مقالات

تدجين الشعب اليمني!

أ.د فؤاد البنا

أكاديمي ورئيس منتدى الفكر الإسلامي
عرض مقالات الكاتب


قال: لماذا يسكت الشعب اليمني عن ما يتعرض له من إفقار مستمر وقطع للمرتبات؟
فقلت: الشعب اليمني يتعرض لتجويع وترويع بصورة ممنهجة تستهدف إذلاله وتركيعه، وهناك مجاميع حية وواعية تقاوم هذا الأمر بما تملك من قوة، لكنها لم تصل إلى حد الكتلة الحرجة التي تستطيع الانتصار على صناع الوضع المأساوي ومنع العبث بآمال الجماهير الشعبية في الحرية والعدالة والكرامة والمواطنة المتساوية والحياة المعيشية الكريمة.
أما عموم الشعب فقد أصبح مدجّنا وأسيراً لعدد من الأغلال التي تكبل إرادته وتمزق وعيه الجمعي وتدفعه لصرف طاقته في ساحة الانفعالات الخالية من أي فاعلية نافعة في سياق وقف هذا التدهور المخيف على كل المستويات، فضلا عن إعادة عجلة التنمية والتقدم للسير نحو الأمام!

والمتمعن في حقيقة الأغلال التي تمنع الشعب من التحرك النافع يلحظ أن بعضها من صنع المجتمع نفسه، نتيجة تبنيه لثقافة مغلوطة وامتلاكه لقابلية التسيير والتحكم عن بُعد، وركونه على قوى خارجية في إصلاح شؤونه في ما اصطلح على تسميتها بالعقدة اليزنية!
وبعض هذه الأغلال من صنع الكبراء والمستبدين، وبعضها من صنع وعاظ وفقهاء، سواء بحسن نية أو بسوء نية، أما البعض الآخر فمن صنع أعداء الأمة الذين لا يوفرون جهدا في سبيل توطين الغثائية في هذا الشعب وإبقائه في دوامة الفتن والاقتتال البَيني، ذلك الشعب الذي أخرج الفاتحين وانبعثت منه الفتوحات الناعمة، وظلت قوافل المدد المادي والمعنوي تنطلق منه لدعم كافة قضايا الشعوب والأقليات المسلمة في العالم !

وبالنسبة للأغلال الداخلية فإن بعضها تسكن عقول أنصاف المتعلمين بسبب الفهم المغشوش والأمية الثقافية، بينما تعاني جموع أخرى من هذه الآفة بسبب الجهل المطبق والأمية الأبجدية التي عادت للتصاعد بعد الانقلاب الحوثي وتعطيل مؤسسات الدولة.
وتسكن بعضها في القلوب؛ بسبب عوامل وآفات نفسية عديدة، ومن أهمها الخوف من المجهول بسبب الثقافة الجبرية التي تذهب إلى أن كل سنة أسوأ مما قبلها، وتعززها الخبرات السلبية الناتجة عن فشل الثورات ومحاولات النهوض، وتكالب الأعداء، مما زاد الأوضاع سوءً، رغم أن لغة الأرقام وكثير من الحقائق تؤكد أن الأوضاع كانت قد بدأت بالتحسن بعد حكومة باسندوة التي جاءت ثورة فبراير بنصفها، حيث تراجع الدولار وتعافى الريال بشكل كبير وتحسنت الخدمات وارتفعت الصادرات، وتم تصحيح اتفاقيات اقتصادية مجحفة بحق اليمن، وتم توظيف عدد كبير من العاطلين، وعادت عجلة التنمية للحركة من جديد، ولم تتدهور الأوضاع بهذا الشكل المريع إلا بعد الانقلاب الحوثي المدعوم من قوى داخلية وخارجية عديدة كما هو معلوم عند كل منصف يمتلك ذرة من عقل!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى