اقتصاد

واقع الاقتصاد المصري بين الدَّعم الخليجي وشبح الإفلاس

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

تأثَّر الاقتصاد المصري سلبًا بالحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة، الَّتي تدور رحاها منذ أواخر فبراير الماضي، حيث أدَّى ارتفاع أسعار النَّفط وتعذُّر الحصول على شحنات من القمح الرُّوسي والأوكراني إلى ارتفاع جديد في أسعار المنتجات محليَّة الصُّنع والمستوردة من الخارج. اضطرَّت الحكومة المصريَّة في مارس 2022م إلى تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدُّولار، أو تعويم الجنيه، ليتحقَّق بذلك ما توقَّعه تقرير اقتصادي أعدَّه بنك الاستثمار “جيه.بي مورغان” قُبيل إعلان التَّعويم الجديد للجنيه، عن تراجُع قيمه العملة المحلِّيَّة المصريَّة وفقدانها ما قد يتجاوز 20 بالمائة من قيمتها، وهناك توقُّعات بمزيد من فقدان القيمة، مع وصول الدَّين الخارجي لمصر في سبتمبر 2021م إلى ما قيمته 137.420 مليار دولار، وسعي الحكومة المصريَّة إلى الحصول على مزيد من القروض من المؤسَّسات الماليَّة الغربيَّة.

ودعمًا لمصر في محنتها الاقتصاديَّة الَّتي أدَّت إلى تصاعُد الغضب الشَّعبي من سوء الأحوال المعيشيَّة مطالبة البعض للنِّظام الحاكم بالرَّحيل عن الحُكم، ضخَّت دول خليجيَّة استثمارات ماليَّة ضخمة، تُقدَّر بـ 22 مليار دولار في صورة استثمارات، وليس مساعدات أو مِنح. وقُسِّمت تلك المساعدات بين “5 مليارات دولار أودعتها المملكة العربيَّة السَّعوديَّة في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخُّها الصُّندوق السِّيادي السَّعودي، و5 مليارات دولار تعتزم قطر استثمارها في مصر، و2 مليار دولار من صندوق أبو ظبي السِّيادي لشراء حصص في شركات مدرجة بالبورصة المصريَّة” نقلًا عن موقع CNN بالعربيَّة. ويستشهد الموقع في مقال المنشور بتاريخ 6 أبريل 2022م بالخبير الاقتصادي المصري وائل زيادة، المؤسِّس والرَّئيس التنفيذي لشركة زيلا كابيتال، في تأكيده على صمود الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمة الماليَّة العالميَّة، وقدرته على اجتذاب الاستثمارات الأجنبيَّة، برغم خروج العديد من المستثمرين الأجانب من السُّوق المصريَّة تزامنًا مع اندلاع الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة، وما تبع ذلك من تراجُع حادّ في الاحتياطي النَّقدي الأجنبي للبلاد، الَّذي أدَّى بدوره إلى ارتفاع الأسعار وتحرير سعر الصَّرف أمام الدُّولار ورفْع فوائد البنوك.

صحيفة مصريَّة: الاقتصاد المصري صامد وإنجازاته غير مسبوقة

تحت عنوان ” نجاحات مستمرَّة.. الاقتصاد المصري يحقق إنجازات كبرى ويصمد أمام الأزمات العالميَّة”، نشرت صحيفة اليوم السَّابع المصريَّة في 8 أبريل الجاري مقالًا يتناول النَّجاحات الَّتي حقَّقها الاقتصاد المصري في السِّنين السَّبع الأخيرة، في إشادة بخطَّة الإصلاح الاقتصادي المتَّبعة الَّتي صبَّت اهتمامها على إقامة مشاريع قوميَّة كبرى، على حدِّ وصْف الصَّحيفة. يشير المقال إلى تقرير أعدَّته مؤسَّسة ماعت للسَّلام والتَّنمية وحقوق الإنسان، يؤكِّد أنَّ خطَّة الإصلاح الاقتصادي أسهمت بشكل كبير في رفْع المعاناة عن المصريين، كما شجَّعت المستثمرين الأجانب على توظيف أموالهم في مصر في شتَّى المجالات؛ الأمر الَّذي أدَّى إلى حالة من الانتعاش الاقتصادي والوفرة الماليَّة لدى المواطن الكادح، كما تكشف الصَّحيفة الَّتي يمتلكها رجل أعمال مقرَّب من رجال السُّلطة. هذا، وقد أكَّد الدُّكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، أنَّ ضخَّ الأموال الخليجيَّة إلى مصر في خضمِّ الأزمة الاقتصاديَّة الحالية من شأنه مضاعفة قدرة الاقتصاد المصري على الصُّمود، وفيه تأكيد على مدى قوَّته ومتانته؛ فالثِّقة الَّتي منحتها دول الخليج لمصر بالاستثمار فيها في تلك المرحلة العصيبة ليس إلَّا عن ثقة في جودة الظُّروف المتاحة للاستثمار.

أزمة غذاء في مصر تلوح في الأفق

برغم ما أثاره مقال اليوم السَّابع عن قدرة الاقتصاد المصري على الصُّمود في مواجهة الضُّغوط السِّياسيَّة والأزمة الاقتصاديَّة العالميَّة، فهناك مؤشِّرات على إمكانيَّة حدوث أزمة في الغذاء في مصر خلال الفترة المقبلة. فقد أثار الرَّئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحافي عُقد قبل أسابيع قليلة في باريس، المخاوف من احتماليَّة حدوث أزمة غذاء في الشَّرق الأوسط وإفريقيا، حيث تقع مصر، لا سيِّما في الدُّول الَّتي تعاني في الأصل من مشكلات اقتصاديَّة وتعتمد على استيراد المنتجات الغذائيَّة من الخارج، من جرَّاء الحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة. وأضاف ماكرون أنَّ الأزمة الغذائيَّة قد تستفحل خلال عام ونصف من الآن، داعيًا أوروبَّا بأكملها إلى تقديم المساعدات للدُّول المعوزة، كما نشرت وكالة رويترز.

أزمة الخبز في مصر

ويأتي تصريح ماكرون تعقيبًا على الصُّندوق الدُّولي للتَّنمية الزِّراعيَّة التَّابع للأمم المتَّحدة (إيفاد) من تسبُّب الحرب في ارتفاع أسعار الأغذية، وحدوث أزمات إنسانيَّة نتيجة لذلك. من ناحية أخرى، جدَّدت منظَّمة الأمم المتَّحدة للطُّفولة (يونيسيف) تحذير المنظَّمات الدُّوليَّة من حدوث مجاعات في دول الشَّرق الأوسط وإفريقيا نتيجة للحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة، مذكِّرةً بأنَّ الأطفال أكثر المتضرِّرين من الحروب والأوبئة والمجاعات، وداعيةً إلى مواجهة الأزمة بتقديم الدَّعم اللازم للدُّول الَّتي تعاني من أزمات غذائيَّة ونقْص في العلاجات. وفي تأكيد على معاناة مصر في هذه الآونة من أزمة غذائيَّة ليست بالهيِّنة، أعلن السَّفير كريستيان بيرجر، رئيس وفد الاتِّحاد الأوروبي في مصر، عن منْح الاتِّحاد مصر مساعدات ماليَّة بقيمة 100 مليون يورو لمواجهة نقْص الأغذية وارتفاع أسعارها، حيث كتب عبر شبكة تويتر في 6 أبريل 2022م “الاتِّحاد الأوروبي يقف إلى جانب شركائه في هذه الأوقات الصَّعبة من المحنة الاقتصاديَّة النَّاجمة عن الهجوم الرُّوسي”.

بعد لبنان…هل يهدِّد شبح الإفلاس مصر؟

ينتقد الإعلام المصري المعارض للنِّظام الحاكم في البلاد، منذ الإطاحة بالرَّئيس الأسبق محمَّد مرسي في 3 يوليو من عام 2013م، الأداء الاقتصادي للنَّظام، مع إثارة مخاوف حيال بيع أصول الدُّولة، من شركات ومؤسَّسات اقتصاديَّة ومصانع ومبانٍ حكوميَّة، للدُّول الأجنبيَّة. وكان ردُّ فعل الإعلام النَّاطق باسم النِّظام الحاكم هو التَّكذيب والشَّجب والتَّخوين والاتِّهام بالانتماء إلى جامعة الإخوان المسلمون المصنفَّة جماعة إرهابيَّة لكافَّة المعارضين. وكما سبق القول، يشيد الإعلام المؤيِّد لسياسة الحُكم بالخطوات الَّتي أخذها النِّظام لإحداث إصلاح اقتصادي، ولعلَّ في مقال اليوم السَّابع آنف الذِّكر خير مثال. غير أنَّ الحديث عن تردِّي الأوضاع الاقتصاديَّة وعجْز الدَّولة عن تحسين الأوضاع المعيشيَّة لم يصبح حكرًا على الإعلام المعارض، فقد نشَر المعهد المصري للدِّراسات، تقريرًا أعدَّه أحمد ذكر الله، أستاذ الاقتصاد بكليَّة التِّجارة بجامعة الأزهر، تحت عنوان “الاقتصاد المصري وخطر الإفلاس: المؤشرات والمآلات”، أثار فيه الباحث، التَّابع لإحدى الجامعات الحكوميَّة المصريَّة، مسألة احتمال تعرُّض مصر مستقبلًا للإفلاس بعد أن “انزلقت عمليًّا في الدَّائرة الخبيثة للقروض الأجنبيَّة”. ويحذِّر ذكر الله من الاتِّجاه إلى الاستدانة من جديد من المؤسَّسات الماليَّة الغربيَّة؛ لأنَّ في ذلك ما سيفاقم الأزمة بإثقال كاهل المواطنين بمزيد من الضَّرائب لتسديد فوائد تلك القروض، هذا إلى جانب تقشُّف الموازنة العامَّة وبيع مزيد من الأصول. وكانت الحكومة المصريَّة قد أعلنت نهاية مارس 2022م عن نيَّتها طلب قرض من صندوق النَّقد الدُّولي، هو الرَّابع في 6 سنوات لمواجهة تداعيات الحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة وجائحة كورونا.

ونتساءل: ما مآل بيع أصول الدَّولة والحصول على مزيد من القروض من المؤسَّسات الرِّبويَّة الغربيَّة الَّتي يمتلكها اليهود؟ ونكرَّر ما سبق التَّساؤل عنه: هل تفضي أزمة الغلاء في مصر، الَّتي قد يصاحبها نقْص في مياه الشُّرب بسبب احتجاز سدِّ النَّهضة الإثيوبي إلى جزء ممن حصَّة مصر في مياه النِّيل، إلى نبوءة خراب البلاد المذكورة في العهد القديم (سفر اشعياء: إصحاح 19-20)؟ وهل في إثقال مصر بالدُّيون الخارجيَّة ما يسهِّل مهمَّة المنصِّرين في إخضاع الشُّعوب المسلمة، كما يرصد د. محمَّد عمارة في كتابه استراتيجيَّة التَّنصير في العالم الإسلامي: بروتوكولات قساوسة التَّنصير (1992م)؟ وهل النَّتيجة الحتميَّة للفوضى المحتملة هي تقسيم البلاد على أساس طائفي وعرقي، وفقًا لمخطَّطي للصُّهيونيين، المستشرق اليهودي برنارد لويس والصُّحافي الإسرائيلي عوديد ينون؟ وهل في مقتل كاهن كنيسة السَّيدة العذراء وماربولس بالإسكندريَّة في 8 أبريل 2022م على يد مسلم ملتحٍ ما يتطوَّر إلى حرب طائفيَّة تخدم مخطَّط التَّقسيم؟

واقع الاقتصاد المصري بين الدَّعم الخليجي وشبح الإفلاس

تأثَّر الاقتصاد المصري سلبًا بالحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة، الَّتي تدور رحاها منذ أواخر فبراير الماضي، حيث أدَّى ارتفاع أسعار النَّفط وتعذُّر الحصول على شحنات من القمح الرُّوسي والأوكراني إلى ارتفاع جديد في أسعار المنتجات محليَّة الصُّنع والمستوردة من الخارج. اضطرَّت الحكومة المصريَّة في مارس 2022م إلى تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدُّولار، أو تعويم الجنيه، ليتحقَّق بذلك ما توقَّعه تقرير اقتصادي أعدَّه بنك الاستثمار “جيه.بي مورغان” قُبيل إعلان التَّعويم الجديد للجنيه، عن تراجُع قيمه العملة المحلِّيَّة المصريَّة وفقدانها ما قد يتجاوز 20 بالمائة من قيمتها، وهناك توقُّعات بمزيد من فقدان القيمة، مع وصول الدَّين الخارجي لمصر في سبتمبر 2021م إلى ما قيمته 137.420 مليار دولار، وسعي الحكومة المصريَّة إلى الحصول على مزيد من القروض من المؤسَّسات الماليَّة الغربيَّة.

ودعمًا لمصر في محنتها الاقتصاديَّة الَّتي أدَّت إلى تصاعُد الغضب الشَّعبي من سوء الأحوال المعيشيَّة مطالبة البعض للنِّظام الحاكم بالرَّحيل عن الحُكم، ضخَّت دول خليجيَّة استثمارات ماليَّة ضخمة، تُقدَّر بـ 22 مليار دولار في صورة استثمارات، وليس مساعدات أو مِنح. وقُسِّمت تلك المساعدات بين “5 مليارات دولار أودعتها المملكة العربيَّة السَّعوديَّة في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخُّها الصُّندوق السِّيادي السَّعودي، و5 مليارات دولار تعتزم قطر استثمارها في مصر، و2 مليار دولار من صندوق أبو ظبي السِّيادي لشراء حصص في شركات مدرجة بالبورصة المصريَّة” نقلًا عن موقع CNN بالعربيَّة. ويستشهد الموقع في مقال المنشور بتاريخ 6 أبريل 2022م بالخبير الاقتصادي المصري وائل زيادة، المؤسِّس والرَّئيس التنفيذي لشركة زيلا كابيتال، في تأكيده على صمود الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمة الماليَّة العالميَّة، وقدرته على اجتذاب الاستثمارات الأجنبيَّة، برغم خروج العديد من المستثمرين الأجانب من السُّوق المصريَّة تزامنًا مع اندلاع الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة، وما تبع ذلك من تراجُع حادّ في الاحتياطي النَّقدي الأجنبي للبلاد، الَّذي أدَّى بدوره إلى ارتفاع الأسعار وتحرير سعر الصَّرف أمام الدُّولار ورفْع فوائد البنوك.

صحيفة مصريَّة: الاقتصاد المصري صامد وإنجازاته غير مسبوقة

تحت عنوان ” نجاحات مستمرَّة.. الاقتصاد المصري يحقق إنجازات كبرى ويصمد أمام الأزمات العالميَّة”، نشرت صحيفة اليوم السَّابع المصريَّة في 8 أبريل الجاري مقالًا يتناول النَّجاحات الَّتي حقَّقها الاقتصاد المصري في السِّنين السَّبع الأخيرة، في إشادة بخطَّة الإصلاح الاقتصادي المتَّبعة الَّتي صبَّت اهتمامها على إقامة مشاريع قوميَّة كبرى، على حدِّ وصْف الصَّحيفة. يشير المقال إلى تقرير أعدَّته مؤسَّسة ماعت للسَّلام والتَّنمية وحقوق الإنسان، يؤكِّد أنَّ خطَّة الإصلاح الاقتصادي أسهمت بشكل كبير في رفْع المعاناة عن المصريين، كما شجَّعت المستثمرين الأجانب على توظيف أموالهم في مصر في شتَّى المجالات؛ الأمر الَّذي أدَّى إلى حالة من الانتعاش الاقتصادي والوفرة الماليَّة لدى المواطن الكادح، كما تكشف الصَّحيفة الَّتي يمتلكها رجل أعمال مقرَّب من رجال السُّلطة. هذا، وقد أكَّد الدُّكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، أنَّ ضخَّ الأموال الخليجيَّة إلى مصر في خضمِّ الأزمة الاقتصاديَّة الحالية من شأنه مضاعفة قدرة الاقتصاد المصري على الصُّمود، وفيه تأكيد على مدى قوَّته ومتانته؛ فالثِّقة الَّتي منحتها دول الخليج لمصر بالاستثمار فيها في تلك المرحلة العصيبة ليس إلَّا عن ثقة في جودة الظُّروف المتاحة للاستثمار.

أزمة غذاء في مصر تلوح في الأفق

برغم ما أثاره مقال اليوم السَّابع عن قدرة الاقتصاد المصري على الصُّمود في مواجهة الضُّغوط السِّياسيَّة والأزمة الاقتصاديَّة العالميَّة، فهناك مؤشِّرات على إمكانيَّة حدوث أزمة في الغذاء في مصر خلال الفترة المقبلة. فقد أثار الرَّئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحافي عُقد قبل أسابيع قليلة في باريس، المخاوف من احتماليَّة حدوث أزمة غذاء في الشَّرق الأوسط وإفريقيا، حيث تقع مصر، لا سيِّما في الدُّول الَّتي تعاني في الأصل من مشكلات اقتصاديَّة وتعتمد على استيراد المنتجات الغذائيَّة من الخارج، من جرَّاء الحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة. وأضاف ماكرون أنَّ الأزمة الغذائيَّة قد تستفحل خلال عام ونصف من الآن، داعيًا أوروبَّا بأكملها إلى تقديم المساعدات للدُّول المعوزة، كما نشرت وكالة رويترز.

أزمة الخبز في مصر

ويأتي تصريح ماكرون تعقيبًا على الصُّندوق الدُّولي للتَّنمية الزِّراعيَّة التَّابع للأمم المتَّحدة (إيفاد) من تسبُّب الحرب في ارتفاع أسعار الأغذية، وحدوث أزمات إنسانيَّة نتيجة لذلك. من ناحية أخرى، جدَّدت منظَّمة الأمم المتَّحدة للطُّفولة (يونيسيف) تحذير المنظَّمات الدُّوليَّة من حدوث مجاعات في دول الشَّرق الأوسط وإفريقيا نتيجة للحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة، مذكِّرةً بأنَّ الأطفال أكثر المتضرِّرين من الحروب والأوبئة والمجاعات، وداعيةً إلى مواجهة الأزمة بتقديم الدَّعم اللازم للدُّول الَّتي تعاني من أزمات غذائيَّة ونقْص في العلاجات. وفي تأكيد على معاناة مصر في هذه الآونة من أزمة غذائيَّة ليست بالهيِّنة، أعلن السَّفير كريستيان بيرجر، رئيس وفد الاتِّحاد الأوروبي في مصر، عن منْح الاتِّحاد مصر مساعدات ماليَّة بقيمة 100 مليون يورو لمواجهة نقْص الأغذية وارتفاع أسعارها، حيث كتب عبر شبكة تويتر في 6 أبريل 2022م “الاتِّحاد الأوروبي يقف إلى جانب شركائه في هذه الأوقات الصَّعبة من المحنة الاقتصاديَّة النَّاجمة عن الهجوم الرُّوسي”.

بعد لبنان…هل يهدِّد شبح الإفلاس مصر؟

ينتقد الإعلام المصري المعارض للنِّظام الحاكم في البلاد، منذ الإطاحة بالرَّئيس الأسبق محمَّد مرسي في 3 يوليو من عام 2013م، الأداء الاقتصادي للنَّظام، مع إثارة مخاوف حيال بيع أصول الدُّولة، من شركات ومؤسَّسات اقتصاديَّة ومصانع ومبانٍ حكوميَّة، للدُّول الأجنبيَّة. وكان ردُّ فعل الإعلام النَّاطق باسم النِّظام الحاكم هو التَّكذيب والشَّجب والتَّخوين والاتِّهام بالانتماء إلى جامعة الإخوان المسلمون المصنفَّة جماعة إرهابيَّة لكافَّة المعارضين. وكما سبق القول، يشيد الإعلام المؤيِّد لسياسة الحُكم بالخطوات الَّتي أخذها النِّظام لإحداث إصلاح اقتصادي، ولعلَّ في مقال اليوم السَّابع آنف الذِّكر خير مثال. غير أنَّ الحديث عن تردِّي الأوضاع الاقتصاديَّة وعجْز الدَّولة عن تحسين الأوضاع المعيشيَّة لم يصبح حكرًا على الإعلام المعارض، فقد نشَر المعهد المصري للدِّراسات، تقريرًا أعدَّه أحمد ذكر الله، أستاذ الاقتصاد بكليَّة التِّجارة بجامعة الأزهر، تحت عنوان “الاقتصاد المصري وخطر الإفلاس: المؤشرات والمآلات”، أثار فيه الباحث، التَّابع لإحدى الجامعات الحكوميَّة المصريَّة، مسألة احتمال تعرُّض مصر مستقبلًا للإفلاس بعد أن “انزلقت عمليًّا في الدَّائرة الخبيثة للقروض الأجنبيَّة”. ويحذِّر ذكر الله من الاتِّجاه إلى الاستدانة من جديد من المؤسَّسات الماليَّة الغربيَّة؛ لأنَّ في ذلك ما سيفاقم الأزمة بإثقال كاهل المواطنين بمزيد من الضَّرائب لتسديد فوائد تلك القروض، هذا إلى جانب تقشُّف الموازنة العامَّة وبيع مزيد من الأصول. وكانت الحكومة المصريَّة قد أعلنت نهاية مارس 2022م عن نيَّتها طلب قرض من صندوق النَّقد الدُّولي، هو الرَّابع في 6 سنوات لمواجهة تداعيات الحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة وجائحة كورونا.

ونتساءل: ما مآل بيع أصول الدَّولة والحصول على مزيد من القروض من المؤسَّسات الرِّبويَّة الغربيَّة الَّتي يمتلكها اليهود؟ ونكرَّر ما سبق التَّساؤل عنه: هل تفضي أزمة الغلاء في مصر، الَّتي قد يصاحبها نقْص في مياه الشُّرب بسبب احتجاز سدِّ النَّهضة الإثيوبي إلى جزء ممن حصَّة مصر في مياه النِّيل، إلى نبوءة خراب البلاد المذكورة في العهد القديم (سفر اشعياء: إصحاح 19-20)؟ وهل في إثقال مصر بالدُّيون الخارجيَّة ما يسهِّل مهمَّة المنصِّرين في إخضاع الشُّعوب المسلمة، كما يرصد د. محمَّد عمارة في كتابه استراتيجيَّة التَّنصير في العالم الإسلامي: بروتوكولات قساوسة التَّنصير (1992م)؟ وهل النَّتيجة الحتميَّة للفوضى المحتملة هي تقسيم البلاد على أساس طائفي وعرقي، وفقًا لمخطَّطي للصُّهيونيين، المستشرق اليهودي برنارد لويس والصُّحافي الإسرائيلي عوديد ينون؟ وهل في مقتل كاهن كنيسة السَّيدة العذراء وماربولس بالإسكندريَّة في 8 أبريل 2022م على يد مسلم ملتحٍ ما يتطوَّر إلى حرب طائفيَّة تخدم مخطَّط التَّقسيم؟

تأثَّر الاقتصاد المصري سلبًا بالحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة، الَّتي تدور رحاها منذ أواخر فبراير الماضي، حيث أدَّى ارتفاع أسعار النَّفط وتعذُّر الحصول على شحنات من القمح الرُّوسي والأوكراني إلى ارتفاع جديد في أسعار المنتجات محليَّة الصُّنع والمستوردة من الخارج. اضطرَّت الحكومة المصريَّة في مارس 2022م إلى تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدُّولار، أو تعويم الجنيه، ليتحقَّق بذلك ما توقَّعه تقرير اقتصادي أعدَّه بنك الاستثمار “جيه.بي مورغان” قُبيل إعلان التَّعويم الجديد للجنيه، عن تراجُع قيمه العملة المحلِّيَّة المصريَّة وفقدانها ما قد يتجاوز 20 بالمائة من قيمتها، وهناك توقُّعات بمزيد من فقدان القيمة، مع وصول الدَّين الخارجي لمصر في سبتمبر 2021م إلى ما قيمته 137.420 مليار دولار، وسعي الحكومة المصريَّة إلى الحصول على مزيد من القروض من المؤسَّسات الماليَّة الغربيَّة.

ودعمًا لمصر في محنتها الاقتصاديَّة الَّتي أدَّت إلى تصاعُد الغضب الشَّعبي من سوء الأحوال المعيشيَّة مطالبة البعض للنِّظام الحاكم بالرَّحيل عن الحُكم، ضخَّت دول خليجيَّة استثمارات ماليَّة ضخمة، تُقدَّر بـ 22 مليار دولار في صورة استثمارات، وليس مساعدات أو مِنح. وقُسِّمت تلك المساعدات بين “5 مليارات دولار أودعتها المملكة العربيَّة السَّعوديَّة في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخُّها الصُّندوق السِّيادي السَّعودي، و5 مليارات دولار تعتزم قطر استثمارها في مصر، و2 مليار دولار من صندوق أبو ظبي السِّيادي لشراء حصص في شركات مدرجة بالبورصة المصريَّة” نقلًا عن موقع CNN بالعربيَّة. ويستشهد الموقع في مقال المنشور بتاريخ 6 أبريل 2022م بالخبير الاقتصادي المصري وائل زيادة، المؤسِّس والرَّئيس التنفيذي لشركة زيلا كابيتال، في تأكيده على صمود الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمة الماليَّة العالميَّة، وقدرته على اجتذاب الاستثمارات الأجنبيَّة، برغم خروج العديد من المستثمرين الأجانب من السُّوق المصريَّة تزامنًا مع اندلاع الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة، وما تبع ذلك من تراجُع حادّ في الاحتياطي النَّقدي الأجنبي للبلاد، الَّذي أدَّى بدوره إلى ارتفاع الأسعار وتحرير سعر الصَّرف أمام الدُّولار ورفْع فوائد البنوك.

صحيفة مصريَّة: الاقتصاد المصري صامد وإنجازاته غير مسبوقة

تحت عنوان ” نجاحات مستمرَّة.. الاقتصاد المصري يحقق إنجازات كبرى ويصمد أمام الأزمات العالميَّة”، نشرت صحيفة اليوم السَّابع المصريَّة في 8 أبريل الجاري مقالًا يتناول النَّجاحات الَّتي حقَّقها الاقتصاد المصري في السِّنين السَّبع الأخيرة، في إشادة بخطَّة الإصلاح الاقتصادي المتَّبعة الَّتي صبَّت اهتمامها على إقامة مشاريع قوميَّة كبرى، على حدِّ وصْف الصَّحيفة. يشير المقال إلى تقرير أعدَّته مؤسَّسة ماعت للسَّلام والتَّنمية وحقوق الإنسان، يؤكِّد أنَّ خطَّة الإصلاح الاقتصادي أسهمت بشكل كبير في رفْع المعاناة عن المصريين، كما شجَّعت المستثمرين الأجانب على توظيف أموالهم في مصر في شتَّى المجالات؛ الأمر الَّذي أدَّى إلى حالة من الانتعاش الاقتصادي والوفرة الماليَّة لدى المواطن الكادح، كما تكشف الصَّحيفة الَّتي يمتلكها رجل أعمال مقرَّب من رجال السُّلطة. هذا، وقد أكَّد الدُّكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، أنَّ ضخَّ الأموال الخليجيَّة إلى مصر في خضمِّ الأزمة الاقتصاديَّة الحالية من شأنه مضاعفة قدرة الاقتصاد المصري على الصُّمود، وفيه تأكيد على مدى قوَّته ومتانته؛ فالثِّقة الَّتي منحتها دول الخليج لمصر بالاستثمار فيها في تلك المرحلة العصيبة ليس إلَّا عن ثقة في جودة الظُّروف المتاحة للاستثمار.

أزمة غذاء في مصر تلوح في الأفق

برغم ما أثاره مقال اليوم السَّابع عن قدرة الاقتصاد المصري على الصُّمود في مواجهة الضُّغوط السِّياسيَّة والأزمة الاقتصاديَّة العالميَّة، فهناك مؤشِّرات على إمكانيَّة حدوث أزمة في الغذاء في مصر خلال الفترة المقبلة. فقد أثار الرَّئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحافي عُقد قبل أسابيع قليلة في باريس، المخاوف من احتماليَّة حدوث أزمة غذاء في الشَّرق الأوسط وإفريقيا، حيث تقع مصر، لا سيِّما في الدُّول الَّتي تعاني في الأصل من مشكلات اقتصاديَّة وتعتمد على استيراد المنتجات الغذائيَّة من الخارج، من جرَّاء الحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة. وأضاف ماكرون أنَّ الأزمة الغذائيَّة قد تستفحل خلال عام ونصف من الآن، داعيًا أوروبَّا بأكملها إلى تقديم المساعدات للدُّول المعوزة، كما نشرت وكالة رويترز.

أزمة الخبز في مصر

ويأتي تصريح ماكرون تعقيبًا على الصُّندوق الدُّولي للتَّنمية الزِّراعيَّة التَّابع للأمم المتَّحدة (إيفاد) من تسبُّب الحرب في ارتفاع أسعار الأغذية، وحدوث أزمات إنسانيَّة نتيجة لذلك. من ناحية أخرى، جدَّدت منظَّمة الأمم المتَّحدة للطُّفولة (يونيسيف) تحذير المنظَّمات الدُّوليَّة من حدوث مجاعات في دول الشَّرق الأوسط وإفريقيا نتيجة للحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة، مذكِّرةً بأنَّ الأطفال أكثر المتضرِّرين من الحروب والأوبئة والمجاعات، وداعيةً إلى مواجهة الأزمة بتقديم الدَّعم اللازم للدُّول الَّتي تعاني من أزمات غذائيَّة ونقْص في العلاجات. وفي تأكيد على معاناة مصر في هذه الآونة من أزمة غذائيَّة ليست بالهيِّنة، أعلن السَّفير كريستيان بيرجر، رئيس وفد الاتِّحاد الأوروبي في مصر، عن منْح الاتِّحاد مصر مساعدات ماليَّة بقيمة 100 مليون يورو لمواجهة نقْص الأغذية وارتفاع أسعارها، حيث كتب عبر شبكة تويتر في 6 أبريل 2022م “الاتِّحاد الأوروبي يقف إلى جانب شركائه في هذه الأوقات الصَّعبة من المحنة الاقتصاديَّة النَّاجمة عن الهجوم الرُّوسي”.

بعد لبنان…هل يهدِّد شبح الإفلاس مصر؟

ينتقد الإعلام المصري المعارض للنِّظام الحاكم في البلاد، منذ الإطاحة بالرَّئيس الأسبق محمَّد مرسي في 3 يوليو من عام 2013م، الأداء الاقتصادي للنَّظام، مع إثارة مخاوف حيال بيع أصول الدُّولة، من شركات ومؤسَّسات اقتصاديَّة ومصانع ومبانٍ حكوميَّة، للدُّول الأجنبيَّة. وكان ردُّ فعل الإعلام النَّاطق باسم النِّظام الحاكم هو التَّكذيب والشَّجب والتَّخوين والاتِّهام بالانتماء إلى جامعة الإخوان المسلمون المصنفَّة جماعة إرهابيَّة لكافَّة المعارضين. وكما سبق القول، يشيد الإعلام المؤيِّد لسياسة الحُكم بالخطوات الَّتي أخذها النِّظام لإحداث إصلاح اقتصادي، ولعلَّ في مقال اليوم السَّابع آنف الذِّكر خير مثال. غير أنَّ الحديث عن تردِّي الأوضاع الاقتصاديَّة وعجْز الدَّولة عن تحسين الأوضاع المعيشيَّة لم يصبح حكرًا على الإعلام المعارض، فقد نشَر المعهد المصري للدِّراسات، تقريرًا أعدَّه أحمد ذكر الله، أستاذ الاقتصاد بكليَّة التِّجارة بجامعة الأزهر، تحت عنوان “الاقتصاد المصري وخطر الإفلاس: المؤشرات والمآلات”، أثار فيه الباحث، التَّابع لإحدى الجامعات الحكوميَّة المصريَّة، مسألة احتمال تعرُّض مصر مستقبلًا للإفلاس بعد أن “انزلقت عمليًّا في الدَّائرة الخبيثة للقروض الأجنبيَّة”. ويحذِّر ذكر الله من الاتِّجاه إلى الاستدانة من جديد من المؤسَّسات الماليَّة الغربيَّة؛ لأنَّ في ذلك ما سيفاقم الأزمة بإثقال كاهل المواطنين بمزيد من الضَّرائب لتسديد فوائد تلك القروض، هذا إلى جانب تقشُّف الموازنة العامَّة وبيع مزيد من الأصول. وكانت الحكومة المصريَّة قد أعلنت نهاية مارس 2022م عن نيَّتها طلب قرض من صندوق النَّقد الدُّولي، هو الرَّابع في 6 سنوات لمواجهة تداعيات الحرب الرُّوسيَّة-الأوكرانيَّة وجائحة كورونا.

ونتساءل: ما مآل بيع أصول الدَّولة والحصول على مزيد من القروض من المؤسَّسات الرِّبويَّة الغربيَّة الَّتي يمتلكها اليهود؟ ونكرَّر ما سبق التَّساؤل عنه: هل تفضي أزمة الغلاء في مصر، الَّتي قد يصاحبها نقْص في مياه الشُّرب بسبب احتجاز سدِّ النَّهضة الإثيوبي إلى جزء ممن حصَّة مصر في مياه النِّيل، إلى نبوءة خراب البلاد المذكورة في العهد القديم (سفر اشعياء: إصحاح 19-20)؟ وهل في إثقال مصر بالدُّيون الخارجيَّة ما يسهِّل مهمَّة المنصِّرين في إخضاع الشُّعوب المسلمة، كما يرصد د. محمَّد عمارة في كتابه استراتيجيَّة التَّنصير في العالم الإسلامي: بروتوكولات قساوسة التَّنصير (1992م)؟ وهل النَّتيجة الحتميَّة للفوضى المحتملة هي تقسيم البلاد على أساس طائفي وعرقي، وفقًا لمخطَّطي للصُّهيونيين، المستشرق اليهودي برنارد لويس والصُّحافي الإسرائيلي عوديد ينون؟ وهل في مقتل كاهن كنيسة السَّيدة العذراء وماربولس بالإسكندريَّة في 8 أبريل 2022م على يد مسلم ملتحٍ ما يتطوَّر إلى حرب طائفيَّة تخدم مخطَّط التَّقسيم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى