دين ودنيا

الحجامة للصائم

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب


قال الشافعي والاصحاب تجوز الحجامة للصائم ولا تفطره، ولكن الأولي تركها، هذا هو المنصوص، وبه قطع الجمهور؛ وقال جماعة من أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث يفطر بالحجامة، ممن قاله منهم: أبو بكر ابن المنذر، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو الوليد النيسابوري، والحاكم أبو عبد الله ؛ للحديث الذى سنذكره إن شاء الله تعالى، قال أصحابنا: والفصد كالحجامة.
مذهب الشافعية: أنه لا يفطر بالحجامة، لا الحاجم ولا المحجوم، وبه قال ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأم سلمة، وسعيد بن المسيب، وعروة ابن الزبير، والشعبي، والنّخعي، ومالك، والثوري، وأبو حنيفة، وداود، وغيرهم؛ قال صاحب الحاوي وبه قال أكثر الصحابة، وأكثر الفقهاء.
وقال جماعة من العلماء الحجامة تفطر: وهو قول علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وعائشة، والحسن البصري، وابن سيرين، وعطاء، والاوزاعي، وأحمد، وإسحق، وابن المنذر، وابن خزيمة.
قال الخطابي: قال أحمد وإسحق: يفطر الحاجم والمحجوم وعليهما القضاء دون الكفارة
وقال عطاء يلزم المحتجم في رمضان القضاء والكفارة.
أدلة من قال أن الحجامة تفطر:
واحتج لهؤلاء بحديث ثوبان قال ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أفطر الحاجم والمحجوم ” رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة وإسناد أبي داود علي شرط مسلم.
وعن شداد بن أوس ” أتى رسول الله صلي الله عليه وسلم على رجل بالبقيع وهو يحتجم وهو آخذ بيدى لثمان عشرة خلت من رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم ” رواه أبو داود والنساثى وابن ماجه بأسانيد صحيحة
وعن رافع به خديج عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: “أفطر الحاجم والمحجوم” رواه الترمذي وقال حديث حسن وعن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم مثله.
وعن أبي موسى عن النبي صلي الله عليه وسلم مثله رواة الحاكم في المستدرك وقال: هو صحيح ثم روى عن علي بن المدينى أنه قال هو صحيح.
وروى الحاكم أبو عبد الله في المستدرك عن أحمد بن حنبل قال أصح ما روى في هذا الباب حديث ثوبان
وعن علي ابن المدينى قال: لا أعلم فيها أصح من حديث رافع بن خديج
قال الحاكم قد حكم أحمد لأحد الحديثين بالصحة، وعلي للآخر بالصحة، وحكم إسحق بن راهويه لحديث شداد بن أوس بالصحة، ثم روى الحاكم بإسناده عن إسحق أنه قال في حديث شداد هذا إسناد صحيح تقوم به الحجة، قال إسحق: وقد صح هذا الحديث بأسانيد وبه نقول، قال الحاكم عن إسحق فقد حكم بالصحة لحديث صحته ظاهرة وقال به، قال الحاكم وفي الباب عن جماعة من الصحابة بأسانيد مستقيمة مما يطول شرحه ثم روى بإسناده عن الإمام الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي قال صح عندي حديث ” أفطر الحاجم والمحجوم ” من رواية شداد بن أوس وثوبان، قال عثمان: وبه أقول، قال وسمعت أحمد بن حنبل يقول به، ويقول صح عنده حديث ثوبان وشداد وروى البيهقي حديث “أفطر الحاجم والمحجوم” أيضا من رواية أسامة بن زيد عن النبي صلي الله عليه وسلم ومن رواية عطاء عن ابن عباس مرفوعاً، وعن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، قال هذا المرسل هو المحفوظ من رواية عطاء وذكر ابن عباس فيه وهم، وعن عائشة مرفوعاً بإسناد ضعيف، وذكر البيهقى عن أبي زرعة الحافظ قال حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً في هذا حديث حسن، وفي الموطأ عن نافع قال إن ابن عمر احتجم وهو صائم ثم تركه فكان إذا صام لم يحتجم حتي يفطر.
أدلة من قال الحجامة لا تفطر:
واحتج أصحاب هذا القول وهم الشافعية بحديث ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم “احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم” رواه البخاري في صحيحه.
وعن ثابت البناني قال ” سئل أنس أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا إلا من أجل الضعف ” رواه البخاري وفي رواية عنده ” علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم “
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: “حدثنى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن الحجامة والمواصلة، ولم ينه عنهما إلا إبقاءً على أصحابه ” رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم كما سبق، واحتج به أبو داود والبيهقي وغيرهما في أن الحجامة لا تفطر.
وعن أبى سعيد الخدرى قال: “رخص رسول الله صلي الله عليه وسلم في القُبْلَةِ للصائم والحجامة ” رواه الدارقطني وقال: إسناده كلهم ثقات ورواه من طريق آخر قال كلهم ثقات.
وعن أنس قال: “أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان ثم رخص النبي صلي الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم” وكان أنس يحتحم وهو صائم ” رواه الدارقطني، وقال رواته كلهم ثقات قال ولا أعلم له علة.
وعن عائشة “أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم” قال البيهقى وروينا في الرخصة في ذلك عن سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس وابن عمر والحسين بن علي وزيد ابن أرقم وعائشة وأم سلمة رضى الله عنهم
واستدل الشافعية أيضا بأحاديث أخر في بعضها ضعف؛ والمعتمد ما ذكرن.
واستدلوا بالقياس علي الفصد والرعاف
وأما حديث ” أفطر الحاجم والمحجوم ” فأجاب الشافعية عنه بأجوبة
(احدها) جواب الشافعي ذكره في الأم وفيه اختلاف وتابعه عليه والخطابى والبيهقى وسائر أصحابنا وهو أنه منسوخ بحديث ابن عباس وغيره مما ذكرنا ودليل النسخ أن الشافعي والبيهقي روياه بإسنادهما، الصحيح عن شداد بن اوس قال: “كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان فقال وهو آخذ بيدى أفطر الحاجم والمحجوم” وقد ثبت في صحيح البخاري في حديث ابن عباس ” أن النبي صلي الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم ” قال الشافعي وابن عباس إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم محرماً في حجة الوادع سنة عشرة من الهجرة ولم يصحبه محرماً قبل ذلك، وكان الفتح سنة ثمان بلا شك، فحديث ابن عباس بعد حديث شداد بسنتين وزيادة، قال: فحديث ابن عباس ناسخ، قال البيهقى: ويدل علي النسح أيضا قوله في حديث أنس السابق في قصة جعفر ” ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة ” هو حديث صحيح كما سبق، قال وحديث أبي سعيد الخدرى السابق أيضا فيه لفظ الترخيص وغالب ما يستعمل الترخيص بعد النهي
(الجواب الثاني) أجاب به الشافعي أيضًا أن حديث ابن عباس أصح ويعضده أيضا القياس فوجب تقديمه.
(الجواب الثالث) جواب الشافعي أيضا والخطابي وأصحابنا أن المراد بأفطر الحاجم والمحجوم أنهما كانا يغتابان في صومهما، وروى البيهقى ذلك في بعض طرق حديث ثوبان قال الشافعي وعلي هذا التأويل يكون المراد بإفطارهما أنه ذهب أجرهما كما قال بعض الصحابة لمن تكلم في حال الخطبة لا جمعة لك أي ليس لك أجرها والا فهي صحيحة مجزئة عنه.
(الجواب الرابع) ذكره الخطابي: أن معناه تعرضا للفطر؛ أما المحجوم فلضعفه بخروج الدم فربما لحقه مشقة فعجز عن الصوم فافطر بسببها؛ وأما الحاجم فقد يصل جوفه شئ من الدم أو غيره إذا ضم شفتيه على قصب الملازم، كما يقال للمتعرض للهلاك هلك فلان وإن كان باقيا سالما وكقوله صلي الله عليه وسلم ” من جُعل قاضياً فقد ذُبح بغير سكين ” أي تعرض للذبح بغير سكين.
(الخامس) ذكره الخطابي أيضاً: أنه مر بهما قريب المغرب فقال أفطرا أي حان فطرهما كما يقال أمسى الرجل إذا دخل في وقت المساء أو قاربه.
(السادس) أنه تغليظ ودعاء عليهما لارتكابهما ما يعرضهما لفساد صومهما
(واعلم) أن أبا بكر بن خزيمة اعترض على الاستدلال بحديث ابن عباس فروى عنه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك أنه قال ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أفطر الحاجم والمحجوم” فقال بعض من خالفنا في هذه المسألة وقال لا يفطر لحديث ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم “احتجم وهو محرم صائم” ولا حجة له في هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالاكل والشرب والحجامة وغيرها، فلا يلزم من حجامته أنها لا تفطر، فاحتجم وصار مفطراً، وذلك جائز. هذا كلام ابن خزيمة وحكاه الخطابى في معالم السنن ثم قال: وهذا تأويلٌ باطل لانه قال احتجم وهو صائم فاثبت له الصيام مع الحجامة ولو بطل صومه بها لقال أفطر بالحجامة، كما يقال أفطر الصائم بأكل الخبز ولا يقال أكله وهو صائم؛ قلت ولان السابق إلي الفهم من قول ابن عباس ” احتجم وهو صائم ” الاخبار بأن الحجامة لا تبطل الصوم ويؤيده باقى الاحاديث المذكروة والله أعلم .


قال الشافعي والأصحاب تجوز الحجامة للصائم ولا تفطره، ولكن الأولى تركها، هذا هو المنصوص، وبه قطع الجمهور؛ وقال جماعة من أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث يفطر بالحجامة، ممن قاله منهم: أبو بكر ابن المنذر، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو الوليد النيسابوري، والحاكم أبو عبد الله ؛ للحديث الذى سنذكره إن شاء الله تعالى، قال أصحابنا: والفصد كالحجامة.
مذهب الشافعية: أنه لا يفطر بالحجامة، لا الحاجم ولا المحجوم، وبه قال ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو سعيد الخدري، وأم سلمة، وسعيد بن المسيب، وعروة ابن الزبير، والشعبي، والنّخعي، ومالك، والثوري، وأبو حنيفة، وداود، وغيرهم؛ قال صاحب الحاوي وبه قال أكثر الصحابة، وأكثر الفقهاء.
وقال جماعة من العلماء الحجامة تفطر: وهو قول علي بن أبي طالب، وأبي هريرة، وعائشة، والحسن البصري، وابن سيرين، وعطاء، والاوزاعي، وأحمد، وإسحق، وابن المنذر، وابن خزيمة.
قال الخطابي: قال أحمد وإسحق: يفطر الحاجم والمحجوم وعليهما القضاء دون الكفارة
وقال عطاء يلزم المحتجم في رمضان القضاء والكفارة.
أدلة من قال أن الحجامة تفطر:
واحتج لهؤلاء بحديث ثوبان قال ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أفطر الحاجم والمحجوم ” رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة وإسناد أبي داود علي شرط مسلم.
وعن شداد بن أوس ” أتى رسول الله صلي الله عليه وسلم على رجل بالبقيع وهو يحتجم وهو آخذ بيدى لثمان عشرة خلت من رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم ” رواه أبو داود والنساثى وابن ماجه بأسانيد صحيحة
وعن رافع به خديج عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: “أفطر الحاجم والمحجوم” رواه الترمذي وقال حديث حسن وعن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم مثله.
وعن أبي موسى عن النبي صلي الله عليه وسلم مثله رواة الحاكم في المستدرك وقال: هو صحيح ثم روى عن علي بن المدينى أنه قال هو صحيح.
وروى الحاكم أبو عبد الله في المستدرك عن أحمد بن حنبل قال أصح ما روى في هذا الباب حديث ثوبان
وعن علي ابن المدينى قال: لا أعلم فيها أصح من حديث رافع بن خديج
قال الحاكم قد حكم أحمد لأحد الحديثين بالصحة، وعلي للآخر بالصحة، وحكم إسحق بن راهويه لحديث شداد بن أوس بالصحة، ثم روى الحاكم بإسناده عن إسحق أنه قال في حديث شداد هذا إسناد صحيح تقوم به الحجة، قال إسحق: وقد صح هذا الحديث بأسانيد وبه نقول، قال الحاكم عن إسحق فقد حكم بالصحة لحديث صحته ظاهرة وقال به، قال الحاكم وفي الباب عن جماعة من الصحابة بأسانيد مستقيمة مما يطول شرحه ثم روى بإسناده عن الإمام الحافظ عثمان بن سعيد الدارمي قال صح عندي حديث ” أفطر الحاجم والمحجوم ” من رواية شداد بن أوس وثوبان، قال عثمان: وبه أقول، قال وسمعت أحمد بن حنبل يقول به، ويقول صح عنده حديث ثوبان وشداد وروى البيهقي حديث “أفطر الحاجم والمحجوم” أيضا من رواية أسامة بن زيد عن النبي صلي الله عليه وسلم ومن رواية عطاء عن ابن عباس مرفوعاً، وعن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، قال هذا المرسل هو المحفوظ من رواية عطاء وذكر ابن عباس فيه وهم، وعن عائشة مرفوعاً بإسناد ضعيف، وذكر البيهقى عن أبي زرعة الحافظ قال حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعاً في هذا حديث حسن، وفي الموطأ عن نافع قال إن ابن عمر احتجم وهو صائم ثم تركه فكان إذا صام لم يحتجم حتي يفطر.
أدلة من قال الحجامة لا تفطر:
واحتج أصحاب هذا القول وهم الشافعية بحديث ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم “احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم” رواه البخاري في صحيحه.
وعن ثابت البناني قال ” سئل أنس أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا إلا من أجل الضعف ” رواه البخاري وفي رواية عنده ” علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم “
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: “حدثنى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن الحجامة والمواصلة، ولم ينه عنهما إلا إبقاءً على أصحابه ” رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم كما سبق، واحتج به أبو داود والبيهقي وغيرهما في أن الحجامة لا تفطر.
وعن أبى سعيد الخدرى قال: “رخص رسول الله صلي الله عليه وسلم في القُبْلَةِ للصائم والحجامة ” رواه الدارقطني وقال: إسناده كلهم ثقات ورواه من طريق آخر قال كلهم ثقات.
وعن أنس قال: “أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان ثم رخص النبي صلي الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم” وكان أنس يحتحم وهو صائم ” رواه الدارقطني، وقال رواته كلهم ثقات قال ولا أعلم له علة.
وعن عائشة “أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم” قال البيهقى وروينا في الرخصة في ذلك عن سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس وابن عمر والحسين بن علي وزيد ابن أرقم وعائشة وأم سلمة رضى الله عنهم
واستدل الشافعية أيضا بأحاديث أخر في بعضها ضعف؛ والمعتمد ما ذكرن.
واستدلوا بالقياس علي الفصد والرعاف
وأما حديث ” أفطر الحاجم والمحجوم ” فأجاب الشافعية عنه بأجوبة
(احدها) جواب الشافعي ذكره في الأم وفيه اختلاف وتابعه عليه والخطابى والبيهقى وسائر أصحابنا وهو أنه منسوخ بحديث ابن عباس وغيره مما ذكرنا ودليل النسخ أن الشافعي والبيهقي روياه بإسنادهما، الصحيح عن شداد بن اوس قال: “كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان فقال وهو آخذ بيدى أفطر الحاجم والمحجوم” وقد ثبت في صحيح البخاري في حديث ابن عباس ” أن النبي صلي الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم ” قال الشافعي وابن عباس إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم محرماً في حجة الوادع سنة عشرة من الهجرة ولم يصحبه محرماً قبل ذلك، وكان الفتح سنة ثمان بلا شك، فحديث ابن عباس بعد حديث شداد بسنتين وزيادة، قال: فحديث ابن عباس ناسخ، قال البيهقى: ويدل علي النسح أيضا قوله في حديث أنس السابق في قصة جعفر ” ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة ” هو حديث صحيح كما سبق، قال وحديث أبي سعيد الخدرى السابق أيضا فيه لفظ الترخيص وغالب ما يستعمل الترخيص بعد النهي
(الجواب الثاني) أجاب به الشافعي أيضًا أن حديث ابن عباس أصح ويعضده أيضا القياس فوجب تقديمه.
(الجواب الثالث) جواب الشافعي أيضا والخطابي وأصحابنا أن المراد بأفطر الحاجم والمحجوم أنهما كانا يغتابان في صومهما، وروى البيهقى ذلك في بعض طرق حديث ثوبان قال الشافعي وعلي هذا التأويل يكون المراد بإفطارهما أنه ذهب أجرهما كما قال بعض الصحابة لمن تكلم في حال الخطبة لا جمعة لك أي ليس لك أجرها والا فهي صحيحة مجزئة عنه.
(الجواب الرابع) ذكره الخطابي: أن معناه تعرضا للفطر؛ أما المحجوم فلضعفه بخروج الدم فربما لحقه مشقة فعجز عن الصوم فافطر بسببها؛ وأما الحاجم فقد يصل جوفه شئ من الدم أو غيره إذا ضم شفتيه على قصب الملازم، كما يقال للمتعرض للهلاك هلك فلان وإن كان باقيا سالما وكقوله صلي الله عليه وسلم ” من جُعل قاضياً فقد ذُبح بغير سكين ” أي تعرض للذبح بغير سكين.
(الخامس) ذكره الخطابي أيضاً: أنه مر بهما قريب المغرب فقال أفطرا أي حان فطرهما كما يقال أمسى الرجل إذا دخل في وقت المساء أو قاربه.
(السادس) أنه تغليظ ودعاء عليهما لارتكابهما ما يعرضهما لفساد صومهما
(واعلم) أن أبا بكر بن خزيمة اعترض على الاستدلال بحديث ابن عباس فروى عنه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك أنه قال ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أفطر الحاجم والمحجوم” فقال بعض من خالفنا في هذه المسألة وقال لا يفطر لحديث ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم “احتجم وهو محرم صائم” ولا حجة له في هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر لأنه لم يكن قط محرماً مقيماً ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالاكل والشرب والحجامة وغيرها، فلا يلزم من حجامته أنها لا تفطر، فاحتجم وصار مفطراً، وذلك جائز. هذا كلام ابن خزيمة وحكاه الخطابى في معالم السنن ثم قال: وهذا تأويلٌ باطل لانه قال احتجم وهو صائم فاثبت له الصيام مع الحجامة ولو بطل صومه بها لقال أفطر بالحجامة، كما يقال أفطر الصائم بأكل الخبز ولا يقال أكله وهو صائم؛ قلت ولان السابق إلي الفهم من قول ابن عباس ” احتجم وهو صائم ” الاخبار بأن الحجامة لا تبطل الصوم ويؤيده باقى الاحاديث المذكروة والله أعلم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى