيين، وتبادل التدريبات، وتصدير مواد وتقنيات ومعدات الطاقة النووية، حيث أكدت آنذاك كلتا الدولتين على حق الدول النامية في البحث العلمي والاستخدام النووي في الأغراض السلمية ، وكل ذلك تحت مرأى ومسمع الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر اليوم من أهم حلفاء الهند، وتدعي في نفس الوقت محاربة إيران. حيث أجريت في نفس العام مناورات عسكرية بحرية بين البلدين في بحر العرب، كان عدم ارتياح كلا البلدين للوجود الأمريكي في مياه الخليج العربي هو الدافع الأهم لإجرائها، حصلت إيران بعدها على دعم هندي في مجال إصلاح السفن الحربية في الميناء الإيراني تشابهار، كما أصبح للمهندسين الهنود دور في الملاحة الجوية الإيرانية، وقدموا لإيران معلومات في تحديث المقاتلات من نوع ميغ-29 وصيانة الدبابات من طراز تي-72.
التعاون الدفاعي المتسارع
تأمل الهند وإيران في أن تصبح نيودلهي مصدراً للمعدات العسكرية التقليدية وقطع الغيار لإيران، وتوفير الخبرة في مجال الإلكترونيات والاتصالات وعقد تدريبات مشتركة مع القوات المسلحة الإيرانية. وتسعى طهران أيضاً إلى توفير التدريب القتالي لأطقم قواربها الصاروخية؛ بالإضافة إلى أجهزة محاكاة للسفن والغواصات، وأن تقدم الهند تطويراً وتدريباً للمقاتلين الإيرانيين والسفن الحربية والغواصات الإيرانية في أحواض السفن الهندية .
إعلان نيودلهي، بالإضافة إلى التعبير عن عدم ارتياحه للوجود العسكري الأمريكي المتزايد في الخليج العربي، سعى إلى تطوير التعاون الدفاعي بين الهند وإيران تحديداً في المجالات التالية:
أ‌. التحكم في الممرات البحرية وأمنها.
ب‌. إقامة التدريبات البحرية الهندية الإيرانية المشتركة.
ت‌. مساعدة الهند لإيران في تطوير نظمها الدفاعية الروسية الصنع.
ث‌. إنشاء فرق عاملة مشتركة معنية بمكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات.
ج‌. وصول إلى القواعد العسكرية الإيرانية في حالة نشوب حرب مع باكستان.
وفقاً للتقارير التي ظهرت في سبتمبر 2007، أشارت إلى أن إيران تطمح منذ ذلك الحين لشراء أنظمة رادار متقدمة وبطاريات مضادة للطائرات. وتسعى إيران إلى عدد غير محدد من أنظمة رادار “فلدير ماوس” المساندة، من شركة “بهارات إلكترونيكس” المحدودة؛ الهندية المملوكة للدولة، ومدافع متوسطة المدى مثل “هاو تزر”، وغيرها الكثير من التكنولوجيا العسكرية المتطورة .
تعاون استخباراتي
إضافة إلى الروابط العسكرية الوليدة، طورت الهند مواقع استخباراتية في إيران، بما في ذلك القنصلية الهندية في زاهدان وقنصلية في بندر عباس، والتي ستسمح للهند بمراقبة تحركات السفن في الخليج العربي. وبينما تساعد الهند إيران في بناء سكة حديدية تربط شبكة سكك حديدها بشبكة آسيا الوسطى، فإن العملية تقلل إلى حد كبير من النفوذ الإستراتيجي الباكستاني على هذه الدول غير الساحلية، مما يوفر لها ممرات بديلة للبحر. حيث قامت نيودلهي بتطوير هام لمرافق الموانئ الإيرانية جنباً إلى جنب مع بناء خطوط الطرق والسكك الحديدية. ساهم المهندسون الهنود بشكل كبير في تطوير وتطوير ميناء تشابهار الإيراني؛ حيث صرحت وزارة الشؤون الخارجية في الهند أن “نيودلهي وطهران اتفقتا على إعادة إعمار أفغانستان، ودعم وتطوير طرق الوصول إلى ذلك البلد متجاوزين باكستان عبر ميناء تشابهار الإيراني” .
طموحات مستقبلية
إن التعاون الدفاعي يخدم بشكل فعال للغاية الهدف الأكبر المتمثل في بناء علاقة إستراتيجية مع طهران كونها تقع على الحدود الغربية لباكستان، توفر إيران ميزة سياسية إستراتيجية مهمة للهند، وهذا يوفر تطابقاً قوياً للمصالح الهندية الإيرانية. أفغانستان مهمة لأمن الهند ويمكن لإيران أن توفر تأثيراً رئيسياً على الاستقرار هناك، وبناءً على ذلك، تنطوي مشاركة إيران على ارتباط مع قواتها المسلحة والحاجة إلى تعزيز العلاقات العسكرية مع الهند. ويمكن أن يترجم ذلك إلى تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالجماعات الإرهابية التي تعمل خارج أفغانستان، والحد من أنشطة مهربي المخدرات. لدى الهند وإيران مصلحة كبرى في إبقاء المجاري المائية في الخليج العربي مفتوحة أمام التجارة وتدفقات الطاقة. وتحقيقاً لهذه الغاية، تضع الهند وإيران تصوراً للتعاون البحري من أجل السيطرة على الطرق البحرية وضمان أمنها لصالحهما. إن استئناف العمليات البحرية الهندية الإيرانية مثل تلك التي جرت في مارس 2003 و2006 يمكن أن يكون في طليعة تحركات البلدين المستقبلية، ويمكن أن تشمل التدريبات البحرية الثنائية عمليات مكافحة القرصنة والتعاون من أجل السيطرة الأمنية على الممرات البحرية .
الهند بوابة إيران للوصول إلى الأسلحة الخليجية
تتلقى الهند كميات كبيرة من المعدات المتطورة من الولايات المتحدة وإسرائيل ، مما يجعل صداقتها مع إيران، خاصة في مجال التعاون الدفاعي، تحمل في طياتها مخاطر محتملة تتمثل في وضع التكنولوجيا الدفاعية التي تزود بها الولايات المتحدة الأمريكية الهند تحت خطر إيراني فيما إذا باعتها إياه الهند، وهي الأسلحة التي تحصل عليها الدول الخليجية من الحليف الأمريكي. هذا فضلاً عن الأسلحة التي تحصلت عليها باكستان من أمريكا أيضاً في فترة ازدهار العلاقات بينهما. الولايات المتحدة عبرت عن هذا القلق على لسان وزيرة خارجيتها السابقة كونداليزا رايس، حيث قامت الأخيرة بإرسال رسالة للهند، عبرت فيها عن مخاوفها من وصول الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية والتكنولوجيا المتطورة إلى إيران. إن احتجاج وزارة العلاقات الخارجية الهندية بأن الولايات المتحدة لديها علاقات مع باكستان، وعلاقة مع الهند، الأخيرة اعتبرت أن العلاقات تبقى منفصلة، مما يعطي الهند الحق في بناء علاقاتها المنفصلة هي أيضاً، وعلاقتها مع إيران تخضع لهذه النظرية، ولا ينبغي تدخل أحد فيها، إلا فيما يخضع للتجاوز الصريح والواضح للقوانين الدولية . الأمر الذي يجعل الفحص الدقيق والحساس الذي تجريه الولايات المتحدة وإسرائيل للتعاون الدفاعي بين الهند وإيران موضع شك، ويودي في النهاية إلى أن الهند هي حلقة وصل بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، رغم ما يظهر من خلاف ذلك.
ميناء تشابهار
قدمت إيران ميناءها تشابهار للهند لتطويره واستثماره، ليكون بذلك أول بذرة مواجهة لمشروع باكستان مع الصين (الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني CPEC)، ومنه سيكون ولوج الهند إلى أفغانستان وتجاوز باكستان، حيث تعمل على ربط تشابهار بزارانج في أفغانستان، عن طريق بناء خط سكك حديدية بينهما. كما يربط الطريق السريع زارانج ديلا رام الممتد على مسافة 218 كلم بين أفغانستان والميناء الإيراني تشابهار جزءاً من الطريق الدائري الأفغاني، الذي يربط هيرات ومزار شريف وكابول وقندهار. يرتبط الميناء بحصول الهند على واردات الغاز الطبيعي من إيران، وسيكون منطلقاً لإنشاء خط أنابيب للغاز بين إيران وسلطنة عمان والهند . تقول العديد من التقارير والدراسات إن الميناء سيتحول إلى قاعدة بحرية تسيطر عليها الهند، وتنفذ منها إلى مياه الخليج العربي ومصب مضيق هرمز.
إن وضع الهند لمراكز استخباراتية لها في إيران (في زاهدان وبندر عباس) سوف يمكنها من مراقبة تحركات السفن في الخليج، وتكون منطلقاً لها لوضع قدمها في المنطقة إذ تبحث عن موطئ قدم في تلك المياه، هذا فضلاً عن أحلام إيران في السيطرة عليها.

توصيات (رأيي الشخصي المبني على ما سلف من معطيات)
1- إن قيام الدول العربية بإعادة النظر في سياستها تجاه الهند من الناحيتين الأمنيتين، الوطنية والإقليمية، باعتبار أن دلهي أكبر حليف لإيران، سيضع الأمور في موازينها الصحيحة، ويساعد على استدراك الخطر المحدق المحتمل الذي تسعى له إيران بالتعاون مع الهند.
2- إن حجم اليد العاملة الهندية في الدول العربية بحاجة إلى إعادة تقييم، بناء على المعطيات التي تدلل على حجم العلاقة العضوية التي تربط الهند بإيران، إذ إن حجم التحويلات المالية الضخم الذي يعود على الهند من العمالة الهندية، يمكن له أن يحدث بعض التأثير.
3- إن السعي نحو تطوير العلاقات بين الدول العربية وباكستان وأفغانستان وتركيا، وعدم تركها تحت رحمة الحليفين الإيراني والهندي، سيقوي من موقف الدول العربية في مواجهة مخططاتهما عبر جذب المزيد من الحلفاء المتوافقين.
4- يمكن للدول العربية أن تشكل كتلة مستقلة مع باكستان، تركيا، الصين، على أساس التجارة، والاتصالات المباشرة ومعدّات الدّفاع.
5- على العرب أن يمضوا في توطيد العلاقات مع الصين كما فعلت باكستان.

يثبت التعاون الدفاعي أهمية حاسمة في تسهيل الأمن الإقليمي وزيادة تعزيز التحالفات مع الدول في المنطقة. سوف يذهب التعاون الدفاعي مع إيران إلى حد كبير حتى يبرز دور الهند في التصميم الهيكلي للأمن الإقليمي. من خلال تقييم الفرص المتاحة للتعاون العسكري مع إيران التي تبحث عن دعم مستدام لتحديث قواتها المسلحة التي تعاني من عدم الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة. إن أي إغفال عن الدور الهندي الذي تلعبه مع إيران، في فتح نافذه خلفية لها لضخ الدم والأكسجين في عروقها، لتجاوز الضغوطات المزمعة التي تنصب عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، سيكون بمثابة ضياع لأي جهود تسعى إلى تحجيم إيران ووقف تمددها في المنطقة، وإن أي تلكؤ من قبل الولايات المتحدة في مواجهة ما يدور بين إيران والهند، يؤكد كثيراً من التحليلات التي تدعي بأن الولايات المتحدة غير جادة في محاربة إيران، وأن الأخيرة هي ذراعها الجديد في المنطقة، التي ستحقق من خلالها الشرق الأوسط الجديد، تزيح عنه اللاعبين والحلفاء القدامى، لتحل إيران محلهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى