حقوق وحريات

بخصوص المعتقلين.. “هيئة القانونيين السوريين” يوجّهون رسالة للأمم المتحدة

السيد رئيس مجلس الأمن الدولي المحترم
السادة أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة المحترمين
يهدي إليكم القانونيون السوريون الأحرار أطيب تحياتهم ويودون إعلامكم بما يلي :
الموضوع: محاولات نظام بشار الإرهابي التغطية على مجزرة التضامن وملف المعتقلين والمختفين قسراً والمهجرين واللاجئين بإصدار ما يسمى مرسوم عفو عام في حقيقته تزوير للحقائق للتعمية على قتل المعتقلين تحت التعذيب.
الرقم : 74 التاريخ: 19 / 5 / 2022

بداية لابد من التنويه أن عدد المعتقلات والمعتقلين والمغيبين قسراً الموثقين رسمياً قرابة 132 ألف منهم 87ألف مختف قسرياً لدى نظام بشار أسد على خلفية الحراك الشعبي منذ آذار 2011.. علماً هناك آلاف المعتقلين لم يوثقوا بسبب خوف ذويهم من إعطاء المعلومات عنهم أملاً في خروجهم أحياء عبر السمسرة المعهودة زمن حافظ وبشار أسد..
كما لابد من التنويه أن نظام بشار أسد فبرك الأدلة لمن اعتقلهم وخرجوا على نظامه ولم يسمح للجان تقصي الحقائق أو لجنة مناهضة التعذيب بالتفتيش على سجونه ومعتقلاته ولا يلتزم بأدنى معايير التوقيف والتقاضي والمحاكمات.
بتاريخ 30 / 4 / 2022 أصدر بشار أسد ما يسمى قانون العفو رقم 7 وهذا نصّه:
المادة “1”: يمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30-4-2022 عدا التي أفضت إلى موت إنسان والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم “19” لعام 2012 وقانون العقوبات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم “148” لعام 1949 وتعديلاته.
المادة “2”: لا يؤثر هذا العفو على دعوى الحق الشخصي وللمضرور في جميع الأحوال أن يقيم دعواه أمام المحكمة المدنية المختصة.
المادة “3 “: ينشر هذا المرسوم التشريعي في الجريدة الرسمية ويعد نافذاً من تاريخ صدوره.
دمشق في 29-9-1443 هجري الموافق لـ 30-4- 2022
تنويه هام: نص المرسوم بالعموم على جرائم الإرهاب.. علماً أنه اتهم كل من خرج على نظامه المجرم بجرائم واقعة على أمن الدولة من قانون العقوبات العام نذكر على سبيل المثال لا الحصر المواد “من 260 لغاية المادة 303” كل تلك المواد والجرائم لا يشملها العفو ويتهم بها معارضيه والثائرين عليه ويحاكمهم بموجبها.. وجميع التهم مفبركة غير صحيحة الموضوع أنها ثورة شعبية على نظام مجرم مستبد قمعي ديكتاتوري..

الجرائم التي شملها قانون العفو رقم 7 لعام 2022
أولاً- الجرائم المنصوص عنها في قانون الإرهاب رقم ” 19 ” لعام 2012 وهي: “المؤامرة – الانضمام إلى منظمة إرهابية – تمويل الإرهاب – تصنيع وتهريب الأسلحة ما لم تؤدِّ إلى موت شخص –التهديد بعمل إرهابي – الأعمال الإرهابية التي تستهدف البنى التحتية للدولة – الترويج للأعمال الإرهابية – الامتناع عن الابلاغ عن الجرائم الإرهابية”.
المؤامرة المنصوص عنها بالمادة ” 2 ” منه: المؤامرة التي تهدف إلى ارتكاب أي جناية من الجنايات المنصوص عليها في هذا القانون يعاقب عليها بالأشغال الشاقة المؤقتة.
إنشاء أو إدارة أو تنظيم منظمة إرهابية المنصوص عنه بالمادة “3 ” منه:

  • يعاقب بالأشغال الشاقة من عشر سنوات إلى عشرين سنة كل من أنشأ أو نظم أو أدار منظمة إرهابية.
  • وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة سبع سنوات على الأقل لكل من انضم إلى منظمة إرهابية أو أكره شخصا بالعنف أو التهديد على الانضمام إلى منظمة إرهابية.
  • تشدد العقوبة الواردة في هذه المادة وفق القواعد العامة المنصوص عليها في قانون العقوبات إذا كان القصد من إنشاء المنظمة الإرهابية تغيير نظام الحكم في الدولة أو كيان الدولة.
    التمويل والتدريب على الأعمال الإرهابية المنصوص عنه بالمادة ” 4 ” منه:
    1- مع عدم الإخلال بالأحكام المتعلقة بتجميد وحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة وتتبعها المنصوص عليها بقانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتعديلاته والتعليمات والقرارات ذات الصلة.. يعاقب كل من قام بتمويل عمل إرهابي أو أكثر بالأشغال الشاقة من خمس عشرة سنة إلى عشرين وبالغرامة ضعفي قيمة الأموال المنقولة وغير المنقولة أو الأشياء التي كانت محلا للتمويل.
    2- يعاقب بالأشغال الشاقة من عشر سنوات إلى عشرين سنة كل من تدرب أو درب شخصا أو أكثر على استعمال المتفجرات أو الأسلحة بمختلف أنواعها أو الذخائر أو وسائل الاتصال أو على فنون القتال الحربية وذلك بقصد استعمالها في تنفيذ عمل إرهابي.
    3- لا تخل أحكام هذه المادة بتطبيق قواعد الاشتراك الجرمي عند توفرها المنصوص عليها في قانون العقوبات العام.
    حيازة وتصنيع وتهريب وسرقة وسائل الإرهاب المنصوص عنها في الفقرة ” 1 ” من المادة ” 5 “:
    1- يعاقب بالأشغال الشاقة من خمس عشرة سنة إلى عشرين وبالغرامة ضعفي قيمة المضبوطات كل من قام بتهريب أو تصنيع أو حيازة أو سرقة أو اختلاس الأسلحة أو الذخائر أو المتفجرات مهما كان نوعها بقصد استخدامها في تنفيذ عمل إرهابي.
    التهديد بعمل إرهابي المنصوص عنه بالفقرتين ” 1 و2 ” من المادة ” 6 ” منه:
    1- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة من هدد الحكومة بالقيام بعمل إرهابي بهدف حملها على القيام بعمل ما أو الامتناع عنه.
    2- وتكون العقوبة الأشغال الشاقة من خمس عشرة سنة إلى عشرين إذا رافق التهديد خطف إحدى وسائل النقل الجوي أو البحري أو البري العامة أو الخاصة أو الاستيلاء على عقار مهما كان نوعه أو الاستيلاء على الأشياء العسكرية أو خطف شخص ما.
    العمل الإرهابي المنصوص عنه بالمادة ” 7 ” منه:
    1- يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة ضعفي قيمة الضرر من ارتكب عملا إرهابيا نجم عنه عجز إنسان أو انهدام بناء جزئيا أو كليا أو الإضرار بالبنية التحتية أو الأساسية للدولة.
    2- وتكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة خمس سنوات على الأقل إذا كانت الوسائل المستخدمة في العمل الإرهابي تحدث تفجيرا صوتيا فقط.
    الترويج للأعمال الإرهابية المنصوص عنه بالمادة ” 8 ” منه:
    يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من قام بتوزيع المطبوعات أو المعلومات المخزنة مهما كان شكلها بقصد الترويج لوسائل الإرهاب أو الأعمال الإرهابية وتنزل العقوبة نفسها بكل من أدار أو استعمل موقعا الكترونيا لهذا الغرض.
    الامتناع عن الإبلاغ المنصوص عنه بالمادة ” 10 ” منه:
    يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل سوري أو أجنبي مقيم في سورية علم بإحدى الجنايات المنصوص عليها في هذا القانون ولم يخبر السلطة عنها
    ثانياً: جرائم الإرهاب المستثناة من شمول قانون العفو:
    تهريب أو تصنيع أو حيازة أو سرقة أو اختلاس الأسلحة أو الذخائر أو المتفجرات إذا رافق هذه الأفعال قتل شخص أو إحداث عجز به. المنصوص عنها في الفقرة ” 3 ” من المادة ” 5 “
    التهديد بعمل إرهابي إذا أدى الفعل إلى موت الشخص المنصوص عنه بالفقرة ” 3 ” من المادة ” 6 ” منه:
    ثالثاً: الجرائم المشمولة من قانون العقوبات العام وهي: الجرائم المنصوص عنها بالمواد من المادة “304 ” وحتى “306 ” من قانون العقوبات الملغاة لاحقاً .
    الاعمال الإرهابية المنصوص عنه بالمادة ” 304 ” منه: يقصد بالأعمال الإرهابية جميع الأفعال التي ترمي إلى إيجاد حالة ذعر وترتكب بوسائل كالأدوات المتفجرة والأسلحة الحربية والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو الجرثومية التي من شأنها أن تحدث خطرا ً عاما
    المؤامرة بقصد ارتكاب أعمال إرهابية المنصوص عنه بالمادة ” 305 ” منه:
    1ـ المؤامرة التي يقصد منها ارتكاب عمل أو أعمال إرهاب يعاقب عليها بالأشغال الشاقة من عشر سنوات إلى عشرين سنة.
    2ـ كل عمل إرهابي يستوجب الأشغال الشاقة من خمس عشرة سنة إلى عشرين سنة.
    3ـ وهو يستوجب عقوبة الإعدام إذا نتج عنه التخريب ولو ً جزئيا في بناية عامة أو مؤسسة صناعية أو سفينة أو منشآت أخرى أو التعطيل في سبل المخابرات والمواصلات والنقل أو إذا أفضى الفعل إلى موت إنسان.
    إنشاء جمعيات بقصد تغيير كيان الدولة المنصوص عنه بالمادة ” 306″ منه:
    1ـ كل جمعية أنشئت بقصد تغيير كيان الدولة الاقتصادي أو الاجتماعي أو أوضاع المجتمع الأساسية بإحدى الوسائل المذكورة في المادة 304تحل ويقضى على المنتمين إليها بالأشغال الشاقة الموقتة.
    2ـ ولا تنقص عقوبة المؤسسين والمديرين عن سبع سنوات.
    3ـ إن العذر المحل أو المخفف الممنوح للمتآمرين بموجب المادة ” 262″ يشمل مرتكبي الجناية المحددة أعلاه
    شريطة الا تؤدي هذه الجرائم الى موت شخص.
    رابعاً: الملاحظات القانونية على القانون:
    من خلال استعراض نصوص هذا العفو نجد أنه نسخة طبق الأصل قوانين العفو السابقة التي أصدرها النظام المجرم تشمل نفس الجرائم وتستثني نفس الجرائم وهذا الامر يثير عدة استفسارات والإجابة عليها تبيّن أهداف النظام من وراء إصدار العفو كما يجب الأخذ بعين الاعتبار توقيت اصدار المرسوم الذي تزامن مع نشر تقرير عن مجزرة حي التضامن.
    القاعدة القانونية في القانون السوري تنصّ على أن:
    1-العفو العام من النظام العام ويتوجب بحثه في جميع مراحل الدعوى حتى ولو كانت أمام محكمة النقض ومهما كان الطاعن.
    2- يتوجب على المحكمة إعمال قانون العفو العام من تلقاء نفسها حتى ولو لم يطلبه أحداً من أطراف الدعوى الجزائية لا بل حتى ولو طلب المدعى عليه الاستمرار برؤية دعواه لإثبات براءته لأنه ليس للجاني أن يكره المجتمع على استعمال حق رأى من مصلحته التنازل عنه.
    3- استثناء محكمة الإرهاب من تطبيق الأصول القانونية حيث نص قانون تشكيل محكمة الإرهاب رقم ” 22 ” لعام 2012 في المادة ” 7″ منه على أنه: مع الاحتفاظ بحق الدفاع لا تتقيد المحكمة بالأصول المنصوص عليها في التشريعات النافذة وذلك في جميع أدوار وإجراءات الملاحقة والمحاكمة.
    4- وكذلك تم نقل كل القضايا المنظورة أمام المحاكم العسكرية ومحكمة الميدان العسكرية والمحاكم العادية الى محكمة الإرهاب وفق المادة “8” من قانون تشكيلها الذي نصّ على: تنقل إلى المحكمة المحدثة دعاوى الإرهاب التي هي قيد النظر أمام سائر المحاكم بحالتها الراهنة. وهذا يعني استثناء الأحكام الصادرة عن تلك المحاكم والتي اكتسبت الدرجة القطعية من قانون العفو.
    5- فإن كان مازال هناك معتقلين ” بجرائم ” مشمولة في هذا القانون فهذا يعني أن المراسيم السابقة لم تُنفّذ ولم تشملهم بسبب تلاعب قضاة النيابة وأجهزة المخابرات المكلفة بتطبيقه عبر تغيير الوصف القانوني أو المادة القانونية، وقد رصدنا في تصريحات وزير العدل ما يثبت ذلك في منشور على صفحة الوزارة مفاده: ” قيام النيابة العامة في محكمة الإرهاب الطعن بقرارات تخلية السبيل مما أوقف عملية الإفراج عنهم.
    وبناء على ما سبق :
    إن كان حقّا أن المراسيم السابقة شملت المعتقلين على خلفية تلك ” الجرائم ” فهذا يعني أنه من المفترض ألّا يبقى معتقل ليشمله هذا القانون ويعني وجوب إطلاق سرحهم وهذا لم يحصل مطلقاُ.
    يبقى مفعول هذا العفو سارياً على من الجرائم المرتكبة في الفترة ما بين آخر عفو وهو القانون رقم ” 6 ” لعام 2022 ” وبين تاريخ نفاذ هذا العفو.
    يدّعي النظام بأن المرسوم سيسقط العقوبة بشكل كامل عن أصحابها دون مراجعتهم لأي مكان، وهذا فخّ خطير سيؤدي الى تورّط الكثير ممن يظن انه مشمول بالعفو بالعودة ليتبيّن عكس ذلك ويتم زجّه في زنازين النظام.
    إن التعاطي مع القانون رقم ” 7 ” على أنه قانون عفو عام هو مقاربة خاطئة ومغالطة لا يجوز تمريرها لأن هذا القانون ليس عفواً عاماً أبداً ، فقد وقع منا الكثير في خطأ قانوني عندما أطلقوا عليه، أو تماهوا مع النظام بأنه قانون عفو عام، وهذا غير صحيح فقوانين العفو العام تكون شاملة و تكون مفصّلة، بينما القانون” 7 ” جاء بصيغة العموم و لم يفصِّل الجرائم و المواد المشمولة به، و إنما اكتفى بعبارة جرائم الإرهاب المنصوص عنها في قانون الإرهاب رقم 19 لعام 2012 و قانون العقوبات العام، وبعد دراستنا للنصوص وجدنا أنه يشمل ” 6 ” جرائم من أصل ” 8 ” المنصوص عنها بقانون الإرهاب رقم ” 19″ ، الامر الذي ينفي صفة العموم عنه و يجعله قانون ” محدّد ” .
    إن النصوص القانونية المتعلقة بجرائم الإرهاب المنصوص عنها في قانون العقوبات العام تم إلغائها بنص المادة ” 14 ” من قانون الإرهاب رقم 19 لعام 2012 وأحال القضايا المنظورة أمام المحاكم العادية إلى محاكم الإرهاب وذلك بموجب نص المادة ” 8 ” من قانون تشكيل محكمة الإرهاب رقم ” 22 ” لعام 2012 ورغم ذلك ضمّنها قانون العفو. وهذا الإجمال في الألفاظ يعطي النظام ومخابراته وقضاته إمكانية التحايل والتلاعب بملفات المعتقلين، وهنا لا بد من التفصيل التالي حتى يمكن فهم سبب إطلاق سراح بعض المعتقلين الذين مضى على اعتقالهم أكثر من ” 10 ” سنوات، وهو أن هناك معتقلين تم ملاحقتهم وفق المواد ” 304 إلى 306 ” من قانون العقوبات العام الملغاة وهم المعتقلين منذ بداية الثورة حتى تاريخ نفاذ قانون الإرهاب رقم ” 19 ” أي حتى تاريخ / 2 / 7 /2012 وهؤلاء ينطبق عليهم حكمين قانونيين:
    الأول: تطبيق قانون العقوبات العام وهو يشمل من صدر بحقهم احكام قضائية قطعية ومبرمة فقط وهؤلاء من شملتهم قوانين العفو السابقة وهذا القانون الأخير حيث تم تخفيض مدد عقوباتهم من المؤبد إلى ” 10 ” أو ” 15 ” سنة وهذا يعني أن أغلبهم خرج بسبب انقضاء مدة محكوميتهم.
    الثاني : أما الفئة الأخرى منهم فيطبق عليهم قانون الإرهاب و تنتقل ملفاتهم إلى محاكم الإرهاب وهم الذين لم تجرِ محاكمتهم أو التي جرت و لم تنتهِ إلى أحكام قطعية فيطبق عليهم قانون الإرهاب رقم ” 19 ” ، وحيث أن هناك استثناء كل جريمة من جرائم الإرهاب أدت إلى قتل شخص الأمر الذي يفسّر أعداد المُفرج عنهم و التي تبين من خلال رصدها أنها تشمل معتقلين على خلفية عمليات التسويات وأن أغلبهم اعتقلوا قبل” 4 أو 5 ” سنوات بينما الأعداد التي تكاد تكون محدودة هي لمعتقلين مضى على اعتقالهم أكثر من ذلك و التي كما نوهنا أنها غالبا لأشخاص انتهت مدة محكوميتهم تقريبا .
    لم يتطرّق العفو إلى أحكام محاكم الميدان العسكري ولا المحاكم العسكرية ولا المحاكم العادية التي تحاكم كثير من المعتقلين على خلفية الثورة بجرائم سياسية و أخرى جرائم أمن الدولة و أخرى بجرائم عسكرية.

خامساً: بيان المراوغة والخديعة المستمرة:
يمارس وزير العدل ورئيس محكمة الإرهاب الخداع من خلال منح التطمينات للمطلوبين بينما هذه التطمينات هي فخّ خطير للإيقاع بهم و هذا يفضحه بيان وزير العدل السوري المرفق:

أصدر وزير العدل في النظام السوري بياناً إعلامياً يتضمن ” إلغاء ” كافة إذاعات البحث ومذكرات التوقيف ودعوات الحضور تنفيذاً لما أسماه قانون العفو واشترط للاستفادة من ذلك ألّا تكون الجرائم تسبّبت بموت إنسان أو لم يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية أو ارتباطهم مع دول أخرى.
يمارس بشار أسد ووزير عدله ورئيس محكمة إرهابه كل أشكال فنون الخداع والمُراوغة والكذِب من خلال منح التطمينات للمطلوبين بينما هذه التطمينات هي فخّ خطير للإيقاع بهم وهذا يفضحه بيان وزير العدل السوري المرفق التي تكمن خطورته فيما يلي:
أولاً: إن ” إذاعة البحث – مذكرات التوقيف – طلبات المراجعة ” هي إجراءات خاصة بالنيابة العامة في محكمة الإرهاب، وتختلف عن تلك الصادرة عن أجهزة المخابرات التي لا علاقة للقضاء بها لأنها لم تنتقل إليه.
حيث يفرِضُ السؤال التالي نفسه: كيف سيعرف المطلوبين أنهم ملاحقون بجرائم مشمولة بالقانون أم غير مشمولة في غياب أية قوائم أو لوائح اسمية رسمية؟
ثانياً: الاستثناء الوارد في آخر سطر من البيان ” ….. مالم يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهابية أو ارتباطهم مع دول أخرى”. يعني و مع – غياب مهلة زمنية مدّدة للمطلوبين لتسليم أنفسهم للسلطات – أن حالة الاستمرار الجرمية تبقى قائمة من اللحظة التالية لتاريخ نفاذ القانون رقم ” 7 ” أي من يوم /30/04/20200/، الأمر الذي يحجب عنهم الاستفادة من شمول القانون في حال ثبوت ارتباطهم بتلك المنظمات أو الدول ، مما يضعنا أمام احتمال منطقي قانوني وحيد وهو : ” أنه يجب تقديم ما يُشعِر بذلك قبل تاريخ نفاذ القانون ،لأن تقديمه بعد نفاذ القانون في غياب مهلة زمنية محددة لذلك يعني إقراراً باستمرار العضوية في تلك المنظمات و ولكون هذه العلاقة من الجرائم المستمِرّة كما يعتبرها النظام ، الأمر الذي يستدعي عدم تشميل صاحبه بالقانون و يفتح الباب على توقيفه ومحاكمته
ثالثاُ: الغموض المُتعمّد وتجنّب الجهات القضائية تحديد ألية التحقق من إنهاء العلاقة بالمنظمات أو الدول، وإطلاق التصريحات و البيان و القوانين و البلاغات بصيغة التعميم في الوقت التي يجب تخصيصها تجعل العلاقة مع أي دولة من الدول أو مع أي منظمة من المنظمات جريمة تستدعي الملاحقة و التوقيف و المحاكمة و بالتالي عدم شول صاحبها بالقانون ” 7″ ، التي قد تكون عضوية مجلس محلي أو مجلس محافظة أو منظمة الدفاع المدني أو المنظمات الإغاثية أو المنظمة الحقوقية أو إعلامية أو عضوية ضمن كادر مشفى أو مستوصف أو حتى إمام جامع في المناطق المحررة ، أو عضوية مجلس جالية أو إدارة منظمة أو حزب ، أو موقع أو صحيفة أو قناة إعلامية مرخصة خارج سورية.
رابعاً: أصبح من المعروف للجميع بأنه ليس لأي سلطة قضائية سواءً كانت مدنية أو عسكرية على أجهزة المخابرات وفق نصوص قانون العقوبات العسكري وقانون حصانة العاملين في إدارة أمن الدولة، وخاصّةً المواد التالية :
1-المادتين “16” و “30” من المرسوم التشريعي 14 تاريخ 25/1/1969 :

  • المادة 16 – لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير.
    -المادة 30 – لا ينشر هذا المرسوم ويعمل به اعتباراً من تاريخ صدوره.
    2- المادتان “74”و “101” من المرسوم التشريعي 549 تاريخ 25/5/1969:
  • المادة 74 – لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في إدارة أمن الدولة أو المنتدبين أو المعارين إليها أو المتعاقدين معها مباشرة أمام القضاء، في الجرائم الناشئة عن الوظيفة، أو في معرض قيامه بها قبل إحالته على مجلس التأديب في الإدارة واستصدار أمر ملاحقة من قبل المدير.
  • المادة 101 – لا ينشر هذا المرسوم ويعتبر نافذاً من تاريخ نفاذ المرسوم (14) تاريخ 15/1/ 1969.
    خامساً: وطالما أن هناك مذكرات متشابهة بالاسم ولكنها مختلفة من حيث ولاية سلطة إصدارها ومنها ” إذاعات البحث – و الإحضار- ودعوة الحضور أو المراجعة ” فهي موجودة في إجراءات الأجهزة الأمنية على مختلف مرجعياتها وتختلف اختلافاً جوهرياً عن تلك المذكرات التي تصدر عن النيابة العامة في مراحل التحقيق الابتدائي أو في حالات الجرم المشهود ، فالأولى إجراءً أمنيّاً بحتاً ، و الثانية إجراءً قضائيّاً يمكن لوزير العدل التوجيه أو إصدار بيانات إعلامية ولكن ليس له صلاحية إصدار قرارات باسترداد المذكرات القضائية المذكورة رغم تبعية القضاء تنفيذياً له حتى يكون له صلاحية استرداد المذكرات الصادرة عن أجهزة المخابرات التي تتبع تنفيذياُ الى وزارة الدفاع ، ومبدأ توزيع السلطات يمنع على وزير العدل التدخل بأعمال الجيش و القوات و المسلحة و أجهزة المخابرات والأمن لأنها من أعمال سلطة وزارة الدفاع ووزارة الداخلية .
    سادساً: للعلم إن اتخاذ أي قرار من قبل هذه الأجهزة منوط بمدراء إدارات المخابرات العامة ومخابرات القوى الجوية ورؤساء الشعب الأمنية ” المخابرات العسكرية – الأمن السياسي ” وفق آلية يعرفها ضباط وصفّ ضباط هذه الأجهزة الأمنية، وهي آلية رفع مذكرات رأي للرئيس الأعلى للجهاز وهو صاحب القرار النهائي الذي لا معقب عليه أحد.
    5-الأمور القانونية تقتضي الوضوح والبيان وطالما أن هناك أنواع متشابهة من المذكرات ولكنها تختلف من جهة السلطة ذات الصلاحية في إصدارها، الامر الذي يقتضي تحديد المقصود بالتفصيل، وأن تتولى كل سلطة ذلك كلٌ ضمن ولايتها القانونية، وهذا الأمر لا يخضع التأويل أو التفسير لأنه بتعلق بمصائر الناس وحياتهم وحرياتهم.
    سابعاً: اشترطت سفارة النظام السوري في لبنان على كل سوري غادر القطر بصورة غير مشروعة إجراء عملية التسوية الأمنية ، حتى يتمكن من العودة الى سورية ،وهذا الشرط يفضح كذب وزير العدل و رئيس محكمة الإرهاب حينما صرّحا بأن العفو يُسقط التُهَم عن المطلوبين سواء داخل البلاد او خارجها دون العودة أو مراجعة أي جهة رسمية .
    بلغ عدد المفرج عنهم حتى تاريخ /011/05/2022 وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان ” 476 ” معتقل موزعة على المحافظات التالية:
    77 معتقل من درعا أغلبهم مجندين اعتقلوا بعد تسويات 2018 الى 2022
    99 معتقل من ريف دمشق أغلبهم مجندين اعتقلوا بعد تسويات 2018 الى 2022
    27 معتقل من حمص أغلبهم مجندين اعتقلوا بعد تسويات 2018 الى 2022
    32 معتقل من حماه أغلبهم مجندين اعتقلوا بعد تسويات 2018 الى 2022
    6 معتقلين من اللاذقية.
    44 معتقل من حلب أغلبهم مجندين اعتقلوا بعد تسويات 2018 الى 2022
    24معتقل من دير الزور والرقة والحسكة أغلبهم مجندين اعتقلوا بعد تسويات 2018 الى 2022

النتيجة:
1- حيث أن هذا القانون جاء على عجلة من أمر النظام لتفادي الفضيحة التي أثارها نشر تفاصيل مجزرة حي التضامن فيمكن اعتبار إصدار العفو محاولة لامتصاص الغضب الذي أثاره نشر تقرير مجزرة حي التضامن من قبل صحيفة الغارديان البريطانية.
2- كما يمكن للنظام تقديمه كبادرة حسن نيّة للسيد بيدرسون والسيد هادي البحرة للمضي في مسار اللجنة الدستورية.
3- إنها خطوة تناغمت مع دعوات بعض المناهضين للمهجرين السوريين في العالم والمطالبة بإعادتهم إلى مزرعة بشا الأسد.. الهدف منها إيهام العالم بتوفر البيئة الآمنة المستقرة..
3- لذلك لا يمكن أو لا يجوز تمرير أي مقاربة تؤدي إلى تكريس هدف النظام من هذه المهزلة وتفسيرها أو تأويلها على غير حقيقتها وهي أنها لا تعدو أن تكون مجرد كذبة من أكاذيب النظام ومحاولة من محاولاته لذر الرماد في العيون الأمر الذي يقتضي منا جميعا الوقوف في وجهه والتصدي لها وإفشالها وعدم التماهي معه ومع شبيحته، فهذه المكيدة قد تدفع البعض للوقوع في براثن هؤلاء الوحوش، ولوكان النظام جاداً حقّا لكان أفرج عن المحكومين بقضايا الإرهاب والتي اكتسبت أحكامهم الدرجة القطعية بجرائم هي بالأساس مفبركة لهم ولم تؤدِّ إلى موت أي شخص وعددهم حوالي ” 3028 ” محكوم القانون يوجب إطلاق سراحهم فوراً دون قيد أو شرط ، و الذين لم يُفرج عن أحدٍ منهم بل كان كل المُفرج عنهم من أرباب الجرائم الجنائية العادية وممن تم توقيفه بعد عمليات التسوية والذين بلغ عددهم الإجمالي ” 310 ” شخص .
التوصيات :
1-هذه القوانين دليلاً قانونياً على جريمة الاختفاء القسري و الاعتقال التعسفّي بل الاختطاف التي يرتكبها نظام بشار أسد ومن قبله والده حافظ على مدى أكثر من 52 عاماً ويفبرك الأدلة على ارتكابهم جرائم إرهابية أو مخلة بأمن الدولة أو حتى جرائم جنائية ثم يدعي كذباً إصدار مراسيم عفو عنهم لا تنفذ أصلاً.
2- على الأمم المتحدة أن تتعامل مع هذه المحاولات على أنها مجرد خدع و مراوغة للتحايل على المجتمع الدولي ، و لا تصلح لأن تكون من بوادر المصالحة الوطنية وإنما هي جريمة كبرى لأنها خديعة كبرى وفخ خطير يستهدف السوريين، لاسيما وأن هناك مئات الآلاف منهم مازال مطلوب بموجب مذكرات بحث من قبل أجهزة المخابرات التي لا تطالها يد القضاء أو قوانين العفو مما يجعل الملاحقات الأمنية قائمة ويعطي هذه الأجهزة إمكانية الاعتقال والتعذيب وانتزاع اعترافات بجرائم لا تشملها قوانين العفو.
3- إرسال فرق تقصّي حقائق للكشف عن مصير المختفين قسريّاً والمعتقلين تعسّفيّاً.
4- على المنظمات الحقوقية و لجان التحقيق و لجان تقصّي الحقائق ألّا تنسى أيضاً أن كثير من السوريين ملاحقين أو محكوم عليهم غيابياً بنفس الملفات بناءً على اعترافات كثير من رفاقهم أو إخوانهم أو أصدقائهم أو أقاربهم الذين ما زالوا معتقلين بجرائم غير مشمولة بقوانين العفو السابقة ولا بالعفو الحالي وهذا يعني أن مصيرهم الحتمي هو الاعتقال والزجّ بهم إلى جانبهم لا سيما أن الأحكام الغيابية الصادرة عن محاكم الإرهاب غير قابلة لإعادة المحاكمة إلا بتسليم النفس طواعية وفق المادة ” 6 ” من قانون تشكيل محاكم الإرهاب رقم ” 22 ” لعام 2012.
5- القضية الأهم التي يجب التركيز عليها هي أن النظام كل يوم وكل شهر وكل سنة يصدر القوانين والتشريعات الجديدة أو المعدّلة للقوانين القائمة للقضاء على الثورة ومعاقبة كل سوري فكّر بمعارضته أو خرج عليه بينما لم نر أي عملية محاسبة لأصغر مجرم من عصاباته الطائفية والتي ارتكبت مئات الالاف من الجرائم الفظيعة، بل على العكس من ذلك يصدر القوانين والتشريعات التي تمنح المجرمين الحقيقيين الحصانة، وتمكّنهم من الإفلات من العقاب.
ينتهز القانونيون السوريون الأحرار هذه المناسبة ويعربون عن فائق احترامهم وتقديرهم
هيئة القانونيين السوريين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى