مقالات

في رحاب العام الجديد

أ.د فؤاد البنا

أكاديمي ورئيس منتدى الفكر الإسلامي
عرض مقالات الكاتب

مع مطلع عام جديد ينبغي أن نفكر بجدية أكبر ونسأل بلهفة: كيف نوقف مرحلة (الهبوط) الحضاري لنستأنف (الصعود) من جديد، وينبغي أن نتساءل عن الشروط واﻷمور المطلوبة ﻻستثمار (إمكانات اﻷمة) وتحويلها إلى (مكانة مميزة)، على طريق الشهود الحضاري المنشود.

لن يأتي (اﻷمل) الحقيقي ﻷمتنا إﻻ من رحم (التأمﻻت) التي تجعل عِبَر الماضي وعَبرات الحاضر جسرا للعبور إلى المستقبل.

ينبغي (استهﻻل) العام الجديد بشن الغارة على (اﻻستهﻻك) السفيه ﻹمكانات اﻷمة وطاقاتها ومقدراتها، وأولها الزمن الذي يبدد من غير عقل في أمور لا تزيدنا إلا رهقا!

في بداية (عام جديد)، ينبغي أن نرسم مﻻمح (مرحلة جديدة)، تنتقل فيها طاقات اﻷمة من (حلبة التآكل) إلى (رحابة التكامل)، وتخرج فيها مكوناتها من (مضايق التباين) إلى (ساحات التعاون)، ومن (دوامات اﻻختﻻف) إلى (شواطئ اﻻئتﻻف).

لتتحقق أهداف أمتنا؛ ﻻ بد لمسار الطاقات الناقدة أن يتحول من اتهام (اﻵخر) إلى تزكية (الذات)، وأن يتجه بأسها من (اتجاهات الداخل) إلى (جبهات الخارج).

اﻹيمان يولد (اﻵمال)، والنقد يمتن (اﻷعمال)؛ ولذلك اهتمت سورة (العصر) باﻷمرين، كجناحين للطيران في آفاق الدهر وفضاءات الزمن.

من الحماقة بمكان، أن يقودنا (اﻻنشغال) باﻵخرين، إلى ضعف (اﻻشتغال) في بناء ذواتنا، وتمتين صروحنا، وتمكين الصالحين منا من مقاليد اﻷماكن الجديرة بقدراتهم الخﻻقة ومواهبهم الخﻻبة.

بين (تبسيط) اﻷشياء و(تعقيدها) خيط رفيع ﻻ يراه إﻻ أصحاب العقول الراجحة والبصائر النافذة.

تتحقق (اﻷهداف) حينما نحسن قراءة (اﻷحداث).

الزمن إناء وهبه الله لﻹنسان ليمﻷه بالخيرات أو الشرور، وهو أحد أعراض أزمتنا الفكرية المعاصرة، حيث الهروب من المسؤولية والتنصل عن الواجب؛ من خﻻل الارتماء في (جب التبرير) والتغطي ب(منخال الذرائعية)، وذلك بتعليق أخطائنا على (مشجب الزمن)، كما قال الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا!

ﻷننا من سوّد (وجه الزمان) بأفعاله الشنعاء، ولما كنا في مفترق عامين، فيجب أن نعمد إلى (رأس العام)، فنقبله ونعترف أمامه بأخطائنا، اعتذارا عما بدر منا من تشويه وتشويش!!

الزمن سيل هادر، إن لم (تَسقِ) به أرض حياتك كما تريد؛ فإنه (سيغرقها) كما يريد!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى