مقالات

على خشبة مسرح البرلمان..!

سمير داود حنوش

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب


هو مكانٌ أقرب مايكون إلى قاعة تضم مسرحاً ومقاعد صُممت بعناية فائقة لجلوس المشاهدين (أقصد النواب).مكانٌ يجتمع فيه المتخالفين والمختلفين، الرافضين والموافقين ليجلسوا على هذه المقاعد تحت قبة مايسمى بالبرلمان كما يحلوا لهم تسميته يقولوا كلمتهم ويرفعوا أيديهم وتصدح أصواتهم بنعم أو لا ويحددوا مصير بلدهم وشعبهم.

مساحة مكانية تقرر مصير القادم من الأيام يقررها هؤلاء تحت هذه القبّة في مقاعد إعتادت على تقاسمها الطوائف والكتل والأحزاب كلٌ حسب حجمه ولونه. من هذا المكان تنطلق السلطة التشريعية التي اعتدنا تسميتها من الدستور لتعلن عن ولادة أي حكومة جديدة أنتجتها إنتخاباتنا.نعم..ذلك هو مسرح البرلمان الذي نجلس أمام شاشات التلفاز لنرى ذلك الجمع المصغر من الذين أنتجهم الحبر البنفسجي وهم يقامرون بمستقبلنا بفوضى هرج ومرج وكأننا جالسون أمام مرآة لنرى فيها أنفسنا أو ذلك المجتمع الذي نعيش فيه…انظروا إلى خلافاتهم وإشكالاتهم ستجدون أنها تعكس واقعنا الرديء والمتخلف المليء بالمتناقضات، أولئك الجالسون أمام مسرح البرلمان يمثلون الشعب في تناقضاتهم المتناقضة من الذين اتفقوا على أن لايتفقوا إلى درجة أن البرلماني الذي لايجد من يتعارك معه في البيت سيجد حتماً من يتعارك معه تحت قبّة البرلمان..فمرحى لنا بهم.يثبتون لنا يوماً بعد يوم حقيقة نخشاها أو نكاد البوح بها هو أن حياتنا وخيارنا ومستقبلنا أصبح مثل هذا السيرك الذي يتقافز فيه المهرجين والكُومبارس ونحن نتفرج عليهم ونضحك منهم ومن أنفسنا ونلعن ذلك القَدر الذي وضعنا في الزمان والمكان الخطأ، ذلك المكان الذي من المفترض أن يكون لنا إطلالة أمل ومبعث مستقبل لأطفالنا ومصدر القرار الذي يُعيد لنا الثقة بحلمنا الضائع ليتحول إلى حلبة للملاكمة ومسرح يؤدي فيه الممثلين أدوارهم بصورة سوداوية مُعتمة تجعل الصورة مقرفة كقرف حياتنا التي نحياها.

وكم نغرق في بحر من السذاجة والإستغفال عندما يتكرر خداعنا.وهنا يخطر إلى ذهني سؤال وهو لماذا يقضي أغلب البرلمانيين دوراتهم الإنتخابية ويخرجون منها وهم أصحاب كروش ووجنات مُنتفخة؟ سؤال لا أدري جوابه..وربما ندري من يعلم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لا يوجد لدينا في كافة أقطار قمعستان “الممتدة من الخليج النائم إلى المحيط الهائم و الواقعة تحت سيطرة الاستعمار الفرعوني ” مؤسسة حقيقية فعلية تحت مسمى برلمان أو مجلس أمة أو مجلس شعب أو مجلس شورى . بحثاً عن الأمانة و الصدق ، اقترحت عدة مرات في سوريا أن تتأسى العصابة المتحكمة في دمشق بروسيا التي تسمي مجلسها “الدوما” فتسميه بأقربها للغة العربية “مجلس الدُمى” .
    عمل رجل أعرفه ، لديه أمانة و شجاعة و قلة تحمل ، في مؤسسة عربية تسمى “جامعة” فلم يطق البقاء فيها سوى بضع سنوات وقام بتقديم استقالته منها قائلاً عنها “هي كل شيء إلا جامعة” ! لي صديق قديم أمين مسيحي كان في تلك المؤسسة ثم “ترقى ، إن جاز التعبير!” إلى رتبة بروفيسور ، فقلت له ” مبروك أنك قد أصبحت أ . د (أي أستاذ دكتور) فكان ردَه المفاجئ لي “الله يبارك فيك . لكن أ.د تعني أتيس دكتور أو اختصار أكبر دابة !!” .
    واقع الأمر أن أقطارنا مليئة بالتزييف و بالانحرافات التي تخرج بالأمور عن مضامينها إلى قشورها . يقولون عن فلان أنه معالي الوزير مع أنه لعبة بيد صاحب الوظيفة الثابتة “وكيل الوزارة” . يقولون عن علان سعادة عميد الكلية مع أنه مجرد مراسل عند الإدارة كما اعترف لي أحدهم بذلك .
    لا أبالغ إن قلت أن قول الشاعر المعاصر لملوك الطوائف في الأندلس ينطبق بحذافيره على واقعنا المعاصر :
    (مما يُزَهِّدني في أرض أندلسٍ** أسماءُ معتصمٍ فيها ومعتمدِ . ألقابُ مملكة في غير موضعها ** كالهِرِّ يحكي انتفاخاً صولةَ الأسدِ ).
    كان هؤلاء الأقزام يطلق أحدهم على نفسه لقب ملك و يضفي على نفسه اسم أحد خلفاء العباسيين العمالقة مع أن ملكه لا يتعدى مدينة مع قلعة أو قلعتين بالقرب منها و كل واحد منهم يتآمر على غيره من “الملوك ” أقاربه متعاوناً مع الفرنجة . ثم إنهم جميعاً خسروا كل شيء .
    إذا حصل تغيير إيجابي في واقع أمتنا ، فمن الضروري إعادة النظر في كل التركيبات و الترتيبات و على الأخص في المناصب و الألقاب “الباهرة” و هي في حقيقتها “خاوية” مثل قولهم عن شخص عسكري “اللواء الركن” و هو لا يتقن استعمال السلاح أو قيادة المعارك أو تخطيطها و أقصى ما يتقنه ما يسمى “الانسحاب التكتيكي” !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى