بحوث ودراسات

محبة الله لرسوله ودفاعه عنه في القرآن الكريم 4 من 35

أ. د. عبد المجيد الحميدي الويس

سياسي وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

مكانه الرسول صلى الله عليه وسلم الرفيعة عند الله جل جلاله

        إن الله عز وجل يحب النبي حباً عظيماً, فهو في عين الله دائماً وأبداً, لأنه حبيبه وخليله قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ), فالذي يحب الله, يحب حبيبه وخليله محمدا صلى الله عليه وسلم, كما يحبه الله, إكراماً لله تعالى, ومحبة لله تعالى.

        ومكانه الرسول صلى الله عليه وسلم عند الله لا تدانيها مكانة, لأي إنسان آخر, أو مخلوق آخر, ففي يوم القيامة يتبرأ كل الأنبياء من الناس, كل منهم يقول: نفسي نفسي, ويقول الأنبياء كلهم: إن الله قد غضب غضباً شديداً, لم يغضب مثله من قبل, ولن يغضب مثله من بعد, فيخافون كلهم, ولا أحد يستطيع أن يتحرك, أو يتقدم للشفاعة بالناس , إلا النبي محمداً صلى الله عليه وسلم.

         يتقدم النبي محمد ويقول: أنا لها, أنا لها, فيسجد تحت العرش, في شدة غضب الله, أمام العالمين جميعاً، الجن والإنس, والأنبياء والرسل, والناس كلهم أجمعين, ويظل ساجداً حتى يقول له الله عز وجل: يا محمد أرفع رأسك, قل تُسمع, وسل تُعط, وأشفع تشفع, ويكون بعد ذلك الحساب.

       في هذا الموقف الرهيب, يقول الله تعالى له هذا الكلام, فعلى ماذا يدل هذا؟  يدل على مكانة النبي صلى الله عليه وسلم العظيمة عند الله, ومحبته له محبة غير متصورة, ولا متخيلة .

        أوذي النبي إيذاءً شديداً, وعذبه كفار قريش كثيراً, فقد قام عقبه بن معيط بوضع أحشاء الجزور(الثور) بما فيها من قاذورات, على ظهر النبي  صلى الله عليه وسلم, وهو ساجد, وعندما كان يصلي عند الكعبة جاءه عقبه بن معيط هذا وجعل الثوب في عنقه فشده حتى كاد النبي صلى الله عليه وسلم يختنق ثم تركه وبصق عنده.

        عندما خرج إلى الطائف أوذي النبي أشد الأذى, وأساء إليه بنو عبد يليل أشد الإساءة, ومات جده عبد المطلب, ثم مات عمه أبو طالب, ثم ماتت زوجه خديجة, وحوصر ولم يبق أحد يدافع عنه, كل المخلوقات توقفت عن الدفاع عنه, وتعذب بأشد أنواع العذاب, ورُدَّ بأسوأ رد, فبماذا يكافئه الله؟

      جاءه جبريل عليه السلام, بعد أن رجع من الطائف, حزيناً منكسراً, عند الكعبة, قائلاً له: إذا كانت مكانتك عند أهل الأرض من حولك بهذه الدرجة من الوضاعة, فإن مكانتك عند الله كبيرة, ولا تدانيها مكانة لأحد, فيأخذه على البراق إلى المسجد الأقصى, وهناك جمع الله له كل الأنبياء والرسل, فقال له جبريل:

       تقدم يا محمد, وأمهم, فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم, فأمهم جميعاً, وصلى بهم, هؤلاء يا محمد أفضل أهل الأرض على الإطلاق, من آدم إلى قيام الساعة, أنت إمامهم, وأنت أفضلهم, هذه مكانتك في الدنيا وعلى الأرض.

       أما في السماء فتعال انظر بعينك, واسمع بأذنك, فيصعد به جبريل إلى السماء, فيستبشر أهل السماء الأولى ويستقبلونه أحسن استقبال, ويحتفون به ويحتفلون به, ويستبشر به أهل السماء الثانية, يحتفلون به, وأهل السماء الثالثة, كذلك والرابعة, والخامسة, والسادسة, والسابعة, ويرتفع النبي حتى يصل إلى سدرة المنتهى, فيقف جبريل, ويرتفع النبي صلى الله عليه وسلم فوقه, ويقول له الله عز وجل: تقدم يا محمد, ويدوس على بساط القدرة بقدمية الشريفتين…

      هذه مكانتك الحقيقية يا محمد عند أهل الأرض, وعند أهل السماء , وعند الله..

الوحيد الذي رأى الله, وقابله عياناً, من بين كل الأنبياء والرسل أنت يا محمد, صلى الله عليك وسلّم..

       وأراه الله النعيم في الجنة, وحملّه الصلاة, هدية من الله لأهل الأرض, والصلاة هي أعلى درجات المحبة, لله, ولرسول الله..

       فانطلق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بالدعوة, بعزيمة وقوة وإصرار, أشّد وأكبر وأكثر مما كان بكثير, وهو يتلذذ بذلك اللقاء, ويحن إلى ذلك اللقاء, ويشتاق إلى ذلك اللقاء, حتى تم له ذلك, وودع الدنيا, بعد أن أدى الأمانة, وأكمل الرسالة, وأتم الله النعمة على يديه, ونصح الأمة, وظل عليها حتى آخر لحظة من حياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى