مقالات

الثورة السورية انتصارات وليست حسماً عسكرياً فحسب…!

مرهف الزعبي

ناشط سوري
عرض مقالات الكاتب

كثيراً ما يُخيل إلى أذهان العاملين في الشأن الثوري السوري، أو المتابعين له؛ بأن النصر بعيدٌ ومستحيل المنال دون أن ينظروا إلى الثورة كم حققت من انتصارات تُعتبر أعمدةٌ، وأركان للنصر العسكري الحتمي المستقبلي الذي هو تتويجٌ لما حققه الثوار من انتصارات متعددة في ساحة الثورة السورية، وعلى عدة مستويات. ولولا جلود، ومثابرة الثوار في أنشطتهم لكان النصر العسكري منقوصاً، معاباً مليئاً بالجواسيس الذين سيكونون فوتو- كوبي عن حكم آل الأسد من العمالة، والخيانة، ومكدَّساً بالأضاليل أبطاله من امتطى صهوة الثورة، وعمل ضد تحقيق أهدافها، وأمسك بملفها وادَّعى قياتها، وتمثيلها عن طريق ضباط المخابرات المتعددة.
كما يجب أن لا يغيب عن بال أحدٍ منا بأن النصر الناجح بين الدول المتحاربة ليس انتصاراً عن طريق المعارك، والحروب فحسب إن لم تسبقه عدة انتصارات غير عسكرية تكون مكسباً لصالح الدولة التي حسمت الأمر عن طريق الأسلحة، والجيوش. فالانتصارات الغير عسكرية التي حققها الثوار ليست بالأمر السهل. كما أنها ليست بالقليلة ولا تقلُّ وزناً، وشأناً عن المعارك التي خاضها الثوار ضد جيوش آل الأسد، ومرتزقته، وميليشاته، وحلفائه. وجميعها تصب في جعبة انتصارات الثورة السورية. ليست ابتداءاً من تعرية حكم آل الأسد ودعمه عربياً، إقليمياً، ودولياً، وكشف منظومة المقاومة، والنظم العربية، والإقليمية، والنظام العالمي، وحقيقة المعارضين الذين شوهوا صورة الثورة، وحرفوها عن مسارها، وعادوها كل المعادة، وأظهروا ولائهم لقوى معادية للثورة. وإظهار تلاعب المنظمات، والجمعيات بالملف الإنساني، وزجِّ أغلب الفاسدين للعمل مع هذه الفئات بما لا يدع مكاناً للشك لكل سوري بأنَّ كل ما أظهرته الثورة، وكشفت حقائقه، وأسقطت أقنعته هي انتصارات في صالح الثورة. وبذلك أفرزت الجيد من الرديء، والصادق، والشريف من العميل، والخائن، والمندس.
والتاريخ مليء بالأحداث التي تؤكد ما ذُكر أعلاه. ولنا من بعض أحداث الحرب العالمية الأولى خير دليلٍ، وبرهانٍ على ذلك. وليست ثورات الربيع العربي ببعيدة عنا. فكثرة الجواسيس، والمندسين في صفوفها أفشلوا الثورات، وأبقوا الدول العربية تدور في حالة حروب، وعنف، وعدم استقرار دائمين. فأسكتوا صوت الشعب، وزجُّوا بأحراره في المعتقلات، وغيَّبوا إعلام الثورة، وضللوا الشعب بأكاذيبهم التي اعتادوا عليها. وما يجب أن يبقى عالقاّ في أذهاننا؛ بأن الانتصار الحقيقي إن لم يكن انتصاراً على المجرمين، والمنتفعين، و الجواسيس، وإبعاد هؤلاء عن صفوف الثورة، وتقديمهم إلى محاكم العدل الثورية؛ فلا يعتبر اسقاط حكم آل الأسد انتصاراً حقيقياً وجميع هذه الأصناف تقود الثورة، وتمثلها لتحل مكان الأخير.
فمن السفسطة، أن نظنَّ أنَّ الثورة ستنتصر إن لم تتضافر جهود شرفاء الثورة مع بعضهم داخل، وخارج سورية. و من الهرطقة أن نعتقد بأن نخب الثورة، أو حاضنتهم قادرة على النصر الحقيقي دون أن يكونوا منصهرين في بوتقةٍ ثوريةٍ نقيةٍ. ومن السذاجة أن نؤمن بأننا سننتصر بدعمٍ خارجيٍ أمميٍ كان أم إقليمي سياسيٍ كان أم عسكري.
نداؤنا إلى ثوارنا الأحرار إياكم و اختناق أصواتكم الحرة، أو اختفائها، أو تناقصها عن الساحة الثورية السورية. بل يجب علينا جميعاً أن نؤكد على مطالبنا المحقة، باستعادة حريتنا وكرامتنا، وإسقاط حكم الأسد وتقديمه ومجرميه إلى محاكم العدالة الثورية. وأن نسعَ لتحقيق أهداف ثورتنا، وتطلعات أهلنا، وأخوتنا، وأبنائنا بكل الوسائل، ومختلف السبل، والأدوات. فإن اختفاء صوت الحق يؤدي إلى إضعاف المنادين بالحرية والكرامة. وربما يودي بحياتهم إلى الحتف، والهلاك.و إعادة تدجين الشعب لعدة عقود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى