مقالات

توطين أم تحسين ؟!

المحامي عبد الناصر حوشان

عرض مقالات الكاتب


كثُرت الانتقادات والمخاوف من حملات الغاء المخيّمات ونقل سكّانها الى مساكن صغيرة بدل الخيام التي لا تقيهم برد الشتاء ولا حرّ الصيف ، و اكثر هذه الانتقادات تأتي من فرضيةٍ خاطئة لأنها غير محقّقة ولا قابلة للتحقيق ألا وهي فرضية ” توطين المهجّرين والنازحين ” في مناطق النزوح والتهجير القسري .
هناك فرق شاسع بين التوطين والاستقرار المؤقت ، فالتوطين يعني البقاء والاستقرار في المكان على سبيل الديمومة ويقتضي التملك والقدرة على التعايش والاندماج ، والبناء والإنتاج ، أما الاستقرار المؤقت فهو حالة إقامة طارئة ولو طالت بها المدّة في مناطق النزوح وترتبط بالظروف والعوامل الدافعة للنزوح والهجرة فمتى زالت الأسباب والظروف انتهت حالة الطوارئ .
التوطين لا يكون من خلال بناء مسكن ” بحجم الكبريت “قد لا يتسع لأصغر عائلة في المناطق المحرّرة، ولا يقوم بدون عوامل البقاء من تمكين اقتصادي ونفسي وروحي ، التي تضمن اقتلاع المرء من جذوره وزرعه وتجذِّره في الموطن الجديد ، واعتقد أنه لم تصل الأمور الى هذه الدرجة بأحد من المهجّرين قسرياً حتى الآن .
المخيّمات بالأصل هي ملاذ آمن للمدنيين من القصف والتدمير و الحصار والقتل و الاعتقال ، والمساكن المؤقتة لا تغيّر من طبيعة وجود المهجّرين قسريّاً مثلها مثل المستشفيات والمدارس والمرافق الأخرى هي أدوات الحل المؤقت في تحسين أوضاع المهجّرين والنازحين ، سيما وأن المعركة مع النظام والروس والإيرانيين لم تنتهِ بعد و إمكانية فتح المعارك متاحة في كل لحظة . كما أن مدننا وقرانا قد طالتها يد المجرمين فدمروها بنسبة تصل الى اكثر من 95% وتحتاج لإعادة إعمارها سنوات وخلال هذه السنوات يمكن الاستفادة من هذه المساكن لتكون منطقة آمنة لأطفالنا ونسائنا وشيوخنا لحين توفر إمكانية العودة الأمنة المستقرة الدائمة الى ديارنا .
فمن ترك البلاد بسبب القهر والقصف والإجرام ليس كمن تركها تحلّلاً من الروابط التي تربطه مع جذوره لذلك فمن الصعب اقتلاع المهجّرين قسريّاً من جذروهم وزرعهم في بلاد آخرى .
قال البردوني:
وطني أنت ملهمي _ هزج المغرم الظميّ
أنت نجوى خواطري – والغنا الحلو في فمي
ومعانيك ، شعلة في – عروقي وفي دمي
أنت في صدر مزهري – موجة من ترنّم
وصدى مُسكرٍ إلى – عالم الخلد ينتمي
ونشيد معطّر – كالربيع المرنّم
وهتاف مســـلســـــــل – كالرحيق المختّم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى