فنجان سياسي

شيرين والقشور


فراس العبيد _ رسالة بوست
لم تكن “شيرين أبو عاقلة”، مجرد مراسلة فلسطينية، ارتبط حضورها بقناة الجزيرة من البدايات، فالمتابع لها يلاحظ الحرفية في عملها، ولا يمكن بحالٍ من اﻷحوال، إﻻ توصيف جريمة قتلها، التي حدثت بدم بارد، وصمة عار على جبين كيان غاصب لا يعرف سوى لغة القتل.
ميزان مختل:
قال تبارك وتعالى: “لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” المجادلة: (22).
وتكفي تلك اﻵيات للرد على القائلين، بمقولة؛ “الجريمة وانشغلتم بالقشور، وجواز الترحم من عدمه”!
ونحن نسألهم؛ “متى كانت العقيدة وكلام الله وشرعته من القشور، ثم ما فائدة الحديث عن الجريمة مقابل أن تخسر دينك فتكفر بما أنزل الله وأمر به ونهى عنه”؟!
بالتالي؛ ليس المطلوب منع الحديث استنكار الجريمة، وامتدح مناقب القتيلة، شريطة ألا نخسر ديننا، ليس لشيء إﻻ كلمة نفاق.
ثم إنّ الصحفية، قتلت وهي تمارس عملها، الذي تتقاضى منه آلاف الدولارات إضافة لبدل الخطر والمهمات، ولم تمارس عملها تطوعًا.
والواجب، في هذه الحالة، عرض المسألة على كتاب الله وآياته الصريحة، ونصوصه التي لا تحتمل أوجه، من المحكمات، وحتى نبقى في اﻹطار نورد اﻷمثلة التالية:
-أغلظ الله الرد لنبيه نوح عليه السلام الذي دعى إليه ٩٥٠ سنة لمجرد شفاعته لابنه الكافر قال ” إني أعظك أن تكون من الجاهلين”

  • تبرأ إبراهيم عليه السلام من أبيه لما تبين له أنه عدو لله.
  • نهى الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار للمشركين ولو كانوا أولي قربى.
  • لم يترحم نبي الله لوط عليه السلام على زوجته التي أخذها العذاب مع قومها والتي ما كانت تمارس الفاحشة ولكنها كانت موافقة على فعل قومها.
  • جعل الله إبراهيم عليه السلام قدوة للمؤمنين في البراءة من الشرك والمشركين ونهانا عن الاقتداء به في الاستغفار لأبيه المشرك.
  • قال أبو بكر رضي الله عنه لابنه؛ “ولكني لو رأيتك يوم بدر وكان يومئذ كافراً لقتلتك”.
  • وقال عمر في بقايا مشركي قريش في بدر، أرى أن تملكني من فلان -قريب لعمر- فأضرب عنقه، وتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أن ليس في قلوبنا هوادة للمشركين.
    كيف حكمتنا النصيرية؟
    وكما اختل الميزان، في الشواهد السابقة، ضّيع البعض مفتاحًا هو من أوثق عرى الإيمان، وهي قضية أصيلة “الموالاة لله والمعاداة لله”.
    وأقول مستعينًا بالله؛ “الترحم على مشرك أو كافر، أودى بنا إلى استفحال أمر الطواغيت، وليس عجبًا أن نرى في إحدى الصور المنتشرة عبر وسائل التواصل اﻻجتماعي، ذاك الشاب الواقف أمام “فرعون موسى”، يقرأ عليه الفاتحة!!”.
    وما اختل ميزان الوﻻء والبراء حتى وجدنا أنفسنا في “حظيرة النصيرية” نرتع كالبعير، لنصف قرن ولا زالنا!
    فتوى الهوى:
    فالمسألة متعلقة بقال الله وقال رسوله، وليست مطلقًا من “القشور”، وغالب الظن أنها ستكرر ما بقي التمييع والسفسطة، والجهل، والظن بأنّ عدم الترحم من “التنطع والتشدد”.
    يقول الله سبحانه {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}.
    نوال السعداوي مثاﻻً:
    وأطرح مسألة “نوال السعداوي” هنا بين يدي القارئ كمثال، فالعجوز الشمطاء، ملحدة، تكفر بالله العظيم، ثم لما قبرت، ترتفع اﻷصوات بالرحمة، وتنزّل اﻵيات في غير موضعها، وعلى قولة المصريين “ربك رب قلوب ياعم”.
    الشمطاء تكفر بالله العظيم، فكيف نطلب لها الرحمة ممن لا تعترف وﻻ تقرّ به؟!
    قاعدة شرعية:
    وأصحاب مقولة “دعكم من القشور”، يتناسون أهم قاعدة شرعية للرحمة والمغفرة وهي قوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}… فكيف نترحم على من يعتقد أن الله ثالث ثلاثة، وأن المسيح ابن الله، تعالى الله عمّا يقولون علوًا كبيرًا.
    ولأصحاب مقولة “ربك رب قلوب”، نقول؛ “تحاجوّن بالسرائر والنوايا أما علمتم أن الحكم يقام على الظاهر بينما يتولى الله السرائر”.
    أمدح ولا ترد كلام الله:
    والخلاصة؛ أمدح من كان صاحب فضل واشكره، دون أن تبيع آخرتك بدنياك أو دنيا غيرك.
    ﴿فَسَتَذۡكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُمۡۚ وَأُفَوِّضُ أَمۡرِيٓ إِلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرُۢ بِٱلۡعِبَادِ﴾.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى