مقالات

تداعيات إرهاق الليرة التركية

الأغيد السيد علي

كاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

-ما هي الأسباب الرئيسية المتعلقة في انهيار العملة المحليّة لأيّ دولة كانت، وما هو تأثيرها على باقي دول العالم أو دول الجوار ؟؟
-وبسبب الوضع الاقتصادي الحالي في تركيا والشمال السوري المحرّر؛ سنحاول إسقاط هذه الأمثلة والتحليلات على الواقع الحالي، لنرى كيف نستطيع ربط الأحداث ببعضها البعض .

-بدايةً؛ إنَّ أيّ قرار سياسي يُؤخذ من قبل أيّ دولة؛ ينعكس وبشكل مباشر على الاقتصاد، كما أنَّ أيّ قرار اقتصادي ينعكس على القرار السياسي، فعلى أيّ دولة كانت يجب عليها أن تعلم بأنّ اتخاذ قرارها السياسي يعكس على اقتصادها بشكل مباشر، والآن لنستذكر معكم بعض الأمثلة والأحداث من التاريخ المعاصر .

-عندما اعتقلت تركيا القس الأمريكي “أندرو برونسون” بتهمة التجسس ودعم الإنقلاب الحاصل في تموز من عام 2016م، حيث طالب الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” أنقرة بإطلاق سراح القس، لكن أصرَّ الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” على أنه لن ينحني لمحاولات واشنطن لتأمين إطلاق سراح برونسون، رغم العقوبات الأمريكية التي دفعت بالليرة التركية إلى التراجع بشدّة مقابل الدولار، وتدهور العلاقات بين البلدين .
-وقد هدد الرئيس الأمريكي “ترامب” تركيا ثانيةً بفرض عقوبات كبيرة عليها ما لم تطلق سراحه فورًا، فأُجبرت تركيا على تسليمه لأنّها لم تحتمل العقوبات التي فُرضت عليها وعكست آثارها سلبًا على الاقتصاد التركي .
-العمليات العسكرية الثلاث التي أقدمت عليها تركيا في شمال شرق سوريا؛ أيضًا كان لهم تأثيرًا سلبيًا على الاقتصاد التركي وتدهور الليرة مقابل الدولار، في هذين المثالين نُثبت صحّة النظرية في الأعلى، بأنّه عند اتخاذ أيّ قرار سياسي يعكس على الاقتصاد والعكس صحيح .

-الآن .. ما المقصود بالتضخم الاقتصادي ؟ 
-وكيف تنخفض قيمة العملة المحليّة في البلد ؟
-إلى هذه اللحظة لا يوجد تعريف أساسي وموحد للتضخم من قبل “الاقتصاديين” في العالم، بسبب انقسام الرأي حول تحديد مفهوم التضخم، ولكن يمكن أن نقول بأنّه؛ الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار في اقتصاد دولة ما، أو بشكل أبسط -إن أردنا حصره- هو زيادة كمية ضخ المال في السوق، أو الزيادة في طباعة الأوراق النقدية .
-الشق الثاني من السؤال وهو كيفية انخفاض قيمة العملة !؟
-بالطبع عندما تزداد كمية الأوراق النقدية في السوق؛ فهذا سيؤدي لانخفاض قيمة العملة، وعلى سبيل المثال؛ لدينا في السوق منتج معيّن بعدد خمسة، ولدينا مقابل هذا المنتج بنفس العدد أوراق نقدية، بالتالي سيكون سعر كل منتج يقابله ورقة نقدية واحدة، لنفترض بقي عدد المنتجات خمسة وطبعت الدولة خمسة أوراق نقدية أخرى، أيّ أصبح لدينا عشر ورقات نقدية ويقابلها خمسة منتجات فقط، ففي هذه الحالة يصبح سعر كل منتج ضعف سعره، أي أنَّ المنتج يقابله ورقتين نقديتين، فإذا زادت كمية الأوراق النقدية في السوق مع بقاء نسبة المنتجات ذاتها؛ تنخفض قيمة الأوراق النقدية، وإذا زادت كمية المنتجات وانخفضت قيمة الأوراق النقدية؛ يصبح لدينا “كساد اقتصادي” .
-وقد يكون سبب آخر وهو انخفاض سعر الفائدة، وتركيا الآن تعمل على الحد من هذه الظاهرة بسبب الفوائد الربويّة، فإنَّ انخفاض سعر الفائدة سيجبر الناس على سحب أموالهم من البنوك، وبالتالي ستزداد كمية الأوراق النقدية في السوق .
-لذلك يقوم البنك المركزي بطباعة نسب “محدودة” من المال سنويًا، لكي يستطيعوا التحكم في نسبة انخفاض قيمة العملة .
-والآن ما علاقة إرهاق الاقتصاد التركي وانخفاض قيمة الليرة التركية في الشمال السوري المحرّر ؟
-لا شك بأنَّ اقتصاد المحرّر سيتأثر بشكل مباشر لعدّة أسباب، أهمّها :
● تداول العملة التركية في الشمال السوري المحرّر، فعندما تنخفض قيمة الليرة في تركيا نتيجة أسباب سياسية، أو توترات “جيوسياسية” -بحسب قناة CNBC الأمريكية- بالطبع وبشكل تلقائي سترتفع الأسعار في المحرّر، وتتحقق الأزمة الاقتصادية .
● السبب الآخر وهو ارتفاع أسعار النفط الخام في العالم، فهذا أدّى لارتفاع ملحوظ في أسعار المحروقات في تركيا، وبالتالي سترتفع أسعار المحروقات نوعًا ما في الشمال المحرّر .

-نستنتج ممّا يلي؛ بأنَّ الأزمة الاقتصادية ليست فقط في تركيا والمحرّر، العالم بأسره يعيش الآن -نوعًا ما- هذه الأزمة وهذا الغلاء الفاحش، ولا ننسى آثار وتداعيات فيروس “كورونا” أيضًا، حيث ما زالت إلى الآن بعض الدول متأثرة وبشكل كبير من آثار هذا الوباء .

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. في تغريدة له على موقع توتير مدافعاً عن الجماعات الإرهابية “المسماة كردية من باب التضليل” ، قال دونالد ترامب في 7 تشرين أول/ أكتوبر 2019 و أوردته أخبار إن بي سي الأمريكية ما ترجمته الحرفية (كما ذكرت بقوة من قبل ، ولأكرر فقط ، إذا فعلت تركيا أي شيء أعتبره ، بحكمتي العظيمة التي لا مثيل لها ، خارج الحدود ، فسوف أقوم بتدمير اقتصاد تركيا تمامًا ” لقد فعلت ذلك من قبل!” . يجب عليهم ، مع أوروبا وغيرها ، أن يراقبوا الأمر) . لقد فضح عندها أن أمريكا هي من تترأس الحرب الاقتصادية ضد تركيا ، و أثار ذلك عندي دافعية لمعرفة هل فعلاً تركيا اقتصادها هش قابل للانكسار على أيدي معتوهين أي مطلوب بحث عن واقع ذلك البلد الاقتصادي. وجدت ما يلي :
    1) الاقتصاد في تركيا ينمو بصورة جيدة سنوياً وهو أفضل من نمو اقتصاديات بعض الدول الكبرى.
    2) مديونية تركيا أقل بكثير من مديونية الدول الكبرى جميعها و مديونية العديد من بلدان العالم.
    3) تتقدم الصناعات التركية بشكل جيد و تنافس منتجات مثيلاتها في الغرب من حيث الجودة و السعر .
    4) الإنتاجية الزراعية عالية و تزداد، و فضلاً عن وصول تركيا للاكتفاء الذاتي غذائياً منذ زمن فهي تقوم بالتصدير لعدة بلدان .
    5) معدل البطالة ينخفض باستمرار ، و هو حالياً أقل من كثير من البلدان بما فيها بلدان الغرب .
    انخفاض العملة المحلية ممكن الحدوث في جميع الدول و لطالما رأينا انخفاضات في الدولار الأمريكي أو اليورو الأوروبي وغيرهما من عملات . بانخفاض الليرة ، تزداد الصادرات وتنخفض الواردات و قد يجلب هذا المزيد من السياح و هذا يضخ أموالاً لتركيا فينتعش الاقتصاد أكثر .
    قبل حكم الباشقان الحالي ، كانت نسبة الربا المفروضة على البنوك التركية 40 % سنوياً . كان معنى هذا أن المواطنين الأتراك يتبعون و يشقون من أجل تعظيم ثروات مليونيرات أو مليارديرات الغرب الذين يضع أحدهم 100 مليون دولار ليأخذ 140 مليون دولار في نهاية العام و هو مستريح .
    الربا من الموبقات أو الكبائر و هو كفيل بتدمير الأشخاص و الدول . أفلح الباشقان بتخفيضه إلى 14% و هو يعرف أن تصفير الربا هو ما افترضه الله بغض النظر عن النتائج .
    الربا هو ما يفتح الباب نحو التضخم و ارتفاع الأسعار .
    تستورد تركيا الطاقة وبعض المنتجات الالكترونية الدقيقة و بعض الكماليات . الطاقة في طريقها للحل ، بإذن الله ، و يمكن إقناع المواطنين المخلصين – و هم كثيرون – بالاستغناء عن الكماليات التي تحتاج إلى دولارات . بالعزم و الإصرار و الثبات و بتشجيع استثمارات العرب”المهاجرين” في تركيا ، يمكن اقتحام مجال الالكترونيات الدقيقة و التقدم فيه .
    خلاصة القول ، اقتصاد تركيا متين و ما قاله ترامب جعجعة فارغة أو هراء .

  2. حياكم الله أخي العزيز؛ نحن لا نشكّك في تركيا وقوّتها الاقتصادية -نوعاًا ما-، الأمريكان هم المسؤولون عن فرض العقوبات الاقتصادية على جميع من يخالفهم، وإليك الأمثلة الكثيرة عن سوريا وإيران واليمن ولبنان وأخيرًا روسيا .
    أمّا بالنسبة لموضوع الصناعة والإنتاج فهذا أمر جيد، وفيه تتقدم تركيا فضلًا عن باب السياحة والتصدير، الطامّة الكبرى التي أثّرت على تركيا هي؛ اخيار التوقيت الخطأ بالنسبة لخفض الفائدة، الجميع يعلم حجم الكارثة التي خلّفها “فيروس كورونا” على الجميع، فاختارت تركيا هذه الفترة الزمنية فكانت وبالًا عليها، لولا مداركة الأمر في اللحظات الأخيرة .
    أمّا عن موضوع تهديدات واشنطن، فأعتقد “من وجهة نظري” عدم الإستهانة بها، فشئنا أم أبينا هي نافذة لا محال، العقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن ليست بالعقوبات السهلة، منذ يومين قد هدّدت روسيا بفرض عقوبات وقطع سوق الاقتصاد والسياسة المالية إن غزت أوكرانيا، وهذا أمر يقلق موسكو بشكل كبير .
    جزاكم الله خيرًا على مشاركتكم الفاعلة .

  3. أشكرك أخي الكريم على تعقيبك على تعليقي ، و هذا تعقيب على التعقيب ! :
    في 5 أيار/ مايو 2019 ، فقدت أمة الإسلام عالماً حقوقياً مؤرخاً – ضحى بالغالي و النفيس من أجل إعادة مجدها – و هو (( قدير مصر أوغلو )) رحمه الله عن عمر يناهز 86 عاما .
    كان مدافعاً صلباً عن التاريخ العثماني بالعلم و بالدليل و بالوثائق التاريخية ، و تحدى النظام العلماني الذي كان شرساً في محاربة دين الإسلام فقط لا غير فسجنه أذناب الغرب في تركيا سنوات عديدة و جردوه من الجنسية التركية و أبعدوه إلى أوروبا . في عهد الباشقان الحالي ، جرى ردَ الاعتبار إليه و أعيدت له الجنسية و عاش بقية حياته في بلده تركيا . من شدة انتمائه للعثمانيين أمضى حياته مخالفاً لقوانين العلمانيين في مظهره حيث كان يضع على رأسه الطربوش العثماني الأحمر “نفس الطربوش الذي كان يضعه جدي –والد والدي – رحمه الله على رأسه إلى أن توفاه الله ، و لقد كان جدي أمير طابور في الجيش العثماني بداية القرن العشرين و كنت أحب أحفاده إليه “.
    أنا أؤمن بأن التعلم نوعان : نوع مكتسب بجهد الشخص و نوع من لدن الله لعبده التقي لقوله تعالى(و اتقوا الله و يعلمكم الله) و من أجمل ما قرأت في تفسيرها ما أورده الشيخ محمد علي الصابوني رحمه الله في “صفوة التفاسير” . أقول هذا لأنني رأيت وسمعت مشايخ كانت تصدر منهم غرائب و عجائب من ضمنها تنبؤات صحيحة ، و احتاط بالقول أنني لا أزكَي على الله أحداً نهائياً رغم ذلك .
    قبل فتح مسجد أيا صوفيا في استانبول ، كان هنالك تردد فانبرى الشيخ قدير ليقول للمترددين “افتتحوا المسجد و ستكون المكافأة حقول نفط و غاز طبيعي و مناجم ذهب” و لقد كان من قبل قد تنبأ بفشل تنظيم فتح الله غولن و انفضاح أمره.
    يوجد الآن في تركيا مترددون بشأن الربا مع أننا نعلم أن نسبة الربا في بلد مثل أمريكا 1 بالعشرة من مائة و في بعض البلدان المتقدمة هي صفر . ما دام أن حكم الله بشأن الربا حرمته القطعية ، فالأصل أن يكون هنالك التزام بتصفير الربا . يقول الشاعر الحكيم ” لا تكن للعيش مجروح الفؤاد ** إنما الرزق على رب العباد” .
    ختاماً ، أرفق مع هذا التعقيب عنوان يوتيوب يتحدث عن تنبؤات قدير مصر أوغلو رحمه الله . مع تحياتي.
    https://www.youtube.com/watch?v=ePoHNAFIHE8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى