مقالات

ماذا تريد أمريكا مقابل رفْع الحرس الثَّوري من قوائم الإرهاب؟

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

تتضارب التَّصريحات الرَّسميَّة بشأن سير المفاوضات الجارية بين الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة وإيران لإحياء اتِّفاق لوزان النَّووي لعام 2015م؛ فتارة يصدر تصريح يؤكِّد أنَّ إبرام الاتِّفاق الجديد مسألة وقت؛ وتارة أخرى يتردَّد أنَّ المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود بسبب عجْز الطَّرفين عن إنهاء الخلافات والوصول إلى اتِّفاق مُرضٍ. وكان من أحدث ما تناقلته وسائل الإعلام بشأن الموقف الإيراني من استكمال المفاوضات النَّوويَّة الإعلان عن تقدُّم نوَّاب برلمانيين إيرانيين الأحد 10 أبريل 2022م برسالة إلى الرَّئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، يطالبونه فيها باشتراط عدم مساس الإدارات الأمريكيَّة المستقبليَّة بالاتِّفاق الجديد، حال إبرامه، وعدم فرْض عقوبات جديدة على إيران، كما فعل الرَّئيس الأمريكي السَّابق، دونالد ترامب، بالانسحاب عام 2018م من الاتِّفاق الَّذي أبرمه سلفه، باراك أوباما. ويُضاف إلى ذلك أنَّ وزير الخارجيَّة الإيراني، حسين عبد اللهيان، أعلن خلال الاجتماع الأول للجنة تنسيق العلاقات الاقتصاديَّة الخارجيَّة، أنَّ الجانب الأمريكي يتعمَّد إدخال شروط لا ينصُّ عليها الاتِّفاق الأوَّل، ما أثار تساؤلات عن مستقبل المفاوضات ومآلها. ولعلَّ أهم نقطة خلاف بين طرفي النِّزاع موقف الولايات المتَّحدة من رفْع الحرس الثَّوري الإيراني من اللائحة الأمريكيَّة السَّوداء للمنظَّمات الإرهابيَّة الأجنبيَّة، بعدما صرَّح وزير الخارجيَّة الأمريكي، أنتوني بلينكن، أكثر من مرَّة بأنَّه مرفوض من قِبل الإدارة الأمريكيَّة. وخلافًا للتَّوقُّعات بفشل المفاوضات، صرَّح مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، الجمعة 15 أبريل بأنَّ بلاده وإيران وصلتا إلى مرحلة متقدِّمة في المفاوضات، وهي “النُّقطة الَّتي يمكن أن تعود فيها إيران والولايات المتَّحدة إلى الاتِّفاق النَّووي على أساس الامتثال المتبادل”، لكنَّ هذا لا يعني إنهاء كافَّة الخلافات وحسْم القضايا العالقة، وفق ما نشره موقع الجزيرة نت. أضاف سوليفان أنَّ الرَّئيس الأمريكي، جو بايدن، لن يبرم الاتِّفاق مع إيران إلَّا إذا تأكَّد أنَّه يردعها بما يكفي عن تطوير أسلحة نوويَّة، وحينها سيوافق على رفْع كافَّة العقوبات الَّتي فرضتها إدارة ترامب، وعلى رأسها حظْر بيع النَّفط الإيراني. وبرغم التَّصريح، أفادت شبكة NBC News الإخباريَّة الأمريكيَّة بأنَّ مسؤولين بارزين في الإدارة الأمريكيَّة صرَّحوا بأنَّ مفاوضات إحياء الاتِّفاق النَّووي وصلت إلى “طريق مسدود”؛ بسبب إصرار الجانب الإيراني على رفْع الحرس الثَّوري الإيراني من قوائم الإرهاب الأمريكيَّة، وتعنُّت الجانب الأمريكي في هذا الصَّدد. وقد تردَّد أنَّ إدارة بايدن عرضت على إيران الموافقة على ذلك الشَّرط، في مقابل تراجُع نظام ملالي الرَّافضة عن نيَّته الانتقام من مسؤولين أمريكيين سابقين، شاركوا في تنظيم عمليَّة اغتيال قاسم سليماني، قائد الحرس الثَّوري الإيراني السَّابق، في غارة أمريكيَّة استهدفت مطار بغداد مطلع يناير 2020م. غير أنَّ إيران رفضت ذلك الاقتراح، وقدَّمت اقتراحًا مضادًّا، ليصرَّح وزير خارجيَّتها، حسين عبد اللهيان بأنَّ “الكرة في ملعب بايدن”. وكما يوضح مقال نشره موقع العربيَّة تحت عنوان “ارتباك إيراني تجاه الاتفاق النَّووي.. كيف وضع ترامب ‘‘حبة سم’’ لإدارة بايدن؟”، قد تُبرم الولايات المتَّحدة مع إيران صفقة تقدِّم الأخيرة بموجبها تنازلات تتعلَّق ببرنامجها الصَّاروخي، أو بتحرُّكاتها التَّوسُّعيَّة في منطقة الشَّرق الأوسط. وفرضت إيران بالفعل عقوبات على أكثر من 50 مسؤول أمريكي سابق متَّهمين بالتَّورُّط في مقتل سليماني، ومنهم رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكيَّة، الجنرال مارك ميلي، والرَّئيس السَّابق للقيادة المركزيَّة الأمريكيَّة، الجنرال فرانك ماكنزي، لكنَّ إدارة بايدن أكَّدت حمايتها لهؤلاء المسؤولين في مواجهة التَّهديدات الإيرانيَّة. خامئني: ماضون في تطوير برنامجنا النَّووي وإن فشلت المفاوضات صرَّح علي خامنئي، المرشد الأعلى للثَّورة الإيرانيَّة، مؤخَّرًا في لقاء رسمي برؤساء السُّلطات الثَّلاث في إيران، بأنَّ المفاوضات الجارية بين بلاده والولايات المتَّحدة الأمريكيَّة تسير على نحو مُرضٍ، وإن انتقد ما أطلق عليه “تسلُّط الطَّرف الآخر”، مؤكِّدًا مقاومة فريق التَّفاوض محاولات إجباره إيران على إبرام اتِّفاق لا يحقِّق لها تطلُّعاتها. تطرَّق خامنئي إلى رفْض الجانب الأمريكي بعض الشُّروط الإيرانيَّة، قائلًا إنَّ أمريكا “نكثت بالعهد في الاتِّفاق النَّووي، ووصلت إلى طريق مسدود في المحادثات”، موضحًا أنَّ مستقبل إيران غير مرتبط بنجاح المفاوضات من عدمه. وممَّا يثبت استمرار العمل في البرنامج النَّووي الإيراني برغم الإدانة الدُّوليَّة والحذر الأمريكي، أن توجَّه خامنئي بكلمة إلى القائمين على البرنامج للمضي قدمًا في مساعيهم، بقوله “إذا وصلت المفاوضات إلى نتائج إيجابيَّة أو شبه إيجابيَّة أو سلبيَّة، فيجب ألا تعرقل عملكم. امضوا قُدُماً في برنامجكم”. يُذكر في ذلك السِّياق أنَّ إيران أبلغت الوكالة الدُّوليَّة للطَّاقة الذَّريَّة بأنَّها شرعت في إنتاج، مكوِّنات لأجهزة الطَّرد المركزي في منشأة نطنز، وهي أكبر منشآتها النَّوويَّة. وقد أعلن مدير المركز العربي للدِّراسات الإيرانيَّة، محمد صالح صدقيان، أنَّ بلاده قد أصدرت ما يُسمَّى الوثيقة الاستراتيجيَّة الشَّاملة للصِّناعة النَّوويَّة قبل أيَّام، وهي تشتمل على 3 بنود أساسيَّة، يأتي على رأسها تطوير 30 مفاعلًا نوويًّا جديدًا بحلول عام 2040م، هذا إلى جانب تسهيل مشاركة القطاع الخاص في تطوير البرنامج، والاستفادة من الأبحاث العلميَّة في تعزيز قدراته. ونتساءل: ما مآل المفاوضات النَّوويَّة في ظلِّ تضارُب الأقاويل بشأن الوصول إلى تفاهُم نهائي؟ وما موقف إيران من تنفيذ أهدافها التَّوسُّعيَّة في منطقة الخليج العربي في حال أُبرم الاتِّفاق الجديد؟ وما مدى جدِّيَّة الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة في محاولة كبْح طموحات إيران في المنطقة؟

بايدن ينتظر تنازلًا إيرانيًّا كبيرًا لإبرام الاتِّفاق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى