منوعات

ماكرون ولوبان يشتبكان حول روسيا والاتحاد الأوروبي في مناظرة حامية

باريس – اتهم الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان بأنها عبدة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بسبب حصول حزبها على قرض قبل أعوام من بنك روسي، في مناظرة تلفزيونية حادة قبل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأحد.

وبينما اتهم ماكرون منافسته بأن لديها رغبة غير منقوصة في إخراج فرنسا من الاتحاد الأوروبي، ردت لوبان بتعهد بإعادة الأموال إلى جيوب الملايين من الفرنسيين الذين زادوا فقرا خلال خمس سنوات من رئاسة ماكرون.

وبذل الرئيس المنتهية ولايته والمرشحة اليمينية المتطرفة خلال أكثر من ساعتين و45 دقيقة كل ما في وسعهما لمحاولة إقناع الناخبين المترددين والممتنعين عن التصويت في الجولة الأولى، لاسيما ناخبي اليسار الذين ينتظر أن يؤدوا دورا حاسما في الاقتراع الأحد.

وبعد مصافحة سريعة، أخذ المرشحان مقعديهما في أستوديو تلفزيوني “تي.أف 1” و”فرانس 2″، وانطلقا في استعراض آرائهما المتخالفة في مجمل الموضوعات التي نوقشت خلال الأمسية.

وتخللت المناظرة، وهي الوحيدة بينهما في هذه الانتخابات، عبارات مثل “لا تقاطعني”، واتهامات من كل طرف إلى الآخر بأنه غير مؤهل لقيادة فرنسا، التي تملك حق النقض “فيتو” في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وثاني أكبر قوة اقتصادية في أوروبا.

وقال ماكرون للوبان “كفي عن خلط الأمور ببعضها”، وذلك خلال نقاش محتدم حول ديون فرنسا، التي تضخمت مثل ديون الدول الأخرى بسبب التدابير التي اتخذت للدعم بسبب الجائحة.

وردت لوبان، التي تجنبت الزلات التي وقعت فيها في مناظرة سابقة في انتخابات 2017، قائلة لماكرون “لا تعطني دروسا”.

وبالنسبة إلى لوبان، التي تتأخر كثيرا عن ماكرون في استطلاعات آراء الناخبين بفارق 44 – 56 في المئة، فإن المناظرة فرصة لإقناع الناخبين بأنها تتمتع بالمكانة التي تجعلها رئيسة، وبألا ينبغي لهم الخوف من رؤية اليمين المتطرف في السلطة.

وأظهر استطلاع سريع للرأي أجرته شركة إيلابي لصالح محطة بي.أف.أم التلفزيونية أن 59 في المئة من المشاهدين الذين شملهم الاستطلاع يرون أن ماكرون أكثر إقناعا عن لوبان، لكن من غير الواضح كيف ستترجم هذه النتيجة في اتجاهات التصويت الأحد.

وكانت الحدة عالية بشأن القضايا السياسية المحلية، وتصاعدت بين المتنافسين أثناء نقاش النزاع المحتدم في أوكرانيا، منذ بدء الغزو الروسي في الرابع والعشرين من فبراير.

وتوجه إيمانويل ماكرون إلى منافسته قائلا “كنت على ما أعتقد من أوائل السياسيين الأوروبيين الذين اعترفوا بنتيجة ضم شبه جزيرة القرم في وقت مبكر من عام 2014″، في إشارة إلى ضم روسيا لشبه الجزيرة الأوكرانية الذي لم يعترف به المجتمع الدولي.

وأضاف “لماذا فعلت ذلك؟ لأنك تعتمدين على السلطة الروسية وتعتمدين على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، مشيرا إلى حصول حزبها “التجمع الوطني” على قرض بقيمة تسعة ملايين يورو عام 2017 من بنك روسي.

وردت مارين لوبان “أنا امرأة حرة تماما”، وعللت الحصول على القرض برفض البنوك الفرنسية إقراض حزبها حينذاك.

وأضافت “أدعم أوكرانيا حرّة لا تتبع للولايات المتّحدة ولا للاتحاد الأوروبي ولا لروسيا، هذا هو موقفي”.

‏وأشارت مرشّحة حزب التجمّع الوطني للرئاسة الفرنسية إلى أنها لا تتّفق مع عقوبة منع استيراد الغاز والنفط الروسيين، معتبرة أنها لن تضرّ روسيا، ولكن الشعب الفرنسي فقط.
واستمرت حدّة النقاش عند تناول الاتحاد الأوروبي، ونفت لوبان الاتهامات بأنها لا تزال ترغب في إخراج فرنسا من التكتّل.

وقالت المرشحة اليمينية المتطرفة “أريد تطوير هذه المنظمة الأوروبية، لكن يا ماكرون لم أعتقد أنك ستتبنى نظرية المؤامرة”.

وأجاب غريمها “أنت غير واضحة، مشروعك عندما نفككه لبنة لبنة نجد أنه مشروع لا يذكر الأشياء بمسمياتها، لكنه يتمثل في الخروج من أوروبا”، معتبرا أن ذلك يجعل انتخابات الأحد “استفتاء مع أو ضد أوروبا”.

وخلال المناظرة، بدت لوبان مترددة ومنكفئة ومتلعثمة أحيانا، وفي المقابل، كان ماكرون مبادرا ومنظما في أفكاره، بحسب محللين.

وحاولت لوبان إيقاع ماكرون في فخ الأرقام، لكنها وقعت في الإحراج عندما قال إن دعوتها إلى منع الحجاب في الأماكن العامة ستؤدي إلى حرب أهلية، فتراجعت حدة طرحها في هذا المجال.

وقال ماكرون إن “مسألة الحجاب تخص دينا معينا، العلمانية ‏ليست محاربة أي دين، الحجاب ممنوع في المدرسة، أما منعه في المدن فسيؤدي إلى حرب أهلية وما تقولينه خطير جدا”.

وردت لوبان “سأمنع الحجاب ‏في الأماكن العامة، فهو لباس يفرضه المتطرفون، لا أخوض حربا ضد المسلمين، في حالات معينة هم ضحايا المتطرفين”.

ومع انخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوى له في 13 عاما، قال ماكرون إنه فخور بخلق فرص عمل خلال فترة ولايته، وأضاف “أفضل طريقة لاكتساب القوة الشرائية هي محاربة البطالة”.

وظل المرشحان يتبادلان الاتهامات بالفشل في التجاوب مع مخاوف الناخبين الحقيقية، إذ قالت لوبان إن مقترحاتها “في الحياة الواقعية”.

وقالت “سأجعل الأولوية القصوى بالنسبة لي خلال السنوات الخمس القادمة هي أن أعيد للفرنسيين أموالهم”، وأضافت أن الفرنسيين “عانوا” في فترة ولاية ماكرون.

وتقدم الانتخابات للفرنسيين رؤيتين متعارضتين لبلادهم، إذ يقدم ماكرون برنامجا ليبراليا مؤيدا لأوروبا، بينما تأسس برنامج لوبان القومي على شكوك عميقة تجاه أوروبا.

وجرت الكثير من المساومات خلف الكواليس قبل المناظرة، بدءا بدرجة حرارة الغرفة إلى اللجوء إلى عملة لتحديد بأي موضوع ستبدأ المناظرة، تكاليف المعيشة، ومن الذي سيتحدث أولا، لوبان.

وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة أوبنيان واي – كيا بارتنرز لصالح صحيفة ليزيكو، أن حوالي 14 في المئة من الناخبين كانوا ينتظرون المناظرة لتحديد من سيصوتون له، بينما قال 12 في المئة إنهم سيحسمون أمرهم إذا كانوا سيصوتون من الأساس.

ويعني ذلك أنه بعد تصويت أكثر من نصف الناخبين إما لمرشحة اليمين المتطرف أو لمرشح اليسار المتشدد في الجولة الأولى التي جرت في العاشر من أبريل، فإن تقدم ماكرون في استطلاعات الرأي أقل بكثير عما كان عليه قبل خمس سنوات، عندما هزم لوبان بنسبة 66.1 في المئة من الأصوات.

المصدر: صحيفة العرب اللندنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى