فنجان سياسي

عندما آمنت “بنو المخابرات” بالله!

معاذ عبدالرحمن الدرويش

كاتب و مدون سوري
عرض مقالات الكاتب

أبو سليم رجل مسكين يعمل سائق باص على خط دمشق حلب … في يوم من الأيام شحطته المخابرات من فراش نومه و بقي ضيفا “معززاً مكرماً” عند “بنو المخابرات” لمدة ستة أشهر، بسبب تقرير ظالم أنه ينتمي الى جماعة الإخوان المسلمين، و الدليل حسب التقرير أنه يشغل أشرطة القرآن الكريم في بعض الأحيان أثناء قيادته للباص.

عندما كنت تسافر أو تتنقل في سوريا في أي وسيلة من وسائل النقل العام سواء أركبت التاكسي أو السرفيس داخل المدن، أو ركبت باصات “الهوب هوب” ، أو باصات النقل الخمس نجوم بين القرى و المدن ، فرضاً عليك أن تتحمل أصوات الموسيقى و الطرب و الغناء، على مدار الرحلة حتى لو إستمرت لعشر ساعات.
ـ طيب يا أخي أنا لا أحب أم كلثوم و عبدالحليم….” بدك تتسمع غصباً عنك”
ـ طيب يا أخي أنا لا أحب الطرب الشعبي …”بدك تتسمع غصبا عنك”
ـ طيب يا أخي أنا لا أحب الطرب و الموسيقا جملةً و تفصيلاً… “بدك تتسمع رغماً عنك”

في الآونة الأخيرة تطور الموضوع من الأغاني إلى الفيديو حيث توضع الأغاني و الكليبات و البعض وصل إلى وضع الأفلام الوضيعة و حفلات الرقص الخليعة، المهم أصوات الغناء و الموسيقا لا تتوقف في وسائل النقل ما دام المحرك يدور، و أنت مرغم أن تستمع و “تستمتع” و إلا ستتحول رحلتك إلى جحيم.

و إستمرت الأمور على هذا المنوال، حتى مات “باسل الأسد” و في لحظة واحدة إنقلبت حفلات الغناء في حافلات الطرب إلى بث دائم للقرآن الكريم.
و كان على السائق أن يرفع صوت القرآن بقدر حزنه و وطنيته، و بقدر تأثره بالمصاب الجلل، خاصة عندما يمر على حاجز أمني، كان يرفع الصوت بقدر إيمانه و إيمان عناصر الحاجز.
أحد “شوفيرية الباصات” بعد إسبوع إجتهد أن العزاء إنتهى ، و العرف العام أن العزاء ثلاثة أيام ، و عاد إلى عهد الموسيقا و الطرب بدل القرآن الكريم.
توقف على الطريق لحمل راكب ، صعد الراكب و كانت الموسيقا تردح و الأغاني تصدح،
صرخ الراكب مباشرة:” قرد ولوو ليش مشغلين أغاني و طرب” ، ثم إستدار نحو الركاب و قال “و الله القرآن كيس ما هيك يا شباب؟؟”، و إذ بأبو الشباب عنصر بالمخابرات.
و عند أول حاجز أوقف العنصر الباص و شحط الشوفير و المعاون، و طلب من المسافرين أن ينزلوا من الباص و يتشردوا على الطريق العام و يدبروا أنفسهم .
و تم إستضافة السائق و المعاون لعدة أشهر في “بيت خالتهم”، بتهمة تشغيل الغناء و الطرب و خيانة الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى