حقوق وحريات

رسالة إلى السيد جوزيف بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

المحامي عبد الناصر حوشان

عرض مقالات الكاتب


تحية طيبة وبعد:
لقد تلقينا دعوتكم الكريمة للصلاة لأجل الشعب الأوكراني، ببالغ السرور والانشراح، مستبشرين بعودة روح الإيمان إلى قلوب حكّام العالم، والذين يملكون قرار الحرب والسلم، وقرار مصير بني الإنسان على وجه هذه الأرض.
لقد سرّنا دعاؤكم للشعب الأوكراني بحفظ دمائهم وأرواحهم، ووقف معاناتهم ومأساتهم، لأنه يعبِّر عن الفطرة الإنسانية الصحيحة التي فطر الله تعالى الإنسان عليها، وهي فطرة الخير والمحبة.
سيادة الرئيس:
إن الدعوة للصلاة من رجلٍ يملك القوة ويقود شعبا وجيوشا عظيمة، تملك أحدث الأسلحة الكافية للردع بالإضافة لقدرتها التدميرية الهائلة القادرة على تغيير وجه الأرض، في الحقيقة هي دعوة تثير الحيرة فهي: إما صحوة ضمير، وإما توبة وإنابة بعد تاريخ حافل لهذه القوات والجيوش من الحروب ضد الشعوب وبخاصة الإسلامية منها.
فإن كانت صحوة ضمير، فالضمير لا يمكن أن يكون حيّا وميتا في نفس الوقت، وإلا اعتبرت هذه الصحوة حالة طارئة من النفاق أو الجبن. الصحوة الحقيقية تكون بإعادة النظر في كل الموروث الدموي وإعادة الحقوق ورد المظالم للشعوب التي عانت وتضررت من سياساتكم وخاصة تلك السياسات التي تتبعونها في بلادنا العربية والإسلامية في العراق وسورية وأفغانستان وغيرها من البلاد.
وإن كانت توبة وإنابة، فالتوبة تحتاج النية الصادقة، والإقلاع عن الذنوب أولا ومن ثم التكفير عنها، والإصرار على عدم الرجوع لارتكابها، ومن هنا وحتى يمكن اعتبار دعوتكم توبة فإن بعض ذنوبكم ما زالت مستمرة في بلادي الحبيبة سورية، فقد زرعتم في خاصرتها كياناً انفصالياً لا يمكن له الاستمرار لأنه سيكون باعثا للصراعات الداخلية وقنبلة موقوتة ستتسبب في حرب أهلية لا يعلم أحد نتائجها المدمرة.
وإن كانت حقا صحوة ضمير وتوبة فإنها تتعارض مع سياستكم المتساهلة مع المجرمين ومنهم رأس النظام السوري وأركانه الذي فعلوا بنا ما يفوق ما يفعله النظام الروسي في أوكرانيا ملايين المرّات وحشية وإجراما فظيعين، ولم يتمادى هؤلاء إلا لمّا أمنوا جانبكم واطمئنوا لمصيرهم، وهاهم اليوم يزدادون تماديا ليُعلنوا تحالفهم الوثيق مع الدبّ الشرير الذي يعيث في الشعب الأوكراني قتلا وتدميرا كما فعل من قبل في الشعب السوري.
سيادة الرئيس:
يبدو لنا أن العالم في حالة تغيير جذري، وإن نظامه القديم قد حانت ساعة انهياره، وأن لعبة الأمم قد تغيّرت فلم يعد اللاعبون نفس اللاعبين ولا قواعد اللعبة نفس القواعد وأصبح التمرّد عليها ونسفها وفرض الأمر الواقع هو أسلوب اللعبة الجديدة.
لقد سقطت المنظومة القانونية التي قام عليها النظام العالم خلال المائة سنة الماضية، من خلال نسفها من قبل رعاتها وحماتها والمدافعين عنها، وقد تجلى ذلك في تعطيل أدوات ومؤسسات هذا النظام من الأمم المتحدة ومنظماتها ومجالسها، وطغى الفيتو على عمل هذه المؤسسات فأصبحت مؤسسات فارغة من معانيها، وتحوّلت إلى وبالٍ على الشعوب والأمم.
لقد أنهار السلم والأمن الدوليين ليس بسبب الأنظمة المارقة الدكتاتورية المستبدة وحسب ،بل في عنجهية وإجرام الكبار الذين تحالفوا ودعموا وقاتلوا إلى جانبها ضد الشعوب لا شيء إلا لتحقيق أحلام بعض الزعماء في حكم العالم باسم القيصرية تارة وباسم الإمبراطورية تارة أخرى.
سيادة الرئيس:
قد يقول قائل ان الصلاة قد تنفع المؤمنين سواء كانوا مصلين أو مُصلى لهم أو عليهم، ولا تنفع غير المؤمنين. أعلم سيادة الرئيس أن الصلاة المقرونة بصدق النية وصفاء السريرة وسلامة القلب، قادرة على تعطيل مفاعيل نار التنين، وردع الوحوش الضارية، وضبط الدببة الهائجة وهلاك الكلاب المسعورة.
وأول مظاهر توبتكم النصوحة وإنابتكم وصدق صلاتكم، يجب أن تكون نصرة المظلومين في سورية عبر السماح بإسقاط ذيل الكلب الروسي القابع في دمشق، فسقوطه ردع للدُب الهائج الذي يعيث فساداً في أوكرانيا، وتطهيراً للعالم من هذه الكتلة السرطانية الشريرة.
نتمنى عليك سيادة الرئيس وأنت الخبير القانوني الضليع كونك ترأست اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ لمدة ثماني سنوات ان تبادر بطرح مشروع تعديل ميثاق الأمم المتحدة يقضي باستبدال الفصل السابع بفصل كيفية الصلاة لأجل السلام، وإلغاء حق النقض الفيتو واستبداله بحق الدعاء على الظالمين والمجرمين، فبذلك تطمئن الشعوب لمصيرها مما يمكنها من حماية حقوقها والضرب على يد الظالمين المجرمين دون خوف من قرارات أممية أو تهديدات نووية، وقطع الطريق على تحالفات أهل الشر أفرادا كانوا أم جماعات أم حكومات.

وتقبلوا فائق الاحترام والتقدير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى