منوعات

فتنة التكفير !

أحمد إبراهيم الرحال

كاتب سوري
عرض مقالات الكاتب


ومنْ لمْ يحكمْ بما أنزلَ الله فأولئكَ همُ الكافرون .
مِن هذه الآية كفّر الخوارج عليّا ومعاوية وكان مولد الخوارج في تأويل النّص وكما روي عن ابن القيم ليست المشكلة أن تأتي بالدليل انّما في فهم الدليل ، ولكي نفهم الدَّليل علينا ان نفهمه كفهم الصَّحابة الذين نزلَ عليهمُ القرآن وفهموه ووعوه / وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِۦ جَهَنَّمَ ۖ وَسَآءَتْ مَصِيرًا/وسبيل المؤمنين هم أصحاب النَّبي الَّذين شهد الله لهم بالخيريَّة ورسوله .
الكفر كفران :
كفر عقائدي مخرج للملّة كأن تجعل لله ندَّا وهو خالقك .
2-كفرٌ عمليٌّ : والدَّليل قول النَّبي عليه الصَّلاة والسَّلام : لاترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم أعناق بعض ، ومعلوم أنَّ القاتلَ ليس بكافر اتفاقا بين المسلمين لكنه كفر عمليٌّ وفيه تغطية للحقِّ ومن أكبر الكبائر .
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : اثنتان في أمَّتي كفر ، النِّياحة على الأموات والطعن في الأنساب ، وهذا دليل على الكفر العملي .
امّا الخوارج فلم يفرِّقوا بين الكفر العمليِّ والكفر العقائدي ، ولم يفرِّقوا بين الثلاث آيات المتتابعات في من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، الظالمون ، الفاسقون .
ولو أنَّ أحدهم لم يعدل مع زوجاته وحكم بمالم ينزل الله لم يسقطوا هذه الآية على أنفسهم ، إنّما يسقطونها على الحكَّام فقط والآية عامَّة لكن محاربة السُّلطان وحبُّ الرِّياسة أعماهم عن معرفة الحقِّ والالتزام بكلام الله وفهمه كما فهمه الصَّحابة الكرام ، ولو آمن المسلمون جميعا بما يقولون لكفَّرنا جميع حكام المسلمين قاطبة وبقينا في صراع دائم بين الشعوب والحكَّام وتشردَ المسلمون جميعا يطلبون الأمان عند بلاد الكفار إذ أنَّ عقيدتهم محاربة حكَّام المسلمين أولا وإصلاح البيت الداخلي وكفر الكفار كفر أصلي بينما الحاكم كفره كفر ردَّة ومحاربته أولى عندهم وبالتالي تمزيق الامة الاسلاميَّة قاطبة ، واضف على ذلك البند الذي يليه من لم يكفِّر الكافر فهو كافر ، فيكفرون بالتَّأويل الحكَّام ثم يعرضون ذلك على العلماء فإن أبَوا كفَّروهم بهذا البند ، وهذا البند ليس له دليل كما هو من القرآن أو السُّنة إنَّما يخصُّ الكافرَ الَّذي قاله الله صراحة في كفره ،ومثال ذلك لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح بن مريم ، فقد كفَّرهم الله بهذا القول وعلى المسلمين تكفيرهم فان لم يكفِّروهم كفروا لعلة تكذيب الله وعدم التَّصديق بآيات الله ، ولاينطبق ذلك عمن كفَّروه تأويلا او جهلا أو يختلف عليه اثنان من المسلمين .
وفتنة التَّكفير هي من أشدِّ الفتن ضراوة في الحروب ومايحدث فيها إذ أنّه يخمد صوت العقل ويعلو صوت السّلاح فلايُراعى فيها دم أو عرض او مال أو حلال او حرام ولايستطيع المسلم أن ينظر بطريق الهداية والتعقُّل في فهم النُّصوص إلَّا برويَّة وهدوء خصوصا إن كان هناك من يغذي أفكاره بروح الانتقام والحقد لينسيه الالتزام بما امر الله فيأكل الشَّعب بعضه بعضا وتمزَّق الأمّة .
والله أعلم بالصواب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى