مقالات

رفْع الحرس الثَّوري الإيراني من قوائم الإرهاب يهدِّد الاتِّفاق النَّووي!

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب


أصبحت السِّمة الأساسيَّة المرتبطة بمشروع إحياء الاتِّفاق النَّووي بين الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة وإيران هي الغموض وتضارُب الأقاويل. فبعد تصريحات متكرِّرة عن قُرب إبرام الاتِّفاق في صيغة جديدة ترضي طرفي النِّزاع، توقَّفت المفاوضات الَّتي بدأت قبل عام في مدينة فيينا النَّمساويَّة، في ثامن جولاتها في مارس 2022م، بعد تعذُّر تقريب وجهات النَّظر. وقد تردَّد أنَّ نقاط الخلاف يأتي على رأسها إصرار الجانب الإيراني على الحصول على ضمانة بأنَّ الإدارات الأمريكيَّة الجديدة لن تنسحب من الاتِّفاق المبرم عام 2015م، كما فعلت إدارة الرَّئيس الأمريكي السَّابق، دونالد ترامب، في مايو 2018م. غير أنَّ أكثر ما يهدِّد استمرار المفاوضات بين الجانبين عدم قبول إيران أيَّ مساومات بشأن رفْع الحرس الثَّوري الإيراني من اللائحة الأمريكيَّة السَّوداء للمنظَّمات الإرهابيَّة الأجنبيَّة، وهو ما أكدَّت إدارة جو بايدن على أنَّها لن تسمح به. ومن المثير للانتباه أن تجد مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، يصرَّح في 15 أبريل الجاري أنَّ بلاده تجاوزت نقط الخلاف تلك وأنَّ المفاوضات في طريقها إلى إتمام الاتِّفاق، لتعقِّب شبكة NBC News الإخباريَّة الأمريكيَّة على ذلك بنشر أنَّ مسؤولين بارزين في الإدارة الأمريكيَّة صرَّحوا بأنَّ مفاوضات إحياء الاتِّفاق النَّووي وصلت إلى “طريق مسدود”؛ بسبب مسألة رفْع الحرس الثَّوري الإيراني من قوائم الإرهاب!
إدارة بايدن تؤكِّد ثبات موقفها بشأن الحرس الثَّوري الإيراني
خلال في اجتماع للجنة العلاقات الخارجيَّة بمجلس الشُّيوخ الأمريكي، أكَّد أنتوني بلينكن، وزير الخارجيَّة في إدارة جو بايدن، على أنَّ الإدارة لم تغيِّر موقفها بشأن شطْب الحرس الثَّوري الإيراني من قوائم الإرهاب، مشيرًا على أنَّ بلاده تتعرَّض لتهديدات صريحة من تلك المنظَّمة، لا سيِّما بخصوص الانتقام من مسؤولين أمريكيين سابقين متَّهمين بالتَّورُّط في اغتيال القائد السَّابق لفيلق القُدس التَّابع للحرس الثَّوري، قاسم سليماني، في 3 يناير 2020م في غارة أمريكيَّة في بغداد. أردف بلينكن قائلًا “الطَّريقة الوحيدة لإزالة الحرس الثَّوري الإيراني من قائمة المنظَّمات الإرهابيَّة هي أن تتَّخذ طهران الخطوات اللازمة لتبرير إزالته من القائمة، إيران تعرف ماذا تفعل”. ومع ذلك، فقد رأى وزير الخارجيَّة الأمريكي أنَّ العودة إلى الاتِّفاق النَّووي بشروط جديدة هو السَّبيل الوحيد لتقليم أظافر إيران وتقييد مخاطر تطويرها سلاحًا نوويًّا، حيث قال “لا تزال واشنطن تعتقد أن العودة إلى الاتِّفاق النَّووي هي أفضل طريقة لمواجهة التَّحدي النَّووي الإيراني”. هذا، وقد رجَّح البعض أنَّ إدارة بايدن تنتظر في مقابل تنفيذ الشَّرط الإيراني تنازلًا إيرانيًّا كبيرًا، قد يتعلَّق بتهديدها لحلفاء أمريكا في الشَّرق الأوسط، وقد وصَف بلينكن المعضلة الإيرانيَّة، في محاولة لتبرير استمرار محاولات إحياء الاتِّفاق، بقوله “إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ورثت تحديات إيرانيَّة، منها البرنامج النَّووي والاستفزازات الإيرانيَّة والتَّهديدات المستمرة لجنودنا في المنطقة وقرار الانسحاب من الاتِّفاق لم يأت بأيِّ نتائج”. جدير بالذِّكر أنَّ مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى صرَّح لمسؤولين أوروبيين بأنَّ الولايات المتَّحدة لن ترفع الحرس الثَّوري من قوائم الإرهاب، وإن أقدمت على رفْع عقوبات أخرى على إيران، قد تتعلَّق بعودة بيع النَّفط الإيراني إلى المستوى السَّابق قبل فرْض الحظر عليه عام 2018م.
بايدن يشاور بينيت بشأن الشَّرط الإيراني المعضل
لا تخفي دولة الاحتلال الصُّهيوني موقفها المعارض لمسألة امتلاك إيران برنامجًا نوويًّا؛ كونها تعتبره تهديدًا لأمنها القومي، وإن ادَّعت دولة ملالي الرَّافضة أنَّ برنامجها النَّووي سلمي. ويتزَّعم نفتالي بينيت، رئيس وزراء دولة الاحتلال، الجهود الإقليميَّة في منطقة الشَّرق الأوسط لتدشين التَّحالف الاستراتيجي للشَّرق الأوسط، أو ما يُطلق عليه إعلاميًّا النَّاتو العربي؛ بهدف مواجهة التَّمدُّد الإيراني في المنطقة، ومواجهة تهديدها العسكري للدُّول العربيَّة، وبخاصَّة السَّعوديَّة. وقد عُقدت في مارس الماضي 3 قمم عربيَّة-إسرائيليَّة لمناقشة الأمر، كانت آخرها قمَّة النَّقب في الأراضي المحتلَّة، بمشاركة وزراء خارجيَّة إسرائيل والمغرب ومصر والبحرين والإمارات العربيَّة المتَّحدة، في 27 و28 مارس 2022م. ويبدو أنَّ الرَّئيس بايدن يسعى لامتصاص الغضب الإسرائيلي حيال موافقة الإدارة الأمريكيَّة على التَّفاوض مع إيران لإحياء الاتِّفاق النَّووي، بإجرائه اتِّصالًا قبل أيَّام برئيس الوزراء الإسرائيلي، تناقشا خلاله بشأن شرط إيران رفْع الحرس الثَّوري من قوائم الإرهابيَّة لإبرام الاتِّفاق. وكما أشار بيان البيت الأبيض عن ذلك الاتِّصال، صرَّح بينيت بأنَّ لديه “قناعة بأنَّ الرَّئيس بايدن، الَّذي نعتبره صديقًا حقيقيًّا لإسرائيل، وهو حريص على أمن إسرائيل، لن يسمح برفع الحرس الثَّوري الإيراني عن قائمة المنظَّمات الإرهابيَّة”. هذا، وقد دعا بايدن بينيت لزيارة الولايات المتَّحدة خلال الأشهر المقبلة لمناقشة الملف النَّووي الإيراني.
ونتساءل: ماذا يعني تضارُب التَّصريحات بشأن إبرام الاتِّفاق النَّووي بين الولايات المتَّحدة وإيران؟ وهل تنجح زيارة بينيت إلى البيت الأبيض في إنهاء سوء التَّفاهم الأمريكي-الإسرائيلي بشأن إحياء الاتِّفاق؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى