تقارير

ملايين أبو فلة.. بين الأمم المتحدة ونظام الأسد

باسل المحمد – مدير الأخبار

شكلت المعاناة السورية المستمرة على مدار أكثر من عشر سنوات أكبر تحد للإنسانية في العصر الحديث، فصور القتلى تحت الأنقاض والأشلاء المقطعة في زنازين الأسد ستبقى وصمة عار على جبين المجتمع الدولي الذي ساهم بشكل أو بآخر في هذه المأساة، إضافة إلى ذلك تكمن هناك معاناة لاتقل عن القتل والإبادة ألا وهي معاناة النازحين السوريين في مخيمات الذل واللجوء، هذه المعاناة التي تعود إلى الواجهة مع بداية كل شتاء؛ لنرى هذه الخيم المهترئة التي لا تدفع حر الصيف ولا برد الشتاء، تعوم فوق مياه الأمطار وسط موجات البرد والصقيع الذي يكسر عظام الأطفال والنساء والشيوخ في هذه الخيم البائسة.
هذا الواقع المرير يدفع الكثير من المنظمات الإنسانية والمؤسسات الخيرية إلى تقديم الدعم لهؤلاء النازحين، سواء من كان منهم في سوريا أو في الدول المجاورة كالبنان والأردن وتركيا، حتى ملَّ السوريون من سماع أرقام المبالغ المالية التي من المفترض أن تصل إليهم وتخفف من معاناتهم، وفي هذا السياق نذكر آخر هذه التبرعات.
أبو فلة وحملة الـ 10 مليون دولار:
لايقتصر موضوع المساعدات على المنظمات والمؤسسات، إذ يوجد أشخاص يسهمون بجمع التبرعات بطرق مختلفة من أجل دعم ومساعدة اللاجئين، كان من أبرزهم في هذا المجال اليوتيوبر الكويتي المعروف بـ أبوفلة الذي تمكن من جمع 11 مليون دولار من التبرعات عقب بث مباشر استمر 11يوماً، في غرفة زجاجية أمام مبنى برج خليفة في إمارة دبي بالإمارات العربية المتحدة. في حملة أطلق عليها اسم “لنجعل شتاءهم أجمل”، وقد ساهم في الحملة فعاليات شعبية وخيرية كثيرة، إضافة إلى الكثير من المتبرعين في الوطن العربي والعالم. وكلهم يجمعهم هدف واحد هو أن تصل هذه التبرعات للاجئين في سوريا وعدد من الدول المحتاجة.
الأمم المتحدة تفاجئ الجميع:
كان الجميع يتوقع أن تساهم منظمة الأمم المتحدة عن طريق مفوضية اللاجئين في هذه الحملة، كون هذه المفوضية هي أكبر سلطة مسؤولة عن هذا الموضوع، ولكن المفاجأة كانت عندما أعلنت هذه المفوضية على حسابها في تويتر، أن أبو فلة جميع مبلغ 11 مليون دولار لدعم مبادرة “لنجعل شتاءهم أدفأ”، وأضافت: “نصف هذا المبلغ سيخصص لدعم جهود المفوضية للوصول إلى العائلات اللاجئة والنازحة ومساعدتهم خلال الأشهر القادمة”. ولم تنس المفوضية أن توجه شكرها للمتبرعين والداعمين كافة. مما شكل صدمة لكل الذين ساهموا في هذه الحملة، بسبب السياسات التي تعتمدها هذه المنظمة في آلية توزيع المساعدات للاجئين حول العالم.

ردود فعل غاضبة على هذا القرار:
ومنذ إعلان المنظمة، توالت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي حول آلية صرف المبلغ، إذ أعرب البعض عن انزاعجهم من النسبة الكبيرة (نصف المبلغ) التي ستقتطعها المفوضية لجهود الوصول للعائلات اللاجئة والتي تصل إلى 5.5 مليون دولار.
وعلق أحد المستخدمين “المستفيد: 100 ألف أسرة، لنفترض أن كل أسرة مكونة من 5 أشخاص، ولو وزعت 5.5 مليون عليهم لحصل كل شخص على 11 دولار فقط.. لنفترض أنها للكسوة والخيام وما إلى ذلك، هل من المنطقي أن تكون تكلفة نقلها أكثر من 5 ملايين دولار؟!”
فيما اعتبر آخرون أن تخصيص نسبة 50% للمنظمة غير منطقية، إذ تعد عالية جداً مقارنة ببعض الدول مثل الكويت، التي تأخذ فيها الجمعيات نسبة 12,5% من التبرعات، فيما طالب مغردون بنشر التقارير المالية حول آلية صرف المبلغ المقتطع لجهود المنظمة.

ما علاقة النظام السوري بالتبرعات؟
سبب الصدمة من موقف الأمم المتحدة من حملة أبو فلة هو خوف الداعمين من أن تصل هذه الأموال إلى يد نظام الأسد المجرم، الذي يعد المسؤول المباشر عن معاناة اللاجئين بعد أن دمر مدنهم وقراهم وحولهم إلى نازحين على الحدود السورية أو لاجئين في دول الجوار، إذ لايخفى على أحد أن هذا النظام مازال يحظى بالاعتراف الرسمي والشرعي في الأمم المتحدة على الرغم من كل جرائمه ضد الشعب السوري، ولا يخفى على أحد أيضاً سعي روسيا لإدخال المساعدات الأممية عن طريق النظام، ومعارضتها لدخول هذه المساعدات عن طريق معبر باب الهوى، وهو الأمر الذي كان موضوع خلاف وجدال بين روسيا وأمريكا، أفضى أخيراً إلى ما عرف بـ آلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس” والتي قد ينتهي العمل بها في الأشهر القادمة؛ لذا يرى قسم كبير من المراقبين لأن هذه الأموال سيكون نصيب كبير منها لنظام الأسد، مما يسهم في التنفيس -ولو قليلاً- عن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها النظام.
وكأنه لايكفي السوريين ما عانوه من قتل وتهجير وسرقة لخيرات بلدهم الذي كان يطعم الكثير من دول المنطقة، كل هذا لايكفيهم حتى تتعاون الأمم المتحدة ونظام الإجرام الأسدي على سرقة مايتم جمعه من أموال ومساعدات على حساب معاناتهم ومأساتهم المستمرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى