بحوث ودراسات

محبة الله لرسوله ودفاعه عنه في القرآن الكريم 8 من 35

أ. د. عبد المجيد الحميدي الويس

سياسي وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

4ـ بركات النبي علينا:

     إذا كان إنسان ليس له مكانة, ولا من ذوي الأخلاق العالية, ولا أمر الله بمحبته, وقد يكون رجلاً فاسقاً, أو كافراً, أو مشركاً, أو نصرانياً, أو يهودياً, أو مجوسياً, أو غير ذلك, من بلاد الغرب, أو الشرق, ولكنه كان له فضل عليك, أو على أهلك, أو أقاربك, ألا تحبه؟ وإن لم يكن مسلماً.

        إذا أكرمك إنسان ما, ولم يكن من أهل الإيمان, ألا تحبه ؟ فما بالك بفضل النبي علينا, وأياديه البيضاء, وأفعاله الكثيرة الكبيرة من أجلنا ؟

        فبواسطته أنقذنا الله من شر النار وعذابها, وبفضله يدخلنا الله الجنة ونعيمها ألا نحبه, وبواسطته وسببه نعيش جنة الدنيا قبل جنة الآخرة, وسعادة الدنيا قبل سعادة الآخرة, ألا نحبه؟

       لكل نبي من أنبياء الله  دعوة مستجابة, وكل نبي منهم جعل دعوته لقومه, أو عليهم؛ فنوح عليه السلام, دعا على قومه فقال: {وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً}نوح26 ,27 .

        موسى عليه السلام , دعا على قومه: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ }يونس88.

        عيسى عليه السلام, دعا لقومه: {قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}المائدة11.

        أما النبي محمد عليه الصلاة والسلام فادخر دعوته لقومه وأمته إلى يوم القيامة, ولم يستغلها في الدنيا, وإنما تركها إلى الآخرة, في وقت حاجة الناس الماسة إليها, قال: (ادخرت دعوتي, شفاعة لأمتي يوم القيامة).

        فهو الذي يطلب من الله عز وجل أن يفصل بين الناس, يوم القيامة. ففي ذلك الموقف الرهيب, والمشهد الصعب, يتدخل النبي, فيدعو الله, فيستجيب له الله دعوته, فيحمده الناس جميعاً على فعله…

        ومن بركاته أن سبعين ألف ألف من أمة النبي يدخلون الجنة بغير حساب, ولا عذاب, وأول أمة تدخل الجنة بعد النبي محمد, أمتنا المسلمة المؤمنة .يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ينادي الله عز وجل يوم القيامة بصوت عال: يا آدم اخرج بعث النار, قال: وما بعث النار يا رب, قال: من كل ألف تسعمئة وتسعا وتسعين.

        قال النبي: وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة, قال الصحابة: فكبرنا, فقال رسول الله:  وإني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة, قالوا: فكبرنا, قال: وإني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة, قالوا: فكبرنا.

        في كثرة الأمم, وزحمة الخلق, وطول الأمد, نكون نحن نصف أهل الجنة, وقد يزيد, كل هذا ببركة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

       ومن بركات النبي علينا يوم القيامة, أننا نحن الثقاة الشهود للناس, لهم, أو عليهم, فالله يوم القيامة يسأل الأنبياء عما فعلوا مع قومهم في دعوتهم: يا نوح هل بلغت قومك؟ فيجب نعم يا ربي, بلغتهم, فيسأل الله قومه: هل بلغكم نوح؟ فيجيبون: لا, لم يبلغنا؟  فيقول الله: يا نوح من يشهد لك؟ فيجب نوح: أمة محمد.

        فيسألنا الله: هل بلغ نوح قومه؟ فنجيب نحن: نعم, فيقول: وكيف تشهدون بأن نوحاً بلغهم؟ فنجيب: بقولك يا رب: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}هود25, وقولك: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ}المؤمنون23.

       وهكذا حال كل نبي مع قومه, وحالنا معهم: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ}الأعراف65..

       فنحن الشهود الثقاة يوم القيامة, أمام الله, لكل الأنبياء: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}البقرة143. وهذه من بركة النبي محمد صلى الله عليه وسلم علينا.

       ومن بركاته علينا أنه كل من قال: (لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة ولو بعد حين), فإن آخر رجل من أمة محمد يخرج من النار ويدخل الجنة, وقد فعل كل المنكرات, يقول: رب حولني إلى جهة الجنة, فيحوله الله جهة الجنة, ويقول له الله: تمنَّ يا عبدي, فيتمنى حتى تنقطع الأماني, ويقول:  تمنيت كل شيء أعرفه في الدنيا, فيقول له الله: في الجنة كذا, فيتمنى, وفي الجنة كذا, فيتمنى, ويتمنى, ثم يقول: ربي تمنيت كل شيء, من طعام وشراب ولباس وزينة , فيقول له الله: تمن, فيقول: أدخلني الجنة, فيضحك الله, فيقول: يا رب: تقول لي تمن, فأتمنى, فتضحك علي, فيقول له الله: ادخل الجنة, ولك كل ما تمنيت, وعشرة أمثاله معه..

      كل ذلك ببركة قول لا إله إلا الله, محمد رسول الله, فما بالك بمن يدخل الجنة بغير  حساب, وينال الدرجات العلا, مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين, وحسن أولئك رفيقاً, ألا يجعلنا هذا نحب رسول الله؟ ونخلص بحبنا لرسول الله..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى