دين ودنيا

التمسك باتباع السنة

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب


مثال مناظرة الشافعي في حكم كراء دور مكة (1) أنموذجا
ثبت عن إبراهيم بن محمد(2) ، وكان من الإسلام بمكان – قال : رأيت الشافعي بمكة يفتي الناس ، ورأيت أحمد بن حنبل وإسحاق(3) حاضرين ، فقال الشافعي : قال رسول الله  : “وهل ترك لنا عقيل(4) من دار”(5) .
فقال إسحاق : حدثنا يزيد(6) عن الحسن ، وأخبرنا أبو نعيم(7) عن سفيان وعن منصور(8) عن إبراهيم(9) أنهما لم يكونا يريانه ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مناقب الشافعي للرازي ص 244 بأطول مما هنا ، ثم ذكر تعقيب داود الظاهري وحكايته
عن إسحاق بن راهويه أنه كان إذا ذكر الشافعي يأخذ بلحيته ويقول : واحيائي من محمد بن إدريس . وقد ساقها ابن أبي حاتم بطرق متعددة . آداب الشافعي ص 177 : 181 .
راجع أيضاً سير 10/ 68 .
(2) أظنه إبراهيم بن محمد بن عرعرة أبو إسحاق القرشي البصري ، الحافظ الكبير المجود ، حدث عنه مسلم وأبو زرعة وأبو حاتم ، قالالحاكم إمام من حفاظ الحديث ، وقال الخليلي : حافظ كبير ثقة متفق عليه ، وذكره ابن حبان في الثقات ، ت 231 هـ .
( تهذيب 1/ 155 ، سير 11/ 479 ، حفاظ ص 192 ، شذرات 2/70 )
(3) ابن راهويه : اسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن مطر الحنظلي ، أبو يعقوب المروزي ، أحد أئمة المسلمين، وعلماء الدين، اجتمع له الحديث والفقه والحفظ والصدق والورع والزهد، روى عن ابن علية، وروح بن عبادة، وابن عيينة وعبد الرزاق وخلائق ، وعنه الجماعة سوى ابن ماجة ، ت238 هـ .
( حفاظ ص 191 ، حلية الأولياء 9/ 234 ، تهذيب 1/ 216 ، الرسلة المستطرفة 49 ، شذرات 2/ 89 ، الجرح 2/ 209 ، سير 11/ 358 )
(4) هو : عقيل بن أبي طالب أبو يزيد ، وأبو عيسى الهاشمي المكي ، ابن عم النبي ، وهو أكبر إخوته ، وآخرهم
موتاً ، شهد بدراً مشركاً وأخرج إليها مكرهاً فأسر وفداه عمه العباس ، أسلم سنة 8 ، وشهد مؤتة ، توفي قبل
الحرة ، في حدود الخمسين .
( الإصابة 2/ 487 ، الاستيعاب 3/ 157 ، الأسماء واللغات 1/ 337 ، سير 1/ 218 ، الجرح 6/ 218 ،
تهذيب التهذيب 7/ 254 )
(5) متفق عليه من حديث أسامة بن زيد : البخاري : الحج ، باب توريث دور مكة وبيعها وشراءها ح 1588
( فتح 3/ 450 ) مسلم : كتاب الحج ، باب نزول الحاج بمكة وتوريث دورها ،ح 439 ( نووي 9/120 )
(6) الإمام القدوة يزيد بن هارون بن زاذان ، شيخ الإسلام ، أبو خالد السلمي مولاهم الواسطي الحافظ ، كان
رأساً في العلم والمعرفة ، ثقة حجة كبير الشأن ، كان من الآمرين بالمعرف الناهين عن المنكر ، رأساً في السنة ،
معادياً للجهمية ، ت 207 هـ .
( الجرح والتعديل 9/ 295 ، تهذيب التهذيب 11/ 366 ، الأسماء واللغات 2/ 163 ، سير 9/ 358 ،
حفاظ ص 138 ، شذرات 2/ 16 )
(7) الحافظ الكبير، شيخ الإسلام أبو نعيم الفضل بن دكين وهو لقب واسمه عمرو بن حماد بن زهير القرشي
مولاهم الكوفي الأحول ، كان من أئمة الحديث وأثباتهم ، حدث عنه البخاري كثيراً ، ت 219 هـ .
( تهذيب 8/ 270 ، الجرح 7/ 61 ، سير 10/ 142 ، حفاظ ص 162 ، شذرات 2/ 46 )
(8) الحافظ الثبت القدوة منصور بن المعتمر أبو عتاب السُّلمي الكوفي ، أحد الأعلام ، لم يكن بالكوفة أحفظ
منه ، قيل : أصح الأسانيد مطلقاً سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود ، ت 132 هـ .
( الجرح والتعديل 8/ 177 ، تهذيب التهذيب 10/ 312 ،الأسماء واللغات 2/ 114 ، سير 5/ 402 ،
الجوزجاني 103 ص 79 ، شذرات 1/ 189 ، الأعلام 7/ 305 )
(9) هو إبراهيم النخعي ، وسفيان هو الثوري ، والحسن هو البصري ، وقد سبقت تراجمهم .
وعطاء(10) وطاووس(11) لم يكونا يريانه ، فقال الشافعي من هذا ؟ قيل إسحاق بن إبراهيم الحنظلي بن راهويه ، فقال الشافعي : أنت الذي يزعم أهل خراســان أنك فقـيههم ، قال: هم يقولون ذلك، فقال الشافعي : ما أحـوجـني أن يكـون غـيرك في موضعك ، فكنت آمر بعرك أذنيه ، أقول لك قال رسول الله  وأنت تقول عطاء وطاووس ومنصور عن إبراهيم والحسن ، وهل لأحد مع رسول الله  حجة(12) .

منقول من كتاب فرائد الفوائد لصدر الدين السلمي المناوي (ت803هـ) تحقيق أبو معاذ محمد عبد الحي عوينة

قال راقمه أبو معاذ: فانظر إلى جلالة قدر من ذكرهم اسحق، وعلو مكانتهم في العلم، ثم انظر لقول الشافعي: وهل لأحد مع رسول الله  حجة؟
بهذا السؤال الاستنكاري، الذي يستنكر به الاحتجاج بقول أحد مهما بلغ من العلم، في مقابل قول النبي  .
ولا يجوز الطعن في هؤلاء العلماء الأجلاء، لأن الحديث لم يصلهم، أو لم يبلغهم هذا الفهم أو لعذر أخر(13)، لذلك لم ينكر عليهم الشافعي، بل أنكر على اسحق لأنه احتج بقولهم بعد أن ذكر له الشافعي الحديث.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(10) شيخ الإسلام ومفتي الحرم أبو محمد عطاء بن أبي رباح ، وأسم أبي رباح :أسلم ، قال سلمة بن كهيل : مل
رأيت من يطلب بعلمه ما عند الله غير عطاء وطاووس ومجاهد ، وقال الشافعي : ليس في التابعين أحد أكثر
اتباعاً للحديث من عطاء ، اتفقوا على توثيقه وجلالته وإمامته ، ت 114 وقيل 117 هـ .
( الأسماء واللغات 1/ 333 ، تهذيب 7/ 199 ، البداية 9/ 317 ، طبقات الحفاظ ص 45 ، سير5/ 78 ،
الجرح 6/ 330 ، شذرات 1/ 147 )
(11) الفقيه القدوة ، عالم اليمن أبو عبد الرحمن طاووس بن كيسان الفارسي ثم اليمني الحافظ ، اتفقوا على جلالته
وفضيلته ووفور علمه وصلاحه وحفظه وتثبته ، ت 106 هـ .
( الأسماء واللغات 1/ 251 ، الجرح 4/ 500 ، تهذيب 5/ 8 ، طبقات الحفاظ ص 41 ، سير 5/ 38 ،
البداية 9/ 244 ، شذرات 1/ 133 )
(12) سير 10/ 68 ، مناقب الشافعي للرازي ص 244 بأطول مما ههنا ، ثم ذكر كلام داود الظاهري وحكايته عن
إسحاق ، وأنه كان إذا ذكر الشافي يأخذ بلحيته ويقول : وا حيائي من محمد بن إدريس .وقد ساقها ابن أبي
حاتم في أدب الشافعي بطرق متعددة ص 177 : 181 .
(13) صنف كثير من أهل العلم في عذر العلماء في عدم الأخذ ببعض الاحاديث، وبيان أسباب ذلك، ولابن تيمية رسالة في ذلك اسمها: “رفع الملام عن الأئمة الأعلام”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى