مقالات

غسيل الأدمغة !

حسام نجار

كاتب صحفي ومحلل سياسي
عرض مقالات الكاتب

هل هناك جزء إيجابي في عملية غسيل الأدمغة؟

موضوع تتطرق له الكثيرون، وكتبوا به مقالات ودراسات أحادية الجانب لكنني أعتقد أن هناك جزء في هذا الخصوص لم يتم البحث به، ألا وهو الجزء الإيجابي.

وغسيل الأدمغة لا يكون فقط سلبياً بل هناك جزء إيجابي به من خلال تطويع الأفراد وتوجيههم للعمل الصالح والمفيد لهم ولدولتهم

يختلف الأفراد فيما بينهم بطرق التفكير والتعبير والنظر للأمور بل ويتعدى ذلك، كما يختلفون في تحديد أولوياتهم الحياتية، فنرى هذا الاختلاف جلياً بين معظم الشعوب، وتتسع هذه الفروق مع اختلاف الدول بين بعضها البعض، لتشكل كلاً منها نموذجاً مختلفاً وفعلاً منفرداً، وفي بعض الحالات تتوافق تلك الشعوب في خطوات وأجزاء قليلة، يكون هذا التوافق ضمن عمل جماعي أو نهج اجتماعي مبرمج.

من خلال هذا نجد أن متطلبات الشعوب مُسيطَرٌ عليها من خلال الأنظمة والقوانين، وهو نوع من الإجبار المستمر ليصبح بعد مدة ما نهج وفكر وعادات متبعة.

وتتعدد طرق وأساليب الأنظمة في توجيه الأفراد وامتثالهم لسياستها وخطتها الموضوعة سلفاً، فهي تعمد لإرغام الأفراد على التبعية من خلال وضع المناهج والدراسات والمباح والمحظور، وتسعى من خلال امتلاكها القوة القانونية وفي بعض منها القوة الأمنية والسياسية والعسكرية على تطبيق تلك المناهج.

غسيل الدماغ سلاح من أسلحة الحرب النفسيَّة يرمي إلى السيطرة على العقل البشري وتوجيهه بغايات مرسومة، بعد أن يُجرَّد من مبادئه السابقة.

وتم استخدام علم النفس في معظم الحالات لتطويع النفس البشرية وسبر ما داخلها لتغيير المفاهيم والضغط على الأفراد باستغلال حالتهم النفسية بدل أن يكون لتهذيبهم والاستفادة منهم.


وصف الصينيون القدماء هذه العملية باسم (تنظيف المخ أو إعادة بناء الأفكار. (تختلف الأساليب المتبعة في الغسيل الدماغي تبعا للظروف وللجماعة التي تكون هدفا للبحث، وأحد العوامل المؤثرة في مدى قابلية الشخص للتعرض لغسيل الدماغ هو مدى قوة إيمانه بأفكاره.

ففي العهد الشيوعي وامتداد البلشفية لفترة لا بأس بها، وجدنا أن تلك الأنظمة كانت تعمل على سياسة القطيع والراعي، بحيث تُنشئ الأطفال على فكرة ما وتبنيها في عقولهم، وتقوي تلك الفكرة بطرق وأساليب عديدة فيصبح الفرد خانعاً طيعاً ينفذ ما يُطلب منه دون تردد او اعتراض أو تفكير.

بالمقابل كانت الدول الغربية الأكثر انفتاحاً وديمقراطية تُبرمج العقول مع فسحة بسيطة للتفكير الحر وتلاقح الأفكار، رغم أن هناك عملية جبرية مقننة وخفية.

إن سائر الأنظمة على مدى العصور كلها حاولت السيطرة على الأفراد، لضمان خضوعهم لها وتَقيدهم بأوامرها ومتطلباتها.

وأصبح الإعلام من الطرق الفعالة لغسيل الأدمغة، من خلال بث معلومات كثيفة فيها نقاط بديهية ومسلم بها وربطها بحوادث معينة ثم تقديم مادة يراد الترويج لها ضمن السياق بحيث يتم الغسل غير المباشر.

كما الفن المرئي كالأفلام والمسلسلات تعتبر طريقة جديدة لحشو الأدمغة بأفكار ما وغسيل متسلسل مع حبكة روائية تجعل المكروه مستحسناً والخطأ صواباً والحرام حلالاً.

وتعد مراكز الدراسات التي تشرف عليها الدول أو المنظمات وسيلة أخرى من تلك الوسائل، ويتم استقطاب مختصين بعلم النفس الاجتماعي لاختيار آلية طرح المواضيع وجذب القارئ لها، لتصبح بعد فترة من المسلمات لديه.

إن الناحية الإيجابية لعملية غسيل الأدمغة تقوم على زرع الجيد بدل السيئ، والقويم بدل الشاذ، ويتحقق هذا من خلال الحلقة الأولى والأقوى ألا وهي الأسرة رغم وجود المؤثرات الخارجية شديدة القوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى