بحوث ودراسات

التقرير الإستراتيجي السوري (95) (الإثنين 21 فبراير 2022) الأزمة الأوكرانية تلقي بظلالها على سوريا

المرصد الاستراتيجي
وصلت طائرات عسكرية روسية، من طراز “ميغ-31كي” الحاملة لصواريخ فرط صوتية، وقاذفات “تو-22إم” إلى قاعدة “حميميم”، في منتصف شهر فبراير الجاري، بالتزامن مع لقاء وزير الدفاع سيرغي شويغو، مع بشار الأسد، وإجراء مناورات روسية شرقي البحر المتوسط، ضمت: 140 قطعة بحرية و60 طائرة و15 سفينة، وعشرة آلاف جندي روسي، وذلك في رد على المناورات التي أجراها حلف شمال الأطلسي “ناتو”، بمشاركة حاملة الطائرات “هاري ترومان” الأمريكية، وحاملة الطائرات “شارل ديغول” الفرنسية، وحاملة الطائرات “كومتي إيدي كافور” من البحرية الإيطالية، وعدد من السفن الهجومية وسفن الدعم.
وكانت موسكو قد أعلنت عن إنزال ست سفن إنزال كبيرة من أسطول الشمال وأسطول بحر البلطيق إلى المركز اللوجيستي للبحرية الروسية في طرطوس، وهي: “بيوتر مورغونوف”، و”غيورغي بوبيدونوسيتس”، و”أولينيغورسكي غورنياك”، و”كوروليف”، و”مينسك” و”كالينينغراد”، فيما أكدت القيادة العسكرية الروسية أن: “طائرات الاستطلاع بدأت على التوازي أنشطتها في رصد مختلف أقسام ومحطات مرفأ اللاذقية بشكل كامل وعلى مدار الساعة، تزامناً مع استمرار القوات الروسية بتسيير دوريات على كامل أقسام المرفأ ومحيطه”.
ونقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام عن: “مصادر رفيعة المستوى”، قولها إن قاعدة “حميميم” أصبحت: “رأس حربة في الاشتباك بين موسكو وحلف شمال الأطلسي”، فيما أكدت صحيفة “البعث” أن زيارة شويغو إلى حميميم جاءت بعد رفض موسكو عرضاً من واشنطن بمقايضة سوريا مقابل أوكرانيا، مؤكدة أن: “سوريا باتت في عمق الجبهة الأوكرانية، بعد رفض موسكو مقايضة الجبهتين، وأبلغت واشنطن أنها متمسكة بأوكرانيا ومتمسكة بالتحالف مع سوريا والنظام السياسي الذي يقوده الرئيس الأسد”.
وفي المقابل؛ يتردد الحديث بواشنطن عن ضرورة ربط الوجود العسكري الأمريكي شرق سوريا بالجبهة الأوكرانية، بدلاً من قصره على “محاربة الإرهاب”، فيما تنظر تل أبيب بقلق إلى التطورات في أوكرانيا على صفقات السلاح القائمة بين إسرائيل من جهة، وبين روسيا وأوكرانيا من جهة أخرى.
ورأى مصدر أمني إسرائيلي أن: “التدخل العسكري الروسي في سوريا سيترك أثره المباشر على أدائه في أوكرانيا، في حال تدهورت الأزمة إلى غزو ميداني، فالجيش الروسي في سوريا زاد من استخدام الأسلحة الموجهة بدقة، والطائرات الهجومية بدون طيار، والاستخبارات، وتكتيكات الضربات الجوية مع الحد الأدنى من الأضرار التي لحقت بالقوة البشرية الروسية، وتمثلت السياسة الروسية المعلنة بمعاملة سوريا على أنها ساحة تدريب”.
وكان محيط مرفأ اللاذقية قد تعرض، لهجومين تسببا بحرائق في ساحة الحاويات، وأثارا استياء في دمشق بسبب التغاضي القوات الروسية التي تمتلك مضادات دفاع جوي من طرز مختلفة لصد تلك الهجمات.
في هذه الأثناء؛ تعكف بعض الجهات العسكرية الغربية على دراسة نمط العمليات العسكرية والأمنية الروسية في سوريا خلال الفترة الماضية لتحديد السيناريوهات العسكرية المحتملة في حال قرر الكرملين اختيار القوة العسكرية ضد أوكرانيا، بما في ذلك:
1- تدمير القدرات والتشكيلات القتالية للفصائل بدلاً من التركيز على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
2- محافظة القوات الروسية على وجود قليل نسبياً على الأرض في سوريا.
3- عدم التركيز على السيطرة على الأرض أو تحمل مسؤوليات الإدارة والحكم.
4- اللجوء إلى الشركات العسكرية الخاصة والتشكيلات غير النظامية، للحد من انكشاف أفراد القوات المسلحة الروسية بالزي الرسمي.
وكانت وكالة “ريا نوفوستي” قد أكدت إجراء أول دورية جوية مشتركة مع قوات النظام فوق الأراضي السورية (26 يناير 2022)، بمشاركة مقاتلات: “سو-34″، و”سو-35″، وطائرة “أ-50” للإنذار المبكر من طرف روسيا، وطائرات: “ميغ-23″ و”ميغ-29” من جانب النظام، وامتد مسار الدوريات على طول هضبة الجولان، ثم على طول الحدود الجنوبية، حتى نهر الفرات وفوق المناطق الشمالية من سوريا، كما قامت القوات الروسية بتشغيل أنظمة دفاع إلكترونية في قاعدة “حميميم”، ما تسبب في تعطيل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في المنطقة، وأدى إلى تعطيل حركة هبوط الطائرات في إسرائيل.
ورأى تقرير نشرته “فوربس” في منتصف شهر فبراير الجاري، بعنوان: “ما معنى الدوريات الجوية المشتركة بين روسيا والنظام السوري؟”، أن موسكو ترغب بتعزيز وجودها العسكري في سوريا بهدف جعله “شوكة في الخاصرة الجنوبية لحلف شمال الأطلسي”، وذلك على خلفية الأزمة الأوكرانية.
وتربط بعض المصادر بين تنامي الأزمة الأوكرانية مع تغاضي الروس عن الشحنات العسكرية الإيرانية في سوريا، حيث شهدت الأيام الماضية تكثيف شحنات الأسلحة والذخائر والصواريخ الإيرانية إلى مستودعات خاصة بالحرس الثوري في “السيدة زينب” جنوب دمشق، إذ تم الكشف عن وصول شحنة، في نهاية شهر يناير الماضي، بالإضافة إلى إرسال تعزيزات تضم أكثر من 200 عنصر، بالإضافة إلى خمسة مدافع ميدانية عيار 57ملم وست دبابات وأكثر من 30 سيارة عسكرية دفع رباعي غالبيتها مثبت عليها مضادات نوع 23ملم، وسط انتشار واسع لميلشيا “فاطميون” في المنطقة.
وفيما اعتبره البعض محاولة لربط الجبهتين؛ السورية والأوكرانية، تم الكشف (7 فبراير) عن اعتزام بيلاروسيا إرسال نحو 200 جندي إلى سوريا للقتال إلى جانب القوات الروسية، ما أثار لغطاً كبيراً في مينسك، حيث وصفت زعيمة المعارضة البيلاروسية، سفيتلانا تيخانوفسكايا، القرار بأنه: “تقدير لدعم موسكو للوكاشينكو الذي ساعده في البقاء بالسلطة”، مشيرة إلى أن القرار يخالف دستور البلاد، ويتعارض مع المصلحة القومية، ودفع ذلك بالرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، لنفي تلك الأنباء مؤكداً أن الاتفاقية التي تم نشرها تهدف إلى إرسال عناصر للقيام بمهام ذات طابع إنساني، وسارع إلى تسريب وثيقة الاتفاق، التي تتضمن: مشاركة كتيبة عسكرية بيلاروسية في مهام لتقديم المساعدة الإنسانية لسوريا بالتعاون مع القوات المسلحة الروسية، واقتصار مهام الوحدة العسكرية البيلاروسية على الأنشطة الإنسانية خارج منطقة القتال.
بيروت: تنافس أمني للاستحواذ على ملف التطبيع مع دمشق
كشف تقرير نشره موقع “إنتلجنس أونلاين” (21 يناير 2022) عن احتدام التنافس بين قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية “الموارنة والشيعة”، للتقارب مع دمشق، مؤكداً أن عباس إبراهيم (الشيعي) هو صاحب الحضور “الطاغي” في جهود تطبيع العلاقات اللبنانية-السورية، إلا أن: “هذا التحالف الظرفي الخاضع لولاءات دينية مدفوعة بطموحات شخصية” يواجه منافسة من قبل مدير أمن الدولة (الماروني) طوني صليبا.
ووفقاً للتقرير فإن عودة سوريا إلى ساحة السياسة اللبنانية أثارت تنافساً بين عباس إبراهيم وغريمه في جهاز أمن الدولة، طوني صليبا، والذي يتولى مهام حساسة كمكافحة التجسس والأمن الداخلي، منذ عام 2017، ويتمتع بعلاقات وثيقة مع جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، الذي لا يخفي طموحه لخلافة صهره في منصب الرئاسة، ودفعه ذلك دفعه لتكليف صليبا بتجديد الاتصال مع نظام بشار الأسد، تمهيداً لزيارة يزمع باسيل القيام بها لدمشق.
وبناء على ذلك التكليف؛ فقد هُرع صليبا إلى دمشق، للقيام بمهام غير معلنة، تضمنت: إجراء مباحثات حول قضايا محورية مثل قضايا اللاجئين السوريين والتجارة عبر الحدود، بالإضافة إلى: “محاولة إقناع سوريا بدعم طموحات باسيل لتولي الرئاسة”.
وتعززت مكانة “المديرية العامة لأمن الدولة” بعد تحررها من سلطة وزارة الداخلية عام 2016، حيث كانت مهامها تقتصر على قضايا ذات طابع خدمي، ليتولى رئيسها، صليبا، مهام جديدة، تتضمن: تحرير الرهائن، وترتيب البعثات الخارجية، لا سيما إلى بغداد وموسكو وواشنطن.
وأشار التقرير إلى أن باسيل يسعى إلى الاستفادة من تحالفه مع “حزب الله”، وتوظيف تبعات إدراج الحزب في قائمة العقوبات الأمريكية، للحصول على دعم بشار الأسد، لكن طموحاته تواجه عقبات أبرزها؛ عدم رغبة دمشق في التخلي عن سليمان فرنجية، رئيس حركة المردة، والمفضل لدى بشار الأسد كخليفة للجنرال عون، بالإضافة إلى التحركات الأخيرة التي قام بها عباس إبراهيم في دمشق رداً على زيارات صليبا، خاصة وأن إبراهيم يزور دمشق بانتظام، ويستحوذ على ملف العلاقات مع سوريا.
ويبدو أن عباس إبراهيم، قد بدأ يفقد موقعه البارز في دوائر الاستخبارات المغلقة بلبنان، وذلك نتيجة تدهور العلاقة بين “حزب الله” و”التيار الوطني”، بالإضافة إلى علاقته الوثيقة برئيس مجلس النواب، زعيم حركة “أمل”، نبيه بري، الذي يُعرف بعدائه للتيار “الحر”، وتثور بعض الشكوك الداخلية في “أمل”، بأن إبراهيم يرغب في ترشيح نفسه كخليفة لبري (84 عاماً)، ويبدو أن هذه الطموحات باتت تعيق جهود إبراهيم لاحتكار ملف التطبيع مع نظام دمشق.
عمّان: ثمن باهظ مقابل التطبيع
أرسلت السلطات الأردنية رسائل شديدة اللهجة إلى دمشق، طالبت فيها بضبط عمليات تهريب المخدرات، مؤكدة على أن الأردن سيكون حازماً في حماية حدوده إذا لم تتصرف سلطات النظام.
ووفقاً لمصادر أردنية؛ فإن وزير الدفاع في حكومة النظام، العماد علي أيوب قد أُطلع على تفاصيل عمليات التهريب، وصلة بعض الفرق العسكرية التابعة للنظام بها، خلال زيارته الأخيرة إلى عمّان، إلا أن دمشق لم تتخذ أية إجراءات تذكر لوقف عمليات التهريب، بل تدهور الوضع بصورة كبيرة فيما بعد بحيث أصبحت سوريا: “من المُصنعين الرئيسيين لمادة الكبتاغون المخدرة”، وتزامن ذلك مع تعزيز المهربين قدراتهم لاختراق الحدود الأردنية جهات مختلفة، لتصريف المواد المُهرَّبة في الأردن أو نقلها إلى دول الخليج.
ودفعت تلك التطورات بالقوات الأردنية المسلحة إلى تغيير قواعد الاشتباك على الحدود، وإعلان عزمها: “التعامل مع من يقترب من الحدود كهدف مشروع للقتل والتدمي، وذلك في ظل زيادة عمليات التهريب والعمل “الميلشياوي المنظم المُنسّق مع أجهزة أخرى”، وأسفر ذلك التغيير عن قتل 27 مهرباً للمخدرات أثناء محاولتهم التسلل عبر الحدود (27 يناير) في حين تمكن عدد آخر من الهروب إلى العمق السوري.
وشكلت زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى المنطقة العسكرية الشرقية على الحدود الأردنية-السورية (14 فبراير 2022) رسالة دعم للقوات المسلحة الأردنية في حربها الشرسة مع مهربي المخدرات في سوريا، حيث طالب قواته بتوجيه “العين الحمراء في التعامل مع المهربين” في إشارة إلى استخدام القوة للتصدي للمهربين.
وأكد بيان صادر عن القصر الملكي، إحباط القوات المسلحة الأردنية تهريب 16 مليون حبة مخدرة و17348 كف حشيش عبر الحدود منذ مطلع عام 2022، فيما قُتل 29 مهرباً بعد تطبيق قواعد الاشتباك المشددة.
واتخذت عمليات التهريب من جنوب سوريا إلى الأردن نسقاً تصاعدياً منذ بدء إجراءات التطبيع مع النظام، حيث تزايدت حالات استخدام الأسلحة النارية ضد القوات الأردنية، ما أدى إلى مقتل ضابط أردني وإصابة آخرين خلال إحدى الاشتباكات في شهر يناير الماضي.
وبالإضافة إلى سلوكهم نقاط تهريب غير شرعية عبر الحدود، يلجأ المهربون إلى استخدام معبر جابر-نصيب الحدودي، عقب فتحه من قبل الأردن، حيث تمر عبره حركة تجارة بمليارات الدولارات لدول المنطقة في تهريب المخدرات التي يتم إخفاؤها في شاحنات سورية متجهة إلى أسواق الخليج العربي.
وتؤكد مصادر الأمم المتحدة أن تجارة المخدرات غير المشروعة تُستخدم في تمويل ميلشيات موالية للنظام، وقد أثار عدد من المسؤولين الأردنيين مخاوفهم مع السلطات السورية وروسيا، بهذا الشأن دون تحقيق نتائج تذكر، حيث تؤكد مصادر الاستخبارات الأردنية أن تصنيع الكبتاغون يتم في “مكبس” تابع للفرقة الرابعة في منطقة “خراب الشحم” بمحافظة درعا، ويحمل جميع العاملين فيها بطاقات أمنية صادرة عن المكتب الأمني في الفرقة الرابعة، تسهل تحركاتهم وتضمن لهم المرور على جميع النقاط العسكرية من دون تفتيش، كما تتم في بلدة “نصيب” عمليات تغليف المواد المخدرة، وتجهيزها وشحنها للأردن.
وكانت السلطات الأردنية قد أعلنت (13 يناير 2022) عن “زيادة دراماتيكية” في محاولات تهريب المخدرات من سوريا، محذّرة من أن ذلك “يُشكّل تهديدات عابرة للحدود للأردن والمنطقة المجاورة وبقية العالم”.
ونُقل عن مصدر عسكري أردني قوله، إن: “مهربي المخدرات يعتمدون طرقاً غير مألوفة لتجنّب مراقبة الأردن لحدودها مع سوريا، التي تمتد لأكثر من 360 كيلومتراً، لكن العديد منهم قُتلوا بالرصاص على أيدي حرس الحدود أثناء محاولتهم العبور”.
ويستخدم المهربون من سوريا طرقاً وأنفاقاً سرية لتهريب منتجاتهم إلى المملكة، ويستخدمون الطائرات بدون طيار، حيث أكد بيان سابق للجيش الأردني إنه أسقط طائرة مسيّرة تحمل كمية كبيرة من المخدرات في أثناء تحليقها فوق الحدود مع سوريا.
وكشف تحقيق أعدّته صحيفة “نيويورك تايمز” عن ازدهار تجارة المخدرات في سوريا، والتي يديرها أقارب بشار الأسد مع شركاء أقوياء، حيث بلغت قيمتها مليارات الدولارات، متجاوزة الصادرات القانونية لسوريا.
وكان رئيس دائرة المخدرات في مديرية الأمن العام الأردني، العقيد حسن القضاة، قد أكد أن: “مصانع الكبتاغون موجودة في مناطق سيطرة الفرقة الرابعة وتحت حمايتها”، وأشار إلى أن الكميات المضبوطة في الأردن من الكبتاغون قد زادت بصورة ملحوظة عام 2021، حيث بلغت ضعف الكمية التي تم ضبطها في العام 2020.
وأكد القضاة أن خُمس المخدرات المهربة من سوريا يتم استهلاكه في الأردن، على الرغم من كون عمّان محطة عبور إلى السعودية.
ويقف الأردن على الخط الأمامي في حرب المخدرات الإقليمية بسبب الحدود المشتركة مع سوريا، حيث يؤكد قائد الوحدة العسكرية الأردنية على طول الحدود مع سوريا، اللواء أحمد السرحان، أن: “الأردن بوابة للخليج”، فيما ضبطت السلطات السعودية ملايين من حبوب الكبتاغون خلال الشهور الماضية بعضها قادم من لبنان والبعض الآخر من الأردن.
وفي تعليقه على تنامي المهددات من الطرف السوري؛ أكد مدير الإعلام العسكري الأردني، اللواء مصطفى الحياري (17 فبراير 2022) أن: “الأردن يخوض حرباً غير معلنة” بالنيابة عن دول الجوار، وأن تغير نمط عمليات التهريب من الأراضي السورية دفع إلى تطبيق قواعد اشتباك أكثر صرامة، وأن الاتصالات مع الجانب السوري لم تثمر لفترات طويلة، ما دفع أيضاً لتغيير هذه القواعد.
وبشأن طبيعة عصابات التهريب، أو انتماءاتها ومصادر المخدرات، أكد الحياري، أن المخافر السورية تتعاون مع المهربين، وهو أمر مؤكد لدى الجانب الأردني وموثق بالصور والفيديوهات، مضيفاً: “هناك جماعات ميلشياوية على الحدود… هذا مصور لدينا، ويستخدمون الطائرات المسيرة”.
“فتح”: انفتاح متسارع نحو النظام
تحدث تقرير نشره موقع “إنتلجنس أونلاين” (24 يناير 2022) عن جهود تبذلها حركة “فتح” الفلسطينية للتقارب مع دمشق بهدف الاستفادة من موجة التطبيع العربية مع النظام.
ففي السادس من شهر يناير الماضي، وصل أمين عام اللجنة المركزية لحركة فتح، والرئيس السابق للأمن الوقائي في الضفة الغربية، جبريل الرجوب، إلى دمشق، برفقة روحي فتوح، عضو اللجنة المركزية للحركة منذ عام 2016، وأحمد حلس، المعروف بمعارضته لمحمد دحلان، بالإضافة إلى سمير الرفاعي، سفير السلطة الفلسطينية في سوريا منذ عام 2021، حاملين معهم رسالة مكتوبة من الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” إلى الأسد، وتطرقت الزيارة لآخر التطورات في القضية الفلسطينية والعلاقات الثنائية بين “فتح” والنظام السوري.
وأعلن الرجوب في مؤتمر صحفي بدمشق (10 يناير) عن زيارة وشيكة لعباس إلى سوريا، ستكون: “طفرة في العلاقات بين الجانبين وسط التصعيد غير المسبوق من جانب الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء القضية الفلسطينية”. وتابع الرجوب: “وجود سوريا خارج جامعة الدول العربية هو عار على جميع العرب.. لقد كانت سوريا دولة مؤسسة في الجامعة ويجب أن تستعيد عضويتها”.
وبعد لقائه وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، غادر الرجوب إلى لبنان، في زيارة غير مجدولة التقى فيها مع الرئيس اللبناني ميشيل عون ومع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد نخالة.
وكان محمود عباس قد أرسل، في وقت سابق، نائب رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني زياد أبو عمرو إلى دمشق، حاملاً رسالة عبر فيها الرئيس الفلسطيني عن تضامنه مع سوريا “التي تتعرض لعدوان إسرائيلي-أمريكي”، مؤكداً: “نحن في نفس المركب وفي نفس الخندق”.
وشكل افتتاح هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية مقراً رسمياً لها في دمشق، بحضور ممثلين عن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة “فتح”؛ حلقة جديدة في جهود تطبيع العلاقات بين السلطة الفلسطينية ونظام بشار الأسد، حيث أدلى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عزام الأحمد، بتصريح لصحيفة “الوطن” التابعة للنظام، قال فيه: “أنا اليوم في دمشق بزيارة معلنة، وليس سراً هناك من سبقني قبل أيام في زيارات غير معلنة”، وبشأن زيارة عباس لدمشق، أكد أن: “الزيارة واردة، وأعتقد أنها ستكون قريبة إن شاء الله”.
باريس: “القوة الناعمة” لتعزيز النفوذ السياسي
تحدث تقرير أمني غربي (7 فبراير 2022) عن محاولات حثيثة تبذلها باريس للتوفيق بين رغبتها في تعزيز وجودها في سوريا من جهة، وعدم إقامة اتصال مباشر مع نظام الأسد بشكل رسمي من جهة ثانية.
ولتحقيق عملية التوازن المعقدة تلك، تعمل السلطات الفرنسية من خلال أدواتها “الناعمة” المتمثلة في: الجمعيات الخيرية، وترميم الآثار، و”دعم مسيحيي الشرق”، معتمدة في ذلك على شراكتها مع دولة الإمارات، عبر مؤسسة “التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق الصراع”.
ووفقاً للتقرير؛ فإن باريس تمول مشروعين في مناطق سيطرة النظام، هما: ترميم “قلعة الحصن”، وهي قلعة تعود إلى الحقبة الصليبية تضررت أثناء سنوات الحرب، وترميم كنيسة “القديس سمعان العمودي” بالقرب من حلب.
ومن خلال هذين المشروعين، تدمج باريس بين سياستي ترميم الآثار المسيحية، ودعم مسيحيي الشرق والذين أقام لهم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حفلاً في الإليزيه (1 فبراير 2022) عقب مؤتمر “المانحين للتحالف الدولي لحماية التراث في مناطق الصراع” (31 يناير).
وفي حديثه للقائمين على اجتماع المانحين؛ شكر ماكرون -بحرارة- المؤسس المشارك للتحالف، الملياردير الأمريكي من أصل سويسري، توماس كابلان، الذي تربطه صلات وثيقة مع وزيرة الثقافة الإماراتية، نورة الكعبي، والذي تمكن من تأمين نحو 90 مليون دولار كتعهدات من رعاة جدد للمشاريع الفرنسية.
وبينما يعرض “التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق الصراع” نشاطاته بكثير من الفخر والاعتزاز، يميل القائمون عليه إلى الصمت بشأن أعمالهم في سوريا، ويقتصر حديثهم على الأنشطة القائمة في محافظة الرقة، الخاضعة لميلشيا “قوات سوريا الديمقراطية”.
وتحظى “قلعة الحصن” بأهمية كبيرة لدى المسيحيين الغربيين، كما تمثل نقطة جذب للجولات السياحية التي عاد تنظيمها من قبل وكالة السياحة (كليو)، وتعتبر القلعة محورية في أعمال الترميم المنفذة في سوريا منذ 2016، بواسطة مدير منظمة “أنقذوا مسيحيي الشرق”، تشارلز ديميير، والتي يستخدمها حزب “التجمع الوطني” لدعايته، بقيادة اليمينة المتطرفة، ماريان لي بان، التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع مؤسسة أسماء الأسد، “الأمانة السورية للتنمية”، والتي جددت اليونسكو اعتمادها أواخر العام الماضي.
ونظراً للإحراج الذي تسبب به نشاط منظمة “أنقذوا مسيحيي الشرق” في دعم ميلشيات مسلحة موالية للنظام، فإن السلطات الفرنسية تفضل التعتيم على هذه العلاقة، وإظهار دور منظمة “لفغا دي أورينت” كشريك رئيس في مشروع الترميم الذي تموله منظمة “التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق الصراع”.
وقد قام ماكرون بتقليد مدير “لفغا دي أورينت”، باسكال غولينيش، وساماً خلال حفل الاستقبال الذي عقد في الإليزيه (1 فبراير)، علماً بأن المنظمة تتمتع بعلاقات وثيقة مع جهات تابعة للنظام في حلب، حيث تعمل على مشروع حرفي مع جمعية “الصخرة” الخيرية المحلية، والتي يتم تمويل بعض برامجها من قبل جمعية “أنقذوا مسيحيي الشرق”.
واستغل ماكرون تلك الفعالية للإعلان عن مضاعفة المبالغ المالية المرصودة لمساعدة المدارس المسيحية في الشرق الأوسط، مؤكداً أن: “دعم مسيحيي الشرق هو التزام علماني لفرنسا ومهمة تاريخية ويشكل استجابة لضرورة عدم التخلّي عن النضال من أجل الثقافة والتعليم والحوار في هذه المنطقة المضطربة، متعهداً بالتعاون مع جمعية “أوفر دوريان” لمضاعفة مساهمة الدولة في صندوق دعم مدارس الشرق، والذي يدعم 174 مدرسة في المشرق العربي.
كما أعلن ماكرون أنّ فرنسا ستجدّد مساهمتها البالغة 30 مليون دولار في التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع، وذلك بالاشتراك مع دولة الإمارات التي تتولى دعم 150 موقعاً ثقافياً في المنطقة.
وتكتسب قضية “دعم مسيحيي الشرق” أهمية متنامية في الحملة الانتخابية الرئاسية الفرنسية 2022، حيث يتطرق عدد من المرشحين، على غرار: إريك زمور، ومارين لوبان، وفاليري بيكريس، وحتى الرئيس ماكرون، في خطاباتهم إلى أوضاع المسيحيين الذين: “يعيشون ظروفاً أمنية واقتصادية صعبة للغاية في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما في العراق وسوريا”، وضرورة اضطلاع فرنسا بدورها التاريخي في دعمهم.
وكانت دراسة تشرها موقع “ميدل إيست أون لاين” قد ألقت الضوء على رغبة باريس في تعزيز نفوذها في العراق وسوريا، مؤكدة أن الفرنسيين يعتقدون أنه بعد عقود من الحرب والضعف والاضطراب، فإن العراق مستعد لاستقبالهم وتوفير قاعدة لهم لبناء جسور سياسية واقتصادية مع دول المنطقة.
وكشف مسؤولون فرنسيون عن تنامي اعتماد ماكرون على أجهزته الأمنية، وعلى رأسها جهاز الاستخبارات العسكرية الفرنسية (DRM)، وخاصة في العراق حيث يعمل السفير الفرنسي في بغداد، إيريك شوفيليه (والذي كان يشغل منصب مدير مركز “الدعم والأزمات” (CDC) التابع لوزارة الخارجية، وله اهتمام شخصي ومباشر بالأوضاع في سوريا، حيث عمل كسفير لبلاده في سوريا (2009-2014)، وأقام بدمشق حتى عام 2012، ثم انتقل إلى باريس بعد إغلاق السفارة هناك) على خطة طموحة تتضمن: إنشاء قنوات حوار مفتوحة مع مختلف الجهات الإقليمية الفاعلة، والإشراف على التواجد العسكري الفرنسي في المنطقة من خلال قيادة عملية الشمال الفرنسية لمحاربة “داعش”، وتعزيز علاقات فرنسا مع “مجلس سوريا الديمقراطي” (مسد)، حيث يقيم مركز الأزمات والدعم التابع لوزارة الخارجية علاقات حيوية ومباشرة مع الإدارة الكردية شمال شرقي سوريا، بإشراف إيريك شوفيليه.
واعتبرت صحيفة ” نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية أن فرنسا تحاول الدفاع عن “حق تاريخي” بالنفوذ في سوريا من خلال تقديم الدعم لقوات سوريا الديمقراطية، والقيام بدور الوسيط لمعالجة الانقسام الكردي، ومحاولة الوساطة بين “قسد” و”المجلس الوطني الكردي”، وغيرها من المكونات الكردية في سوريا.
وعلى الرغم من السمعة السيئة التي اكتسبتها منظمة “أنقذوا مسيحيي الشرق”، إلا أن السلطات الفرنسية لا تزال مصرة على التعاون مع أنشطتها، ولكن بصورة غير مباشرة، حيث تغطي على تلك العلاقة من خلال التعامل مع وسطاء ينفذون مشاريع بالاشتراك مع المنظمة التي كشفت مصادر قضائية فرنسية (17 فبراير 2022) عن فتح نيابة باريس الجزائية تحقيقاً بشأن تورطها في ارتكاب جرائم حرب بحق السوريين.
وبحسب المذكرة الاتهامية الصادرة عن النيابة العامة في باريس؛ فقد تم توجيه تهمة التعاون مع ميلشيات سورية متورطة بجرائم ضد الإنسانية إلى منظمة “أنقذوا مسيحيي الشرق”، وذلك في أعقاب نشر مركز “نيولاين” الأمريكي تقريراً مفصلاً حول العلاقة القوية التي تربط نظام دمشق وميلشياته بالمنظمة الفرنسية.
الحظيرة العربية: التطبيع الاقتصادي مستمر رغم التحفظ الأمريكي

تحدث تقرير أمني غربي (26 يناير 2022) عن جهود حثيثة يبذلها وزير الصناعة اللبناني، جورج بوشكيان، لتعزيز العلاقة مع العراق، حيث قام بافتتاح معرض “صنع في لبنان” (بغداد، 20 يناير)، وذلك في أعقاب مشاركته في مؤتمر الأعمال العراقي-اللبناني الثاني (10 يناير) في العاصمة العراقية.
ويرغب بوشكيان في الاستفادة من صفقة النفط العراقية-اللبنانية، والتي يتم بموجبها تسليم النفط العراقي إلى بيروت، للحصول على تسهيلات في مجال تعزيز العلاقات التجارية والصناعية مع العراق، إذ إنه استغل تلك المناسبات لإجراء محادثات مكثفة مع وزير الصناعة العراقي، منهل عزيز الخباز، بشأن تخفيض الرسوم الجمركية على المنتجات اللبنانية، وتسهيل الإجراءات الإدارية للمستثمرين اللبنانيين في العراق.
وتعمل السلطات اللبنانية على مشروع طموح لتعزيز علاقاتها مع العراق، عبر سوريا، وخاصة في قطاعات التجارة والصناعة، ومجالات الطاقة، والتعاون العسكري، وذلك عقب إبرام وزير الدفاع العراقي، جامع عناد، مذكرة تفاهم بشأن التعاون العسكري مع نظيره اللبناني موريس سليم (28 ديسمبر 2021).
وفي الجهة المقابلة؛ يبذل رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي (رئيس جهاز المخابرات الوطنية العراقية سابقاً) عبر فريق يتضمن ضباط استخبارات عراقيين كبار للتعامل مع ملف التطبيع مع النظام السوري (خارج وصاية الحشد الشعبي)، وعلى رأسهم؛ عبد الأمير الشمري، الذي رقاه الكاظمي إلى أعلى رتبة عسكرية، وأحمد طه أبو رغيد، الذي تمت ترقيته كذلك، وكان مسؤولاً عن عمليات “وحدة خلية الصقور” لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى قائد جهاز الأمن الوطني عبد الغني الأسدي. وذلك في مقابل إضعاف مجلس الأمن القومي، برئاسة قاسم الأعرجي، العضو البارز في ميلشيا “الحشد الشعبي” ووزير الداخلية سابقاً.
وتتمثل المهمة الأولى للفريق الأمني الجديد في إدماج أجهزة الاستخبارات العراقية بالمنظومة الأمنية العربية، وتنسيق المواقف الأمنية مع الدول العربية الأخرى للتطبيع مع النظام السوري، حيث أكد وزير الخارجية العراقية، فؤاد حسين، أن: “علاقات العراق الدبلوماسية مع النظام لم تنقطع أبداً، ولطالما شجعنا الدول العربية على أن تكون لها علاقات طبيعية مع دمشق”، لافتاً إلى أن: “استقرار الأوضاع في سوريا يعود بالنفع على العراق”، وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد تلقى اتصالاً من بشار الأسد لمناقشة: “العلاقات الثنائية والتعاون في مكافحة الإرهاب بين البلدين”.
وقال وزير الخارجية العراقي في حديث مع قناة “سي إن إن” الأمريكية (17 نوفمبر): “أعتقد أن معظم الدول العربية هذه الأيام بدأت في إقامة علاقات مع النظام، بعضها أعلن ذلك والبعض الآخر لم يعلن”، مؤكداً أنه “في غضون فترة قصيرة، ستكون هناك علاقات طبيعية بين العديد من الدول العربية والنظام”.
في هذه الأثناء؛ يحتدم التنافس بين شركات نفطية خاصة للحصول على العطاء الشهري الثالث لتوريد الوقود من العراق إلى لبنان، وعلى رأسها: “شركة بترول الإمارات الوطنية” (إينوك)، التي سلمت شحنات شهري سبتمبر وأكتوبر، و”الشركة الأنجلو-إماراتية” (بي بي إنيرجي)، وشركة “إلينويل” اليونانية، برئاسة شارالامبوس كينيغوس، وشركة (إيه أوه تي تريدينغ) السويسرية-الجنوب إفريقية، والتي تعرف المنطقة جيداً، نظراً لتزويدها نظام بشار الأسد بالنفط الخام حتى عام 2012.
فيما طرحت الحكومة اللبنانية ثلاث مناقصات، ذهبت لكل من: (روماكس إنترناشونال أي جي) التي حصلت على عطاءين، وشركة (زي آر إينرجي) التي حصلت على العطاء الثالث، بعد منافسة مريرة مع شركة (إل بي بي إينرجي)، والتي كانت قد فازت بعقد سابق في ديسمبر 2019.
وكان رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي قد زار بغداد بصحبة مهندس الصفقة، رئيس المخابرات اللبنانية، عباس إبراهيم، وتباحث مع وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار إسماعيل بشأن زيادة كمية النفط التي يتم تسليمها إلى بيروت عبر الأراضي السورية، حيث تعمل الحكومة اللبنانية جاهدة لمعالجة نقص الطاقة في البلاد.
وتطرق الجانبان للحديث عن إمكانية استئناف نقل النفط العراقي عبر الأنابيب من كركوك، إلى مصفاة البداوي في طرابلس، عبر الأراضي السورية، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين للبحث في كل ملفات التعاون، وتسهيل حركة نقل الركاب والبضائع ودرس إمكانية إلغاء التأشيرات بين البلدين.
وفي حال اتفاق البلدين، فإن عملية نقل النفط عبر الأراضي السورية ستعود على النظام السوري بفائدتين: الأولى، موارد الترانزيت، والثانية، تزويده بكميات من النفط والبضائع التي يحتاجها مقابل السماح بعملية النقل.
وتقوم القاهرة بجهود رديفة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع دمشق، حيث يتحرك وزير البترول المصري طارق الملا، في الأوساط الدولية لتخفيف العقوبات على دمشق، تحت ذريعة: “إمداد لبنان المتعطش إلى الطاقة بالغاز الطبيعي دون تعريض نفسها لعقوبات تستهدف الحكومة السورية والجهات المستفيدة منها”.
وفي زيارته للقاهرة (24 ديسمبر 2021)؛ التقى وفد الاتحاد السوري لنقابات عمال الطباعة والثقافة والإعلام والتعليم برئيس نقابات الصحافة والطباعة والإعلام والثقافة والآثار المصري مجدي البدوي، الذي أكد أن: “عمال مصر يدعمون بالكامل العمال السوريين في مواجهة التحديات والحصار الاقتصادي الجائر والإرهاب والعدوان على الأراضي السورية”.
كما وقّع وفد نقابي عمالي سوري بروتوكول تعاون مع الاتحاد المصري العام للصناعات الغذائية، نص على: “استمرار برنامج الزيارات المتبادلة والتنسيق والتعاون الاقتصادي المشترك والتحضير لبرامج تدريبية مشتركة، ودورات في محاولة لتبادل الخبرات بين العاملين المصريين والسوريين”.
والتقى رئيس اتحاد عمال النقل في سوريا، خلال زيارته للقاهرة، رئيس النقابة المصرية العامة للنقل البحري حسام الدين مصطفى، الذي أكد أن: “العلاقات مع النقابات العمالية في سوريا لم ولن تتوقف تحت أي ظرف سياسي”.
كما التقى وفد من اتحاد المهندسين العرب، برئاسة نقيب المهندسين المصريين، هاني ضاحي، ببشار الأسد (18 ديسمبر 2021) لمناقشة: “أوجه التعاون المشترك ومقترحات إعادة الإعمار المختلفة لسوريا”، حسب بيان نقابة المهندسين المصرية.
وكان تقرير أمني غربي قد تحدث عن الجهود التي بذلها وزير الاقتصاد السوري محمد سامر الخليل على خلفية مشاركة دمشق في “إكسبو 2020” بدبي، بدعم من مجموعة رجال أعمال وممثلي أجهزة المخابرات السورية، لتأمين صفقات تجارية وفرص عمل جديدة لشركات النظام الخاضعة للعقوبات الدولية، وعلى رأسها “أجنحة الشام”، و”شام القابضة”، وذراعها العقارية “بنا للعقارات”، وشركتي “حميد للصناعات المعدنية” و”إسناد للصلب” التي حضرت إلى جانب شقيقتها شركة “داك فوود”.
أسماء الأسد تدخل على خط الاستثمار الخارجي
تحدث تقرير أمني غربي (25 يناير 2022) عن “تطور مهم” في العلاقات بين بكين ودمشق، حيث أبرم السفير الصيني لدى سوريا، فينغ بياو (12 يناير) اتفاقاً مع النظام لمشاركة البلاد في “مبادرة الحزام” و”طريق الحرير” بالإضافة إلى إضفاء الطابع الرسمي على الدور الذي ستلعبه جمعية أسماء الأسد “الأمانة السورية للتنمية” في الشؤون الخارجية للنظام.
ووفقاً للتقرير، فإن الاتفاقية التي وقعها رئيس الهيئة السورية للتخطيط والتعاون الدولي، فادي الخليل، تضع الهيئة في واجهة العلاقات السورية-الصينية، والتي كانت يتولاها “المجلس السوري-الصيني” الذي كان يسيطر عليه محمد حمشو، المقرب من ماهر الأسد.
كما تفتح الاتفاقية الجديدة الأبواب أمام جمعية “الأمانة السورية للتنمية”، التي كان دورها يقتصر على المشاريع المحلية، من خلال المستشار السابق لشركة أسماء الأسد، فارس كلاس، والذي ستُعهد إليه مهمة استثمار جزء من الأموال الصينية الممنوحة لدمشق.
ولوحظ في الفترة نفسها مشاركة جمعية “الأمانة السورية” كراعٍ لمعرض “إكسبو 2020” في دبي، ما يؤكد تعزيز الدور الخارجي الذي تضطلع به أسماء الأسد في الآونة الأخيرة.
وتؤكد تقارير أمنية غربية أن ميناء طرابلس، شمال لبنان، قد أصبح مركزاً رئيساً للاستثمارات الصينية في سوريا، حيث افتتحت شركة (كوسكو شيبنغ لاين) مكتباً لها في الميناء، ودشنت شركة “شنغهاي” لشحن الحاويات خطاً إلى طرابلس (تديره شركة جلفتينر الإماراتية)، فيما تخطط شركة هندسة الموانئ الصينية للعمل في ميناء طرابلس.
ووفقاً للتقرير فإن الحكومة الصينية ترغب في استثمار نحو 55 مليون دولار في ميناء طرابلس، ليس باعتباره نقطة وصول بحرية جديدة في البحر الأبيض المتوسط فحسب، بل لأنه وسيلة للوصول إلى سوريا، والتي تخطط السلطات الصينية لممارسة دور كبير في عملية إعادة إعمارها، حيث انتقلت العديد من شركات العقار الصينية إلى طرابلس، وقامت -عبر وكالات عقارات محلية- بزيارة مدينتي حمص وحماة لبحث سبل تعزيز الاستثمار في الداخل السوري.
واشنطن: تصعيد عسكري يثير حفيظة موسكو
تستمر الولايات المتحدة في تعزيز قواتها شرقي أوروبا على خلفية الأزمة الأوكرانية، حيث أعلن الناطق باسم الجيش البولندي، الميجور برجنيسلاف ليتشينسكي (5 فبراير 2022) عن: “نقل التعزيزات الأمريكية إلى بولندا في إطار طمأنة الحلفاء القلقين من التوتر الروسي-ألأوكراني”، مؤكداً أن: “الجزء الأكبر من الكتيبة الأمريكية وقوامها 1700 جندي ستصل قريباً”، فيما حطت طائرة على متنها جنود من الفرقة الأمريكية (82) المحمولة جواً في يسيونكا.
وكانت الولايات المتحدة، قد أعلنت (2 فبراير) عن إرسال 3 آلاف جندي أمريكي إضافي إلى أوروبا الشرقية للدفاع عن دول حلف شمال الأطلسي “من أي اعتداء” وسط محاولات دبلوماسية لإقناع موسكو بسحب قواتها المحتشدة على حدود أوكرانيا.
وتضاف التعزيزات الجديدة إلى نحو 8500 جندي أمريكي وضعهم الرئيس الأمريكي جو بايدن في حال تأهب في شهر يناير الماضي، ليتم نشرهم في قوة الرد السريع التابعة للحلف الأطلسي إذا لزم الأمر.
أما في سوريا؛ فقد أعلن الجيش الأمريكي نشر المزيد من مركبات “برادلي” القتالية، من طراز “إم 2 أي “، في مناطق شمال وشرق سورية، الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بهدف تشكيل: “رادع قوي في أكثر المناطق اضطراباً، وتمكين القوات الشريكة (قسد) من القيام بالمهام المشتركة”.
وكان تقرير أمني غربي (4 فبراير 2022) قد تحدث عن تلقي “قوات سوريا الديمقراطية” دعماً غير مسبوق في عمليتها ضد تنظيم “داعش” في سجن الصناعية، بالقرب من الحسكة في نهاية شهر يناير الماضي.
ونظراً لعجز “قسد” عن استعادة السيطرة على المنطقة؛ فقد قامت قيادة العمليات الخاصة الأمريكية بإرسال طائرات هليكوبتر، وشنت ضربات جوية، بعد فشل قوة مشتركة من ميلشيات: “وحدات حماية الشعب” و”وحدات حماية المرأة” المشكلتان من “حزب الاتحاد الديمقراطي”، بالإضافة إلى “وحدات مكافحة الإرهاب” وميلشيات سريانية، و”قوات الحماية الذاتية”.
وفي مواجهة اتساع دائرة القتال عقب هروب السجناء؛ اضطرت قيادة العمليات الخاصة الأمريكية إلى خوض معركة برية إلى جانب القوات البريطانية الخاصة، لدعم قيادة “قسد” التي عجزت عن صد الهجوم رغم تزويدها بمعلومات استخباراتية مسبقة، وبإسناد جوي كبير.
وأسفر التدخل العسكري الأمريكي عن مزيد من التوتر بين واشنطن وموسكو، حيث دعت روسيا، خلال جلسة مجلس الأمن حول الوضع في شمال شرقي سوريا، إلى تقديم إحاطة بشأن العملية، واتهم نائب السفير الروسي، ديميتري بوليانسكي، واشنطن بأنها تلتزم بالقانون الإنساني الدولي الذي يدعو إلى حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، ولكن باستخدام سلاحها الجوي وعرباتها المدرعة لتطهير السجن.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية من طرفها (27 يناير) أن الاضطرابات الأمنية التي شهدتها مدينة الحسكة، تشير إلى عجز أمريكا والسلطات الكردية عن ضمان الأمن في هذه المنطقة.
وقال نائب مدير إدارة الإعلام والصحافة في الخارجية الروسية، أليكسي زايتسيف، في تعليقه على العمليات: “من الواضح أن الأمريكيين والسلطات الكردية المحلية، عاجزون عن تحقيق أهداف ضمان الأمن على نحو راسخ في الأراضي الخاضعة لسيطرتهما شمال شرقي سوريا”.
وبعد انتهاء أحداث “سجن غويران” بأيام؛ أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (3 فبراير) أن قواتها الخاصة نفذت عملية إنزال جوي شمال غرب سوريا، قرب مخيم أطمة مستهدفة زعيم تنظيم “داعش”، ومقتل نحو 13 آخرين بينهم مدنيون، وهي العملية الأكبر التي تنفذها القوات الأمريكية منذ سنتين.
وتنظر موسكو بقلق إلى تنامي احتمالات تدخل أنقرة إلى صالح الولايات المتحدة في عمليات التصعيد الجارية في كل من سوريا وأوكرانيا، حيث لاحظ الكاتب الروسي: “إيغور سوبوتين”، في مقال نشره بصحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا”: “بوادر قيام علاقات نفعية بين واشنطن وأنقرة”، أشار فيه إلى أن إدارة بايدن تتوقع أن تشارك تركيا بشكل أكبر في الملف الأوكراني، فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نيته الوفاء بالتزاماته تجاه الناتو في حال نشوب حرب.
ونقلت الصحيفة عن النائب السابق في البرلمان التركي ومدير البرنامج التركي في “المؤسسة الأمريكية للدفاع عن الديمقراطيات”، أيكان إردمير، قوله: “إن التحديات التي واجهتها واشنطن في أفغانستان وأوكرانيا تجبر الولايات المتحدة على السعي وراء علاقة أكثر براغماتية مع ممثلي المؤسسة التركية المعنيين بالأمن والسياسة”.
طهران: عمليات تخريبية لإفساد التقارب التركي-الإسرائيلي
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (18 يناير 2022) أن المفاوضات التي قام بها وزير الطاقة والموارد الطبيعية السابق براءت ألبيرق مع إسرائيل؛ تركزت على سبل نقل الغاز إلى أوروبا عبر تركيا، وتحدث عن زيارة قريبة لنظيره الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ.
ويبدو أن الاتصالات بين أنقرة وتل أبيب لا تقتصر على خط الغاز، بل تشمل مختلف الملفات الإقليمية، حيث أكد وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أن بلاده أقامت اتصالات مع الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، وكذلك إسرائيل، بهدف: “تخفيف التوترات الإقليمية”.
وأكد المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، أن المحادثات بين إسرائيل وتركيا: “ستساعد في تحقيق التقارب أكثر من أي وقت مضى، بما فيها التقارب مع الإمارات، وغياب أية نقاط خلاف حقيقة حول سوريا”، خاصة وأنها تتزامن مع برود في العلاقة بين أبوظبي والجماعات الكردية في الشمال السوري.
ووفقاً لتقرير أمني غربي (27 يناير 2022) فإن أولى بوادر التعاون بين أنقرة وتل أبيب قد ظهرت في سعيهما لتعزيز قدرات أذربيجان في مجال “السايبر”، حيث ترغب باكو في تعزيز دفاعاتها الإلكترونية ضد المهددات السيبرانية الروسية بمساعدة إسرائيل وتركيا، ولتحقيق ذلك فقد تم إبرام شراكة (14 يناير) بين شركة الاستشارات الأذربيجانية (بلاك غاردن) وشركة “الاستثمار الاستراتيجي” (إيكار هولدينغ)، برئاسة الألماني ماريو دييل، والتي تتمتع بحضور قوي في تركيا.
وتأتي تلك الشراكة بالتزامن مع استعانة السلطات الأذربيجانية بخبراء في تل أبيب للمساعدة في تعزيز دفاعاتها الإلكترونية لدرء التحركات السيبرانية الروسية، حيث نظمت شركة (بروسول) الأذربيجانية، برئاسة بابك أغاييف، النائب السابق لرئيس مكتب العلاقات الدولية في البرلمان الأذربيجاني، مؤتمر “أيام الأمن السيبراني الدولية” في باكو، وتوصف الشركة بأنها: “متجذرة في صناعة التكنولوجيا الإسرائيلية الدقيقة”.
وحضر المؤتمر عدد من خبراء السايبر الإسرائيليين، منهم؛ دانيل زيلدس رئيس خدمات السايبر في شركة التدريب (سايبربرو)، التي أسسها جال جينات مدير العمليات السابق في وحدة الاستخبارات الإسرائيلية (8200)، وعساف تامير المؤسس المشارك مزود السايبر للحكومة الإسرائيلية (مجموعة الأمن السيبراني) التي يترأسها ضابط الاستخبارات دورون تامير، في حين مثل القطاع السيبراني التركي شركة (سوكرادار) التركية-البريطانية، وشركة (لوجيسجن).
وأثار التقارب التركي-الإسرائيلي حنق إيران، التي تدهورت علاقتها بتركيا على خلفية تضارب مصالح البلدين في أفغانستان، ودعم أنقرة لأذربيجان، بالإضافة إلى تنامي الأنشطة التخريبية للاستخبارات الإيرانية في تركيا، ففي 11 فبراير، أعلنت الاستخبارات التركية عن تفكيك خلية إيرانية من تسعة أشخاص كانت تخطط لاغتيال رجل أعمال إسرائيلي يعمل في مجال الصناعات الدفاعية في تركيا.
وأكدت مصادر أمنية تركية أن الهدف من هذه العملية هو تقويض التقارب القائم بين أنقرة وتل أبيب، حيث أشارت مصادر رئاسة مكافحة الاستخبارات التركية إلى أن خلية التجسس التي أنشأتها المخابرات الإيرانية كانت تستهدف خبير الصناعات الأمنية والدفاعية، يائير جيلر (75 عاماً) الذي يعمل من خلال شركته (CNC) على العديد من مشاريع صناعات الدفاع الجوي والتكنولوجيا والبرمجيات.
وقامت شبكة التجسس الإيرانية بمراقبة شركة جيلر في منطقة “كاتالجا”، ورصد تحركاته في مقر إقامته بمنطقة بشيكتاش في إسطنبول وتصويره على مدار الساعة، تمهيداً لتنفيذ عملية اغتياله، ما دفع بالمخابرات التركية لمشاركة المعلومات التي بحوزتها مع جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”، وعقد اجتماع سري توصل الطرفان فيه إلى أن محاولة إيران اغتيال يائير جيلر تهدف إلى تقويض العلاقات الإسرائيلية-التركية، ما دفع بالسلطات التركية للموافقة على قيام الموساد بإنشاء “درع حماية نشط” ليائير جيلر.
وبادرت الاستخبارات التركية من طرفها إلى إلقاء القبض على قائد الخلية الإيرانية في تركيا، صالح مشتاغ بيجوز (44 عاماً) بتهمة: “إنشاء وإدارة منظمة لغرض ارتكاب جريمة”، و”عضوية منظمة تأسست لغرض ارتكاب جريمة”، وتم اعتقال ثمانية آخرين، إلا أن رئيسه ياسين طاهر ممكندي (53 عاماً) تمكن من الفرار إلى إيران.
وكشفت الاستخبارات التركية (13 فبراير) عن شبكة إيرانية أخرى، مكونة من 14 شخصاً، كانت تخطط لاختطاف معارضين إيرانيين مقيمين في تركيا، وتم توقيف إيرانيين اثنين و12 تركياً، فيما أصدرت السلطات المختصة مذكرة بملاحقة ثلاثة إيرانيين فارين.
كما فككت الاستخبارات التركية خلية إيرانية سابقة (9 أكتوبر 2021)، بقيادة ناجي شريفي زندشتي، وهو كردي إيراني يحمل الجنسية التركية، كان يحاول اختطاف أحد قياديي “حركة النضال العربي لتحرير الأحواز”، كما أحبط جهاز مكافحة التجسس محاولة إيرانية أخرى (13 أكتوبر 2021) لاختطاف طيار عسكري سابق كان عضوًا في “الباسدران” قبل الهرب إلى تركيا.
تنامي السخط في السويداء ودرعا واللاذقية
دعا كبار مسؤولي الطائفة الدرزية (12 فبراير) إلى تدويل قضية دروز سوريا في المحافل الدولية، وذلك في اجتماع دعا إليه الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، موفق طريف، في قرية “كفر ياسيف” الفلسطينية، طالب فيه بتجنيد الرأي العام العالمي من أجل ضمان عودة الأمن والأمان إلى سكّان الجبل عامة.
وجاءت تلك الأحداث عقب قيام جهاد بركات، صهر آل الأسد وقائد ميلشيا “مغاوير البعث” بتهديد المتظاهرين (11 فبراير)، فيما تحدث نائب قائد قاعدة “حميميم” الروسية، اللواء أوليغ جورافليوف، عن محاولات يقوم بها “قادة عصابات مسلحة” لتنفيذ أعمال إرهابية في السويداء وثلاث محافظات أخرى هي دمشق واللاذقية ودرعا.
وكانت الأوضاع الأمنية قد تدهورت بصورة كبيرة مطلع شهر فبراير الجاري، ما دفع بوفد عسكري روسي مكون من ضباط بالقيادة الروسية في دمشق ومن “مركز المصالحة”، للاجتماع بمحافظ السويداء، نمير مخلوف، ورئيس فرع أمن الدولة، سالم الحوش (10 فبراير)، للاطلاع على الإجراءات الأمنية التي اتخذها النظام، وتقديم ضمانات للسكان المتذمرين من تدهور الأوضاع المعيشية، وأسفرت الزيارة عن تعليق الاحتجاجات الشعبية إمهالاً لوساطة قام بها موفق طريف، في موسكو (15 فبراير 2022) لبحث سبل تحسين الوضع الاقتصادي في محافظة السويداء.
وفي لقائه مع مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرنتييف، طالب طريق بتقديم: “المساعدات لأبناء الطائفة في الجبل، وإنشاء مشاريع اجتماعية واقتصادية لتنمية الاقتصاد المجتمعي في جبل العرب”.
وتحدث طريف مع مضيفيه عن إمكانية: “توفير معبر آمن لدروز سوريا مع الأردن لإنعاش جبل العرب اقتصادياً وتوفير فرص المعيشة اللائقة… وترسيخ مكانة وموقع الدروز في الدستور السوري وذلك من خلال التسوية الجارية حالياً في سوريا تحت رعاية دولية”.
إلا أن الزيارة لم تحقق الأهداف التي كانت ترجوها موسكو، حيث تجددت المظاهرات في السويداء (يوم الجمعة 18 فبراير)، وتجمع المئات أمام قبر “سلطان باشا الأطرش” في بلدة “القريّا” غربي المحافظة، منددين بسياسات نظام الأسد، ما دفع بالنظام لإرسال تعزيزات كبيرة إلى المحافظة في نية واضحة لاستخدام القوة في قمع المظاهرات.
في هذه الأثناء؛ تعيش محافظة درعا حالة غير مسبوقة من التدهور الأمن، وتزايد حالات الخطف، التي تهدف إلى ابتزاز السكان، حيث تزامنت أحداث اختطاف الطفل، فواز قطيفان، مع اختطاف الطبيب حيدر الرفاعي، من عيادته في “الغارية الشرقية”، ومن ثم مطالبة ذويه بدفع فدية قيمتها 30 ألف دولار أمريكي، مقابل إطلاق سراحه.
وتشير أصابع الاتهام إلى قيام عصابات تابعة للأجهزة الأمنية بعمليات الاختطاف، والتي استهدفت كذلك الطبيب أحمد السكري، من سكان بلدة “الكرك الشرقي”، وتبين أن خاطفيه يتبعون لمجموعة موالية للأمن العسكري، بقيادة أبو علي الرفاعي.
ولا تزال الطفلة، سلام الخلف، ذات العشر سنوات من سكان بلدة “الطيبة” بريف درعا الشرقي مجهولة المصير، رغم مناشدات أهلها، فيما تمكن سكان بلدة “سحم” من الإمساك بعصابة خطفت طفلاً من البلدة وطالبت أهله بفدية مالية، وتم نفي الخاطفين للقنيطرة، وتغريمهم بمبلغ 20 مليون ليرة سورية.
وفي 10 فبراير الجاري؛ استهدف مسلحون سيارة كانت تقل أعضاء في لجنة درعا المركزية، ما أدى إلى مقتل محمد قسيم البردان، وإصابة مرافقين له بجروح متفاوتة، ولوحظ وقوع الهجوم من طرف بلدة “عتمان” المحاذية لمدينة درعا، والخاضعة بصورة كاملة لسيطرة النظام.
ويتزامن تدهور الأوضاع الأمنية في كل من درعا والسويداء، مع تذمر شعبي غير مسبوق في محافظة اللاذقية، حيث وجهت سلطات النظام لعدد من الموالين تهم: “النّيل من هيبة الدولة والمساس بسمعة مؤسساتها”.
وأعلنت وزارة داخلية النظام توقيف شبكة مؤلفة من خمسة أشخاص في اللاذقية بجرم التعامل مع صفحات ومواقع إلكترونية مشبوهة، وتزويدها بمعلومات كاذبة عن مؤسسات حكومية وشخصيات هامة، مؤكدة قيام: “فرع الأمن الجنائي في اللاذقية برصد وتوقيف شبكة مؤلفة من مجموعة أشخاص يتعاملون مع صفحات ومواقع إلكترونية مشبوهة تدار من الخارج يقومون بتزويدها بمعلومات كاذبة عن مؤسسات حكومية بهدف الإساءة والتشهير والنيل من هيبة الدولة وتشويه سمعة شخصيات هامة”، ووجهت إليهم تهماً بحيازة السلاح وتلقي أموال من الخارج والتواصل مع صفحات كل من: لورنس شاليش، وتشرين مخلوف، وطارق بليدي، وزينب عباس، لتزويدها بمعلومات عن دوائر حكومية عامة في محافظة اللاذقية.
وأثار بيان وزارة الداخلية تعليقات غاضبة من قبل مواطنين نددوا بالاعتقالات التي استهدفت ناشطين يتابعون قضايا الفساد ويكشفونها للناس، وغضت الطرف عن رموز الفساد وكبار الضباط وقادة الميلشيات، وتجار الحرب الذين ينهبون مقدرات الدولية ويعتدون على المال العام.
وتعاني المحافظة من التدهور الاقتصادي والانفلات الأمني الناتج عن إصدار حكومة النظام قرارات ضيقت الحال المعيشي على المواطنين، وتضمنت رفع الدعم عن المواد والسلع الأساسية، كالمحروقات والمواد الغذائية.
وفي مؤشر على تفشي السرقة والتدهور الأمني، أكد مدير شركة كهرباء اللاذقية، جابر العاصي (13 فبراير) وجود حوالي 890 ضبطاً في عام 2021 بقيمة مليار و300 مليون ليرة سورية، و92 ضبطًا بقيمة 150 مليون ليرة سورية منذ بداية العام الحالي، لمسروقات الأسلاك الكهربائية، مشيراً إلى أن الضبوط تشمل سرقة أمراس نحاسية وكبلات وقواطع ودارت وأحيانا محاولات لسرقة محولات في المحافظة وأطرافها.
وتتفشى في اللاذقية ظاهرة سرقة الأسلاك الكهربائية، خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي، لتُحرق فيما بعد، ويُستخرج النحاس منها ويُباع ويُستفاد من ثمنه.
وفي حلقة جديدة من الصراع بين النخب المتنفذة؛ تحدثت مصادر محلية (5 فبراير) عن قيام عبير بديع الأسد (شقيقة الشبيح وسيم بديع الأسد) بمنافسة أسماء الأسد في طموحاتها التجارية، حيث أعلنت أنها ستكون وكيلة لشركات إيرانية أبرمت صفقات تعاون مع شقيقها وسيم، وذلك بدعم من السفير الإيراني في دمشق مهدي سبحاني.
ولوحظ اختفاء الصحفي الموالي، كنان وقاف (6 فبراير) عقب حديثه عن تدهور الأوضاع في محافظة اللاذقية، وتعريضه ببشار الأسد الذي كان مشغولاً بلقاء الفنانين بدل حل الأزمات الاقتصادية المستشرية في مناطق سيطرته، وذلك عقب تعرضه لتهديدات من قبل الأجهزة الأمنية، وتوجيه اتهامات له بالتعاون مع: “جهات خارجية ضد الوطن هدفها إثارة البلبلة والاستياء العام مع التحريض على التظاهر وأنه لقاء ذلك يقبض بالدولار”.
التدهور الاقتصادي يعصف بمناطق سيطرة النظام
أصدرت منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” بالاشتراك مع “برنامج الأغذية العالمي” تقريراً (28 يناير 2022) عن “نقاط الجوع الساخنة في العالم”، حدد فيه سوريا ضمن 20 نقطة ساخنة للجوع في العالم.
وصنف التقرير سوريا ضمن المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC5) وهو ما يتطلب اهتماماً أكثر إلحاحاً، حيث يتعرض السكان للجوع والموت.
وأكد التقرير أن ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي في سوريا ما زال كبيراً، وذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية المستمرة، والجفاف الذي يؤثر على الإنتاج الزراعي، مشيراً إلى معاناة نحو 735 ألف لاجئ سوري في لبنان من أصل مليون ونصف الميون لاجئ من انعدام الأمن الغذائي، واعتماد نحو 88 بالمئة من اللاجئين السوريين في لبنان على المساعدات الإنسانية نتيجة عجزهم عن تحمل أبسط تكاليف الاحتياجات المطلوبة للبقاء على قيد الحياة.
وكان “برنامج الأغذية العالمي” قد أكد معاناة نحو 12,4 مليون شخص في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، فيما يعاني نحو 1,3 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد.
وكان نائب رئيس مديرية العمليات بالأركان العامة الروسية، ستانيسلاف غادجيماغوميدوف، قد تعرض لانتقادات لاذعة من قبل موالين للنظام بعد أن أدلى بتصريحات حول سوء الأحوال المعيشية في سوريا (15 فبراير)، مؤكداً أن مستوى معيشة السكان في سوريا يستمر في الانخفاض بسبب العقوبات الأمريكية، وأن الأوضاع كانت أفضل عندما كانت الحرب لا تزال مشتعلة في سوريا، ومشيراً إلى أن معدل التراجع أصبح أسوأ بكثير، وأن أوضاع الناس كانت أفضل عندما تدخلت روسيا لصالح نظام أسد سنة 2015.
وتزامنت تلك التصريحات مع الكشف عن تنامي حركة عرض المحلات التجارية للبيع بدمشق، عقب قرار حكومة النظام برفع الدعم عن شريحة واسعة من السوريين، ما دفع بالعديد من صغار التجار لعرض محالهم التجارية للبيع، نتيجة تزايد الضغوط عليهم، سواء عبر المخالفات الكبيرة التي يتعرضون لها، أو ارتفاع أسعار الكهرباء والضرائب وعدم استقرار الأسعار، وضعف القدرة الشرائية للناس.
أما في حلب؛ فتعاني المنشآت الصناعية من التوقف عن العمل في حلب بسبب ارتفاع فواتير الكهرباء، ما دفع بعدد من الصناعيين والحرفيين للمطالبة بإعادة النظر في قرار وزارة كهرباء النظام رفع تعرفة الكهرباء للأغراض الصناعية، مبينين أن المتضرر الأكبر من هذا القرار هم أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وفي السويداء؛ أكدت مصادر محلية حصول نحو 10 بالمئة فقط من السكان على دفعة المازوت الثانية، رغم اشتداد البرد المصحوب بعواصف ثلجية، حيث تم توزيع 13200 حصة مازوت من الدور الثاني في السويداء من أصل 133 ألف بطاقة، علماً بأن الحصة التي تم توزيعها لا تكفي العائلة لأكثر من عشرة أيام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى