شهادة حفّار القبور …
في هزيع الليل و الناس نيام
و جهات الأرض والآفاق و الدنيا
يغلّفها الظلام
وسكون ٌ مطبق ٌ خلف السهول
وكأن الليل بحر ٌ من سُخام
كان يأتي من بعيد صوت آلات ٍ
يشق الصمت يتبعه هدير
تلك َ جرّافات تفتح ُ شدقها نهما ً
و يصدر عن سلاسلها زفير
تنهش الأرض َ و تحفر حفرة ً
عمق الوطن
طولها يمتد حتى شهقة
النفس الأخير
كي تواري في ثناياها بقايا
من وجوه ٍ آدميّة
ولحوم بشريّة
دُمغت في مسلخٍ يدعى وطن
وعليها كلّ أختام الجهات البربريّة
تحمل التوقيع بالحرف الكبير.
*** *** ***
ثم تأتي شاحنات ، قال حفار القبور
يختفي في بطنها آلاف ُ أشلاءٍ
لأجساد ٍ بقايا آدميّة
أو بقايا من قشور
تلك َ ساق ٌ ، ذاك َ فخذ ٌ ، ها هنا كفٌّ
و رأس ٌ ، تلك َ بطن ٌ بُقرت ، هذي عين ٌ
سُملت ْ ، يا إلهي إنه يوم النشور
هذه الأجساد جاءت من دياجير
العصور
تُفتح ُ الأبواب ُ عن قدر ٍ يفور
حينها تشتّم ُ ما في الكون من عفن ٍ
وتشعر أنها الدنيا تدور
تفقد الوعي َ وتهوي ثم تصحو بعد شوطٍ
كي تواري هذه الأشلاء في صمت
القبور
يُقلبون ْ مثل أكداس القمامة
تلك َ أمٌّ ، طفلها بين يديها كان قد ذُبحا
سويا ً لم تشأ تتركه ُ فأردوها أمامه
يا إلهي إنّه ُ يوم القيامة
كانت التهمة ُ كبرى ، أنهم قد أوهنوا
عزم القيادة ، أنهم سبّوا مقامات
الزعامة
*** *** ***
أيّهذا العالم المنحطّ و المشبوه في
هذي الجريمة
كيف أصبحتم حمامات سلام
أنتم ُ عصر القوادات ِ الكسيحة و الدميمة
يا بذور الانتقام
شعلة الثوار لن تُطفى ، ستبقى رغم
أولاد الحرام .