مقالات

تسريبات بنك كريدي سويس وفساد النظم العسكرية

د. عز الدين الكومي

كاتب مصري
عرض مقالات الكاتب


على وقع ماكشفته صحيفة الجارديان البريطانية وغيرها من وسائل الإعلام العالمية، من تسريب ضخم لبيانات واحد من أكبر البنوك الخاصة فى العالم، بنك كريدى سويس السويسري، عن تفاصيل حسابات بنكية برصيد 100 مليار فرنك سويسري.
وقالت الجارديان: ” إن قوانين السرية المصرفية السويسرية غير أخلاقية”، وأن ذريعة حماية الخصوصية المالية هي مجرد غطاء للدور المخزي للبنوك السويسرية كمتعاون مع المتهربين من الضرائب وغسيل الأموال المنهوبة من الشعوب المطحونة.
وبحسب صحيفة “التايمز”، فإن البيانات المسربة تشير إلى أن بنك “كريدي سويس” لعب دورا مهما لسنوات في مساعدة الشخصيات العربية الرئيسية على إخفاء ثرواتهم، حتى عندما تم اتهامهم وحكوماتهم بالرشوة والاختلاس والمحسوبية، في ثورات الربيع العربي.
وكما قال الحسن البصرى – رضى الله عنه- سارق السر يقطع يد سارق العلن كان يقصد أن سارق العلن هو، الفقير.
الجائع سارق الرغيف، والفقير المريض سارق الدواء، والفقير العريان سارق القميص ليستر عورته ،والفقير المريض الذي يحتضر على أبواب المشافى ، لأنه لايملك ثمن العلاج.
هؤلاء هم سارقو العلن الذين، يفضحهم ويشهر بهم الإعلام المأجور، وأنهم نالوا جزاءهم.
أما سارقو السر فهم الظلمة وأعوانهم من مصاصى دماء الشعوب، ورجال الأعمال الفاسدين والمطبلين للأنظمة الدكتاتورية والمرتزقة الذين يقيمون موائد رمضان من أموال الفقراء التى نهبوها.
وبحسب صحيفة الغارديان جاءت دول مصر وفنزويلا وأوكرانيا وتايلاند ضمن الدول ذات العدد الأكبر من عملاء كريدي سويس الذين وردت أسماؤهم في البيانات المسربة.
وقد كان لمصر المحروسة نصيب وافر من حسابات البنك السويسرى بلغت ألفى حساب شملت كلا من عمر سليمان مدير المخابرت فى عهد مبارك ، ونجلى مبارك جمال وعلاء ، ورجل الأعمال حسين سالم ، وهشام طلعت مصطفى، وأنس الفقى وزير الإعلام، ومحمد مجدي راسخ؛ والد زوجة جمال مبارك ، ومحمود يحيى الجمال؛ والد زوجة علاء مبارك .
وإذا كان فساد جمال وعلاء مبارك ، واضحا للعيان، لكن الغريب أن فى الأمر اللواء عمر سليمان الذى أكدت التسريبات أنه رجل المخابرات وصديق مبارك وذراعه التجاري الذي عقد عشرات الصفقات العسكرية، كان أحد عملاء بنك “كريدي سويس” لأكثر من 30 عاما، وكان لديه 10 حسابات بأرصدة تصل عشرات الملايين من الدولارات والفرنكات.
وأن إجمالي حساباته بالبنك بلغت 26 مليون جنيه إسترليني.
وقد حاول المسشارون القانونيون لعائلة مبارك تبرئة نجلى مبارك ردًا على التحقيق – أن حسابات الأخوين مبارك في سويسرا قد جُمدت منذ أكثر من عقد، وأن الإيحاء بأن أصول مبارك غير قانونية وملوثة ما هي إلا تشهير، ولا أساس له من الصحة، وأن أي أصول يمتلكونها كانت نتيجة أنشطتهم التجارية الناجحة.
والطريف أن الإعلام المصرى كالعادة فى مثل هذه الفضائح يبتلع لسانه ويبحث عن قضايا هامشية تافهة لإلهاء الشعب وصرف الأنظار مثل قصة عريس الإسماعلية الذى ضرب عروسه، ودكتور الكروكومين وحمو بيكا وهانى شاكر وإبراهيم عيسى والمعراج وغيرها من القضايا التافهة.
هؤلاء الذين بلغ فسادهم مبلغا عظيماً وماتت ضمائرهم فانصرفوا إلى ملذاتهم وسرقة أموال ومقدرات الشعب،وتصرفوا فيها كملكيات خاصة دون حسيب أورقيب ، وهو نفس الدور الذى تمارسه العصابة.. الحكمة اليوم بلا أى وازع!!
ففى الوقت الذى يوقفون فيه الدعم عن الفقراء والمعوزين ويرفعون أسعار السلع الضرورية، ليعيش هؤلاء فى بذخهم وفسادهم، وليذهب الشعب إلى الجحيم. هؤلاء نسوا أنها حياة قصيرة ، ويرحلون عن هذه الدنيا تلاحقهم اللعنات ويتركون خلفهم هذه الأرصدة من المليارات والذهب وسيسألون عن النقير والقطمير؟!!
لكن اللافت أن الأسماء التى وردت فى التسريبات خلت من أسماء أفراد المعارضة ، لأن الأنظمة الدكتاتورية التى توزع صكوك الوطنية تعتبر كل من يعارضها خونة وأعداء للوطن، بينما يعتبرون أنفسهم حماة الوطن والساهرون على أمنه وحماية مقدراته فى حين أنهم مجرد لصوص وعصابة!!
هذه الملايين التى نهبها الفاسدون من أموال الشعب، كان من الممكن أن توجه لإنقاذ أرواح المئات ولتوفير خدمات وحقوق لمئات الآلاف.
لأنه ببساطة شديدة أمام هذه الملايين المهربة ، كم مات جراء شرب المياه الملوثة ؟ وكم وظيفة كان من الممكن توفيرها لمنع هجرات الشباب وغرقهم فى البحار؟ وكم من المستشفيات كان يمكن تشيدها؟ وكم من المدارس والجامعات والمصانع مايقلل الفقر والبطالة؟
وهذا يحتاج من الشعب أن يعى جيداً ولاينخدع بما ينشره الإعلام المأجور عن نزاهة العسكر وطهارة أيديهم وأنهم حريصون على مصالح الوطن ، إنها معركة الوعى والتحدى الأكبر أمام الشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى