مقالات

العالم إلى أين؟.. نظرة في تطورات المشهد السياسي العالمي

محمد نصار

باحث بالمعهد القومي للتخطيط المصري
عرض مقالات الكاتب

يحبس العالم أنفاسه لما نشاهده اليوم من الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، والكل يترقب بشده النتائج التي سيخرج بها هذا الصراع، أو إن شئت، فقل: ما هي نتائج هذه الحرب الأشرس منذ عقود؟
لا سيما وأن تلك الحرب بين بلدان غير إسلامية أوعربية كما هو المعتاد أن يتناحر العرب والمسلمون فيما بينهم، ويكون الدافع والمحرك لهم إحدى القوى العظمى، إما القوة الأمريكية وحلفاؤها، أو القوة الصينية وحلفاؤها من روسيا وغيرها،
وهذا ما اعتدنا عليه منذ عقود وأكبر وأوضح مثال نعيشه حتى اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال، المجازر التي ترتكبها روسيا وإيران والصين بحق الشعب السوري الشقيق ، هذه الفاجعة المروعة التي لا مثيل لها في التاريخ الحديث التي شردت الملايين من السوريين وقتلت الملايين.

واليوم الدولة السورية أو إن شئت فقل شبه الدولة السورية التي يجلس فلاديمير بوتين وحلفاؤه علي أنقاضها وعلى جثث الأطفال والرجال والنساء هناك، دون أن يرفّ للعالم جفن أو يتحرك ساكن للمنظمات المتشدقة والمنتسبة إلى حقوق الإنسان، وهذه الشعارات الذائفة التي يحركوها متى شائوا وحيثما شاءوا.

فتارة تجد العالم يصنف المدافع عن أرضه وعرضه وماله في فلسطين الأبية إرهابياً، ويقدمون الدعم للغاصب المحتل الذين جاؤوا من شتى البلدان ليقيموا الدولة المزعومة علي أراضي دولة فلسطين.
وتاره تجدهم يهاجمون روسيا على تدخلها في الأراضي الأوكرانية ويفرضون عليها جميع العقوبات، ويحرمونها من الأنظمة المالية العالمية وغيرها حتي تخرج من أوكرانيا.

وهنا إزدواجية المعايير عند تلك الدول والمنظمات الداعية لحرية وحقوق الإنسان التى لم نسمع أنها قدمت أي دعم للشعب السوري الذي يذبح كل يوم على يد العصابات الروسية حتى اليوم.

ولم تحرم روسيا من الرياضة ولا المصارف، ولم تفرض عليها أي عقوبات تذكر مثلما نرى ونسمع، العقوبات تلو الأخرى كل يوم وأكثر من ربع دول العالم يسعون بجهد ملحوظ لإيقاف النزيف والقتلى من الأوروبيين والأوكران بشتى السبل.

وهنا أود أن أقول: بأن العالم يذهب سريعًا إلى حافى الهاوية مع تناحر القوى العظمى أو إن شئت، فقل: (قوى الشر)
فعندما نتأمل ونراجع تاريخ هذه الدول العظمى (قوى الشر)
نجد القوة العظمى الأمريكية وحلفاءها من بريطانيا وفرنسا وغيرها لم تقدّم للبشرية سوي الخراب والدم والقتل، بل ويسارعوا لإلحاق تهمة الإرهاب لكل مقاوم لهذه التصرفات العدائية والاستخرابية في بلدانا وفي وطننا العربي والإسلامي، وفي حقيقة الأمر، أننا لا نتعجب من ذلك والسبب بإختصار شديد، دولى في بداية نشأتها قتلت الهنود الحمر أصحاب البلد الأصليين وأبادتهم إبادة لم يشهد لها التاريخ مثيل.

دولة قامت بحرق وسرقة مقدرات الشعوب، دولة خربت ودمرت كل بلد دخلت فيه بحجة الدفاع عن الحريات والحقوق والعراق وأفغانستان وغيرها خير دليل وهى بعيدة كل البعد عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وفي المقابل، القوى العظمى الصينية وحلفاؤها من روسيا وكوريا الشمالية وإيران ( قوي الشر ).

وعندما ننظر إلى الهمجية والعدوانية التي تعامل الصين بها مسلمي الروهينجا وإبادتهم وتعذيبهم بأبشع الصور في مشاهد لم تر الإنسانية لها نظير، وروسيا القوي الإقليمية التي تعد من الدول الكبرى النووية، ارتكبت انتهاكات أكثر دون شفقة أو رحمة في سوريا وأفغانستان وليبيا وأوكرانيا، بهدف تحقيق مصالح القيصر (فلاديمير بوتين) ونشره لمجموعة فاغنر التى ما حلت ببلد إلا ونهبت وقتلت وأنتهكت كل شيء.

وكوريا الشمالية هذا الطاغية الذي يقتل شعبة رويدا رويدا ويتباهى بامتلاك أسلحة الدمار الشامل ليل نهار، والشعب يموت من الفقر والجوع والعزلة الدولية.

وإيران التى أفسدت الخليج وفى كل بلد وضعت فيها يدها أصبحت خرابًا وحلّ بأهلها الفقر والجوع والمرض، واليمن خير شاهد علي ذلك، ولبنان التي ضاعت مثل غيرها من الدول التي ضيعتها إيران بحرسها الثوري وحزب الله (حزب الشيطان الأسود) وليل نهار (الموت لأمريكا وإسرائيل).

وعندما تراجع التاريخ تجد أنها لم تطلق طلقة واحدة باتجاه تل أبيب، بل كل أسلحتها باتجاه الخليج لتمارس الرعب على منطقة الخليج وهم بدورهم يقومون باللجوء إلى الوصاية والحماية الأمريكية خوفا من اليد الإيرانية المخربة، وهنا أود أن أقول، بأن هذه القوى لا بدّ وأن يأتي يوما تتعارض فيه المصالح وكما ذكرنا سابقًا، فالمحرك لكل تلك الدول هى المصالح لا الأخلاق والقيم والحريات وحقوق الإنسان كما يدعون، وهذا ما يحدث اليوم عندما تعارضت المصالح الروسية مع الأوكرانية التى تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، لأمر ترى موسكو فيه تهديدًا لأمنها القومي وتقدم من أجل ذلك الغالي والنفيس، حتى وصل الأمر إلى التلويح بالحل العسكري النووي، الأمر الذي فيه كارثة كبرى، لأنه ومن وجهة نظري إذا لجأت واستخدمت موسكو الحل العسكري النووي والأسلحة الكميائية فلن يقتصر الأمر على حرب بين روسيا

وأوكرانيا، وإنما سنجد العالم كله دخل على خط الأزمة وسينقسم العالم بين ثلاثه فرق لا أكثر ،فرقة مؤيدة وتحالف مع موسكو، وآخر تحالف مؤيد لكييف، وآخر مكتوف الأيدي لا يملك من أمره شيء، وهذه الفرقة الأخيرة سيتم الاستيلاء على مقدرات شعوبها وأهلها من قبل أحد الفرقتين الأول والثانية لتغطى تكلفه الحرب النووية الباهظة التي لا تبقي ولا تذر كما حدث أثناء الحرب العالمية، وأقف أمام تصريح زعيم كوريا الشمالية كثيرًا حيث إنه أعلن التعبئة العامة استعدادًا للحرب مع موسكو ضد كييف والتلويح باستخدام القوة النووية.

وبحدوث مثل ذلك الأمر سوف تنفجر الأزمة وتتوسع إلى أن تصل إلى حرب عالميه ثالثة وتقسم الدول كما ذكرنا سابقًا إلى تحالفات.
الأمر الذي سوف يؤدي إلى تباهى كل فرقه لإظهار القوى مما يجعلهم يفكرون في الحسم السريع لتلك الأزمة من خلال أستخدام السلاح النووي.
الأمر الذى سيؤدي بنهاية المطاف لا قدر الله إلى نهاية العالم وإن لم تكن نهاية فهناك في أقل تقدير كارثة كونية لن ينساها التاريخ علي مر العصور مثلما حدث في هيروشيما وناجازاكي، أو على أقل تقدير أزمة عالمية ضخمة من حيث الغذاء والمال وسيكون هناك تضخم في أسعار جميع السلع وخاصة في الوطن العربي، حيث الشعوب ستدفع ثمن هذه الصراعات.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى