هل حرية شخصية أم معصية ؟
يقف الإنسان مندهشاً من تسارع الأحداث والأفعال المؤدية للنهاية الحتمية للحياة الدنيا، ويجلس طويلاً في التحليل و التدقيق محاولاً الوصول لماهية هذا التسارع، لكنه يصطدم بعقبات بشرية عديدة .
فالبشر منكرون جاحدون مسرفون بكل ما أنعم الله عليهم به وميزهم به عن سائر خلقه، فتراهم يميلون لأفعال الحيوانات أكثر من ميلهم لأفعال البشر، ويحاولون تقليد تلك الحيوانات في الأشكال والألعاب، معتقدون أنها من باب اللطافة والاستئناس بالحيوان الأليفة، وأول ما بدأوا به رسم وجوه الحيوانات على وجوه الأطفال، بل وصل الموضوع لتدليل الأطفال بإطلاق أسماء الحيوانات عليهم، لم يكتفوا بذلك بل مارسوا أفعال الحيوانات في علاقاتهم و أفعالهم.
فالوصول لنهاية الكون له أشراطه الصغرى والكبرى، ومن أحد الأشراط الصغرى: ظهور المُحرمات والمُنكرات كالزنا وغيره، قال النبي -عليه السلام-: (إنَّ مِن أشْراطِ السَّاعَةِ: أنْ يُرْفَعَ العِلْمُ ويَثْبُتَ الجَهْلُ، ويُشْرَبَ الخَمْرُ، ويَظْهَرَ الزِّنا).
وليس هذا فقط بل تم الترويج لمنكرات وقيم أخلاقية فاحشة تحت هذا الباب (الحرية الشخصية)، ويلزمون الجميع بالقبول والموافقة عليها، فإن كنا نراهم من أقوام يحييون حياة بهيمية، لا يتورعون عن منكر فعلوه، فما بال أقوام الإسلام يسارعون للتمجيد والمدح في كثير من الأحيان، أو الوقوف على الحياد في بعضها، و تحت شعارات أقل ما يقال عنها أنها سخيفة بل تصل لدرجة الوقاحة.
ندعي على طول الزمان أننا أمة الأخلاق، ونمجد سلفنا الصالح، ونعتبر أنفسنا أبناؤهم الخالدين في الجنة، وأفعالنا و أقوالنا لا تنم عن جزء يسير مما نصرح به
فأصبحنا نراها مرأى العين ولا نستطيع إنكارها، وإن أنكرناها نُهَاجَم بحجة أنها حرية شخصية و أن الخطأ يتحمل صاحبه عقوبته،
ومن بعض الأشراط الأخرى: كثرة عدد النساء وقلّة عدد الرجال بسبب قتل الرجال، كما يحدث الآن في الأمة الإسلامية خصوصاً، قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (وتَكْثُرَ النِّساءُ، ويَقِلَّ الرِّجالُ، حتَّى يَكونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الواحِدُ) .
وما نسمع عنه من اتفاقيات ودراسات لنزع الولاية عن الرجل وترك الحربة المطلقة للمرأة، وفتح المجال للزواج المثلي إلا ألعوبة لتخريب النفوس و الأخلاق ، ويتم اتباع أساليب وطرق عديدة للنيل من هيبة الرجل وكرامته، وتسهيل دخول المرأة في الخطيئة بدعوى حريتها وتمكينها، و اتفاقية ( سيداو ) أكبر دليل على هذا.
إن العلاقات المثلية مرفوضة بكل الأديان السماوية وما اعتمادها وترك المجال لها إلا خروجاً عن تلك الشرائع و الأديان وتنفيذاً لتلك الرغبات الحيوانية التي منعها الله و انكرها الرسل و الأولون.
أصبحت أفلام و مسلسلات الأطفال تدعو لها بشكل خفي مرة و بأشكال فاضحة مرات أخرى، حتى تبدو و كأنها طبيعية وتُمارس وتُبنى عليها العلاقات المستقبلية البشرية.
و من باب قبول الجموع لها أصبح بعض المسؤولين والوزراء الحكوميين الأوروبيين يمارسونها ويتزوجون مثيلهم الجنسي :
رئيس وزراء لوكسمبورغ ( كزافيه بيتيل ) تزوج صديقه المهندس المعماري.
رئيسة وزراء ايسلندا ( يوهانا سيغور ذار دوتير ) مثلي الجنس.
رئيس وزراء بلجيكا ( إليو دي روبو ) مثلي الجنس .
رئيسة وزراء صربيا (آنا برنابيتش ) مثلية الجنس .
وغيرهم الكثير من المسؤولين الأوروبيين .
فهل هذا يدل على فساد الفرد أم فساد المجتمع ؟
نحن أمام حالة مزرية تجوب العالم المسمى متحضر، لكنه بالغالب يحمل تلك التسمية فقط دون أساس لها أو ضوابط أخلاقية إنسانية.
فهل التحضر في المآكل والملبس و البنيان والعمران أم التحضر في الأخلاق و التربية.
قال تعالى: {إنَّهم كانوا قَبْلَ ذلك مُتْرَفين * وكانوا يُصِرُّونَ على الحِنثِ العظيم} (56 الواقعة آية 45ـ46).