قسم الصدقات (مصارف الزكاة)(4)
7- في سبيل الله أقوال العلماء في المقصود بسهم (في سبيل الله): وهل يشترط أن يكون فقيراً؟ مذهب الحنفية اشتراط ذلك( 1).وهو مروي أيضاً عن ابن القاسم من المالكية( 2)، وقال: إذا احتاج الغازي في غزوه وهو غنيٌ له مال غائب عنه لم يأخذ من الصدقة شيء ويستقرض. وقيل: هو كل غازٍ ذكرٍ متطوع بالجهاد والغزو في سبيل الله، فيعطى ولو غنياً إعانة له على الغزو. وهو قول الشافعية( 3)، والمالكية( 4)، وأبو يوسف من الحنفية( 5).وقال محمد بن الحسن من الحنفية، وأحمد، وإسحق، والحسن هو الحج في سبيل الله( 6). وقيل طلبة العلم، وفسره بعضهم بجميع القربات، فيدخل فيه كل من سعى في طاعة الله، وسبل الخيرات( 7) شروط إعطاء سهم في سبيل الله:اشترطوا أن يكون المجاهد حراً مسلماً، وألا يكون هاشمياً( 8) وَاستدلوا بقَوْلُ النَّبِيِّ: – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ» وَقَوْلُهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ» جَعَلَ النَّاسَ قِسْمَيْنِ قِسْمًا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَقِسْمًا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ فَلَوْ جَازَ صَرْفُ الصَّدَقَةِ إلَى الْغَنِيِّ لَبَطَلَتْ الْقِسْمَةُ وَهَذَا لَا يَجُوزُ.وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْغَازِي فَمَحْمُولٌ عَلَى حَالِ حُدُوثِ الْحَاجَةِ وَسَمَّاهُ غَنِيًّا عَلَى اعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْلَ حُدُوثِ الْحَاجَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ غَنِيًّا ثُمَّ تَحْدُثُ لَهُ الْحَاجَةُ( 9) قال راقمه أبو معاذ: أما حديث «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ» فالمراد من سهم الفقراء والمساكين، لكنه قد يأخذ من سهم العاملين عليها أو من سهم المؤلفة قلوبهم وإن كان غنياً بلا خلاف، فالحديث ليس على إطلاقه.وأما حديث: «أُمِرْتُ أَنْ آخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِكُمْ وَأَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِكُمْ»فلم يقل أحد من أهل العلم أن الحديث على ظاهره وإلا أسقطنا باقي الأصناف الثمانية، ولكن الحديث حجة فيمن قال بعدم جواز نقل الزكاة من بلد إلى بلد. اهـوقيل يعطى الغزاة من الزكاة فقراءً كانوا أم أغنياء؛ وهو مرويٌ عن الإمام مالك( 10)، وصححه القرطبي( 11)، وهو مذهب الإمام الشافعي( 12) . وَاحْتُجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ابْنِ السَّبِيلِ أَوْ رَجُلٍ لَهُ جَارٌ مِسْكِينٌ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَأَعْطَاهَا لَهُ» ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ إلَّا لِخَمْسٍ الْعَامِلِ عَلَيْهَا، وَرَجُلٍ اشْتَرَاهَا، وَغَارِمٍ، وَغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفَقِيرٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ فَأَهْدَاهَا إلَى غَنِيٍّ» نَفَى حِلَّ الصَّدَقَةِ لِلْأَغْنِيَاءِ وَاسْتَثْنَى الْغَازِيَ مِنْهُمْ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَيَقْتَضِي حِلَّ الصَّدَقَةِ لِلْغَازِي الْغَنِيِّ.وهو حديث حسن أو صحيح رواه أبو داود من طريقين (أحدهما) عن عطاء ابن يسار عن أبى سعيد الخدرى عن النبي صلي الله عليه وسلم (والثاني) عن عطاء عن النبي صلي الله عليه وسلم مرسلا واسناده جيد في الطريقين وجمع البيهقى طرقه وفيها أن مالكا وابن عيينة أرسلاه وان معمرا والثوري وصلاه وهما من جملة الحفاظ المعتمدين وقد تقررت القاعدة المعروفة لاهل الحديث والاصول أن الحديث إذا روى متصلا ومرسلا كان الحكم للاتصال علي المذهب الصحيح( 13) متى يعطى؟يعطى الغازي من الزكاة وقت الخروج ليُهيِّء أسباب سفره، فإن أخذ ولم يخرج إلى الغزو استرجع منه( 14) مقدار ما يعطى:يعطى النفقة والكسوة مدة الذهاب والرجوع، ومدة الإقامة في الثغر وإن طال.ويعطى ما يشتري به السلاح، وألات الحرب والقتال، والفرس إن كان يقاتل فارساً، ويصير ذلك ملكاً له( 15). 8- ابن السبيلابن السبيل هو المسافر، وسمي بذلك للزومه الطريق( 16) وهو صنفان( 17): 1- من أنشأ سفراً من بلده، أو من بلد يقيم فيه. ويعطى هذا على مذهب الشافعي( 18) وقال أبو حنيفة ومالك لا يعطى منشأ السفر.2- الغريب المجتاز بالبلد في سفره إن احتاج، ولا خلاف بين أهل العلم في إعطاء هذا الصنف( 19)لذلك عرفه القرطبي بقوله (20) : الذي انقطعت به الأسباب في سفره عن بلده ومستقره. وماله، وإن كان غنياً في بلده.( 21) شروط إعطاء ابن السبيل من الزكاة:1- اشترط بعضهم أن يكون سفره في غير معصية(22)، فلا يعطى من سافر في معصية( 23).2- واختلفوا في ابن السبيل إن كان له مال في بلده، ووجد من يسلفه؛ فقال بعضهم: لا يلزم أن يشغل ذمته بالسلف( 24)، وقال بعضهم إن وجد من يسلفه فلا يعطى من الزكاة( 25).3- يشترط حاجته في سفره، ولا يضر غناه في غير سفر، فيعطى من ليس معه كفاية في طريقه( 26). مقدار ما يعطى:إذا أنشأ السفر من بلده، أو من بلدٍ يقيم فيه فيعطى كفايته في ذهابه وإيابه( 27) ويعطى جميع كفايته، لا مازاد على نفقته بسبب السفر على الأصح( 28). وإن كان غريباً مجتازاً أُعطيَ ما يبلِّغه مقصده، أو موضع ماله إذا كان له مال في طريقه، فيعطى النفقة والكسوة إذا احتاج اليها، ويهيء له ما يركبه بشراء أو كراء إذا كان السفر طويلا والرجل ضعيفاً لا يستطيع المشي( 29). إذا رجع ابن السبيل وقد فضل معه شيء استرجع منه سواء قتر على نفسه أم لا( 30) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ( 1) فتح القدير2/255، بدائع الصنائع2/46( 2) الشرح الصغير1/663( 3) المجموع6/213( 4) تفسير القرطبي8/186، الشرح الصغير1/663( 5) أحكام القرآن للجصاص3/127، رد المحتار2/61.( 6) أحكام القرآن للجصاص3/127، تفسير القرطبي8/185، تفسير ابن كثير2/380( 7) رد المحتار2/61( 8) تفسير القرطبي8/186( 9) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 2/ 46( 10) تفسير القرطبي 8/185، الشرح الصغير1/663( 11) تفسير القرطبي 8/187( 12) المجموع6/213، أحكام القرآن للجصاص3/127( 13) المجموع6/206( 14) المجموع6/213( 15) روضة الطالبين2/188، المجموع6/213( 16) رد المحتار2/61( 17) روضة الطالبين2/182، المجموع6/214( 18) المجموع 6 /216( 19) المجموع6/216( 20) تفسير القرطبي8/187( 21) أحكام القرآن للجصاص3/127، فتح القدير2/205( 22) الشرح الصغير1/663( 23) المجموع 6/214( 24) تفسير القرطبي8/187،المجموع6/216( 25) تفسير القرطبي8/187، الشرح الصغير1/664( 26) المجموع6/214( 27) تفسير ابن كثير2/380، المجموع6/215( 28) روضة الطالبين2/188، المجموع6/215( 29) روضة الطالبين2/187، المجموع6/215( 30) المجموع6/216
