خير أجناد الأرض أم شرّ أجناد الأرض؟
كثيرا ما يردد بعض الناس، بل وبعض من ينتسب إلى العلم أن الرسول قال عن جنود مصر أنهم خير أجناد الأرض، ويرون في ذلك حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن عساكر (46/163) كما ذكر في كنز العمال، وجامع الأحاديث.
30188- عن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيراً، فذلك الجند خير أجناد الأرض ، فقال له أبو بكر : وَلِمَ يا رسول الله قال : لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة (ابن عبد الحكم فى فتوح مصر ، وابن عساكر، وفيه لهيعة عن الأسود بن مالك الحميرى عن بحر بن داخر المعافرى ولم أر للأسود ترجمة إلا أن ابن حبان ذكر فى الثقات أنه يروى عن بحر بن داخر ووثق بحراً)
جامع الأحاديث – (ج 27 / ص 336)
30187- عن عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيرا فذلك الجند خير أجناد الأرض فقال أبو بكر ولم يا رسول الله قال لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة (ابن عبد الحكم فى فتوح مصر ، وابن عساكر وفيه ابن لهيعة)
فالحديث الوارد في ذلك لا يصح، ولو حاول بعض من ينتسب للعلم تصحيحه تعصباً لبلده، أو إرضاءً لشخص أو فئة؛ وكيف يصح وهو معارض لصريح القرآن، ومعارض لواقع جيش مصر على مر التاريخ، وقد ذكر ابن القيم في المنار المنيف علامات يعرف بها الحديث المكذوب على رسول الله أو الضعيف فذكر منها ان يخالف الحديث صريح القرآن.
وهذا الحديث يخالف صريح القرآن.
فالقرآن الكريم يذكر جنود مصر الذين هم جنود فرعون في عدة مواضع منها:
1- [وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ] (يونس 90)
2- [فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ اليَمِّ مَا غَشِيَهُمْ] (طه 78)
3- [وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ] (القصص 6)
4- [فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُواًّ وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ] (القصص آية: 8)
5- [وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ] (القصص 39)
6- [فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ](القصص 40)
7- [فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي اليَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ] (الذاريات 40)
فكيف يكون جيش مصر خير أجناد الأرض وقد وصفهم الله تعالى بالبغي والعدوان، وبأنهم خاطئون وظالمون؛ كما وصفهم بالكبر، ووصفهم أيضاً بعدم الإيمان، [وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ] (القصص 39)
كيف يكون جيش مصر خير أجناد الأرض وقد أهلكهم الله [وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ] (هود 117)
شعب مصر
شعب مصر هم قوم فرعون وقد ذمهم الله تعالى أيضاً، ووصفهم بالضلال في قوله تعالى {وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} [طه 79]كما وصفهم الفسق في قوله تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف 54]أما كونهم ليسوا خير أجناد الأرض في تاريخهم فأضرب لذلك أمثلة:
1- موقفهم في الثورة على عثمان رضي الله عنه ومقتله
2- أذلهم الحاكم بأمر الله العبيدي (الفاطمي) فكان إذا سمع أحد اسمه سجد ولو كان في السوق، وأجناد مصر معه.
3- هروب الجيش والشعب من دمياط، وتركها خاوية فدهلها الصليبيون بلا حرب
4- وقوفهم مع الصليبيين ضد صلاح الدين الأيوبي الذي جاء ليحررهم.
5- حكمهم العبيديون ما يقرب من ثلاثمائة عام، يخطبون لهم على المنابر، وفجأة خطب للخليفة العباسي بلا مقدمات فلم يتناطح فيه عنزان كما قال المؤرخون
6- خيانتهم وإخبار حيش الإفرنج على مكان مخاضة في النيل فعبر منها الإفرنج، ولولا فضل الله أن قيض جند الترك، فنصر الله بهم وأسروا لويس التاسع.
7- هروبهم من ساحة القتال في أثيوبيا، وترك المدافع، وقد ذكر ذلك أحمد عرابي في مذكراته.
8- تركهم عبد القادر الحسيني وعز الدين القسام دون مؤن أو ذخائر رعن ما حققه من انتصارات في حري 1948م
9- خيانة العسكر للبطل أحمد عبد العزيز وقتله أمام الكتيبة التي يرأسها جمال عبد الناصر، ثم إدعاء الأخير أنه مصاب ليترك ميدان القتال
10- هروب جيش مصر وترك جميع عتاده ومعداته في سيناء في حرب1967م
