فنجان سياسي

أين وصل العرب في تطبيعهم مع نظام اﻷسد؟



فراس العبيد _ رسالة بوست
ﻻ يمكن الفصل بين الملف اﻷمني والتطبيع في دويلات “سايكس _ بيكو”؛ بل على العكس تمامًا؛ فما يدور داخليًا سيؤثر حتمًا على “خيم طواغيت الجوار”، وهو ما حذّر منه الملك اﻷردني عبد الله بن الحسين، في 19 أيار/ مايو 2022.
المخدرات والروافض على الحدود:
وكما أسلفنا فإن الملف اﻷمني غاية في اﻷهمية، بالنسبة لدول الطواغيت، رغم احترافها اﻷمر، عادةً، لكن بدرجاتٍ متفاوتة، فما ينطبق على النصيرية، يختلف عن الجوار، دون شك.
ونسوق هنا تصريحات لمدير أمن الحدود الأردنية، العميد أحمد هاشم خليفات، اتهم فيها ميليشيات اﻷسد وإيران، بدعم مهرّبي المخدّرات، على الحدود الأردنية، في 16 أيار/ مايو.
تبع تلك التصريحات، وبأيامٍ قليلة، تحذّير العاهل الأردني عبد الله الثاني، من الفراغ الذي ستتركه روسيا جنوب سوريا والذي ستملؤه إيران ووكلاؤها وما يترتب على ذلك من تصعيد محتمَل للمشاكل على حدود بلاده.
وبناءً على ما سبق، تم تحميل النظام النصيري، المسؤولية عن الانتهاكات والمشاكل الأمنية الواقعة على الحدود الأردنية منذ افتتاح معبر “جابر – نصيب” بين الطرفين في أيلول/ سبتمبر 2021… لأوّل مرّة!
ومن جهةٍ أخرى، تعكس التصريحات الأردنية الأخيرة استياءً واضحاً من سلوك النظام في الجنوب السوري؛ نتيجة غياب قدرته أو رغبته في منع نشاط الميليشيات الإيرانية، والتي ازداد عدد المواقع التابعة لها في درعا والسويداء خلال الفترة الممتدة من شباط/ فبراير إلى أيار/ مايو 2022، بتسهيل وتعاوُن من الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري، التي تشترك مع تلك الميليشيات في عمليات تهريب المخدّرات عَبْر الحدود الأردنية. بحسب مركز جسور للدراسات.
بالتالي؛ فإن دويلة مثل “اﻷردن”، تحسست على رأسها من خطري زعزعة اﻷمن بالمخدرات، وازدياد النفوذ الرافضي على الحدود، وهو ما تخشاه تل أبيب الكيان الصهيوني ومعهم دول الخليج.
مجرد بيادق ودمى:
وإذا استعنى بما أوردته، دراسة مركز “جسور للدراسات”، فإننا سننتهي حتمًا، لنقطة غاية في اﻷهمية، وهي أنّ “الطواغيت العرب”، مجرد “بيادق ودمى” تحركها اﻹرادة الغربية، وهذا يقود لطرح السؤال التالي؛ “ما الحكم الشرعي في مواﻻة الحكام للنصارى واليهود؟”، و”ما الواجب الشرعي المترتب عليه؟”.
اﻹجابة السابقة؛ تحريضية دون شك، والقارئ الكريم، نحيله إلى كتاب “مسائل الوﻻء والبراء” للدكتور هاني السباعي، حفظه الله، وهو كتيب صغير ماتع، بلغة بسيطة، وإﻻ فإن اﻵيات المحكمات واضحات.
ونسرد هنا ما أرودته الدراسة، لنزيد القلب اطمئنانًا:
وقد تراجع بشكل ملحوظ الحديث في الأوساط العربية عن تطبيع العلاقات مع النظام منذ شباط/ فبراير 2022، تزامُناً مع الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي يبدو أنّه أثّر على أولويات السياسة الخارجية الروسية في سورية، فيما يبدو أنّ ذلك قد يترك أثراً مباشراً على مسار التطبيع العربي مع النظام، نظراً لِمَا يلي:
• المخاوف العربية من زيادة نفوذ إيران في سورية، نتيجة تساهُل روسيا، لا سيما بعد زيارة علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني التابع للنظام لطهران نهاية شباط/ فبراير، ثم زيارة بشار الأسد لها مطلع أيار/ مايو. وقد يؤثر ذلك على تنامي القناعة لدى دول عربية مؤثرة مثل الأردن والخليج بصعوبة فكّ ارتباط النظام عن إيران، وبالتالي ضرورة تجميد المساعي المتعلّقة بتطبيع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع دمشق، والذي سيدفعها أيضاً لإبداء مزيد من التشدُّد في مسألة استعادة النظام لمقعده في الجامعة العربية.
• التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا نتيجة المواجهة غير المباشرة في أوكرانيا، وتصاعُد احتمال توقُّف آلية التنسيق المشتركة بين الطرفين حول سورية، والذي من شأنه أن يدفع واشنطن لممارسة ضغط أكبر على الدول العربية الراغبة بتطبيع العلاقات بهدف حرمان روسيا من تحقيق أي مكاسب في سورية.
والنقطة اﻷخيرة هي محور الحديث في هذه السطور، والتي تبدأ من عبارة “ضغط أكبر على الدول العربية”، أي “عملائها وأذنابها.
عصابة تعيث فسادًا:
بالمجمل؛ اﻷنظمة العربية، تشكل عصابات تعيث فسادًا، ولا يمكن قلعها بسهولةٍ، وقد ضربت جذورها في اﻷرض، ما لم تجتث، وإﻻ فمطالب إصلاحها وتغيير سلوكها ضربٌ من الوهم، وكما قيل؛ “لا يصلح العطار ما أفسد الدهر”.
التطبيع المجمّد:
وبالعودة إلى مسار التطبيع العربي مع النظام النصيري، فإن الظروف لم تعد مواتية، وإﻻ فالمطبعون مع “اليهود” لن يخجلوا من ذات العملية مع “حمير اليهود والنصارى” إذا ضربوا بسياط أسيادهم وأمروا، وإنما كما انتهت إليه دراسة مركز “جسور”، التي حملت عنوان؛ تراجُع فرص نجاح مسار التطبيع العربي مع النظام السوري”، والتي تقول؛ “ورغم تراجُع الاهتمام بمسار التطبيع العربي مع النظام، لكنّ هذا لا يعني بالضرورة تخلّي الدول التي تتبنّى هذه المُقارَبة عنها بالكامل، إنما قد تقوم بعملية تجميد للخطوات الفعلية بانتظار أيّ متغيّرات جديدة”.

والله غالب على أمره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى