مقالات

مصير الدَّور الإيراني في أحداث سوريا: يحدِّده بايدن أم بوتين؟

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

يرجع تمكين الأقليَّة النُّصيريَّة من مفاصل الدَّولة ومقاليد الحُكم في سوريا إلى الانتداب الفرنسي، الَّذي فُرض على وسوريا ولبنان منذ عام 1921م، في أعقاب هزيمة الدَّولة العثمانيَّة في الحرب العالميَّة الأولى (1914-1919م) وتمزيق ممتلكاتها، ومن بينها أراضي الشَّام، لتقع أراضي فلسطين والأردن في أيدي الاستعمار البريطاني، وتكون سوريا ولبنان من نصيب فرنسا. ترقَّى أبناء الطَّائفة النُّصيريَّة، أو العلويَّة كما أطلق عليها الانتداب الفرنسي، في المناصب، وبخاصَّة في الجيش، حتَّى أمسكوا بتلابيب الحُكم وسيطروا عليه بالكامل منذ ستِّينات القرن العشرين، بعد أن صار حزب البعث الاشتراكي، ذو الأغلبيَّة النُّصيريَّة، هو الحزب الحاكم. وكان حافظ عليّ سليمان، أو حافظ الوحش أو النَّعجة أو البهرزي أو الأسد، من أكثر قادة الجيش السُّوري حظًّا في التَّرقِّي في سُلَّم السُّلطة، بأن تدرَّج في المناصب من قائد للقوَّات الجويَّة عام 1964م، ثمَّ إلى وزير الدِّفاع عام 1966م، ثمَّ إلى رئيس الوزراء عام 1970م، ثمَّ إلى رئيس الجمهوريَّة رسميًّا في 22 فبراير 1971م، واحتفظ بالمنصب حتَّى هلاكه في 10 يونيو 2000م، ليخلفه ابنه طبيب الرَّمد الشَّاب حينها، بشَّار حافظ عليّ سليمان. أفرد الشَّيخ محمَّد سرور في كتابه الشَّهير وجاء دور المجوس (1979م) فصلًا تحت عنوان “ماذا وراء تقارُب الرَّافضة مع النُّصيريين؟”، يتناول فيه المؤامرة الباطنيَّة متمثِّلة في تعاوُن نظام الأسد، الَّذي ينتمي إلى الطَّائفة النُّصيريَّة المنبثقة عن طائفة الشِّيعة الإسماعيليَّة المغالية، ونظام ملالي الرَّافضة، الَّذي يقوم على عقيدة الإماميَّة الاثني عشريَّة، وهي إحدى أشدُّ فرق الشِّيعة الرَّافضة غلوًّا. وقد بدأت علاقة التَّآخي بين نظام الأسد في سوريا وملالي قُم في إيران منذ تأسيس الأوَّل مطلع السَّبعينات، وقد حرص الأسد الأب على تعديل الدُّستور عام 1973م كيلا يُشترّط في رئيس سوريا أن يكون مسلمًا سنيًّا، وقد انتزع من المعمَّم الإيراني-اللبناني موسى الصَّدر اعترافًا بشيعيَّة النّظام الحاكم في سوريا. وقد اكتسب نظام الأسد الشَّرعيَّة الشِّيعيَّة بعد توافُد مرجعيَّات الشّيعة الإيرانيين، ومن بينهم المفكّر السيد حسن بن مهدي الحسيني الشِّيرازي، على سوريا لزيارة للعلويين في أماكن وجودهم في سوريا. أصدر معمَّمو الرَّافضة بعد مباركتهم سوريا في عهد الأسد بيانًا يقول: العلويين يدينون بالولاية لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وشأنهم في ذلك شأن سائر الشّيعة؛ كلمتي “العلويين” و “الشّيعة” مترادفتان، ممَّا يعني أنَّ الشّيعي علويّ العقيدة، والعلوي شيعي المذهب. ويتساءل سرور مستنكرًا تواطؤ الرَّافضة مع النُّصيريَّة ضدَّ أهل السُّنَّة (ص429):

كيف جهل النَّاس عقيدة النُّصيريَّة خلال قرون، ثمَّ جاء شيخ إيراني ليحقّق ما عجَز عنه الأوائل، وعجَز عنه علماء السُّنَّة والشّيعة الَّذين يعايشون النُّصيريَّة في ديارهم؟!

لماذا جاء هذا الاكتشاف في ظروف عصيبة: اعتلاء حافظ الأسد رئاسة الجمهوريَّة لأوَّل مرَّة في تاريخ بلاد الشَّام، وإقدامه على إذاعة بيان سقوط القنيطرة المشهور؟!

حافظ الأسد مع موسى الصَّدر

 تقترب نهاية العام الحادي عشر لأحداث العنف والقتل والتَّشريد في سوريا، الَّتي بدأت في مارس من عام 2011م بخروج مظاهرات شعبيَّة تطالب بإسقاط نظام الأسد أسوةً باندلاع ثورات حاشدة في تونس ومصر واليمن وليبيا نهاية 2010م ومطلع 2011م. وكما تتمَّيز انتفاضة الشَّعب السُّوري على النِّظام القمعي الطَّائفي بأنَّها الأطول مدةً، وبالنُّتوج عن العدد الأكبر من الجرحى والقتلى والمهجَّرين، باستمرار النِّظام بكامل سُلطاته في الحُكم برغم تجاوزاته المشينة، فهي تتميَّز كذلك بهويَّتين: فهي الثَّورة السُّوريَّة كما يطلق عليها معارضو نظام “الحيوان”، وهي كذلك الحرب الأهليَّة السُّوريَّة وفق تسمية أبواق النِّظام الطَّائفي ومناصروه. وترجع تسمية انتفاضة الشَّعب السُّوري بالحرب الأهليَّة إلى ممارسة النِّظام العنف ضدَّ أهل السُّنَّة وحدهم من أفراد الشَّعب، سعيًا منه إلى تهجير أهل السُّنَّة من مراكز تواجدهم، حتَّى أنَّ الرَّئيس العلوي اعترف بنفسه في خطابه في افتتاح مؤتمر الخارجيَّة والمغتربين بدمشق في 20 أغسطس 2017م، بأنَّ المجتمع السُّوري أصبح في ظلِّ الأحداث الدَّامية “أكثر صحَّة وتجانسًا”، ما أغرى كثيرين من المهجَّرين السُّوريين بالتَّساؤل عن معنى “التَّجانس” عند الأسد الابن، فهل هو التَّخلُّص من أهل السُّنَّة لتبقى سوريا مستعمَرة من قِبل ميلشيات حزب الله اللبناني الشِّيعيَّة والمجنَّسين من رافضة العراق ولبنان وقوَّات الحرس الثَّوري الإيراني؟ وهل كان الأسد يقصد يردع المهجَّرين من أهل السُّنَّة ضمنيًّا عن محاولة العودة؟ بالطَّبع، ليس بجديد الإشارة إلى استعانة الأسد الابن بنظام ملالي الرَّافضة وبنظام فلاديمير بوتين في روسيا في إخماد الثَّورة الشَّعبيَّة وتهجير المواطنين وإعادة تشكيل البلاد سُكَّانيًّا منذ بداية الأحداث، ولكن يجدر التَّذكير بأنَّ الفظائع الَّتي ارتكبتها قوَّات الحرس الثَّوري الإيراني ضدَّ أهل السُّنَّة تعجز الكلمات عن وصفها. بالطَّبع، لن ينسى أحد القتل الجماعي باستخدام البراميل المتفجِّرة على مدار عقد كامل.

القتل بالبراميل المتفجِّرة-سوريا

وعن مصير الدَّور الإيراني، أو لتقل دور الرَّافضة من العرب والعجم، تتساءل آنا بورشفسكايا، الباحثة المعنيَّة بدراسة سياسات روسيا تجاه دول الشَّرق الأوسط التَّابعة لمعهد واشنطن لسياسة الشَّرق الأدنى (The Washington Institute for Near East Policy)، وهو مركز بحثي أمريكي أسَّسته لجنة العلاقات الأمريكيَّة الإسرائيليَّة (AIPAC). فقد نشر المعهد في 16 ديسمبر 2021م مقالًا تحت عنوان ” Would Russia Ever Help Syria Break Away From Iranian Influence?”، أو هل ستساعد روسيا سوريا يومًا في التَّخلُّص من النُّفوذ الإيراني؟، تشير فيه بورشفسكايا إلى أنَّ إسرائيل تأمل أن تفضي الخلافات بين كلٍّ من إيران وروسيا إلى دور روسي فعَّال في تقليص الوجود الإيراني في سوريا، على أساس أنَّ تقسيم سوريا وتقليص الوجود السُّنِّي في مقابل تناني الوجود الشِّيعي والعلوي هناك يهدِّد دولة الاحتلال الصُّهيوني ولا يصبُّ في مصلحتها. لا تدَّخر إسرائيل جهدًا في التَّنديد بما يعرف بـ “التَّهديد النَّووي الإيراني”، حتَّى صارت مواجهته على رأس أولويَّات الإدارة الأمريكيَّة بقيادة جو بايدن (يناير 2021م-إلى الآن) والحكومة الإسرائيليَّة برئاسة نفتالي بينيت، ويأمل صنَّاع القرار في أمريكا وإسرائيل أن تساعد روسيا نظام الأسد في إنهاء النُّفوذ الإيراني في سوريا، خشية اندلاع حرب على الحدود الشَّماليَّة لإسرائيل من جرَّاء العمليَّات الاستفزازيَّة لقوَّات حزب الله اللبناني المدعوم إيرانيًّا. وتنقل الباحثة عن السِّياسي والاستخباراتي الإسرائيلي مئير بن شبات، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي سابقًا، رأيه الَّذي صرَّح به لصحيفة هآرتس الإسرائيليَّة في 8 ديسمبر 2021م، وهو أنَّ إسرائيل تعتقد أنَّ روسيا تريد تحقيق الاستقرار في المنطقة، وأنَّ إيران هو “القوَّة الَّتي تحول دون تحقيق الاستقرار”. ويجدر التَّنبيه إلى أنَّ روسيا، منذ تدخُّلها في سوريا في سبتمبر 2015م، لم تمانع شنِّ قوَّات الدِّفاع الجوِّي الإسرائيليَّة غارات على مواقع إيرانيَّة في سوريا لتدمير مخازن للأسلحة، ما اعتبره ساسة إسرائيل إشارة إلى تعاوُن روسيا معهم في مواجهة المدِّ الإيراني في المنطقة!

غير أنَّ الحقيقة، كما تكشفها آنا بورشفسكايا، هي أنَّ روسيا لم تسمح لإسرائيل بشنِّ غاراتها على مواقع إيرانيَّة في سوريا من باب التَّعاطف مع دولة الاحتلال في خوفها من التَّهديد الإيراني، إنَّما لأنَّ روسيا تريد تحجيم الدَّور الإيراني في سوريا والانفراد بالسَّيطرة على الأمور هناك. يُضاف إلى ذلك أنَّ موسكو لم تظهر قدرتها على أو رغبتها في الحدِّ من الوجود العسكري الإيراني في سوريا. كما أنَّ روسيا تعتمد على القوَّات الشِّيعيَّة في أداء الدَّور الأكبر في عمليَّات القتل والتَّهجير؛ ممَّا يوفِّر على نظام بوتين تكاليف باهظة. وقبل كلِّ ما سبق، فإنَّ روسيا وإيران تتعاونان من أجل إعاقة النُّفوذ الأمريكي في سوريا، حتَّى أنَّ المسؤولين الرُّوس في مطالبتهم القوَّات الأجنبيَّة بمغادرة سوريا فإنَّهم يعتبرون القوَّات الرُّوسيَّة والإيرانيَّة شرعيَّة الوجود. وبما أنَّ نظام يدين إلى إيران الكثير باستمرار نظامه في الحُكم برغم المجازر والتَّنديد العالمي بممارساته بقدر ما يدين إلى روسيا، فإنَّه من المتوقَّع أن يتخلَّى الأسد الابن عن الحليف الرَّافضي، وإن تفضيل الحليف الصَّليبي من مصلحة إسرائيل.

إسرائيل تستهدف مواقع إيرانيَّة في سوريا

وكما ترى الباحثة آنا بورشفسكايا أنَّ خروج القوَّات الإيرانيَّة والمدعومة إيرانيًّا في يد النِّظام الرُّوسي بقيادة فلاديمير بوتين، يرى آخرون أنَّ إنهاء الدَّعم الإيراني لنظام الأسد يكمن في مضاعفة الإدارة الأمريكيَّة الضُّغوط على إيران بفرض مزيد من الحظر على بيع النَّفط الإيراني وتصديره، كما يذكر الكاتبان أندرو جيه تابلر وماثيو زويج في مقال نشرته مجلَّة ناشيونال انترست (The National Interest) السِّياسيَّة الأمريكيَّة، في 3 يناير 2022م، تحت عنوان ” Solving Syria’s Crisis Starts with Sanctioning Iranian Oil”، أو حلُّ الأزمة السُّوريَّة يبدأ بفرض عقوبات على النَّفط الإيراني. كان الرَّئيس الأمريكي السَّابق، دونالد ترامب (يناير 2017-يناير 2021م) قد فرَض عقوبات على إيران، في أعقاب انسحابه من الاتِّفاق النَّووي في مايو 2018م، بمنعه من بيع النَّفط لحرمانه من عائداته، ومنحه بعض الدُّول المستوردة للنَّفط الإيراني مهلة للبحث عن مصدر آخر، على أن ينتهي شراء النَّفط من إيران في مايو 2019م. يعيب الكاتبان على إدارة بايدن، خليفة ترامب، إغفالها عن إمداد إيران لنظام الأسد بالنَّفط، برغم تعدِّي ذلك على العقوبات الأمريكيَّة آنفة الذِّكر، معتبرين أنَّ تساهُل الإدارة الأمريكيَّة مع نظام يشجِّعه على إعادة فرْض وجوده في المشهد السِّياسي في منطقة الشَّرق الأوسط. ينصح الكاتبان بمنع تصدير النَّفط الإيراني، بدءًا بالشُّحنات الَّتي توجَّه إلى قوَّات حزب الله عبر الموانئ السُّوريَّة، حتَّى يبحث اللبنانيون عن مصادر شرعيَّة للحصول على الطَّاقة. وفي النِّهاية، ينصح الكاتبان إدارة بايدن بفرض مزيد من العقوبات على النَّفط الإيراني، بدلًا من غضِّ الطَّرف عن شحناته الموجَّهة إلى سوريا؛ لمنع نظام الأسد من إعادة تأهيل نفسه على السَّاحة الإقليميَّة. ونتساءل: هل تفلح سياسات بايدن وبوتين في إنهاء التَّأثير الإيراني على السِّياسة السُّوريَّة، الَّذي يدبُّ بجذوره إلى فترة ما قبل تأسيس نظام ملالي الرَّافضة عام 1979م؟

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. قبل الإجابة على السؤال ، انصح الإخوة الذين يرغبون في إنتاج تحليل سياسي صائب بأربعة أمور : 1) قراءة التاريخ لأن الحاضر مولود منه . 2) المتابعة اليومية المستمرة للأحداث لأن السياسة مثل الرمال المتحركة لا تبقى في حالة سكون . 3) كتابة خلاصة تصريحات أو تقارير أو مقالات و حفظها للمستقبل لأن الإنسان ، حتى و لو كانت ذاكرته قوية ، لا بد أن ينسى و لقد قالت الحكمة ” كل علم فارق القرطاس ضاع ” . الخلاصة ، يمكن الرجوع إليها حين يستجد أمر ما و يحتار الإنسان في تفسيره . 4) عدم تصديق الإعلام بشكل فوري لأن آلة الإعلام الدولية الغربية عملها الأساسي نشر الأكاذيب بتوجيه من يقومون بتمويلها ، و الإعلام الإقليمي هو محض ناقل عنها . لا أقول أن كبريات الصحف الغربية خالية من الحقيقة السياسية و لكن هذه تكون مخبأة و عليك أن تبحث عنها كما يبحث رجل عن حبة قمح في كومة قش . بالمراس أو بالتجربة يكتسب الشخص الخبرة اللازمة لتمييز الغث من السمين .
    بعد هذه المقدمة ، انتقل إلى الجواب المباشر لسؤال عنوان المقال : لا بايدن و لا بوتين يحددان مصير الدور الإيراني في سوريا ، و إنما تحدده الدولة العميقة التي تتحكم بأمريكا. أرجو المعذرة لعدم الخوض في التفاصيل و لكن سأعطي المختصر المفيد . في عام 1961، حصلت تفاهمات بين أمريكا و الاتحاد السوفيتي تحت عنوان “الوفاق الدولي” اعترف الاتحاد السوفيتي بموجبه على أن الشرق الأوسط و شمال إفريقيا منطق نفوذ خالصة للأمريكان و لا ينازعهم فيها و إنما يمكن أن يساعدهم إذا طلبوا ذلك و حصل تطبيق لذلك في مصر عندما حضر إليها آلاف العساكر الروس بطلب من أمريكا أيام عبد الناصر ثم طردهم السادات بأوامر أمريكية .
    بما أن سوريا هي منطقة نفوذ أمريكي ، جرى حسم ذلك عام 1963 حين حصل انقلاب في الثامن من آذار/ مارس باستعمال حزب البعث كحصان طروادة حيث من خلاله تسللت الأقلية النصيرية “العلوية” و استولت على مقاليد الأمور ليجري بعدها التمهيد لإيصال عميل أمريكا الماسوني “عضو محفل الشرق في دمشق” حافظ الأسد إلى منصب الرئاسة في 1970. بعد 3 سنوات ، قامت أمريكا بالإيعاز لعميليها الأسد و السادات بشن حرب تشرين/ أكتوبر “التحريكية و ليس التحريرية ” و قد لعب وزير خارجية أمريكا في حينه “هنري كيسنجر الذي اقترح الحرب” دوراً أساسياً سواء من خلال التمهيد لاتفاقية كامب دافيد أو من خلال جلساته الطويلة مع حافظ لنسج اتفاقية وقف إطلاق النار سنة 1974 التي عملياً جعلت الجولان منطقة هدوء تشبه صمت المقابر !
    كان إعلام حافظ الأسد يتبنى أكذوبة مقاومة الامبريالية الأمريكية، لكن حبل الكذب قصير حيث حين حصلت حرب الخليج ، وجدنا حافظ يضع جيشه تحت قيادة الجنرال الأمريكي “نورمان شوارتزكوف ” ليكون جيشه في الصفوف الأولى لجيوش التحالف الذي طرد العراق من الكويت .
    حين مات حافظ عام 2000 “بعد 30 سنة من تثبيت أمريكا له” ، كان عندي ترجيح أن تختار أمريكا من بين نائبي حافظ الرسميين ، زهير مشارقة و عبد الحليم خدام ، النصيري منهما كرئيس . مجيء وزيرة خارجية أمريكا “مادلين أولبرايت “إلى دمشق و اجتماعها مع بشار لساعات طويلة “قبل دفن حافظ” حسم الموضوع و جعل رئيس سوريا الوريث القاصر أي بشار ابن أنيسة .
    في عهد بشار ، انطلقت ثورة شعب سوريا المباركة مما أحدث رجة عنيفة في مجلس الأمن القومي في أمريكا ” بدليل تصريحات نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية في حينه آب/ اغسطس 2013 مايكل موريل الذي اعتبر ما يجري في سوريا بالحرف بأنه أكبر خطر على الأمن القومي الأمريكي ” فأمرت أمريكا إيران بإدخال مليشياتها إلى سوريا و فشل هؤلاء كما فشل قبلهم جيش بشار. كانت أمريكا بين خيارين : إما أن تتدخل بنفسها أو توكل من يتدخل عنها و قد ارتأت الدولة العميقة في أمريكا استخدام الخيار الثاني . لذلك طلب أوباما/ كيري رسمياً من بوتين التدخل في سوريا “تفعيل اتفاق المساعدة في منطقة الآخر كما في زمن السوفيت” مقابل تغطية كافة تكاليف الجيش الروسي في سوريا من جانب سفهاء الأعراب و تعهد بعدم وصول أسلحة نوعية للثوار أي أن لا تكون سوريا مصيدة للجيش الروسي كما كانت أفغانستان من قبل.
    من يحسم مصير الدور الإيراني “العميل” أو الدور الروسي “الوكيل” في سوريا ، هي فقط الدولة العميقة في أمريكا .

    1. أثابكم الله خير إثابة على هذا الرَّد الَّذي استفدتُ منه كثيرا. أرق تحيَّة من كاتب المقال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى