مقالات

علم الدروز في الاحتجاجات.. هل اقترب ظهور القوس الدرزي؟

أحمد عبد الحميد

تعيش محافظة السويداء، على صفيح ساخن، خاصة مع اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات شعبية التي بدأت تتصاعد أكثر مع إجراءات حكومة الأسد التقشفية وقطعها الدعم عن مئات الآلاف من الأسر السورية.

وشهدت المحافظة مظاهرات حاشدة في مناطق متفرقة انطلقت صباحًا بعد دعوات للتظاهر قبل يوم على صفحات التواصل الاجتماعي.

وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها عبارات مناهضة لحكومة الأسد، مطالبين بإصلاحات عاجلة، كما قطعوا طريق دمشق – السويداء، وطريق نمرة – شهبا، وطريق شقا – شهبا، وطريق مجادل – شهبا، وطريق القريّا – السويداء، وبمقابل ذلك أرسلت قوات النظام تعزيزات عسكرية إلى المحافظة لمجابهة المحتجين، كما انتشر مسلحون من ميليشيات الأسد على أسطح المباني الحكومية، في مركز مدينة السويداء.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلات مصورة للاحتجاجات، حيث لوحظ فيها حمل متظاهرين علم الطائفة الدرزية الملون وسط هتافات: “السويدا لينا وماهي لبيت الأسد”

من المعروف أن الطائفة تعيش حالة من اللاستقرار والتشتت فيما بينها، إذ حصل الانقسام أوائل سنوات الثورة السورية بين من يدعو لضرورة تسليح الدروز لمواجهة المعارضة المسلحة وتنظيم داعش، كرئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب، وبين من يرى هذا مجرد ورقة لجرّ أبناء الطائفة للفتنة -التي وإن كانت بشكل عام تؤيد الأسد فإنها بقيت محايدة ولم تنخرط في القتال إلى جانبه- لصالح نظام يجب أن يسقط، ويدعو تنظيم الدولة والمعارضة السورية المسلحة لتفهم وضع الدروز وإبقائهم محايدين كوليد جنبلاط.


فيما كانت المفاجأة بموقف الشيخ الدرزي “وحيد البلعوس” زعيم حركة رجال الكرامة المناهضة لنظام الأسد والجماعات المتشددة، إذ وقف البلعوس، معارضًا قيام الدروز بالخدمة العسكرية الإلزامية التي يفرضها النظام على المواطنين السوريين خارج مناطقهم، بحجة محاربة الإرهاب كما رعى البلعوس احتجاجات وتظاهرات السويداء المطالبة بالماء والكهرباء وتحسين المستوى المعيشي، ليدفع البلعوس حياته ثمن مواقفه، حيث اغتيل في أيلول/ سبتمبر 2015، ما دفع ذلك مسلحون من تجمع “مشايخ الكرامة”  للسيطرة بشكل كامل على فرع الأمن العسكري بمدينة السويداء ردًا على مقتل البلعوس.

أمام تأرجح المواقف الفاعلة في المحافظة وحدوث تطورات خطيرة، تدخل الروس، إذ لوحظ اهتمامهم بملف السويداء في العام 2016، ودخلوا على الخط من باب مظلة التسويات المتبعة في كل المحافظات في محاولة منها لجرّها لسيناريو مماثل لسيناريو تسويات درعا، إلا أنها عجزت عن ذلك بعد سلسلة أحداث مفصلية، إذ وجد الروس أن وضع المحافظة الخاص يجب أن يكون له استثناءٌ في التعامل مختلفٌ جدا عما سواه، مع ترسيخ مبدأ الحكومة في اتباع سياسة محاصرة المحافظة اقتصاديا واجتماعيا والضغط على سكانها لإشراكهم في التجنيد الإجباري وزجهم في جبهات قتالية شمال سوريا ضد فصائل الجيش الحر، إضافة لتهديدها ببعبع داعش متى وجدت ارتفاع وتيرة الاحتجاجات. 

ويرى مراقبون أن روسيا _وعبر التطورات التي تمر بها سوريا من الشمال حتى الجنوب_ تسعى لمباركة تقسيم البلاد لكانتونات متجاورة ضمن حدود الدولة الواحدة ومنها ترسيخ فكرة القوس الدرزي الذي سيأخذ معه الجنوب السوري بمباركة إسرائيلية وبإشرافٍ من داخل هضبة الجولان وبقيادة درزية خالصة في حال ترسيخ فكرة عجز النظام عن خدمة إسرائيل بحماية المحافظة من الهجمات المتشددة التي تعتبر طوع بنان نظام الأسد وورقة رابحة للضغط على المحافظة في حال شذوذها وارتفاع أصوات أبنائها المطالبين بتحسينات تشمل كل نواحي المحافظة، وتأمين وضع اقتصادي أفضل، ناهيك عن رغبة كثير في المحافظة بإحداث نموذج شبيه بالنموذج الكردي شمال شرق سوريا والنموذج التركي شمال غرب سوريا، خاصة أن الأسباب باتت في معظمها ممهدة بحكم امتداد الدروز إلى الجولان والأراضي اللبنانية في حاصبيا وانتهاء بفلسطين.
فهل اقترب ظهور القوس الدرزي الذي تحدث عنه السياسيون؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى