سوشال ميديا

دعا لمقاومة الاستبداد بالسلمية.. رحيل المفكر الإسلامي “جودت سعيد”

أحمد عبد الحميد

نعت وسائل التواصل الاجتماعي، المفكر الإسلامي السوري “جودت سعيد”، فجر يوم الأحد، في مدينة إسطنبول التركية، الذي توفي عن عمر ناهز 91 عامًا.

ويطلق كثير على سعيد لقب “غاندي سوريا” ويعرف عنه وقوفه مع الثورة السورية ضد الأسد، وقد تعرض للسجن عدة مرات ووضع تحت الإقامة الجبرية، كما اعتقل نظام الأسد نجليه “بشر” و”سعد”، خلال اعتصام وزارة الداخلية بداية الثورة السورية، وأطلق سراحهما بعد دفع كفالة مالية، إضافة إلى أنه شارك بنفسه أبناء مدينة “جاسم” في درعا التظاهرات.
وتناولت مؤلفات سعيد مواضيع وأبحاثًا فكرية واجتماعية، منها “مذهب ابن آدم الأول”، و”حتى يغيروا ما بأنفسهم”، و”فقدان التوازن الاجتماعي”.

فيما يُعرف عنه بأنه داعية اللاعنف في العالم الإسلامي، إذ أثار جدلًا واسعًا
في كتابه (مذهب ابن آدم الأول) عندما تحدث عن الفروق بين الجهاد في مرحلة بناء الدولة، وبين الجهاد بعد ذلك، إذ يرى أنه لا يجوز الوصول إلى السلطة والحكم بالقوة وبالسيف، فكل من أخذ بالسيف، بالسيف يهلك، والتغيير بالقوة لا يغير المجتمع وإنما يذهب هرقل ويأتي هرقل، حسب وصفه. متجاوزًا العديد من الآيات القرآنية التي تحض على الجهاد بالإعداد والاستطاعة والآيات التي أشارت إلى فرض القتال على المسلمين رغم كرههم له “كتب عليكم القتال وهو كره لكم”، إضافة إلى دفعهم الصائل وهو ماكان رد فعل طبيعي على جرائم الأسد للدفاع عن النفس والأعراض التي أمر الله بها، ماينافي اعتقاد سعيد السائد بالتعامل مع السلطة الحاكمة.

كما أثار “سعيد” الجدل أيضاً في كتاباته، عندما اعتبر أن الامتناع عن استخدام العنف أو القوة هو اللجوء إلى العقل والتفكير، لذلك كانت دعوته إلى اللاعنف دعوة للعقل في أساسها، مصراً على ضرورة النضال السلمي واللاعنف لتحقيق مطالب الناس في إسقاط النظام، متناسياً أيضا أن ملايين السوريين جوبهوا بالرصاص الحي والقتل منذ أول يوم خرجوا فيه بمظاهرات سلمية وبمطالب شرعية.

ينحدر المفكر الشركسي “جودت سعيد” من قرية “بئر عجم” بالجولان السوري، درس في “الأزهر الشريف” بمصر عام 1946، وحصل على إجازة باللغة العربية، يعتبر من أبرز المفكرين الإسلاميين المتأثرين بالمفكرَين الإسلاميَي “مالك بن نبي” و”محمد إقبال”.

وقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بخبر وفاة “سعيد”، مابين مؤيد لأفكاره ومعارض لها، إذ غرد الإعلامي السوري “فيصل القاسم”، عبر صفحته في تويتر:

‏جودت سعيد المفكر السوري الذي رحل عنا اليوم كان غاندي سوريا ضد العنف وضد مفهوم الجهاد وضد استخدام القوة ضد الأعداء وكان يدعو دائماً لمواجهة القوة والأقوياء والمتجبرين بالفكر والكلمة الطبية.

https://twitter.com/kasimf/status/1487745500203921409?t=mG3QBnHv0PL1w9CiaUXB_Q&s=19

فيما غرد :عباس شريفة”، ناشط سوري، عبر صفحته في تويتر، مترحمًا على سعيد:

‏الأستاذ المفكر السوري ‎#جودت_سعيد في ذمة الله بعد حياة طويلة ثبت فيها على موقفه من نظام الأسد مطالبا بالحرية وإنهاء عهود الإستبداد يرحل اليوم عنا في مغتربه مهاجرا ثابتا على الحق، رحمه الله وجعل مثواه الجنة.

“ياسر الأطرش”، مقدم تلفزيوني، وصف في تغريدة له نهج سعيد الداعي لمواجهة الاستبداد سلمياً بالإنساني الذي لايموت:
‏رحل اليوم الفيلسوف والمفكر الإسلامي السوري جودت سعيد، رائد أو أحد رواد مدرسة اللاعنف والمجدد الجريء في الفكر الديني.
فكر الشيخ سعيد انعكس في بيتي إذ كانت زوجتي من رواد مدرسته الفكرية، فكانت حياتنا أهدأ وأكثر سلماً بحضور نهجه في بيتنا..
جودت سعيد نهج إنساني سلمي متحدٍ لا يموت.

الإعلامية “نور الهدى مراد” وصفت فكر جودت سعيد بال”جوهري”، عبر تويتر:
‏فكرة جودت سعيد الجوهرية كان إحدى أركان ثورة داريا السلمية التي نتغنى بها، ثم اضطر كثيرون من أصحاب الفكرة على امتداد البلاد إلى خيانتها أمام جلجلة السلاح. ١/٦

https://twitter.com/Nour_H_Murad/status/1487762155319537670?t=YVp9B_zqfo0ZQNmOK1e3wA&s=19

:محمد مختار الشنقيطي”، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر، وصف سعيد بال”أمة وحده” عبر تغريدة له في تويتر:
‏رحم الله المفكر الإسلامي السوري ‎#جودت_سعيد، الذي رحل اليوم، فقد كان أمَّة وحده من دون الناس..

الناطق الإعلامي باسم الجيش الوطني شمال سوريا، “حسن الدغيم” ترحم على روح سعيد، إلا أن أشار إلى مخالفة رأيه في الاستكانة للظالم، محذرًا منه:
‏رحم الله الأستاذ جودت سعيد وأسكنه فسيح جناته نحب ثورته ومعارضته لنظام الإجرام ولم يركن للظالمين
ونشير أن له رأياً في التغيير “يؤصل” للاستسلام أمام الظالمين والاكتفاء بالسلمية نخالفه فيه ونحذر منه
وقد تأول بذلك تصرف ابن آدم الأول “هابيل” واستسلامه أمام قاتله “قابيل”.


مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. رحم الله المفكر الإسلامي “جودت سعيد” برحمته الواسعة و تقبل منه الأعمال الصالحة و تجاوز عن سيئاته و رضي عنه و أسكنه الفردوس الأعلى من الجنة . هذه نصيحة من أجل تفهم أفضل لأفكار هذا الرجل الذي سبقنا بالرحيل من هذه الدنيا الفانية التي لا تدوم لأحد من الناس مهما كان .
    بداية ، كثيرون منا سمعوا بحديث الرسول صلى الله عليه و سلَم هذا (عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: رأيت النبي صلى الله ‏عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم ‏حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله تعالى حرمة منك، ماله ‏ودمه، وأن لا يظن به إلا خيرا).
    لا أظن أن الرجل كانت تخفى عليه أحكام الجهاد الشرعية سواءً كان جهاد طلب أو جهاد دفع ، و المشكلة أن بعض الأعزاء من أبناء أمتنا لا يوجد لديهم فقه التنزيل الصحيح للحكام الشرعي المناسب على الواقع المناسب و أن ذلك يكون بعد إدراك كل من الحكم و الواقع بالبصيرة الثاقبة المتعمقة و هذا يشار إليه أحياناً ب”تحقيق المناط “.
    لم يتركنا الله – بواسع فضله و كرمه – في تيه نخبط خبط العشواء في كيفية تغيير المجتمعات ، و هذه الكيفية موجودة في السيرة النبوية الشريفة التي ينبغي الاهتمام بما ورد فيها تماماً كما كان هنالك اهتمام بالقرآن الكريم و بالأحاديث النبوية الشريفة . ورد في السيرة أن رسولنا الكريم مكث في مكة المكرمة 13 سنة من دون استعمال القوة المادية “رغم أن كل رجل من أتباعه – رضوان الله عليهم – كان يمتلك سلاحاً شخصياً مماثلاً لما يمتلكه أي كافر ” . لقد كانت هنالك استفزازات من عبيد الشيطان و هوى النفس و جوبهت هذه الاستفزازات بالحث على الصبر “صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ” . ما كان لأحد من الجاهليين القدرة على استدراج الفئة المؤمنة العاقلة لمواجهة غير متكافئة .
    ثم إن مجتمع مكة الذي انغلق ، يسَر الله بدلاً منه أنصاراً من المدينة المنورة أعطوا تعهد حماية الرسول و صحبه و أعطوا البيعة . تقول السيرة : في بيعة العقبة الثانية ، كان هنالك ثلاثة وسبعون رجلا و امرأتان و جرى اختيار اثني عشر نقيبا منهم ” تسعة من الخزرج ، وثلاثة من الأوس” .أحد الأنصار الذي لعب دوراً محورياً في توثيق العهد و البيعة ، كان الصحابي ” العبَّاس بن عُبادة بن نَضْلة رضي الله عنه ” الذي لم يشتهر مثل غيره عند المسلمين المتعلمين في عصرنا الحالي .
    بعد البيعة في الليل، طلب الرَّسول عليه الصلاة و السلام من الأنصار الانصراف إلى رحالهم فقال العباس بن عبادة متحمساً بعد وجود القوة و المنعة : والله الَّذي بعثك بالحق! إن شئتَ، لنميلنَّ على أهل مِنًى غداً بأسيافنا.
    فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لم نُؤْمَر بذلك بعد، ولكن ارجعوا إلى رحالكم». فرجعوا إلى رحالهم و غادروا .
    إذن المسألة هي تنفيذ أوامر مرتَبة من رب العالمين لا تخضع لاجتهادات شخصية متعلقة بالطريقة الشرعية ، و دور المسلمين الحاليين ليس في الطريقة و إنما في الوسيلة و الأسلوب .
    خلاصة القول ، إنني شبه متأكد أن الأستاذ جودت رحمه الله كانت لديه أطروحات قوية استند فيها إلى السيرة . و الله تعالى أعلى و أعلم .

  2. تعقيبا على كلمة الأخ أبو العبد الحلبي:
    المسألة أكبر بكثير من موقف الشيخ جودت سعيد…مسألة تحرير الأمة من قيود التعبية للغرب المستعمر تفرض من جهة حسن إدراك الأحكام الشرعية، كما تفرض، من جهة أخرى، حسن فقه الواقع الذي يشير بوضوح إلى تحكم الغرب بمفاصل القرار في بلادنا…ويشير إلى أن “شخص” الحاكم، سواء كان حافظ الأسد أو بشار أو مبارك او القذافي الخ، ليس هو “النظام” المراد اسقاطه وتغييره…فقد سقط مبارك والقذافي وبن علي وعبدالله صالح ولم تسقط معهم ” الدولة العميقة”…بل جاء عهد جزار رابعة ليزيد من حلكة الظلام و شرور المجرمين…بالنسبة لسوريا “عسكرة الثورة” أعطى النظام الحجة لممارسة سياسة الإبادة الجماعية بمباكرة من أسياده في واشنطن وفي اوروبا، الذين لم ولن يقبلوا بتطبيق الشريعة، كما أعلن احمد طعمة، وكما شاهدنا في مصر ومن قبلها في الجزائر حين هدد ميتران باجتياحها لو وصلت الجبهة الاسلامية للانقاذ الى السلطة… عسكرة الثورة جعل من فصائلها الثورية بيادق شطرنج تحركها الدول الداعمة، كما ذكر وزير الخارجية القطري رئيس الوزراء حمد أل ثاني : “وحين تهاوشنا على الصيدة فقدناها”…وما بين غرف الموك والموم ومطابخ التآمر السياسي في العواصم من أنقرة الى الرياض و الدوحة انتهى ملايين الناس مهجرين في الفيافي هائمين على وجوههم في البحار وفي العراء..نعم تغيير النظام، أي نظام، يقتضي تضحيات جمة وهذا أمر لا بد منه اليوم وغدا، ولكن أن تصب التضحيات في صالح الأمة وليس في سوق نخاسة المجرمين. مع تحياتي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى