منوعات

“خطاب الكراهية”…لماذا؟ ومَن الذي يغذّيه؟

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

ابتداءً ،وفي التعريف بهذا المصطلح، وبعد البحث في العديد من النصوص التي وردت فيها عبارة”خطاب الكراهية” سواء تلك الواردة في قوانين الدول، أو في المواثيق الدولية التي تعني بحرية الإنسان، وحقه في العيش الكريم حيثما وجد، وعلى أي ارض كانت، سواء أكانت ارض بلده الأصلي، أو تلك التي وجد نفسه عليها مهاجراً أو لاجئاً،مما يمكننا من القول أن “خطاب الكراهية” هو:
استخدام أحد الوسائل المسموعة، أو المقروءة، أو المرئية، أو كلها مجتمعة، للتأثير في وعي جمهور من أبناء المجتمع وتحريضه على مجموعة من البشر، بدوافع تمايزية استعلائية للحط من شأنهم وتهميشهم، وقد تتدرج حدة “خطاب الكراهية” لتأخذ طابعاً عنفياً تصل درجته إلى التدمير وإزهاق الأرواح.

ولكي نكون أكثر قرباً من فهم هذا الموضوع، سيقتصر كلامنا في مقالنا هذا على “خطاب الكراهية” الذي يستهدف اللاجئين في الدول التي يتواجدون على اراضيها، ولن نتوسع في جوانب الكراهية المستهدفة للإنسان بسبب انتمائه العرقي أو الديني، بل سيقتصر الحديث على الخطاب المحرّض على استهداف اللاجئين من خلال هويتهم الوطنية ومركزهم القانوني لدفعهم إلى ترك البلد والعودة إلى بلدهم أو اللجوء إلى بلاد أخرى.

إن خير مثال على ذلك هو حالة اللاجئين السوريين في البلاد التي يتواجدون على أراضيها، بعد أن هُجّروا من موطنهم هرباً من بطش جيش النظام الحاكم والقوى المتحالفة معه، الذين استخدموا القوة التدميرية المفرطة في تدمير المدن والقرى، واتبعوا سياسة الأرض المحروقة، حتى ألجأوا معظم أبناء الشعب السوري إلى اللجوء إلى بلاد الآخرين في كل أصقاع المعمورة، وفي قاراتها الخمس.

لقد شكلت موجات اللاجئين السوريين وبهذا الكم من الأعداد التي تجاوزت السبعة ملايين لاجئ، حدثاً غير متوقع في معظم الدول التي قبلتهم -مرغمة- وتفاوتت درجة أعباء لجوء هؤلاء بين دولة وأخرى بقدر أعدادهم، مما جعل ” تركيا” تتصدر المركز الأول في أعداد اللاجئين السوريين-ما يقرب من أربعة مليون لاجئ- مما ولّد لدى فئة من الأتراك شعوراً بدأ يتدرج من حالة الضيق والضجر من هؤلاء اللاجئين -الذين امتدت قضية لجوئهم إلى ما يزيد على عقد من الزمن- إلى حالة تكاد تقترب من حالة الشعور بالبغضاء والحنق والنفور لتأخذ أحياناً شكلاً عدائياً استهدف اللاجئين السوريين في حياتهم وممتلكاتهم.
هذه الحالة لا زالت في حيزها الضيّق ولم تتسع، ولا نستطيع أن نطلق عليها ظاهرة عامة، لكنها موجودة، لذلك لا بد لنا -وبدافع من الحرص على أمن اللاجئ السوري من ناحية وأمن المجتمع التركي وسلمه الأهلي من ناحية أخرى – من أن نبحث في هذا الأمر بكل جدية وبكل موضوعية.
إن خطاب الكراهية التي تروج له بعض أحزاب المعارضة في تركية له مرتكزات يقوم عليها وهي:
1- استغلالها للظرف الموضوعي الذي أدى إلى حالة اللجوء.
2- اعتمادها لوسائل تعميم خطاب الكراهية بلغة شعبوية ديماغوجية..

3- توجيه خطابها لحاضنة شعبية يستهويها هذا الخطاب لتهيئتها لمرحلة أشد غضباً وعدوانية.

4- استغلالها لأخطاء الحكومة في تعاملها مع بعض الحالات التي تعاملت بها مع قضية اللاجئين.
5-استغلال ضعف القانون التركي في توصيف المركز القانوني للاجئ السوري.
6- محاولتها من أن تجعل من قضية اللاجئين السوريين ورقة ضغط سياسي على الحكومة مستغلة الظرف الإقتصادي الذي تمر به البلاد وإظهار مشكلة اللاجئين وكأنها السبب في أزمة الليرة التركية.

مما تقدم، ولكي نتصدى لهذا الخطاب لا بد من العمل على مايلي:
1- عدم التعامل مع من يروجون لخطاب الكراهية من الغوغاء والمنفلتين، بأسلوب ردات الفعل غير المنضبطة، ولكن باللجوء إلى القانون في حل المشكل الذي قد يقع.

2- التعامل مع أبناء المجتمع التركي وفق القانون والأعراف والتقاليد المتبعة، وعدم استفزاز المشاعر المجتمعية بسلوك مستهجن هو أصلاً ليس من عاداتنا وقيم مجتمعنا السوري.
3- الوقوف موقف الحياد من الشان السياسي الداخلي ومن صراع الأحزاب فيما بينها، والبقاء على مسافة واحدة منها، وهذا لا يمنع من توطيد العلاقة مع الأحزاب التي هي أقرب إلينا ومن قضيتنا والتعاون معها وفق ما تسمح به القوانين.
4- لا بد من التوجه إلى الرأي العام التركي من خلال وسائل التواصل المسموعة والمقروءة والمرئية، لتوضيح ما اختلط في الأذهان لدى البعض منهم، وإظهار قضيتنا بلبوسها الناصع ومن كونها قضية شعب ظلم طويلاً ومن حقه أن يعيش بحرية وكرامة.
وهنا لا بد من التأكيد على الدور الذي تلعبه الصحافة واجهزة الإعلام من خلال التوجه للجمهور التركي “باللغة التركية” .
5- يستطيع الشباب السوري في الجامعات التركية أن يلعبوا دوراً هاماً في توعية زملائهم الأتراك بما يخص القضية السورية، وكذلك يستطيع كل منهم ومن خلال صفحته على الفيس ووسائل التواصل أن يكون منبراً إعلامياً لقضيته الوطنية بلغة متزنة وحضارية.
6- على جميع الحقوقيين السوريين الذين لا زالوا على درب الثورة أن يوحدوا صفوفهم وأن يتعاونوا فيما بينهم من خلال عمل مؤسساتي حقوقي ويكونوا هم هيئة الدفاع عن اللاجئ السوري أمام القضاء التركي وفق مقتضيات القانون إحقاقاً للحق، ونصرة للعدالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى