دين ودنيا

قسم الصدقات (مصارف الزكاة) 5

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

من لا يجوز دفع الزكاة إليه:
بعد أن ذكرنا الأصناف التي يصرف إليهم الزكاة ، نتبع ذلك بذكر الأصناف التي لا يجوز صرف الزكاة إليهم، فهناك خمسة أصناف لا يجوز دفع الزكاة إليهم:
1- الغنيّ بمالٍ حاضرٍ عنده أو كسبٍ لائقٍ به يكفيه
فلا يجوز دفعها إلى غنيٍ من سهم الفقراء لقوله صلي الله عليه وسلم ” لا حظ فيها لغنيٍ ولا قويٍ مكتسب”( 1) فلا يجوز دفعها إلي من يقدر على كفايته بالكسب للخبر، ولأن غناه بالكسب كغناه بالمال، فلا يجوز صرف الزكاة إلي غنيٍ من سهم الفقراء أوالمساكين، ولا إلي قادر علي كسب يليق به يحصل له منه كفايته وكفاية عياله، وسبق بيان هذا في فصل سهم الفقراء وأما الصرف إليه من غير سهم الفقراء والمساكين مع الغني فيجوز كدفعها إلى العامل والغازي والغارم لذات البين والمؤلف، ولا يجوز إعطاء المكاتب مع الغنى ولا ابن السبيل ان كان غنيا هنا، ولا يضر غناه في موضع آخر كما سبق، ولا يعطي الغارم لمصلحة نفسه مع الغنى علي أصح القولين كما سبق.
وعند الحنفية الغني هو من يملك نصاباً من أي مالٍ كان، ولذا فقد صرحوا بأنه لا يجوز دفع الزكاة إلى من يملك نصابا من أي مال كان( 2).
وأما القدرة علي الكسب فتمنع إعطاء الفقير والمسكين كما سبق وأما باقى الأصناف فيعطون مع القدرة على الكسب بلا خلاف
2- العبد غير المكاتب إذ لا حق فيها لمن به رقّ غير المكاتب، فَلَا تدفع لعبد ليقتات مِنْهَا( 3)
3- بنو هاشم وبنو المطلب: الزكاة حرام على بنى هاشم وبنى المطلب بلا خلاف الا ما سبق فيما إذا كان أحدهم عاملا والصحيح تحريمه( 4)
فلا يجوز دفع الزكاة إلى هاشمي لقوله صلي لله عليه وسلم ” نحن أهل بيت لا تحل لنا الصدقة “( 5) ولا يجوز دفعها إلى مطلبي لقوله صلى الله عليه وسلم ” إن بني هاشم وبني المطلب شئ واحد، وشبَّك بين أصابعه “( 6) ولأنه حكم واحد يتعلق بذوى القربي فاستوى فيه الهاشمي والمطلبى كاستحقاق الخمس
فلا تحل لهما لقوله صلى الله عليه وسلم “إِنَّ هَذِهِ الصَدَقَات إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَإِنَّهَا لاَ تَحلُّ لِمُحمَّدٍ وَلا لآلِ مُحَمَّدٍ”( 7).
وقال: “لاَ أَحلُّ لَكُمْ أَهْلَ البَيْتِ مِنَ الصَدَقَاتِ شَيْئاً إِنَّ لَكُمْ فِي خُمْس الخُمْسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ” أي بل يغنيكم.( 8)
ولا تحل أيضاً لمواليهم لخبر “مَوْلَى القَوْمِ مِنْهُمْ( 9)”
4- من تلزم المزكي نفقته بزوجية أو بعضية: لا يدفعها إليهم من سهم الفقراء ولا من سهم المساكين لأنهم أغنياء بنفقته، ولأنه بالدفع إليهم يجلب إلى نفسه نفعاً وهو منع وجوب النفقة( 10)
وله دفعها إليهم من سهم باقي الأصناف إذا كانوا بتلك الصفة إلا أن المرأة لا تكون عاملة ولا غازية كما صرح به بعض فقهاء الشافعية .
5- الكافر: لا تصح للكافر إذا لم يقْصد تأليف قلبه بهَا( 11) لخبر الصحيحين “صَدَقَةٌ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلىَ فُقَرَائِهِمْ”( 12)
فلايجوز دفع شئ من الزكوات إلي كافرٍ سواء زكاة الفطر أو زكاة المال وهذا لا خلاف فيه عند الشافعية، وهوقول مالك والليث وأحمد وأبو ثور
قال ابن المنذر: أجمعت الامة أنه لا يجزئ دفع زكاة المال إلى الذمي، واختلفوا في زكاة الفطر فجوزها أبو حنيفة، وعن عمرو بن ميمون وعمر بن شرحبيل ومرة الهمذاني أنهم كانوا يعطون منها الرهبان.
نعم الكيال والحمال والحافظ ونحوهم يجوز كونهم كفاراً مستأجرين من سهم العامل لأن ذلك أجرة لا زكاة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1) هذا حديث صحيح رواه أبو داود باسناد صحيح
( 2) الهداية في شرح بداية المبتدي 1/ 112، بداية المبتدي صـ 38
( 3) الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية صـ 179
( 4) المجموع6/227
( 5) متفق عليه
( 6) رواه البخاري
( 7) رواه مسلم
( 8) المعجم الكبير للطبراني 11/ 217، وقال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 3/ 91 رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ الْمُلَقَّبُ بِحَنَشٍ، وَفِيهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَبُو مِحْصَنٍ، وفي التلخيص الحبير ط قرطبة 3/ 238: وَأَمَّا تَحْرِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْآلِ فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَفِيهِ هَذَا اللَّفْظُ، وَاللَّفْظُ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ: «إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ» . وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ حَنَشٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بَعَثَ نَوْفَلُ بْنُ الْحَارِثِ ابْنَيْهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . – الْحَدِيثَ – فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ لِلْإِصْطَخْرِيِّ فِي أَنَّ خُمُسَ الْخُمُسِ إذَا مُنِعَهُ أَهْلُ الْبَيْتِ حَلَّتْ لَهُمْ الصَّدَقَةُ.
( 9) رواه النسائي والدارمي وأحمد وابن حبان
( 10) المجموع6/229
( 11) المجموع6/228، الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية صـ 179
( 12) الصحيحين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى