منوعات

الحرب الإلكترونية في الحروب الحديثة

العميد د. م. عبد الناصر فرزات

عرض مقالات الكاتب

لقد اقتصر دور الحرب الإلكترونية في الحروب الماضية على تأمين الأعمال القتالية، أما دورها في الحروب الحالية فلن يقتصر على التأمين القتالي للقوات، وعمل وسائط الاتصال وكافة الوسائط الإلكترونية والقوات من الاستطلاع المعادي أو التشويش عليها، واستطلاع القوات المعادية ووسائطه الإلكترونية والتشويش عليها لإخراجها من ساحة القتال.

أما في الحروب الحديثة، فقد أصبح للحرب الإلكترونية (الصراع الإلكتروني) دورٌ أساسيٌّ وهامٌّ في تنفيذ هذه الحروب، حيث أصبحت صنفًا مستقلًا من صنوف القوات المسلحة، ويمكنها أن تقوم بتنفيذ العمليات القتالية الإستراتيجية بشكل مستقل.

إن وجود وسائط الحرب الإلكترونية الجديدة مع وسائط التدمير عالية الدقة في تسليح بعض الدول التي تملك تسليحًا متطورًا تكنولوجياً يؤدي إلى تفوقها في تنفيذ العمليات العسكرية بأقل الخسائر وأفضل النتائج.


يمكن تصوّر عملية الحماية والمعاكسة الإلكترونية في الحروب الحديثة وفي حروب الأجيال القادمة (التي قد تكون عملياتيةً أو استراتيجيةً) كجملة إجراءات وأعمال خاصة بالإبطال الإلكتروني والتدمير الناري للوسائط الإلكترونية للعدو المهاجم (إبطالها إلكترونياً أو تدميرها نارياً لصالح الأعمال القتالية) ووقاية القوات الصديقة ومنظومات الأسلحة ومقرات القيادة من الاستطلاع والإبطال الإلكتروني والتدمير الناري المعادي.

وهذا العمل يجب أن يتحقق باستمرار في زمن السلم لمنع تأمين اتخاذ قرارات ملائمة للعدوان، وأثناء الأعمال القتالية لشلّ كامل عمل منظومة القيادة المعادية.
يتم تنفيذ عملية الحرب الإلكترونية الهجومية الجديدة باستخدام الضربات الإلكترونية أو باستخدام أسلحة الدقة العالية، بهدف إبطال كامل منظومة الوسائط الإلكترونية والمنابع المعلوماتية المعادية أو تدميرها نهائياً.

ويتم تنفيذ عملية الحرب الإلكترونية الدفاعية باستخدام إجراءات الدفاع الإلكتروني /الوقاية/ للأغراض والوسائط الخاصة من الاستطلاع والإبطال الإلكتروني المعادي، بالإضافة الى إجراءات التأمين الإلكتروني الشامل للعملية القتالية، ووقاية المقرات القتالية والمنشآت الاستراتيجية.

استخلاصاً يمكن القول؛ تلعب وسائط الصراع الإلكتروني في الحروب الحديثة دورًا أساسياً في حسم المعارك وتحقيق التفوق المعلوماتي وزيادة فعالية القوات المحاربة، بحيث لا يقتصر عمل الضربات الإلكترونية على الإجراءات والأعمال التي تنفّذها قوات الحرب الإلكترونية لحماية القوات الصديقة، باستخدام الاستطلاع والتشويش السدي والمحكم للوسائط المعادية، بل يتم استخدام وسائط التدمير الناري للإبطال المعنون لكل الوسائط المشعة راديوياً والمتباينة حرارياً وضوئياً، بالإضافة إلى استخدام الخداع المعلوماتي لكل منظومات الوسائط الإلكترونية والمنابع المعلوماتية المعادية.

من أجل نجاح عمليات الصراع الإلكتروني في الحروب الحديثة، فقد أصبحت وسائط التدمير الناري وأسلحة الدقة العالية أسلحة عضوية في وحدات وقوات الحرب الإلكترونية، بهدف التنفيذ الأكثر نجاحاً للمهام الموكلة إليها.

ويمكن أن تكون هذه الوسائط صواريخ وقذائف موجهة عالية الدقة أو صواريخ مجنحة مختلفة المدى، قادرة على التوجه ذاتياً إلى منبع الإشعاع الكهراطيسي، الليزري، الصوتي، منابع تحت الحمراء والحرارية أو في المجال البصري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى