منوعات

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة 99

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب


الجزء الثالث: الدولة العباسية
41- الواثق بِاللَّه إِبْرَاهِيم بن المستمسك بن الحاكم
تولى الخلافة سنة 740هـ بعد المستكفي بالله سليمان بن الحاكم بأمر الله
عزل أول المحرم سنة 742هـ، وقيل: فِي صفر سنة 742 هـ
وبويع بعده أَحْمد بن المستكفي بالله سُلَيْمَان. بن الحاكم بأمر الله أحمد
اسمه ونسبه:
الواثق بالله إِبْرَاهِيم ابن ولي العهد المستمسك بالله أبي عبد الله مُحَمَّد ، بن أبي العباس أَحْمد الحاكم بِأَمْر الله (تاريخ الخلفاء ص343، مسالك الأبصار في ممالك الأمصار 24/ 317، السلوك لمعرفة دول الملوك 3/ 287، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68)
حياته قبل الخلافة:
كان الحاكم بِأَمْر الله (جد إبراهيم الواثق بالله) عهد إلى ابنه محمد ولقبه المستمسك بالله (والد إبراهيم الواثق بالله)، ، فمات محمد المستمسك في حياة أبيه الحاكم، فعهد إلى ابنه إبراهيم هذا ظناً أنه يصلح للخلافة، فرآه غير صالح لما هو فيه من الانهماك في اللعب، ومعاشرة الأرذال، فنزل عنه، وعهد إلى ولد صلبه المستكفي، وهو عم إبراهيم؛ وكان إبراهيم قد نازعه لما مات الحاكم، فلم يلتفت إلى منازعته اعتماداً على قول الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، فأقام على ضغينته حتى كان إبراهيم هذا هو السبب في الوقيعة بين عمه الخليفة المستكفي، وبين السلطان الناصر بعد أن كانا أخوين، لما كان يحمله إليه من النميمة به، حتى جرى ما جرى. (حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68، تاريخ الخلفاء ص343)
قال ابن فضل الله في المسالك، في ترجمة الواثق: عهد إليه جده ظنًّا أنه يكون صالِحًا أو يجيب لداعي الخلافة صائحًا، فما نشأ إلا في تهتك، ولا دان إلا بعد تنسك، أُغرِيَ بالقاذورات، وفعل ما لم تدع إليه الضرورات، وعاشر السفلة والأراذل، وهان عليه من غرضه ما هو بازل، وزين له سوء عمله فرآه حسنًا، وعمي عليه فلم يرَ مسيئًا إلا محسنًا، وغواه اللعب بالحمام، وشرى الكباش للنطاح، والديوك للنقار، والمنافسة في المعز الزرائبية الطوال الآذان، وأشياء من هذا، ومثله مما يسقط المروءة ويثلم الوقار، وانضم إلى هذا سوء معاملة، ومشري سلع لا يوفي أثمانها، واستئجار دور لا يقوم بأجرها، وتحيل على درهم يملأ به كفه، وسحت يجمع به فمه، وحرام يطعم حرمه، حتى كان عرضة للهوان، وأكلة لأهل الأوان.
فلما توفي المستكفي والسلطان عليه في حدةِ غضبه، وتياره المتحامل عليه في شدة غلبه، طلب هذا الواثق المغتر، والمائق إلا أنه غير المضطر، وكان ممن يمشي إلى السلطان في عمه بالنميمة، ويعقد مكائده على رأسه عقد التميمة، فحضر إليه وأحضر معه عهد جده، فتمسك السلطان في مبايعته بشبهته، وصرف في وجه الخلافة إلى جهته، وكان قد تقدم نقض ذلك العهد، ونسخ ذلك العقد، وقام قاضي القضاة أبو عمر بن جماعة في صرف رأي السلطان عن إقامة الخطبة باسم الواثق فلم يفعل، واتفق الرأيان على ترك الخطبة للاثنين، واكتفى فيها بمجرد ذكر اسم السلطان، فرحل بموت المستكفي اسم الخلافة عن المنابر، وخلا الدعاء للخلفاء من المحاريب، فكأنما كان آخر خلفاء بني العباس، ثم لم يزل الأمر على هذا حتى حضرت السلطان الوفاة، فكان مما أوصى به رد الأمر إلى أهله، وإمضاء عهد المستكفي لابنه، وقال: الآن حصحص الحق، وحنا على مخالفيه ورق، وعزل إبراهيم وهزل، وكان قد رعى البهم، وستر اللؤم بثياب أهل الكرم، وتسمن وشحمه ورم، وتسمى بالواثق وأين هو من صاحب هذا الاسم، وهيهات لا تعد من النسر التماثيل، ولا الناموسة وإن طال خرطومها كالفيل، وقد عاد الآن يعض يديه، ومن يهن يسهل الهوان عليه. هذا آخر كلام ابن فضل الله. (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار 24/ 317، تاريخ الخلفاء ص344)
الخلاف على توليته الخلافة:
كان الحاكم بأمر الله أبي العباس أحمد جد إبراهيم الواثق عهد إلى ابنه محمد، ولقبه المستمسك، فمات محمد في حياته، فعهد إلى إبراهيم هذا ابن ابنه محمد المستمسك ظنًّا أنه يصلح للخلافة، فرآه غير صالح لها، فعدل الحاكم عنه إلى ابنه المستكفي وهو عم إبراهيم (تاريخ الخلفاء ص343، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68)
فلما مات المستكفي بقوص، كان قد عهد بالخلافة إلى ابنه أحمد (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 2/ 280، تاريخ الخلفاء ص343، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68) وأشهد عليه أربعين عدلاً، وأثبت ذلك على قاضي قوص. (حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68)
وورد الْخَبَر على السُّلْطَان الناصر فِي يَوْم الْجُمُعَة ثَانِي عشر شعْبَان بِمَوْت الْخَلِيفَة المستكفي بِاللَّه أبي الرّبيع سُلَيْمَان بقوص فِي مستهل شعْبَان وَأَنه قد عَهده لوَلَده أَحْمد بِشَهَادَة أَرْبَعِينَ عدلا وَأثبت قَاضِي قوص ذَلِك. (السلوك لمعرفة دول الملوك 3/ 287، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 243، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68)
وَفِي يَوْم الأثنين ثَالِث شهر رَمَضَان، اجْتمعَ الْقُضَاة بدار الْعدْل على الْعَادة، فعرفهم السُّلْطَان بِمَا أَرَادَ من إِقَامَة إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور فِي الْخلَافَة، وَأمرهمْ بمبايعته؛ فَأَجَابُوا بِعَدَمِ أَهْلِيَّته، وَأَن المستكفي قد عهد إِلَى وَلَده أَحْمد، وَاحْتَجُّوا بِمَا حكم بِهِ قَاضِي قوص؛ فَكتب السُّلْطَان بقدوم أَحْمد الْمَذْكُور إِلَى الْقَاهِرَة. (السلوك لمعرفة دول الملوك 3/ 287، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 243)
فَلَمَّا قدم أَحْمد الْمَذْكُور من قوص وَأثبت قَاضِي قوص عهد أبيه له؛ لم يمض الْملك النَّاصِر عَهده، لما كَانَ فِي نَفسه من المستكفي، وَطلب إِبْرَاهِيم ثَانِيًا، وعرفه قبح سيرته وَمَا تشيع النَّاس عَنهُ؛ فأظهر التَّوْبَة مِنْهَا، وَالْتزم بسلوك طَرِيق الْخَيْر؛ فاستدعى السُّلْطَان الْقُضَاة وعرفهم أَنه قد أَقَامَ إِبْرَاهِيم فِي الْخلَافَة؛ (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 243)

وَأقَام الخطباء بديار مصر وَالشَّام نَحْو أَرْبَعَة أشهر لَا يذكرُونَ فِي خطبهم اسْم الْخَلِيفَة. (السلوك لمعرفة دول الملوك 3/ 287، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 243)
بيعته وخلافته:
لَمَّا قدم أَحْمد بن المستكفي من قوص لم يلتفت السُّلْطَان الناصر إلى عهد أبيه له ولم يمض عَهده، وَطلب ابن أخي المستكفي إِبْرَاهِيم ابن ولي العهد المستمسك بالله أبي بكر، وعرفه قبح سيرته، فأظهر التَّوْبَة مِنْهَا، وَالْتزم بسلوك طَرِيق الْخَيْر، فاستدعى السُّلْطَان الْقُضَاة فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث عشر رَمَضَان، واجْتمع الْقُضَاة بدار الْعدْل على الْعَادة، فعرفهم السُّلْطَان بِمَا أَرَادَ من إِقَامَة إِبْرَاهِيم فِي الْخلَافَة، وَأمرهمْ بمبايعته، فَأَجَابُوا بِعَدَمِ أَهْلِيَّته وَأَن المستكفي عهد إِلَى وَلَده أَحْمد بِشَهَادَة أَرْبَعِينَ عدلاً وحاكم قوص وَيحْتَاج إِلَى النّظر فِي عَهده، وَأخذ قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة يعرفهُ سوء أَهْلِيَّته للخلافة، فَأجَاب بِأَنَّهُ قد تَابَ، والتائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ وَقد وليته، ولم يلتفت السلطان النَّاصِر إلى عهد المستكفي لولده، ولم يمضه، وَطلب إِبْرَاهِيم وَأَجْلسهُ بجانبه وحادثه ثمَّ قَامَ إِبْرَاهِيم وَخرج مَعَه الْحجاب بَين يَدَيْهِ (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 2/ 280، تاريخ الخلفاء ص343، السلوك لمعرفة دول الملوك 3/ 287، مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 243، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68)
وراجع الناس السلطان في أمر إبراهيم هذا ووسموه بسوء السيرة، فلم يلتفت إلى ذلك، ولم يزل الناس حتى بايعوه، خصوصًا قاضي القضاة عز الدين بن جماعة، فإنه جهد كل الجهد في صرف السلطان عنه، فلم يفعل؛ وما زال بهم حتى بايعوه. (تاريخ الخلفاء ص343، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68)
وَكَانَت الْعَامَّة يلقبونه المستعطي بالله؛ فَإِنَّهُ كَانَ قبل ذَلِك يستعطي من النَّاس مَا يُنْفِقهُ. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 244، تاريخ الخلفاء ص343)
فلم يُمضِ الناصر عهد المستكفي لولده، وبُويِعَ الواثق بِاللَّه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد المستمسك بن أَحْمد الْحَاكِم بِأَمْر الله. وخطب له (السلوك لمعرفة دول الملوك 3/ 287) يوم الاثنين ثالث رمضان، سنة أَرْبَعِينَ وَسَبْعمائة (740هـ) (تلقيح فهوم أهل الأثر ص69، حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68)
وَاسْتمرّ إِبْرَاهِيم فِي الْخلَافَة أيام الْملك النَّاصِر، إِلَى أَن مَاتَ النَّاصِر وتسلطن وَلَده الْملك الْمَنْصُور أَبُو بكر فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشْرين من ذِي الْحجَّة من سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة (741هـ). (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 244)
عزله من الخلافة:
لَمَّا كَانَ يَوْم السبت سلخ ذِي الْحجَّة، طلب الْملك الْمَنْصُور الْقُضَاة والأعيان، واجتمعوا بِجَامِع القلعة للنَّظَر فِي أَمر أَحْمد بن المستكفي وَحضر مَعَهم الْأَمِير طاجار الدوادار؛ فاتفق الْأَمر على خلَافَة أَحْمد الْمَذْكُور لعهد أَبِيه إِلَيْهِ بِمُقْتَضى الْمَكْتُوب الثَّابِت على قَاضِي قوص؛ فبويع ولقب بالحاكم بِأَمْر الله – على لقب جده – وَكَانَ لقب بِهِ فِي حَيَاة أَبِيه – رَحمَه الله. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 244)
فعزل الواثق بِاللَّه إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد المستمسك بن أَحْمد الْحَاكِم بِأَمْر الله سنة ، وبايع ولي العهد أحمد، ولقب الحاكم، (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 2/280، تاريخ الخلفاء ص343) وذلك أول المحرم سنة اثنتين وأربعين (742هـ). (تاريخ الخلفاء ص343، تلقيح فهوم أهل الأثر ص69) وقيل: فِي صفر سنة 742 هـ (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 2/ 280)
وَقد اخْتلف المؤرخون فِي خلَافَة إِبْرَاهِيم هَذَا؛ فَمنهمْ من عده فِي الْخُلَفَاء؛ لكَون السُّلْطَان أَقَامَهُ وَبَايَعَهُ، وَمِنْهُم من لَم يعده، لكَون المستكفي كَانَ عهد لوَلَده أَحْمد الْآتِي ذكره. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 244)
والناظر فِي أمره هُوَ بِالْخِيَارِ لما عَرفته من أمره؛ إِن شَاءَ أثبت، وَإِن شَاءَ نفى. (مورد اللطافة في من ولي السلطنة والخلافة 1/ 244)
أهم الأحداث في أيامه:

  • فجع الله الناصر بموت أعز أولاده الأمير أنوك، فكانت أول عقوباته، ولم يمتع بالملك بعد وفاة المستكفي، فأقام بعده سنة وأياماً، وأهلكه الله. (حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68)
  • وقيل: لم يتم الحول على الملك الناصر، حتى مات بعد ثلاثة أشهر؛ سُنَّةَ الله فيمن مَسَّ أحدًا من الخلفاء بسوء، فإن الله يقصمه عاجلاً، وما يدخره له في الآخرة من العذاب أشد. (حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 68)
  • ثم إن الله انتقم من الناصر وعوقب بعد مَوته بِيَسِير في أولاده ومن تولى من ذريته، فسلط عليهم الخلع، والحبس والتشريد في البلاد والقتل، فجميع من تولى الملك من ذريته؛ إما أن يخلع عاجلاً، وإما أن يقتل ؛ فأول ولد تولى بعده، عوجل بخلعه ونفيه إلى قوص، حيث كان سير الخليفة، ثم قتل بها. ( حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة 2/ 69، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 2/ 280، تاريخ الخلفاء ص343)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى