أخبار

نفثة على موّال لوّ !!

هند عودة _كاتبة سعودية|

يالهذا الحضور الكثيف للهراء!
بات كل ما أؤديه أقرب لعملٍ روتيني تورطت فيه منذ زمن، ولا مناص من التنصل منه. وكأنما أقحِمت في هذي الحياة التي لم تعد حياتي. أذكر جيدًا ذلك اليوم البعيد، كنت قد صعدت الدرجات الطويلة الموصلة للبيت، وبعد أن أخرجت المفاتيح من حقيبتي، تسمرت مشدوهًـة أمام الباب!

اجتاحتني لحظة ارتيابٍ فظيعة، وكأنما ألقيت من كونٍ موازٍ وسقطت أمام هذا البيت المجهول، تساءلت في حيرة الفاقد ذاكرته: ماذا أفعل هنا؟ كيف قادتني الدروب حتى وصلت هذا المكان؟! هناك أمرٌ خاطىء…لايجب عليّ المكوث هنا.. هذه ليست حياتي .

يقولون أن الدينار يحب أخاه الدينار، لذا تتكدس النقود بمغناطيسيةٍ جاذبة في يد من يقدسها. أعتقد أن الخُطى تفعل المثل. من تاهت خطاه منذ البدء، لن يعرف الوصول، أو ربما لن يفارقه الإحساس بالضياع، مهما تعلّب وأكمل السير على الدرب ذاته، الأمر يشبه طفلاً يعيش مع أسرةٍ يوقن أنها ليست عائلته الحقيقية، لكنه يظل يأكل معهم، ينام في أسرّتهم، ويناديهم بـ الماما والـ بابا .

أتعس نفاق هو نفاقك لذاتك! تظل تقنع نفسك بحجج الأقدار، بالمشيئة العلوية، بلقمة النصيب، في حين أن الأمر لايعدو عن كونك جبان.

جبانٌ لم يتراجع في الوقت المناسب، لم يرفض، لم يحارب، لم يعط ظهره للبيت الذي ليس له، ومضى يعالج المفاتيح في بابه.
الأساس الهش يتداعى بنيانه في لحظة جلاءٍ واحدة!
هذا البين البين، هذه الخطوة المترددة، وتلك القناعة الزائفة، هي بالضبط شفا الجرف الهاوي.

الخيارات الخاطئة لاتصحح نفسها أبدًا، وكل مايحدث أنها ترضخ لرغبتك في التزيين والتزييف، ثم لايصلح العطار ماأفسد الدهرُ، ستصحو ذات يوم، وتجد الكذبة الكبيرة قد تعفنت بداخلك، انفجرت وسال قيحها صديدًا نتنًا، تخرّ كل أمانيك صرعى بسببه.

أنت الآن في عين الدمار، لا قارب تهرع إليه، ولا سبيل لإعادة الإعمار! أنت يامن زينت خضوعك بشعار كنز القناعة الذي لايفنى، تجرّع مرارة الندم في صمت!

الحب وحده بقوته الجبارة يمكنه مجابهة الزمن، هكذا يقول هاملت؛ لكن الحب حط كطائرٍ بالقرب مني.

من قال أني امتلكته؟! كيف ذاك، وهو لم يتوقف إلا طلبًا للراحة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى